بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله..
أرسى البلادَ بأوتادٍ لها فرَسَت ** وفي الرجال جبالٌ بل وأوتاد
الحمد لله على أداءِ هذه الأمانة، الحمد لله على وجودِ هذه العناية، الحمد لله على وصولِ الصوتِ النبوي المحمدي في قوالبِ الوراثة إلى هذه المحاضِر لتَحضروا ولتَنظروا ولتُبصروا عسى أن تُنظروا، عسى أن تُبصَروا، عسى أن تُقرَّبوا مع من يقرِّب العلي الأعلى ويُتحف بتُحفٍ شأنُها يعلو في كلِّ مجلى، في هذه الحياة وفي تلك الحياة.
إنها أنظارُ الذين تحرروا مِن رقِّ القصور على شأن الدنيا أو في شؤون المادة أو في شؤون هذه المظاهر التي أكثرُ أهل الأرض مغرورون بها، ومحبوسون فيها، وحبسُهم يا ليته هو وحده، وهو العذاب الشديد لكنه يؤدي إلى حقيقةِ هذا الحبس، وهو الحبس في النار وغضبة الجبار جل جلاله وتعالى في علاه.
لكن الرسل صلوات الله عليهم رسلُ من؟ رسلُ الله، إلى مَن؟ إلينا معشر العباد حملوا المنظارَ الوسيعَ الفسيح، وجاءوا بهذه النورانية التي سمعتم الحديثَ عنها ينتشلوننا مِن شرورِ أنفسنا وسيئات أعمالنا ومن مُراداتنا وأهوائنا التي تضرُّنا، والتي تضيِّع الحظَّ الكبيرَ علينا بمقابل شيء ليس بشيء، ولا يُذكر ولا له عاقبة ولا له نهاية. ينتشلُوننا مِن كلِّ ذلك لندركَ الحظَّ العظيم، لندرك الفضلَ العظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وهذه الجنة التي أُعدَّت، وهذا النور الذي نمشي به، والمغفرة التي نحصلها، والتي خلاصة معناها الفضل العظيم، بابها أين؟ بابها (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ*وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ*ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء) فأتباع هذا النبي فكراً وعقلاً وروحاً وحساً ودركاً هم الأتقياء، وهم الذين يجعل لهم نورا يمشون به، يجعل الله لهم نورا يمشون به. ليس ظلمانية هيئة، وظلمانية مؤسسة، وظلمانية مدرسة على غير أساس، وظلمانية حزب سياسي، وظلمانية توجُّه من التوجهات، لكن يجعل لهم الله نورا يمشون به.
وكما في قول الله تعالى: (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) فالدعوة إلى الحياة الكبرى العظيمة العالية السامية الأبدية السرمدية، حياة القلوب والأرواح ليست مع الحكومات وليست مع عامة هذه الأحزاب وليست في عامة تلك المدارس، ولكن في مدارس الأنبياء، وفي مدارس ورثتِهم عند أهل الأذواق، عند أهل الأرواح، هم عندهم الدعوة لتلك الحياة العظيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) هذه الحياة التي سمعتم هذا الحدوَ لها ولمعناها وسرِّها، وأرواحكم تطرب عندما تسمع كلاماً يخرج من مشكاة، مشكاة إرث، مشكاة صلة، مشكاة حظوة، مشكاة حيازة للأسرار، أسرار الكتاب المنزل، أسرار النبيِّ المرسل، أسرار السند إلى الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
إذا سمعتموها تحركت منكم البواعث حافظوا عليها، وقال لكم خذوا الأمرَ بقوة، لأننا أمام نورانية خالصة صافية ترفعنا إلى فوق؛ مُحتَوشة بنا ظُلمانيات تضحك على العقول، تضحك على الأفكار، تُظلِم القلوب، تأخذ بالإنسان يمنةً ويسرة، وينقطع والعياذ بالله تبارك وتعالى. وانقطاعه بأبسط الأشياء إما بشهوة من الشهوات، وإما بنظرة من النظرات المحرمة، وإما بالتولُّع بشيء من تلك البرامج الخسيسة، وإما علة من علل نفسه، حملته على أن ينظر إلى هذا بعين استصغار، وإلى هذا بعين احتقار، وربما قفزت به على أن يمسَّ الكبار، ويمسَّ الأنوار، ويمسَّ الأخيار بالسوء من عنده، يخسر خسران كبير، ويحرم حرمان كبير والعياذ بالله تعالى. وما الذي دهاه!؟ ولو سلَّم الزمامَ لأهل الله لما حامَ حوله شيء من هذه الظلمات، ولا مِن هذه الأهواء، ولكنها عطايا ومِنَح. وحتى الحاضر قد يحضر وهو معدود في الغائبين، وعسى بركة المجلس إذا فاض فيض العطاء من حضرة رب العرش. قال سبحانه: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. فالحمد لله على هذه النعم، والحمد لله على هذه المِنن..
