بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما هيأ من مجالس اتصالٍ به، وتعرُّضٍ لرحماته ونفحاته وقربِه، وعلى ما شرّفنا به من رسالةِ عبده وحبيبه، سيد أهل الإنابة إليه والقرب منه، والمعرفة به.. اللهم أدم صلواتك على من جعلتنا به خير أمة، معدن الحكمة والعصمة، الذخر والعدة لكل مهمة، وعلى آله وأصحابه وأهل حضرة اقترابه من أحبابه، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وعلينا أن نجول بالفكر، من خلال نور الذكر، لنرتبط بمراقبة عالم السر والجهر، ولنقوم بحسن امتثال الأمر، واجتناب الزجر، في غنائم هذا العمر القصير الذي يسرع مروره، ويتوالى عبوره، ولكن تبقى أجوره وخيوره أو ظلماته ووُزوره، فهو عمرٌ ما أخطره مع قصره، وهو عمرٌ ما أعظمه، مع قلة عدده، في ساعاته وأيامه ولياليه.. وهو العمر الذي اذا فتح الله للقلب فيه الاستجابة لندائه والتلبية لدعائه، والاتصال بأنبيائه، والدخول في أوليائه، ففيه من الأرباح والعطايا المِلاح ما لا يدخل تحت حصر ولا عدّ ولا قصر ولا حد، ولا يمكن أن يتصوره من أهل السماوات والأرض أحد، فلا يعلمه إلا الواحد الأحد (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) عملوا تلبيةً واستجابةً وتصديقاً واتباعاً واقتداء واهتداء، فكان لهم ((ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر))
ونرى العقول تُخدع وتلتفت إلى معروضاتٍ صغار، وإلى تغرير أو ترغيبٍ بشؤون حِقار، وإلى أن تُمنّى بأماني يسيرة، الكثير منها لا يدركه الذين تمنوها، ولكن يأخذ منهم هذا العرض، إجابة وتلبية ومسابقة واستجابة وتكالباً واهتماماَ وبذل تعبٍ ومجاهدةً في سبيل ذلك.
وإذا بالأعمار تنقضي، والأيام والليالي والساعات المحدودة لهم تنتهي، وإذا باللقاء، لقاء العليّ الأعلى، لقاء الحي القيوم، لقاء ملك الملوك، لا إله إلا هو.. كم تستشعر في نفسك إذا قيل لك: نأخذك للقاء كبير في عينك من الخلق، مخلوق مثلك، أو إلى الجهة الفلانية التي هي في نظرك صاحبة نفوذ أو تصرف أو قدرة، لا يساوون هؤلاء شيء، والله لا يساوون شيء، ولا لا يساوون عند هذا الإله شيء، والله لا يساوون عند هذا الملك شيء؛ ولكن هذا لقاء القيّوم الحي، هذا لقاء العالم بكل شيء، أنت مقبلٌ عليه، فقل لي: كيف انقضى بك العمر وكيف بك الدهر؟ على أي الأوصاف؟ على أي الخلال؟ على أي الحالات؟
أيها الحاضرون في المحضر استجابة لنداء العلي الأكبر، ودعوة حبيبه الأطهر، اشكروا الذي جمعكم في هذا المحضر، عسى أن ينظر إليكم بعين الرحمة في مَن إليهم نظر، فيقيكم كلَّ سوء وخطر، في الدنيا والبرزخ ويوم المحشر، وتؤوبون إلى أكرم مستقر، اللهم اجمعنا في ذلك المستقر، مستقر النبيين ومستقر الصديقين ومستقر الشهداء والصالحين (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا*ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا)..
(وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ) يطع الله والرسول أي يخرج عن ورطات الانصياع للأهواء، يخرج عن ورطات الاستجابة لأهل الأسواء، وهم كل صادٍّ عن سبيل الله، من نفسك أو من هواك أو من أحد من شياطين الإنس والجن، سواء كان ذاك الصد في صفة دعوك إليها، قلبية تتصف بها، أو في عمل يصدر من جوارحك تعمله في الخلوة أو في الجلوة، فاستجابتك لهم غاية الحماقة، وتعرِّضك لخطر أن تلقى العليَّ الأكبر على حال لا يليق، ما تصلح للقائه، كيف تلقاه؟
يا أيها الغافل عن مولاه انظر بأي عمل تلقاه؟، بأي وصف تلقاه؟، وبأي نية تلقاه؟ والحال عند أكثر الناس ما قال رب الناس (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ*مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ*لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ)
ياربي.. قلوب أهل المجمع ومن يسمع أخرِجها عن هذا اللهو، واجعلها لقولك تسمع، ولندائك تلبي، ولرسولك تجيب، وبه تقتدي ظاهرا وباطناً، يا منوِّر القلوب نوّر هذه القلوب، يا مطهِّر القلوب طهر هذه القلوب. وجئتم طامعين في ما عنده أسأله أن لا يحرمكم رضوانه ووده، يارب العالمين، يا أكرم الأكرمين
فهذا البساط الذي بُسط فجلس عليه على مدى القرون كم من غافل فذكر، وكم من بعيد فقُرّب، وكم من شقي فأُسعد، وكم من محجوب فانكشف حجابُه وانفتح بابه، وتزكّى منه اللب، وتمَّت جمعيته على الرّب، ففاز بسعادة الحاضر والمُنقلب، وصار في المصير مرافقاً للأطيب، مرافقا للمُقرَّب مرافقاً لحبيب الرب، مرافقاً لأحمد، محمد، الحبيب الأسعد، يا رب صل أفضل صلواتك على أسعد مخلوقاتك، أسعد مخلوق، وسعادة كل سعيد على قدرِ قربِه من هذا الأسعد، فأقرب الخلق إليه الأنبياء فهم الأسعد بعده، والملائكة فهم الأسعد، والصديقون فهم الأسعد، وهم على مراتبهم في القرب منهم يبلغون مراتبهم في السعادة، فالسعادة فيه كلها، والسعادة منه كلها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ولما كان الأمر كذلك، قيل في الحبال التي اتصلت به:
فالسعادة منوطة كلها باقتفاهم *** بخت من قد رآهم أو رأى من قد رآهم
هذا العرض الطيب، الذي يطيب لصاحبه الحال في يوم الوقوف بين يدي الرب، هذا العرض الذي به تتزكى، وبه تتخلص من شوائب تقطعك عن رضوان ملك الملوك تعالى في علاه، الحمدلله الذي أبقاه بيننا، وأقامه بين أظهرنا، والوحي محفوظ، والمقبل عليه بعين العناية ملحوظ، والمتصل بذلك موهوبٌ ومحظوظ، وهذا حظٌ من كريم الحظوظ، وقال الله عن تلك المواهب (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
كم من الأسماع في العالم من أبناء وبنات المسلمين والمسلمات، على ظهر الأرض، أصغت لغير هذا النداء، ولغير الهدى، ولغير النور، ولغير الحقّ، وتأثرت في أخلاقها، في أفكارها، في معاملاتها، في مسارها، فادعوا الرب ينقذ الأمة، فإنا نراهم يشكون الأعراض ولا يلتفتون إلى الأسباب الأصيلة وإلى حقيقة الأمراض، يشكو عَرَض المرض ولا يعرف المرض، هذه البلايا القائمة والشدائد القاتمة في مختلف أقطار المسلمين اليوم، أعراض، المرض فيها هو الإعراض، هو الإعراض، إعراض القلوب عن خطاب مقلّبها، إعراض القلوب عن نداءات مطهِّرها ومنوِّرها، إعراض القلوب عن نداء مُحييها، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ)
كم شكا القرآن من بيوت تبلغ الألوف، ومئات الألوف والملايين في الأمة المحمدية هجروا القرآن، وأعرضوا عن القرآن، خمسة في البيت سكان، عشرة، الذي يتدبر القرآن منهم واحد أو اثنين، وربما ما وجدت أحد، وربما كان عددهم فوق هذا لكن يمر اليوم والليلة واليومان والثلاثة وما في صغيرهم ولا في كبيرهم من تأمل ولا تدبّر آية، الإعراض مثل ماذا هو؟ هذا هو الإعراض هذا المرض، هذا المرض، المرض حقيقته (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أمر من؟ أمر محمد، أمر الرسول اللي قال الله عنه (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا) أنا ميَّزته فميِّزوه، أنا خصَّصته خُصوه بإكرامكم حتى إذا ناديتم بعضكم البعض بأي نداء، حبيبي لا تجعلوا نداءه مثل نداء بعضكم، (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا) ومهما خفتم من دعاء أحد منكم يدعوني فأستجيب له على أحد منكم، فدعاء رسولي فوق هذا كله، ما هو مثل أحد منكم، إذا دعاني هذا الأمر آخر انتبهوا.. احذر أن تتعرض لأن يدعو عليك، (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا) يتخلفون عن نصرته، يغترون بشيء من ترهاتهم ومرادات أنفسهم، يتخلفون عن نصرته، لا تتخلفوا عن نصرته في دياركم، ولا في أقوالكم وأفعالكم.
