01-2014
22

محاضرة مكتوبة بعنوان: مكانة الاقتداء برسول الله وتطبيق شرعه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، جامعنا وإياكم على الوِجهة إليه، وعلى التذلل بين يديه، وعلى الرغبة في ما عنده، وعلى الالتجاء إليه، وعلى الاقتداء بحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى المحبة له جل جلاله، والمحبة لحبيبه المحبوب، وعلى اتباعه واتباع أهل بيته وصحابته وصلحاء الأمة، وارتبطنا بهم بسلاسل هذا الإسناد المشرق بالنور، الدال على جمعية الخيور، وهو الشراب الطهور، الذي به تُطهَّر البواطن، وتُحفظ الأمائن، وتُقام به الحقائق في الشريعة، لارتقاء المراتب الرفيعة، لله الحمد على ما جمعنا، لله الحمد على ما أسمعنا.

أيها الحاضرون بين يدي رب العرش، تنتظرون ما يأتيكم منه، وهو ينظر إلى قلوبكم جل جلاله، ثم يرحم، فيُدخل المسيء في بركة المحسن، ويُدخل العاصي في بركة الطائع، ويدخل المقصر في بركة المشمر، ثم ينادي في الملأ الأعلى، (اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا وأعذتهم ما استعاذوا) لك الحمد يا مولانا، لك الحمد يا إلهنا، آتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.

فأصغُوا بكليّاتكم، إلى إرشادات مولاكم وخالقكم، الذي له الحق كله في أن يأمركم وينهاكم، وأن يُحلَّ وأن يحرّم، جل جلاله وتعالى في علاه، وقد أكرمكم ببيان ما يأمر وينهى ويحلِّ ويحرِّم على ألسن المرسلين الذين اصطفاهم، والذين خُتموا بالسراج المنير، البشير النذير، صاحب الجاه الوسيع، والقدر الرفيع، النور الساطع، والضياء اللامع، سيد المرسلين، خاتم النبيين، حبيب رب العالمين، المجتبى المكرَّم، الذي ناداكم وخاطبكم وبلَّغكم وعلَّمكم وأرشدكم ووجّهكم ونبّهكم وترككم على المحجّة البيضاء.. يا ربَّه، يا ربَّ العرش العظيم اجزِه خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن قومه، يا رب العالمين، يا أكرم الأكرمين، صلِّ عليه في الأولين، صلِّ عليه في الآخرين، صلِّ عليه في النبيين، صلِّ عليه في المرسلين، صلِّ عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، صلِّ عليه في كل وقت وحين، صلِّ عليه وسلِّم حتى ترث الأرض ومن عليها وأنت خيرُ الوارثين، وعلى آله وأصحابه الغرِّ الميامين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

فإن أرحم الراحمين إذا صلى علينا معهم وفيهم، أمِنّا أن نخرج عن الدرب، أو أن يحلَّ بنا الخطب والكرب، أو الندامة في يوم القيامة، وأن تؤثر فينا دواعي الغرور، ودواعي الزور، ودواعي الفساد، ودواعي الضلال التي تطارد الناس وتؤثر على من لم تسبق له من الله السعادة ولا العناية..

 فيارب ثبتنا على الحق والهدى، ويارب اقبضنا على خير ملة

 صل عليهم وصل علينا معهم وفيهم، وعلى أهلينا وأولادنا وأحبابنا وأصحابنا وطلابنا والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات يا مجيب الدعوات، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.

ولهم درب متعلق بالجسم والقلب، في الصدق مع الله، في الإنابة إلى الله، يجب أن يستمسك به من أراد اللحوق بهم، والحشر معهم، وأن يتفقَّد نفسَه وأحواله، وأن يكون صاحبَ صدقٍ في الاتباع، في الاقتداء، في الامتثال، في التطبيق لأحكام الشريعة الغرّاء، التي بيَّنها سيدُ أهل الدنيا والأخرى، وهو بالبيان أحرى، صلوات ربي وسلامه عليه.

فترك لنا طهرا، وجودا وبِرّا، وضياءً ونورا، وخيراً وصلاحاً وفلاحاً ونجاحاً صلوات ربي وسلامه عليه، يا من مننتَ علينا به أتمَّ المنّة والنعمة علينا، في جميع أحوالنا وتقلّباتنا، فإن الله قال عنه ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ) وقال عنه ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، فلتعقلوا، يا أهل الإيمان، يا أهل التصديق بسيد الأكوان، مَن أُنزل عليه القرآن، وليعقل معكم كلُّ عاقل، من بني الإنسان..