استقبلوا بتلكم العزيمة الصادقة قيامَكم بالواجب في مستقبَل هذا العام الذي أقبل عليكم، الله يجعله مباركاً واسع البركة على أهل الإسلام وأهل الإيمان في المشارق وفي المغارب على أحيانا وموتنا. إن شاء الله تتنوَّر فيه القلوب لنسلك خيرَ الدروب، بدلالة الحقِّ علام الغيوب، والنبيِّ المنزَّه عن العيوب، حبيب الله المحبوب، صلى الله عليه وسلم، ودلالة كلِّ مَن ورثه مِن كلِّ مقرَّب مخطوب، ومن كل صديق موهوب. ونعم القوم الذين برزت الآثارُ عليهم و(سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ)
ومن يستبدل بهؤلاء أن يمشي مع الغافلين، أو مع الجاهلين، ومع من غلبته نفسه، ومع من غلبه هواه، مع من غلبته شهوته، مع من اغتر بعقله، مع من اغتر بماله، مع من اغتر بقبيلته، مع من اغتر بشيء من متاع الحياة الدنيا (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) كم مأسورين اليوم تحت قبضةِ الذي يعدهم، يعدهم الشيطان (وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا). أنتم تسمعون ذا الكلام اليوم الرائج الذي كلٌّ يتذرع به ويتشدق به ويقول الأمن والاستقرار والحرية والتقدم والتنمية والتطور والتطوير والتوفير.. هذا الكلام له كم؟ والذي ادعوه كم؟ وكم من دول؟ الدول الحاضرة من أولها لآخرها. هل توجد دولة عندكم تتكلم تقول لكم إنا نريد الفقر ونريد الخوف ونريد.. لا أحد يقول هذا الكلام، كلهم قالوا نريد الأمن والاستقرار والتنمية والتطور، كلهم قالوا، واللي قبلهم. في أي دولة تحقق هذا؟ تحت ظلهم لا شي من هذا. ولكن تحت ظل الإيمان بالله، تحت ظل الصدق مع الله حصل لمن حصل، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) ذا وعده هو وهو الصادق.
أما وعودهم هذه!! هاتوا لي دولة من الدول المتقدمة لا أحد فيها فقير من جهة المادة، ولا أحد منها آمن من جهة كثير من العصابات والشدائد التي تنتابهم في الحياة. حد يضحك عليكم، يكذب، ممكن.. وفي الواقع.. لا شيء.. كبارهم وصغارهم، العصابات عندهم، والمشاكل عندهم، والتهديدات المختلفة الاجتماعية والاقتصادية عندهم، وطَرق أبواب الاعتداء هنا وهناك، عندما يجيء حسُّ المصلحة وخاطرها وراها، وما إلى ذلك شؤون غريبة في ذا الوجود لكن هذا نداء العلي الأعلى سبحانه وتعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا)
ويعلم أنه كل ما قاسى الأنبياء والأخيار والصالحون والأبرار، ولو قُتل فيهم مِن قُتل إنما أحاطت بهم عناية الذي هيأ لهم المراتب، ووهبهم المواهب وأدخلَهم مداخل الأطايب، وهيأ لهم نعيماً لا ينفد، ومُلكاً لا يزول، وعطاءً لا تعلمه نفس، فكلُّهم سعداء، وكلهم في الدرجات العُلى، وكلهم في الروح والريحان والسرور والرضوان.
ومقابل ذلك.. غيرهم ماذا حصَّل!؟ سواء تمتَّع بشيءٍ مِن مُتَع الحياة الدنيا أو الذين من الأشرار هؤلاء والفساق نازلَتهُم الأمراض والأسقام والعِلل والأخواف.. ماذا حصلوا!!؟ وإن يصفو لهم شيءٌ من الملك الظاهري مدةً مؤقتة في جوانب معينة.. ماذا حصل!؟ مقابل ما هو عليه مُقبل.. ماذا أدرك؟ وأحاط بهم أنه يشقى ويُحشر يوم القيامة أعمى ويقال: (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) ويبكي ويصيح ولا يُغاث، ماذا حصل!؟ الملك لواحد أيها الأحباب، الملك لواحد اسمه الله، عظِّموا الله، كبِّروا الله، لا تجعلوا صورَ سبحان الله والحمد لله والله أكبر، لا تجعلوها صور، تحقَّقوا بها. أنتم نوديتم بهذا النداء لتعرفوا هذه الحقيقة، لتعيشوا على ظهر الأرض عبيداً لرب الأرض والسماء، لكم الفخر بالعبودية له، همتكم في إقامة الأمر.
تُقبل عليكم ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء، ما شغلكم فيها؟ تذكُّر الأنبياء الذين صبروا واليوم الذي نجى الله فيه موسى وتذكره النبي صلى الله عليه وسلم. ماذا كان مظهره؟ مظهر شدة أحاطت بموسى فجاءته قوةُ العليِّ الأعلى (فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) وكان ما كان مِن تلك الآية الكبرى.
