بسم الله الرحمن الرحيم
محاضرة للحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 26 رجب الأصب 1436هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان : مكانة صاحب الإسراء والحقيقة العظمى وما يقطع عنها من الزور والغرور .
الحمد لله مشرِّفنا بصاحب الإسراء والمعراج، ولقد جعله سبحانه وتعالى أبهى سراج وجعله سراجنا، ولقد جعله الهادي إلى أقوم منهاج وجعله هادينا، ولقد جعلنا في أمته بمحض منّته ورحمته، فلله الحمد أبداً سرمدا، اللهم أدِم الصلواتِ على مفتاح باب الرحمة خيرِ البريات عبدِك المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار، ومَن على منهجه سار، وآبائه وإخوانه من النبيين والمرسلين أهلِ الأنوار، وآلهم وأصحابهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الوقوف بين يديك يا كريم يا غفار، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
ولقد ذكَّرنا الله تبارك وتعالى بهذه الحادثة العظيمة، التي يقول كثيرٌ من أهل العلم والسير إنها حصلت في رجب وفي ليلة السابع والعشرين من رجب مثل الليلة المقبلة علينا.
قال سبحانه وتعالى في التذكير بهذه الحادثة، بسم الله الرحمن الرحيم (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، فسبحان من أسرى وبورك من سرى، ولقد جاءت لتؤكد لنا معاني قدرةِ الرب لنزداد إيماناً ويقيناً، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) ونعم العبد عبده المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أكرم عباده عليه وأرفعهم منزلة لديه، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى) لا البراق ولا جبريل، هو الذي أسرى، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) فكانت مجالي لتجليات عطفِه ولطفه وحنانِه ورأفتِه ورحمتِه لهذا النبي، فأرسل جبريل وأرسل البراق، وكلُّها مجرد أسباب، لكن الذي أسرى به الملك الوهاب، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ).
وهذا يُوقِفنا موقف الصدق، أننا مهما تناولنا شيئاً من الأسباب، فما لنا مِن مسار ولا اقتدار إلا بقدرة العزيز الغفار، وبذلك يقرِّر أهل السّنة في عقائدهم في التوحيد، ويقولون إننا نعتقد أن السكين لا يقطع بنفسه، ولكن الله إذا أراد بهذا السبب وجيء بالسكين الحاد إلى شيء يقطعه قطعه بإذن الله، أنه ليس الماء يروي العطشان بنفسه ولكنه سبب إذا أراد الله يخلق الريّ عند تناوله، وليس الطعام يشبع الجائعَ بنفسه، ولكن اللهَ يخلق الشبعَ لهذا الجائع عند تناوُل هذا الطعام مِن حيث أنه رتَّب هذا وسبَّبه سبحانه وتعالى. وإذا شاء أشبع بلا طعام، وإذا شاء أجاع مع كثرة الطعام، وإذا شاء روى بلا ماء، وأذهب العطش بغير ماء، وإذا شاء أعطش مع كثرة الماء.
ولما تحدَّى بالأسباب الظاهرة بعض المفتونين، وقال لسيدنا الحسين عليه رضوان الله تبارك وتعالى، (لقد حجزناكم عن الماء فهو عندنا حتى تموت أنت ومَن معك عطشا)، فقال سيدنا الحسين (اللهم أمِته عطشا)، فعطش الرجل، وجعل يشرب فيزداد عطشا، ويشرب حتى يخرج الماء من فيه وهو يزداد عطشا، ويلهث ويصيح ويقول عطشان عطشان، كيف عطشان الماء أمامك! فمات عطشاً ولم يغنِه الماءُ شيئاً.
