محاضرة مكتوبة للحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 27 ذي القعدة 1436هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: عظمة الحق ورسوله ووحيه تتهاوى أمامها كبير خطط إبليس وجنده
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، على مذكرات وتذكيرات وتبصيرات وتنويرات، ونداءات، أصلُها ربانيات رحمانيات، حُمِلت بالآيات وفي الآيات، وعلى أيدي مَن أُنزلت عليهم الآيات، إلى أن جاء ختمُهم سيدُ السادات وقائدُ القادات، وسيد أهل الأرض والسماوات، ذاكم محمد خاتمُ الرسالات، وبه كنتم خيرَ أمة تنعمون في هذه النِّعم الجزيلات، وتتلقونَ لهذه العطايا الكبيرات، وتُرحمون بعظيم الرحمات من ربِّ الأرض والسماوات، لتسعدوا في الدنيا ويوم الميقات، ثم تستقروا في الجنات. وتلكم النهاياتُ لمن كتب اللهُ لهم السعادات، وسواهم هم الخاسرون وهم الذين نسوا العهدَ الذي يذكِّركم به أخوكم هذا الذي استغرق من فرنسا إلى هنا هذه السنتين، وهو يتأمل ويقول: إنه شعر بهذا النداء الإلهي والعهد الرباني، الذي بين هؤلاء الخلق كلهم وبين ربهم، حتى المتنكِّر، حتى الجاحد، حتى المخالف، حتى المنكر.. كلهم قد ناداهم الرب، كنا وإياهم في مجمع واحد، في نعمان الأراك، قريباً من عرفة، كلُّ روح لبني آدم إلى أن تقوم الساعة والرب الكريم نادانا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)، تتعرضون بعد ذلك لنسيان أمري!؟ وللغَيب بأكوانِي عني!؟ وللاغترارِ بخَلقي عن هديِي ودِيني ومنهجي ووحيِي وأنبيائي ورسلي!؟ جل جلاله وتعالى في علاه. (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ)، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
نسوا العهدَ وضلوا سواءَ السبيل، كل الكفار الذين على ظهر الأرض، وكل المسلمين الذين رضوا بالمعاصي وأصرُّوا عليها، وتركوا الفرائضَ وارتكبوا المحرَّمات، كم منهم مَن أُنعمَ عليه بأن ولد بالإسلام، وبين أهل الإسلام وهو تارك الصلاة، وهو تارك الصوم في رمضان، وهو مانع للزكاة وهو قاطع للأرحام، أو واقع في شيء من ذلك!! نسوا عهدَ الله، نسوا ميثاقَ الله، نسوا العهودَ التي بينهم وبين البرِّ الودود، جل جلاله وتعالى في علاه.
ومِن حكمته أن جعل ركنَ الحج الأعظم، الوقوف بعرفة بجانب هذا الوادي الذي كانت فيه الشهادة وكان فيه الاستشهاد، (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) أرواح المؤمنين تتذكر، كان سيدنا أبو الحسن الشاذلي عليه رحمة الله تبارك وتعالى قال: ذكَّرني ربي بساعة الإشهاد وعرفت من كان على يميني ومن كان على يساري، فقال له بعض أصحابه: من كان على يمينك في تلك الساعة؟ قال: ياقوت الحبشي، يأتي ويسمى ياقوت العرش، وجاء بعد ذلك آخر حياة الإمام أبي الحسن وصل والتقى به، ثم اتصل بتلميذه أبي العباس المرسي، عليه رضوان الله تبارك وتعالى، قال كان ذاك عن يميني وقتَ أخذ العهد والميثاق.
( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى ) فهذا العهدُ الذي بيننا وبين الله يحرِّم علينا أن نصدِّق ما يقول أعداؤه في المسالك في الحياة إذا دعونا إلى مسلكٍ يخالف شريعتَه، إذا دعونا إلى وصفٍ يخالفُ وحيَه، إذا دعونا إلى هديٍ يخالف هديَ نبيِّه، حرام علينا أن نستجيب لهم، قد عاهدنا الرب الذي خلقنا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)، فما لنا رب غيره، وما هم أربابنا ولا هم آلهتنا ولا خلقونا ولا خلقوا لنا الأرض ولا خلقوا لنا السماء، مَن مكَّنهم؟ ومن خوَّل لهم أن يكونوا قادتنا في مسلك أو في منهج أو في دين أو في خُلق، معنا الربُّ الذي خلق، وأنزل البيان، وأرسل الرسلَ الكرامَ المطهَّرين عن الأدران، وختمهم بسيدِ الأكوان، مَن أُنزل عليه القرآن، فنحن في هذه البركات والخيرات.
ذاكم الذي وقف بعرفة يوم وقف ودعا لأمته، وألحَّ على الله في الدعاء، وتوجَّه وبيَّن وأحسنَ البيان، وبُشِّر البشارات للواقفين مِن أمته عليه الصلاة والسلام، ووقف أسفلَ جبلِ الرحمة، عند الصخرات المفروشات يقول وقفتُ هنا وعرفة كلها موقف، وجاء عليه الصلاة والسلام إلى مزدلفة وصلى بالناس المغرب والعشاء، ورقد، وقام صلى الله عليه وصحبه وسلم وصلى بالناس الفجر، ومضى مباشرةً إلى مِنى، ورمى عليه الصلاة والسلام وأجاب السائلين، ونحر بُدنَه وقال نحرتُ ها هنا ومِنى كلها منحر، وحلق رأسَه الكريم، عليه الصلاة والسلام، أحدقت به الصحابة، هل لأنهم صوفية!؟ سمِّهم ما تسمي، احدقوا مِن أجل هذا الشعر، مِن كل جانب، الحلاق يحلق والصحابة محدقة أعينهم وقلوبهم، فلحَظ ذلك، ولما حلق الحالق له شعره حمله، قال وزِّع الشعر عليهم، وخصَّ أبا محذورة- الذي كان يحلق له- منه بشيء، وقال خذ، وتوزع بين الناس، حتى كان الرجل تصيبه الشعرة والرجل تصيبه الشعرتان.
وذاك الموقف الذي نذكره للصديق يرى سهيل بن عمرو وهو يزاحم، حتى وقع في يده مِن شعره صلى الله عليه وسلم وقبّله، ووضعه على عينيه، فبكى سيدنا أبوبكر، قال هذا سهيل بن عمرو!! قبل ثلاث سنوات نحن وإياه في الحديبية، ما رضي يكتب محمد رسول الله، قال ما أعرف لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، اكتب محمد بن عبدالله، ما رضي يعترف بأنه محمد رسول الله، قال فلو قتلناه ذاك اليوم لدخل النار، قال: ولكن خُلُق النبي، حتى هُدي وحتى اليوم ينازع، حتى تمكَّن من الشعرة فقبّلها ووضعها على عينيه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكانوا حزب الله تبارك وتعالى، وركب الجنة في خلفيَّة محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم أدخلنا معه الجنة فإنه أولُ من يدخلها، وأنزلنا معه في قصورها فإنه أول من ينزلُها، وارحمنا يوم يشفع للخلائق فترحمها، برحمتك يا أرحم الراحمين.
وأكمل حجَّه عليه الصلاة والسلام، وعاد إلى المدينة المنورة وقد سماها حجة الوداع، وما هي إلا ليالي معدودات، كمُل به شهر المحرم بالمدينة، وصفر، ثم توفي في ربيع الأول، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وقد تركنا على المحجَّة البيضاء، ليلُها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك، سلك الله بنا فيها أشرفَ المسالك وأنور المسالك وأهدى المسالك، وخير المسالك، يارب لا نهلك مع هالك، يارب لا تُوردنا مواردَ المهالك، يارب ثبِّتنا على قدمِ كل منيب ناسك، ممن جمعتَ لهم خيراتِ الدنيا والآخرة، يا ملك الممالك.. يا الله.