مُحدِث تلك الآية ومُوجدها ومُنشئها هو الذي يدعوكم لذا المسلك، ويَعدُكم إذا قمتم أن يتولاكم وأن يطيِّب حياتكم وأن يطيب مآلُكم إليه وأن يُسعدكم، وأن يرافقكم بأنبيائه، والقدرة له كلها، والقوة له كلها (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لله جميعا ) ما معنى هذه الآية؟ معنى هذه الآية: أنَّ أوهامَ إدعاءِ القوة بالماديات على ظهر الأرض، وهذه العسكرة تذهب وتضمحل، ويعلمون أن القوةَ حقيقتها لواحد اسمه الله، (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ) بعد ذهاب الأوهام كلها وارتفاع الستارة (إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ).
حيث يَبرُز سرُّ العلائق دعاكم الحبيب أبو بكر إلى علائق وروابط وأرواح، أصحابها (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) وفي ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يجتمعون على الحوض المورود، ويجتمعون تحت لواء الحمد والعلائق الثانية (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ْوَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ) كيف صار حالهم؟ قال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة إلى الدنيا ما نمشي وراء هؤلاء الخداعين الكذابين، قطعونا عن أولياء زماننا، قطعونا عن صالحي زماننا، قطعونا عن هدي نبينا، وأغرونا وقالوا نعطيكم ويحصل لكم، حتى أوقعونا في العذاب. (لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا) هذه نهاية العلائق، سواء كان بين أفراد أو هيئات أو مؤسسات أو حكومات أو غيرها (لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) لا شيء آخر جاء مِن بعيد.. إلا أعمالهم، أنتم الذين آثرتم هذا.. استهنتم بالصلاة وهي رأس الإسلام، وهي عمود الإسلام، وهي الصلة بينكم وبين الله، استهنتم بالصلاة، وبالزكاة، وبما بُعث به النبي محمد، وبما دعاكم إليه الصالحون.. وقلتم: نحن المتطورون، والمثقفون والمتقدمون والمدرِكون حقائق الحياة، وأمامنا مهام كبرى. ما هي؟ ما هي هذه المهام التي نصبتم أنفسَكم لها وانتدبتم لها!؟
أيها الأحباب: هذا النداء إذا وصلكم وهذه الأمانة إذا سُلِّمت إليكم توجَّه عليكم أن تقوموا بحقِّها بأمانة وبصدق مع الله تعالى، لتدركوا شأوَكم ونصيبَكم مِن عطاء الله وجودِه ونشرِ الخير في هذه الأمة وفي هذه البرية بقلوبٍ إذا ذكرت أربابَ السوء رثَتها ورحمَتها. لا تذكرها تشفِّي ولا استهانة، بل تعلم أنه لو أراد تعالى فقلبها لكانت هي في ذاك المحل، لأن الأمرَ أمرُه والهادي هو سبحانه وتعالى. والشأن كما سمعتم طريقة واحدة:
ماذا يقول المنكرون فيمن له قلب سليم ** على جميع المسلمين وقصدُه المولى الكريم
ويعتقد في نفسه بأنه عبد ذميم ** لولا عناية ربه لكان بطالا ضلول
هذه طريقة القوم، فالحمد لله على هذه الخيرات..
نسأل الله أن يفتح أبوابَ العنايات الكبيرة، ويجزي الحبيب أبا بكر خير الجزاء، ويبارك لنا هذه الثمار وهذه الآثار وهذه الثمرات. أتذكر وأنا في الصغر والده يجيء أحيانا من أحور ويمشي مع الوالد في مولد من مثل ذا الموالد، يجلسون مثل ذا المجلس، يتكلم هذا ويتكلم هذا من أجل أن يسقوا ومن أجل أن يلقوا ومن أجل أن ينقّوا ومن أجل أن يقيموا بترتيب الذوات ويؤدوا هذه الأمانة.
الحمد لله على هذا الخير، والحمد لله على مشاهدته في الفروع، والله يتمِّم لنا ولكم ولهذه الأمة، ويحمينا من شر الطغيان ومن شر الظلم والظلمة والوهم والخيال الفاسد، ويرزقنا اليقين التام، ويرقينا مراقي علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين، ويُلحقنا بالصادقين حتى يدخلنا دوائر الصديقين.
يا رب اجمعنا في المجمَع عليك، وقرِّبنا جميعاً زُلفى إليك، واجعلنا في المتذلِّلين بين يديك، القلوب التي ترضى عنها على ظهر الأرض تبيت متذلِّلة لك اجعل قلوبنا مِن هذه القلوب المتذلِّلة بين يديك، التي ترحمها والتي تكرمها والتي تنوِّرها والتي تقرِّبها والتي تطيِّبها والتي تتجلى بالفضل عليها. نوِّر قلوبَنا يا مُنوِّر القلوب، ويا مقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبَنا على دينك، وانفعنا بذي المجامع والمجالس والمحافل والاجتماعات في حوطة سيدنا المهاجر وفي حيث ما كنا في الوادي المبارك ومع أحبابنا في مختلف شرق الأرض وغربها، اجعلها محلَّ مغارس للنور والبر والتقوى، ينتفي به كل محذور، ونُكفى به فتنةُ كلِّ كفور، وثبِّتنا على ما تحب منا في البطون والظهور.. والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة:
http://www.alhabibomar.com/Lecture.aspx?SectionID=8&RefID=3134