محرم جاء عليك وبيخرج أول شهر من أشهر السنة، والسنوات تتوالى عليك وصفات مذمومة عند ربك عالقة فيك؟ تؤخرها إلى متى؟ تؤخرها لمن؟
وإذا مرضتَ قلتَ هاتوا لي الطبيب لكي تعالج داكا، ولكم بقلبك من عيوب جمّة قد أمرضتك وآذنت بقِلاكا
نعم أرى من يعاني غسل ظاهره *** وقلبه قد غدا من خبثه جنُبا
لمن تؤخر الأوصاف الذميمة فيك؟ إلى سنة كم؟ متى تتطهر عنها؟ ومن فضل باريك إنه قد يشعرك بطرف منها لتتنبه، إلا أنك أنت تتعامى، وأنت تتغافل كأنك ما حسيت بها، وهي فيك، وحسيت بأطرافها، وحسيت بأذنابها فيك، ولكن لو تأملت لانكشفت لك، ولعملت على تنقّي نفسك حتى تتطهر من المعايب والمثالب والمعاطب التي تسيء أمرك في العواقب، (يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، سليم من هذه العلل من هذه الأمراض.
قال الله لا تتخلفوا عن نصرة هذا النبي (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) فأي واحد في أي زمان وأي مكان، يشكو فتنة، يشكو عذاب أليم، قل له أنا أعرف من أين مرضها، من أين أصلها من أين جاءت (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ارجعوا لأمره وتزول الفتن، ارجعوا لأمره ويرتفع العذاب، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) لفتحنا عليهم بركات، هذا عرض رب الأرض والسماوات، ما للشعوب تهب تقول تعالوا نحن بنفتح لكم بركات ما جابوا لهم بركات، عشرات السنين، مئات السنين يقولون لهم بنفتح لكم بركات ما جات بركات من جهة هؤلاء، ربي قال لكم: سأفتح لكم بركات.. لِم لا نستجيب!؟ لم لا نلبي!؟ إيمان وتقوى والبركات تنزل.. إذا آبت القلوب ورجعت في مثل أيام سيدنا عيسى بن مريم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، لا يزال في عمره الدنيوي بالسنوات الشمسية قد مضى عليه 2013 عام، عليه السلام، وسيخرج إلى الأرض، الآن يكتشفون عند البعد من طبقات الأرض، ما يؤثر مرور الزمان على الجسد ولا على العمر، فلو مكث هناك سنين عديدة يخرج إلى الأرض كما أنه في سنّه الذي طلع فيه، الآن يكتشفونه هم بشيء من حسهم، نقول لهم اسكتوا نعرف أخبار عن اسمه، نعرف أخبار في الجنة، يمر عليهم مليار مليار من السنين وعمر أحدهم 33 سنة، عندنا أخبار عن هذا، أنتم الذي غطى على عقولكم شان الأرض ظننتم أنها هي كل شيء، ما هي شيء! هي بالنسبة للكواكب التي اطلعتم عليها ما تساوي شيء، أنتم اليوم باكتشافاتكم تقولون إن النجوم التي نراها نجوم فوقنا ليست بنجوم هذه عبارة عن مجرات من بُعدها عنا نراها مثل النجم الواحد، عند الاقتراب واقتراب آلات التصوير النجم اللي تشوفه من الأرض نجم، ألوف وملايين هو ذا هو، هو واحد يظهر لك تحت، وهناك وهو مئات الألوف وملايين من النجوم، فالنجم الواحد الذي تراه
ووراها نجوم ما رأوها، ولكن نحن أتباع صاحب معراج عرج فوقها كلها، اللي ننزل للذين يطاردون القمر والمريخ، عادكم هنا مستواكم اسكتوا، معنا واحد طلع فوقها كلها وجاوزها كلها، وخرق السماوات السبع صلى الله عليه وسلم، (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) تريدون أن نخرج عن متابعته هذا كله إلى مستواكم هذا؟