 إلى كم اغترار؟ إلى كم اغترار بالزور؟ إلى كم اغترار بصور النجاح الجزئي، الصوري، إلى كم اغترار بتكرار التجارب بما يُصلح الناس ثم تحصل الإشكالات وتحصل الآفات، وتحصل الرزيّات والبليّات، على المستويات المختلفات، الأفراد، الجماعات الهيئات المجتمعات الأسر، الدول، القبائل الأحزاب، إلى كم تكرروا تجاربكم وتغتروا بصورة النجاح الصوري الجزئي النسبي المنهار الزائل الذاهب عما قليل، إلى كم؟ وإلى متى؟ من نجح من الأمم من الأسر من الأحزاب من الجماعات، حقيقة النجاح في الدنيا قبل الآخرة غير من اتبع المرسلين؟ من؟ غير من أطاع الله واقتدى بالنبيين من؟ اذكروا لنا الحضارات، اذكروا لنا الأمم، اذكروا لنا الشعوب، اذكروا لنا الأديان، اذكروا لنا المبادئ، اذكروا لنا الأنظمة، اذكروا لنا الأفكار المختلفة، من استحق حقيقة النجاح في الدنيا وحدها قبل الآخرة؟ غاية النجاح الجزئي الصوري المنقضي الزائل، غايته إذا طال وكَبُر أن يتصل بما تقره الشرائع الإلهية، فينتهي عن الظلم وعن أخذ حق الضعيف، وعن اضطهاد مَن لا قوة له، فإذا بلغ هذه الدرجة، امتد له شيءٌ من الخيرية بمقدار محدود، فإذا اتصل بشيء من الترفع عن هذه الأسواء، وأشدها ما كان مِن ظُلمِ الناس، وما كان من احتقار أهل الله، من احتقار صفوة الله في البريّة، إذا سلموا من ذلك ثم قد يمتد ببعضهم بحكم العقل والفطرة امتداد فيترفّع عن المخدرات والمسكرات، وقد يترفع عن بعض الفواحش فيصيبه من الخيرية نسبة بمقدار هذا.

أما في كل اتجاهٍ خالف الوحيَ المنزل من السماء أي نجاح تحقق؟ أي نجاح؟ أي نجاح في اقتصاد؟ أي نجاح في سياسة؟ أي نجاح في اجتماع؟ أي نجاح في إقامة العدل تحقق؟ بمخالفة مناهج الله جل جلاله؟ لم يحصل ولن يحصل، لم يحصل ولن يحصل، من عهد آدم إلى اليوم، لكن البشرية المبتلاة بغرورها وزورها تكرر التجارب ولا تدّكر، ولا تعتبر ولا تتراجع، وأهل الشرق والغرب، قد اختار الله لهم سيداً سنداً، كريماً عماداً، ائتمنه على أسرار صلاح الإنسانية، واستقامة أحوال البشرية، وعلى رفعِ الظلم والآفات الحسية والمعنوية، وأعطاه المنهاج الذي نسخ به كل ما خالفه مما قبل، وجعله الدين الواحد الذي يقبله ويرتضيه سبحانه (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ)، ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)

فيا أهل الذكرى لمولدِه، تذكروا عظيمَ مددِه، تذكروا عذبَ مورده، تذكروا عظمةَ جهاده، تذكروا قويم اجتهاده، بكى لكم كثيرا، وجأر إلى المولى وضجَّ في شأنكم كثيرا، وقام ليلاً طويلاً حتى تورمت قدماه، وأنفق ما في يديه وقال ( لو كان لي عدد هذه العضاة شاءً ونعماً لقسّمتها فيكم، ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا) صلوات ربي وسلامه عليه.