نعوذ بك أن تُضلَّ أحداً منا في قول أو فعل، يقطعه عن محمد يوم القيامة، ويحول بينه وبين دار الكرامة، لا تخذلنا يارب، وعامِلنا بالفضل يا صاحب العطاء الأرحب، وقرِّبنا يا حي يا قيوم، في مَن لهم قرَّبت، وارزقنا أعلى القرب، واجمعنا في المنقلَب، في زمرة الحبيب الأطيب، في دار خُلدك مع أهل التقريب من كل حبيب يا قريب، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.
وهذه الديانة التي بُعث بها، والمسلك الذي هدانا إليه هو الذي تحتاج إليه جميع أرواح البشر، ليتصلوا بعهدِهم الذي عاهدوا الله عليه، وسمعتم في كلام إخواننا من خلال مشيٍ في مزارع من بلد إلى بلد، يشتغلون فيه وجدوا في التجالس مع هؤلاء الناس من غير المسلمين أنهم قريبون من الإسلام، يحتاجون إلى الإسلام، يريدون مَن يفتح لهم الباب.. ما معنى هذا؟ معنى هذا أن إبليس وجنده بما أوجد في الأرض مِن أنواع المُغريات والمفسدات والتشويش على الحقيقة والكذب على الإسلام وعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وسبُّه وسبُّ أصحابه وسبُّ أهل بيتِه وسبُّ صلحاء الأمة، إلى غير ذلك من أنواع الضلال، ضعيفةٌ أمام نورِ الله، كلها ضعيفةٌ أمام نورِ الله، عملوا كل هذا والنّفوس مستعدَّة أن تؤمن، مستعدَّة أن تتصل بالرب، (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) ما أعجب هذه القوة، إلى اليوم تأتيكم مثل ذي البقعة يحييها الله بحياة محمد ودينه وشريعته وهديه وإرثه، وورثته والسند إليه في آخر الزمان لتكون محطةً لبركاتٍ تعمُّ المشارق والمغارب ويهدي إليها قلوباً من هنا ومن هناك، من عمل فيها عملاً حسياً!؟ من عمل لها شيء من الدعايات!؟ من عمل لها شيء من هذا الكلام!؟ ولكن شان الرب وإذا مشى مثل هذا، يقول لكم من غير ترتيب ولا تدبير، صدق من غير تدبير ولا تدبير راجع لكم.. لكنها مرتبة ومدبرة، قد رتبها الحقُّ من كل وجه وبكل جانب، خطوات محسوبة، ولا يقدر أحد أن يرد مقاماً إلا إذا أورده الله، ولا يصل مكاناً إلا إذا أوصله الله، ولا طريقة تفكير تستقيم أو تصح إلا إذا صحَّحها الله، وأقام، أو تزيغ أو تعوج (القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن) وإذا اجتهد نبينا في الدعاء قال: ( لا ومقلِّب القلوب ) في اليمين، قال لا ومقلب القلوب.. ويا مقلب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبنا على دينك.
واليوم كل هذه الأشياء تدعوكم لأن تخرجوا من هذه الأوهام واستعظام خططِ الكفار والفجار، إبليس وجنده من الإنس والجن، أمام هدي محمد ضعاف، أمام هدي محمد لا يساوون شيئا، لكن المنتمين لهديِ محمد، ما عرفوا القدر لمحمد ولا لهديِه، ومن عرفَ منهم القدر للحق ومحمد وهدي محمد فكلها أمامَه ضعيفة، كلها أمامه حقيرة، أما ترى عشر آيات من سورة الكهف يقرأها الواحد، فتجي أكبر فتنة في الوجود فتنة الدجال فيُعصم منها، ما يقدر عليه، كلُّ الفتن دونَ فتنة الدجال هذه الأكبر، عشر آيات يقرأها من سورة الكهف وُصلة.. انتهى، حُفظ بالحبيب، حُفظ بوحيه، أكبر الفتن صارت صغيرة، أشد فتنة فتنة الدجال، صارت أمام هذا حقيرة لأنه اتصل بنور الوحي، بالمُوحَى عليه بالمُوحِي إليه، جل جلاله وتعالى في علاه. ( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ).