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ)، مثل السلطان الذي آتيناه محمد، محمد سلطان، سلطان الأرض والكواكب والنجوم والسماوات وجاوزها كلها، إلى أن وصل إلى نهاية مستوى الملائكة وطاؤوس الملائكة سيدنا جبريل، وقال (وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ) خلاص إلى هنا، (يا جبريل أفي مثل هذا الموطن يترك الخليل خليله؟ ) قال (يا محمد الآن شأن اصطفاءات ومقامات ومراتب) ما لأحد فيها دخل، أنت دُعيت اُعطيت السلطان اطلع، قوى الملائكة تنتهي هنا ما عاد لهم قدرة، لكن سلطان أعطاك ربك، تسلطن تفضل اطلع (إن تقدمتَ اخترقت وانا إن تقدمتُ احترقت)
فصلى الله على سلطان الحضرة، يارب ارزقنا حسن اتباعه، لكم الشرف باتباعه، انتم ما تدعوكم الدواعي وتجيؤون لمثل ذا المجلس في كل أسبوع إلا من سر اتباعه والارتباط به، ونرجو لمن واظب على ذلك كان لا يتخلف عن رَكبه يوم القيامة، إذا جاء بنيته وجاء بإخلاصه لله سبحانه وتعالى، أنبؤوا أصحابكم إن بيغنمون من غنائم الحياة ما لن يجدوه في موطن آخر، إن بيغنموا من غنائم الحياة الغالية، غنائم غالية في الأعمار القصيرة تجي، يروح يقضي وقته في ضحكة والا في لعبة والا في دكان والا في سوق وهو ما يدري ماذا يجد لو جاء هنا..
أرباح عرضها الفتاح تحدث عنها سيد الصُّلاح، فيها الفوز والنجاح، وفيها تروّح الأرواح، بلا انقضاء أبد الآباد، الله يسعدنا وإياكم ببركة هذه المجالس، وخيراتها النفائس، ويجعل قلوبَنا واعية لما جاء عن الحق ورسوله نقتفي الأثر، ونهتدي بهدي الحبيب الأطهر، اربطنا به يارب ربطاً لا ينحل في الدنيا ولا في الأُخر، يا الله يا الله يا الله، هذا مصطفاك فاجعلنا من أسعد الخلق بقُربه، وبمرافقته وبمتابعته، لا تحجبنا عنه، لا تحُل بيننا وبينه، لا تُبعِدنا عن دربِه ولا عن ركبه، ولا عن زمرته، اجعلنا ياربنا في أهل مرافقته.. آمين.
قولوا للمستجيب آمين، قولوا للقريب آمين، قولوا لمولاكم السميع آمين، فبالأمين استجب يا كريم، وثبِّتنا على الصراط المستقيم، يا الله، لأهل الارتباط سراية تسري يحسُّون منها بنشوة في وجهتهم إليك فلا تحرمنا هذه الأحاسيس وهذه المواجيد، التي تخص بها كلَّ نفيس، يا الله يا الله يا الله، وأنت سعيد بدعاء الله، عبدٌ ضعيف خلقت من نطفة وعلقة ومضغة، والآن في جمع الخير تنادي ربَّ السماء والأرض وملك الملوك وتهتف باسمه في موكب ملائكته والمقربين من عباده، وتقول يا الله، من أعطاك هذه العطيّة؟ من خصك بهذه المزيّة؟ أنت عرفت نفسك لم تكن شيئاً مذكورا، وكنت في يوم من الأيام نطفة وكنت علقة وكنت مضغة، واليوم في مجالس العطاء السحّاح، تقول يا فتّاح، تقول يا الله، من أين جاءك هذا؟ فضلُ الواحد الأحد، ببركة محمد، يارب صل على سيدنا محمد، صلاة تجعلنا بها من أقوى أمته به ارتباطا، وتجعله بنا يا مولانا في مواقف الحشر من أزهى أمته اغتباطا.