خُصِّصتم بهذا السيد السند، خُصِّصتم بهذا المصطفى المعتمد، فكنتم به خير أمة عند الواحد الأحد، فاعرفوا قدرَ محمد، وارتبطوا بالنبي محمد، وعظِّموا شريعةَ النبي محمد، وقوموا بتحقيق حسن أدائها وتطبيقها على المستويات كلها، فلن ينجح الفرد منكم ولن تكرم أسرة من أسركم إلا بتقويمِ هديِه وشرعه فيها، وإقامة منهاجه وسننه وإحيائها، والتشبث بها، قول واحد، تعرف معنى، قول واحد، غير هذا ما شي، ما هناك شيء، ما هناك باب نُرضي به ربَّ الأرباب غير سيد الأحباب المنزل عليه الكتاب، فلنقتدِ ولنهتدِ ولنفخر باتباعه في كل ظاهر وباطن، وفي كل حركة وسكون، فهو الأمين المأمون، هو الأمين المأمون، وهو السر المصُون، وهو الجوهر المكنون، وهو الأعز على مَن يقولُ للشيء كن فيكون، والأحبُّ إلى الله الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون، والأكرم على الإله المطّلع على ما تبدون وما تخفون، إنه الحبيب للرب، والكريم على الإله، والمقدَّم على من سواه، من جميع خلق الله..

وإن رسولَ الله من غير مريةٍ ** إمامٌ على الإطلاق في كل حضرةِ

وجيهٌ لدى الرحمن في كل موطن ** وصدر صدور العارفين الأئمةِ

فكيف لا تقيمه إماماً لك في أبسط الأشياء؟ في أحوال أخذِك وعطائك، وشؤون أسرتك، وشؤون تعامُلك مع القريب والبعيد، وليستحي، من أمته الذين استبدلوا به قدواتٍ فاسدات مائعات ساقطات، وتعلّقوا بها واتبعوها وغيَّبوا سننه وسط ديارهم، فليستحيوا على أنفسهم، هذا صفوة الله، هذا مأمون الله، هذا الإمام على الإطلاق في حضرة الله..

 يا أيها النبي الكوكب الدري ** أنت إمام الحضرة سلطانها الغيبيُّ

 بالله عليكم من الذي يقول (أنا لها) في أشد المواقف؟ أي ملك؟ أي نبي؟ أي إنسي؟ أي جني؟ غير المصطفى من عدنان؟ غير المنزل عليه القرآن؟ غير الذي علَّمكم، غير الذي نبَّهكم، غير الذي وجهكم فارفعوا رايات تعليمه وعظِّموها، ولا تقدموا عليها سواها، لا تقدموا عليها غيرَها، لا تقدموا عليها شيئاً عداها، له نتبع، وبه نقتدي، وعلى ذلك نحيا وعليه نموت وعليه نُبعث إن شاء الله.

 دعانا إلى حقٍ بحق منزل عليه من الرحمن أفضل دعوة

 فيا من دُعوا أفضل دعوة، اجعلوا إجابتكم من خير الإجابات، من أفضل الإجابات، فقد دعاكم أفضل الداعين بأفضل دعوة.

أجبنا قبلنا.. هكذا قال أكابرنا وصلحاؤنا وصادقٌ منا ووراءهم نقول:

 أجبنا قبلنا مذعنين لأمره ** سمعنا أطعنا عن عدى وبصيرة

 فيارب ثبتنا على الحق والهدى ** ويارب اقبضنا على خير ملة

 وبالوجهات الصادقة في مثل هذه المجالس، أن تنيب تخضع للحق القريب، وتتبع لهديِ الحبيب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، تُفتح أبواب الإجابات، وتُكشف الكُربات، وتُحلّ القضيّات، ولا حلَّ للناس غير ذلك، فليعقل من له عقل، وليسمع من له سمع، ولنُجب ونلبِّي (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) حقِّقنا اللهم بحقائق الإيمان، ومَن تحقَّق بالإيمان فالأمنُ له دنيا وآخرة، (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) وكل نظامٍ ومسلكٍ واتجاهٍ يقوم في هذا العالم على ظلمٍ أواحتقارٍ لجناب أهل الله جل جلاله وإيذاء لهم، فأيقِنوا أنه الخسار والدمار والعار والبوار في الدنيا والآخرة، في الدنيا والآخرة، فخيرٌ لهم أن لا يُتعبوا أنفسهم، وأن يصغوا بعقولهم ما دام في أحدهم مسكة إيمان، يؤمن بالله واليوم الآخر، يتعب نفسه وراء هذا الضجيج، الفارغ، وراء هذا التكرير لتجارب الفساد من العصور الأولى إلى اليوم، ولا فيها ما نجح، ولا فيها ما أفلح، وذهب أربابُها، وأكثرهم تعرضوا للسخط الأكبر وخسروا الدنيا والآخرة، (ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)، (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ* يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ* قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا* فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ) يا أيها المترابطون على الباطل، يا أيها الزائغون عن الطريق الماجد للرسل الأماثل، ( فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا)، والعياذ بالله تبارك وتعالى.

(وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا) سترون الملائكة، (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا* وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا* أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا* وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلا* الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ) فاتصلوا بهذا الرحمن، وأصلحوا شانكم مع هذا الرحمن، واتركوا كلام أهل الباطل (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا)

إن الصالحين فينا يرثون أهل الكبر من هؤلاء، الذين يرون أنفسهم أصحاب قرار في العالم، أصحاب تخطيط ومكر، يرثونهم، يرون مآلهم شنيع وعذابهم فظيع وصياحهم كبير في الآخرة، ولا يفيدهم شيء من ذلك، ولا يفيدهم شيء من ذلك، (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا* وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا) هذا صاحب المولد، قال ليت لي صلة به امدحه واذكره واحبه في حياتي آآآآه، مرت حياتي ما كنت أذكره ما كنت أصلي ما كنت أحضر مولده ما كنت أفرح بمدائحه (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا* يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا) صاحبي في الحزب الفلاني، وصاحبي في الحكومة الفلانية، وصاحبي في القبيلة الفلانية، وصاحبي في الاتجاه الفلاني (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي) قطعني عن القرآن وقطعني عن الخضوع وقطعني عن الخشوع، مرَّ عمري لا خشية، مرَّ عمري لا بكية، مرَّ عمري لا قيام، مرَّ عمري لا حضور مع الله في صلاة ولا غير (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا)

والشكوى من ماذا؟ انقطاع عن هذا القرآن، (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) فلا تهجروا القرآن، واتصلوا بالقرآن مِن بابِ مَن أُنزل عليه القرآن، محمد سيد الأكوان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

يا جامعنا على هذا الخير أثبِتنا عندك في أهل الخير، ثبِّتنا على ما تحبه منا في قويمِ السير، وجنّبنا كل شر وبؤس وضير، وحقق لنا الهجرة إلى نبي الخير، نعيش في القرن الخامس عشر من هجرته وفينا من يكون مهاجراً إليه يُبعث يوم القيامة مع مَن هاجروا إلى الله ورسوله، هو عاش في زمن يسمونه زمن فساد، هو ارتفع عن هذا كله، واتصل بخير العباد، ترك الفساد وأهل الفساد واتصل بخير العباد، استقام وقوَّم نفسه وقوّم سيرتَه وقوّم أسرته، ادخل مع أهل الهجرة، يجيء يوم المحشر تعال مع الذين هاجروا إلى خير البشر وإلى هناك، في الصفوف الأولى، ادخل ادخل، في الصفوف الأولى معهم، (كهجرةٍ إليّ) كما سمعتم وقت الدربجة والطربقة والضغبرة اللي في العالم صمَّيت أذنك عنها وسمعت نداءنا، على لسان رسولنا، اليوم نكرمك، تعال شوفهم وين راحوا وين مآلهم ومستقبلهم فين صاروا؟ انظر إليهم هؤلاء في وادي بولص على صور أهل الذر يطأهم اهل المحشر بأقدامهم، يصيحون ولا يُغاثون، وهؤلاء في صورة سباع وهؤلاء في صورة كلاب وهؤلاء في صورة خنازير، تعال أنت إلى ظل العرش وادخل مع من هاجر إلى حبيب رب العرش، ادخل معهم..

 ندخل مع طه وآله وفي الصفوف الأولات..

 يارب ادخلنا، يارب أدخلنا

ألق بسمعك واصغ لنداء الله ورسوله، صُم آذانك عن الكلام الذي يُردي، ويضر يبوّر ما ينوّر، يبوّرك يظلمك يقطعك، صمَّ أذنك عنه، واستمع منادي الحق، واستمعوا منادي رسوله، وأجب ولبِّ، تُحشر مع أهل الهجرة إليه، يارب احشرنا في زمرته، يارب أوردنا على حوضه، أظلنا بظل لواء الحمد، حين يحمله صلى الله عليه وسلم، وارزقنا الخصائص التي تخص بها أحبابَك في ذاك المقام، في ذاك الموطن، ياربنا، وعند السجدة لصاحب المقام المحمود، خصنا بالخصائص التي تخص بها خاصةَ المحبوبين في ذاك المقام، يارب، وعند مروره على الصراط مُرَّ بنا معه، خصنا بالخصائص التي تخص بها المحبوبين في ذاك المقام، يارب، وعند دخوله الجنة إذا وقف على الباب، وعليه حُلّة الآداب، وحرّك الحِلَق مستأذناً، وأنت لم تخلقها إلا له، وناداه خازن الجنة (من بالباب؟ أمحمدٌ رسول الله؟ بِك أُمرت أن لا أدع أحدا يدخلها قبلك، ادخل يا رسول الله) أدخِلنا معه، ارزقنا الخصائص التي تخص بها المحبوبين في ذاك المقام، آمين يا رب، آمين يا رب، آمين يارب..