ولقد حدثنا حبيب صاحب القدرة، محمد، أن له حوضاً، يورَد عليه ومن شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبداً، فما هذا الريّ الذي خلقه الله في حوض محمد؟ والميزابان اللذان يصبان مِن نهر الكوثر من الجنة، إلى حوض هذا الحبيب، اللهم اسقِنا من حوضه، شراباً هنيئاً مريئاً مباركاً لا نظمأ بعده أبدا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وتجد العقولُ البشرية نقلَ ما يشاء الله من الأجزاء، من بلد إلى بلد أو مسافة إلى مسافة على اختلافٍ في السرعات، ومنهم جانّ وأرواح، ومنه هواء وريح ومنه ضوء، يشرق هنا ويصل إلى هناك، ومنه اليوم أصوات، بواسطة قصير وصغير من الأجهزة ترحل من دولة إلى دولة. وربما استغرقت في رحلتِها دقائق بل ثواني، مِن أقصى الأرض إلى أقصاها، ويصل الصوت ويرحل إلى هناك، وجعل الله لهم في ما أحدث في عالم الحسّ من الطائرات هذه وأمثالها، فما الذي يوقفهم عند قدرة هذا القادر؟ أن لا يحرك جبلاً او رجلا أو داراً أو غير ذلك؟ ولقد قال حبيب رب القدرة، صلى الله عليه وسلم، أنهم سألوني عن الوصف، عندما رجع وأخبرهم بالإسراء والمعراج، ومن قبيل ذلك التحدي وغليان هذه النفس وإرادة الإفحام صف لنا بيت المقدس، وما ذهب ليعدَّ نوافذَه ولا أبوابَه ولا سواريه، إنما وصل بروحه وجسده ليؤمَّ الأنبياء فيه، قال له جبريل: إنه لم يبقَ نبي بعثه الله من آدم إلى بعثتك إلا حضر الآن، جمعهم له وسط المسجد.
وصلّى وصلّوا خلفه فإذاً ** هو المقدَّم وهو الرأس لأهل الرئاسةِ
نبيُّكم هو الإمام، فلكم الشرف يا أقوام، اللهم ارزقنا به حسنَ الائتمام، إمام إذا حضر الأنبياء كانوا مأمومين، إذا حضر الملائكة كانوا مأمومين وهو الإمام المقدَّم على الإطلاق
وإن رسولَ الله مِن غيرِ ريبة ** إمام على الإطلاق في كل حضرةِ
وجيهٌ لدى الرحمن في كل موطنٍ ** وصدرُ صدور العارفين الأئمة
وكان به الإسراءُ من خير مسجد ** إلى المسجد الأقصى إلى أوجِ ذروة
من المستوى والقاب قوسين قربُه **إلى الله أو أدنى وخُصَّ برؤية
وأوحى الذي أوحى إليه إلهُه ** علوماً وأسراراً وكم من لطيفة
وقد قرنَ المحمودُ اسمَ محمد ** مع اسمه في الذكر فاعزِز برفعة
يا أتباعَ مرفوعِ القدر، ليس لأهل التحديات في الشرق والغرب بشيء من الأسباب والكائنات أن يخطفوكم ويخطفوا عليكم سرَّ صِلاتكم بربكم وهذا الأوَّاه عظيم الجاه عند الإله محمد بن عبدالله، فوعزَّة خالقِ السماوات والأرض ليس عندهم في إمكانياتهم ولا طاقاتهم ولا قدراتهم ولا أسلحتهم ولا تكنولوجياتهم ولا ثقافاتهم ولا رئاساتهم ولا حضاراتهم ما يعوِّضكم ولا ما يغنيكم، ولا ما يكفيكم، ولا ما يُعليكم، ولا ما يرفعُكم، لو فقدتم حسنَ الصلة وقوَّتَها بالإله الحقِّ وحبيبه الأصدق محمد، فلا تُخدعوا، ولا يُضحك على عقولكم.