يا حي يا قيوم، يا مرسِل السيد المعصوم، فرج عنا وعن الأمة جميع الغموم والهموم، وحوّل الأحوال إلى أحسنها، واجعل اللهم هذه القلوب سبباً لذاك التحويل، وجميل التغيير والتبديل، يا مَن قلتَ في محكم التنزيل (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) هذه النفوس صفِّها عن أدرانها وكدرِها ورانِها وغيّها وطغيانها وجميع معايبها يا مزكّي النفوس، يا ملك يا قدّوس يا الله.
بساطٌ بسطته للأمة بحبيبك محمد، صلى الله عليه وسلم، فاجعلنا من المسعودين بما فيه، وبما تخص به أهليه، قرِّب بعيدنا، ذكِّر غافلنا، علّم جاهلنا، تب على عاصينا، اقبل التوبة من تائبنا، أسعِد شقيّنا، حوِّلنا إلى أحسن الأحوال، وعافنا من أحوال أهل الضلال وفعل الجُهّال، يا من بيده الفرج والمخرج، يارب، يارب، يارب
هل رب تجدون غير ربكم رب؟ أو عنه يا ضعف العقول مهرب؟
وإن هرب عبده فأين يذهب؟
ما لنا إلا الله، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه..
فيا الله نوّر قلوبنا، صفِّ مشروبنا، واكشف كروبنا، وثبّت أقدامنا، وانشر بالصدق أعلامنا، وأصلح يمننا وشامنا، وشرقنا وغربنا واكشف ياربنا كربنا، وتولَّنا في دنيانا ومنقلبنا، آمين يا الله، كم تبيت مِن عين قريرة برابطتها بحبيبك الداعي إليك على بصيرة، فاجعلنا نبيت على كمال الارتباط به يا الله، وباقي العمر اجعله سيراً في دربه ، وتحقُّقا بحبك وحبه، وسعادةً بقُربك وقُربه، وتحققا بالدخول في حزبه، فائضة علينا بركات آله وصحبه، آمين، آمين، آمين، خلقتَنا من الطين، وجعلتَنا من المسلمين، في أمة الهادي الأمين، وجمَعتنا نناديك يا أكرم الأكرمين، على سند إلى حضرة النبوة من كل قيدومٍ مكين، وحبر أمين، فلك الحمد يا أكرم الأكرمين، فاقبلنا على ما فينا، وأصلح ظواهرنا وخوافينا، ولا تفرّق بيننا في الغد إذ أكرمتنا بهذا الاجتماع هنا على مواريث محمد، فبِجاهه عليك أسعدنا يا الله، بالقرب والدنوِّ مع أهل المصافاة، الظافرين من خيرات هذه الحياة، بلذة المناجاة ونيل الرضوان الأكبر، والمرافقة للحبيب الأطهر، وأن لا يقع أحد منا في نارِك الموقدة، ولا في الفضيحة يوم تطلع النار على الأفئدة، يوم تنكشف الستائر، ويوم يحصّل ما في الصدور والضمائر، اجعلنا يا كريم يا ساتر في حصن مغفرتك يا أكرم غافر، وفي المرافقة للحبيب الطاهر، لا فينا من يُكشف عيبُه ولا عاره، ولا تظهر بين العباد أوزارُه، ولا يسقط في النار، ولا يخفُّ ميزان حسناته، ولا يتخلف عن الحوض المورود، ولا يُقطع عن لواء الحمد المعقود، حتى نسكن جنات الخلود، يا بر يا ودود، حتى نسكن جنات الخلود، يا بر يا ودود، حتى نسكن جنات الخلود، يا بر يا ودود، مع المقربين الشهود والركع السجود الموفين لك بالعهود، إنك رحيم ودود، وأنت تفعل ما تريد، يا فعالاً لما يريد، أجِبنا يا حميد يا مجيد، اربطنا بالحبيب الشهيد، سُرَّ قلبه بنا هنا وغدا، واجعلنا بسرور قلبه وقرة عينِه من أسعد السعداء، واجعلنا بسرور قلبه وقرة عينه من أسعد السعداء، واجعلنا بسرور قلبه وقرة عينه من أسعد السعداء، يا الله، يا الله، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين، وفرِّج كروب المسلمين، اختم لنا بالحسنى، وأنت راضٍ عنا ..
ألا يالله بنظرة من العين الرحيمة تداوي كل ما بي من أمراض سقيمة
للاستماع إلى المحاضرة