 وإذا خرج من قصره بعد اجتماع أهل الجنة للمشي إلى ساحة النظر الكريم، فتقدّم الأنبياءَ والمرسلين، ومضوا خلفه معهم الصدّيقون والمقرّبون، فاجعلنا ممن يمضي في ذاك الركب المبارك المنوّر المطهّر، لا يتخلف منّا أحد، وارزقنا الخصائص التي تخص بها المحبوبين، في ذاك المقام، وارزقنا الخصائص التي تختص بها المحبوبين في ذلك المقام، وارزقنا الخصائص التي تخص بها المحبوبين في ذلك المقام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطّول والإنعام، يا الله، يا الله، يا الله، وعند سماع أهل الجنة نداءك (اليوم أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا) خصنا بالخصائص للمحبوبين في ذاك المقام.

وهنئنا بذاك السماع، في المراتب الرفاع، مع أهل الحظوظ الوساع، مع أكرم داعٍ وساع، يا حي يا قيوم يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، انظر على بابه أوقفك، وهل تستاهل أنت وأنا الوقوف على هذا الباب؟ ما عندنا مخازي نستحي منه، لكنه لم يقطعنا ولم يمنعنا وأوقفنا على الباب المفتوح، اللهم لك الحمد، أتمِم النعمة يارب، وأدخِلنا عليك يا وهاب من هذا الباب، وشرِّفنا بكشفِ الحجاب، عن سمير حضرة قاب، واجعل هؤلاء من أنصاره، ينصرونه في أنفسهم، ينصرونه في أهلهم وأولادهم، وينصرونه في مجالات عملهم، وينصرونه حيث إقاماتهم وسكنهم، وينصرونه في مجتمعاتهم ، وينصرونه في زمانهم وأهل زمانهم، على الوجه المرضي عندك، وفِّقهم لذلك وثبتهم على ذلك، واسلك بهم في أشرف المسالك، يا عزيز يا مالك، يا ملك الممالك، أعِذنا من الهلكة، فلا يكون فينا هالك، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، آمنا به وصدّقناه وشهدنا أن ما جاء به هو الحق، فارزقنا الاستعداد لبذل كل ما معنا في نصرتك ونصرته، وشرّفنا برؤياه، شرفنا برؤياه، شرفنا برؤياه، كل عيوننا شرفها يارب,,

وفيها عيون عصت لكن اغفر لها وشرفها، اعف عنها وشرفها، طهرها وشرفها، يارب، إن كانت أخطأت وعصت، فهي اليوم أنابت وبكت، ورجعت إليك فشرِّفها برؤيا السراج المنير، ووجه البشير النذير، شرِّفها بمشاهدة الطلعة الغراء، البدر المنير الأزهر..

 فيارب شرفني برؤية سيدي ** وأجلِ صدى القلب الكثير صداؤه

وبلغ الكل منا ما يروم من اللقاء ** بأشرف عبدٍ جل قصدي لقاؤه

 عليه صلاة الله ما هبت الصبا ** وما أطرب الحادي فطاب حداؤه

 مع الآل والأصحاب ما قال منشدٌ **هو النور يهدي الحائرين ضياؤه

اللهم اهدنا بهذا الضياء، واربطنا بسيد الأنبياء وارفعنا في مراتب الأتقياء، وأدخلنا في ركبِ عبادك الأولياء، وأثبتنا عندك في المقربين الأصفياء، يا حي يا قيوم، يا الله، وارزقهم الصدقَ معك في ما بقي من الأعمار، لا تختم عمرَ أحدهم إلا بنورٍ من الصدق معك وشهود الوحدانية لك، والشهادة بأن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك، واجعل آخر كلام واحدٍ منا من حياته الدنيا لا إله إلا الله ، اختم بها صحائفنا، اختم بها أعمالنا، اختم بها أعمارنا، اختم بها ساعاتنا، اختم بها حياتنا، يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، واحشرنا في زمرة كمَّل أهلها، وأنت راض عنا والحمد لله رب العالمين.