يا مَن خُصِّصتم بشرف أفخر من الواحد الأحد الفرد الأكبر جل جلاله وتعالى في علاه، اعلموا قدرَ الإسلام، اشعروا بقدر الإيمان، أقدُروا الصلةَ بالرحمن قدرها، وإنكم لن تقدروا اللهَ حقَّ قدرِه، (وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)، ولكن نسب في معرفة عظمة الرب يخص الله بها من أحبّ. ثم يكون الأحبّ الأقرب الأعلم بعظمة الرب، على القنوت والخضوع يقول في كل ليلة (أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك). هذا سيد العارفين بالله، هذا أعظم من عرف الله من أهل أرضه وسماواته، هذا محمد، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فبِمَ يخطفونكم؟ بِم يخطفونَ سرَّ علاقتكم بهذا الإله ( وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) فماذا عندهم؟ قولوا لي: فماذا عندهم؟ أفي فترات محدودات يغترُّون ويغترون بشيء من المتاع ويزولون ويزول ويذهبون ويذهب ويفنون ويفنى يقطعوننا عن من؟ (وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) ماذا عند هؤلاء؟ ماذا عندهم؟ ماذا لديهم؟ ( قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ) إيش من قارات اللي خلقتها الحضارة هذه؟ الدولة العظمى اللي يسمونها خلقت أي قارات في الأرض؟ اترك القارة هات لي مدينة، اترك المدينة قرية صغيرة، اترك قرية، شبر من الأرض يروننا إياه في شرق الأرض أو غربها، هم خلقوا هذا الشبر؟ ولا إصبع، ولا ذرة (أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ)، أروني! ما هذه العظمة؟ (أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ) يتبجَّحون وصلنا القمر، وماذا عملتم فيها؟ طلَّعتوا شيء أو نزلتوه، غيرتوا مسيرها، تحكَّمتم فيها؟ محكومين مقهورين وراء الأسباب، خذوا اكسجين.. ذا اللي رتب الأكسجين لماذا لا تمدونه وترفعونه شبراً أو شبرين ولا الى القمر وصلوه.. ولا يقدرون، عاجزون، فبِم يُغترُّ بهم؟ بأي شيء؟ العظمة للخالق، العظمة للمدبِّر، العظمة للمقدِّر، وإذا قدَّر ما قدروا يعملون شيء، وبعدين؟ عاد شيء خرجوا حجارة من القمر ويحللونها، وإيش الذي حصل؟ وعاد وراء القمر وعاد كواكب هم يشعرون الآن ويدركون أن ملايين ملايين ومسافات بين النجم والنجم وبين الكوكب والكوكب، وشؤون ذهلوا فيها قالوا وراءها قوة خفية ما نعرفها إيش هي، نحن ندعوكم إلى هذه القوة الخفية، جلَّاها، تجلَّى لنا برسله وأخبرنا عبر من اصطفاهم من أنبيائه، فلم تعرضون؟ لِم تتولون؟ لم تصرُّون على شهواتكم؟ على خسائس مراداتِ نفوسكم؟ تصرُّون عليها وتكذِّبون بالله وبرسوله؟ (أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ)، أثر علم، هذا الذي يتحدى بالعلم العالم، كلما صلحوا مختبرات وبعض تجارب قالوا هذا علم، هات أثر من علم ، وانظر تحدي هذا القوي، تطوروا في التكنولوجيا والصناعات والأسلحة الفتاكة، الدمار شامل طيب، (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا)، فكيف الآن من فضلكم، لا نريد لا مدمِّرة ولا سفينة فضائية ولا أريد جوال أريد ذبابة، من فضلك من شان نعرف عجزكم أرتك هذا كله أردت وحدة ذبابة ولا بعوضة، بكل التكنولوجيا حقك وما معك، ظهر وحدة كما هذه تطير شوي، (لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) يتكلم قبل كم مدة صلى الله عليه وسلم؟ وهو واثق بالكلام، خلهم يتقدموا إلى أن يشبعوا، عاد تحدي قائم هذه آية محمد، هذه معجزته، قدام العيون يا معاشر أهل المصانع في الشرق والغرب تقدمتم تقدُّماً عظيماً في زمان الذرة ووصلتم القمر مطلوب خلق ذبابة، إن عجزتم فمحمد صادق، فما يمنعكم عن الإيمان به؟ ما يؤخركم عن تصديقه؟ هذه التكنولوجيا التي تؤكد كلامَه، وتشير إليه، وتُوقفكم أمام عجزكم أمام ما تحداكم به، ما يؤخركم عن الإيمان به؟ أهو غرور شهوات نفوس؟ ثم تريدون أتباع هذا الأشرف أن يتبعوكم؟ تهوُون بهم إلى أين؟ إنه صاحب المكانة، سنُخرج من كلماتكم في اليوم الواحد ما يتخلَّف، ومن تقريراتكم ومن مسائلكم التي تسمونها علمية، سنخرج منها ما ينقلب ويتغير إلا ما وافقتم فيه كلامَ صاحب هذه الرسالة ما وافقتم فيه صاحبَ الرسالة ما يتغير، غير ما وافقتم فيه صاحب الرسالة يتغير ويتبدل كل يوم، ما يمنعكم عن الإيمان به؟ قصوركم؟ اسفلت في شوارعكم؟ جسور تبنونها لمرور السيارات؟ ما الذي يؤخركم؟ ما الذي يخلِّفكم؟ غروراً بالفانيات؟ رغبةً وراء الشهوات؟ أإنسٌ أنتم أم حيوانات؟ (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) يقول سبحانه وتعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) تاريخ واقع في البشر، تعالوا نرجع إليه، (كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا)، قال الله سنَّتي هذه قائمة (وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا* ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ) وبعد ذلك المستقبل الكبير لنا ولهم أجمعين، كلنا سنأتي في هذا المستقبل (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ)، ترى تحليل أعظم من هذا؟ أبعِدوا الغرور، ابعد، الاغترار بالزور، خذ قولَ الحق والصدق، (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ)، جل جلاله وتعالى في علاه. (وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
قال سألوني عن وصفِ بيت المقدس، قال: فاشتبه الوصف عليّ، لأنهم سافروا كثير وقعدوا يعدُّون سواريه وأبوابه، مسافة كم، لما يرحلون يتفرجون ويحسبون، قل لنا قال فبدأت أصف لهم بما وقع بصري عليه، فاستبه الوصف عليّ فرُفع لي بيتُ المقدس دون دار عقيل أو عقال، فجعلوا لا يسألوني عن ناحية منه إلا التفتَ لي، إلى ناحيته انقلب إليه فكنت أنظر وأقول لهم، فقالوا أما الوصف فقد صدق، رجعوا في شان الغرور الإنسان وعدم خضوعه كما يوم نكلم أهل زماننا، يقولوا قالوا إيش علينا من الوصف وبيت المقدس يمكن تخبر أحد ولا جاء بشي يهمنا عيرنا، يهمكم عيركم تهمكم عيركم صدق ولا كذب، لنا عير في الطريق إذا رحت بيت المقدس هات خبر العير، والحبيب كان لحكمة من حكم الله مرَّ البراق على العير، وعرف العير، ورأى العير وخبرَ العير، وفلان وفلان وفلان فيهم، وإلى إيصال أمر حسِّي محسوس في عالم الحس أو جعله الله بينه وبين العِير (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى)، وإيش حاجته بالعير كانوا ممكن يمر مباشرة، ولكن حكمة الله سبحانه وتعالى، قال: مررت بهم ورأيتهم وجمل ندَّ لهم وهم يبحثون عن الجمل، وانكسرت رجل فلان ورأيتهم عندهم إناء فيه ماء مغطى، كشفت الغطاء وشربت الماءَ ورددته، وتكلمت، قالوا إيش؟ هكذا تقول؟ بيجون الآن بنعرف. وقاموا بيواصلون التحدي قل لنا متى بتجي العير؟ وإيش دخل هذا في الإسراء، متى بيجي هو قال لكم راح إلى بيت المقدس أسرى به الله ولكن تحديات متى بتجي العير؟ قال بتجي يوم الأربعاء، يتقدمهم جمل أورق، عليه غرارتان سوداوان إيش ذا الكلام؟ الوصف الدقيق، قوي، واثق، حبيب الحق، الناطق بالحق، ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى). خرجوا في يوم الأربعاء ليكذِّبوه، وكادت الشمس أن تغرب فطوى اللهُ الطريق ووصلوا، فقال القائل: هذه الشمس قد غربت ، فقال الثاني: وهذه العير قد أقبلت، كما أخبر صلى الله عليه وسلم ويتقدمهم جمل أورق، انتم قلتم تهمنا عيرنا هات خبر العير جاب خبر العير، كان في ليلة كذا سمعتم شي صوت محمد كان عندكم جمل ندَّ لكم وفلان انكسرت رجله قالوا أوه! من قال لكم نعم! حصل كذا كذا كذا، وعندكم إناء فيه ماء؟ قالوا وما وجدنا الماء وسمعنا صوت محمد.. آمِنُوا، سحر كبير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
هكذا شأن العقليات، مثل عقليات موجودة عندنا (يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ)، منحطِّين في مقاصدهم، منحطِّين في إراداتهم، منحطِّين في عزماتهم، الحمد لله على الإيمان بمحمد، يارب معه وعلى دربِه نحيا ونموت ونُحشر معه، ويا معشر من آمن وأسلم لا تغتروا والله من عند الغرغرة إلى الأبد لن يتمنى أحدكم أنه مع رئيس من رؤساء العالم، ولا أنه مع شركة من شركات العالم، ولا انه عاش في أي دولة من هذه الدول الموجودة اليوم، والله العظيم، ولن يتمنى إلا أن يكون مع محمد، فمِن اليوم صحِّحوا أمنياتكم، لأنها إذا تأخرت إلى عند الغرغرة فاتَ السباق فات اللحاق، من الآن صحِّح أمنياتك لا تتمنى إلا أن تكون معه وعلى دربه وفي سبيله نحيا ونموت إن شاء الله، على الوصف الذي يرضاه الله، فإن في الأمة قوماً تولى اللهُ وصفَهم في الكتب السابقة كلها، (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ) ما هي عمليات التجميل، (مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ) الله أكبر قد ربي يمدحهم من قبل أن يُخلقوا، وفي التوراة وفي الإنجيل يتولى الثناءَ عليه، ويا فوزهم في يوم الهول المهيل في ركب محمد (يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) يا ما أحلاها كلها معه، هل تذوقها أو ما تذوقها؟ (مَعَهُ) اجعلنا (مَعَهُ) يارب، يفتح الله لقلبك باب الإدراك والذوق لروحك بتشوف حلاوة وسط هذه الكلمة ما توجد في مشروبات الأرض ولا مطعومات الأرض، (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، يا الله.
أيقِظ قلوبَ المسلمين، أيقِظ مشاعر المسلمين، احفظهم من الغرور والزور، لا يتمنون ما يتحسرون عليه يوم القيامة، اجعل أمنياتِهم سبباً للفوز يوم الخزي والندامة، سبباً للسلامة من أهوال يوم القيامة، اجعل أمنياتِنا مرافقةً لأحب أحبابك، وسيد أهل حضرة اقترابك، ثبِّتنا على دربه واسقنا من شربه، واجعلنا في حزبه وأكرِمنا بمحبته وآله وصحبه، وأرِنا وجهَه، في الدنيا والبرزخ والآخرة، يا أكرم الأكرمين، يا أكرم الأكرمين، يا أكرم الأكرمين. يا أرحم الراحمين، ثبِّت هذه المحبة في قلوبِ الحاضرين والسامعين، ومَن في ديارهم ومَن يواليهم، وانشرها في الأمة، يا معطيها بالفضل، يا واهبها بالإحسان، يا متكرِّم بها بالامتنان تختص بها مَن شئت فلا تحرمنا خيرَ ما عندك لشرِّ ما عندنا واجعلنا عندك في أهلها، وفي خواصِّ أهلها، الفائزين بالحظِّ الوافر فيها، والنصيب التام الكامل منها يا الله.
يا الله، توفيقاً في الدنيا لما تحب، وإلهاماً لما هو إليك أحبّ، وموتاً على كمال الإيمان واليقين والتقوى والمحبة، وحشراً في زمرته الكريمة يوم القيامة، واجتماعاً في دار الكرامة، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين يا الله، (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)، حقِّقنا بمتابعته، (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) فحقِّقنا بحقائق الإيمان، (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ)، (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، يا الله.
وهذه الغايات الكبرى، وما تسمعونه من حوادث أوقاتها قصَّر الله شرها، قصَّر الله وقتها، قصَّر الله أيامها وزمنها، وعجَّل برفعها وسترتفع، ولابد من رفعها ولابد أن تظهر رايات هذا النبي، الله يجعلنا وإياكم من أنصاره حقيقة، ظاهراً وباطناً، بأرواحنا بأجسادنا بأقوالنا باموالنا بأفعالنا بعقولنا بكل ما أوتينا، يا مَن اشتريتَ منا الأنفسَ والأموال احفظنا من النكث، احفظنا من الخيانة، ارزقنا الأدب كما تحب واجعلنا من أهل الاستبشار (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ)، لا أحد أوفى منك ياربنا، هَب لنا الوفاءَ لك، هب لنا الوفاءَ لك، وحقِّقنا بالوفاء لعهدك الذي عاهدتنا عليه، وأصلح شؤونَ المسلمين أجمعين.. والحمدلله رب العالمين.
للاستماع إلى الكلمة
لمشاهدة الكلمة