احذروا أن تقارِنوا بين أجهزة واتصالات اليوم ومناظير من قريب ومن بعيد وجماعة ناسا عندكم في الفضاء، وبين ما رأى محمد، والله والله كل ما رأوه أو اطلعوا عليه، لا يساوي عشر المعشار من ذرةٍ من عشر معشار ما رأى محمد (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)، (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فاعرفوا القدرَ للرب واعرفوا القدرَ لحبيبِه الأطيب، وعيشوا حياتَكم القصيرة بلا وهم، بلا تصديق دعاوي غرور وزور وخدع يخدعكم بها إبليس وجندُه، وقاتلوا أولياء الشيطان، (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، وقد وُعد سيد الاكوان أن يبقى مِن هذا الصنف من عباد الرحمن في أمته إلى آخر الزمان، قل له افعل ما شئت، (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا)، قال بعد كل هذا: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، اعمل كل هذا، وفي عباد لا تقدر عليهم ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)، لماذا ليس له عليهم سلطان؟ لأنه وكيلهم الرب، (وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً). فيا ما أعجبهم، هؤلاء هم أهل السعادة الكبرى في كل زمان.. ألحِقنا الله وإياكم بهم، حتى نُحشَر يوم القيامة معهم.
تعيشون في الصدق مع الله، في مثل هذه الأيام والموسم يستقبلكم بما فيه، الأيام العشر قال نبيكم ( فأكثروا فيها من التسبيح، والتحميد والتهليل والتكبير) يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يعدل صيامُ كلِّ يوم منها صيام سنة، وقيام كل ليلة من ليالي العشر قيام ليلة القدر)، ليلتين تمرُّ عليك، وتأتيك في ليلة الاثنين المقبل أي مساء الأحد، أو ليلة الثلاثاء دخلت العشر، (وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ )، في أقوال بعض المفسرين، الفجر فجر يوم النحر أو فجر يوم عرفة، (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) هي الليالي بنفسها، (وَالشَّفْعِ) قال: يوم العيد اليوم العاشر، (وَالْوَتْرِ) يوم عرفة، (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ) ليلة العيد، ليلة النحر، كلها رجعت إلى هذه أيام العشر، من أولها إلى آخرها على أقوال بعض المفسرين، عليهم رضوان الله تبارك وتعالى، لتعرفوا قدرَ هذه الأيام، وتعرفوا قدرَ هذه الليالي.
ولبعض إخواننا ترتيب للخروج إلى القرى من أجل تبليغ هذه الدعوة، ومن أجل هم يتصفُّون، من أجل هم يرتبطون بسر من أسرار هذا الوحي وسر من أسرار هذه الشريعة والدين، فيا ما أحسن اغتنام هذه الليالي والأيام، ومَن لم يكن مِن الحجاج فصومُه في يوم عرفة يكفِّر ذنوب سنتين، ويعدل صيام ألف يوم، في رواية: عشرة ألف يوم، ما أعظمه، وتشبّه، شارِك أهل الطواف، شارِك أهل الوقوف بالمعاني حيثما كنت، شارك أهل عرفة، شارك زائري النبي محمد، وأنت يفتح لك الحق معنى للزيارة في كل صلاة تصليها تدخل إلى حضرته، قل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، أكثِر من الصلاة والسلام عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واسمع قولَه: إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاة. فيا فوز المصلين عليه، صلوات ربي وسلامه عليه.
وعندك الأضحية لكل من قدر عليها، قومي يا فاطمة فاشهدي أضحيتك، فإن لك في أول قطرة من دمِها أن يغفر الله لك، وأنها تضاعف سبعين ضعفاً فتوضع بشحمها ولحمها وودكها وجلدها في ميزانك يوم القيامة، كان عنده بعض الصحابة، فقال: يا رسول الله أهذا خاص لأهل البيت، فهم أهل لما خُصوا به من الخير، أم للناس عامة؟ قال بل للناس عامة. لأمته كلهم عامة صلوات ربي وسلامه عليه، فما أعظم فضلَ الله عليكم، في ذي الليالي وفي ذي الأيام، وتفقُّد بعضكم لبعض استرضاءً للرب جل جلاله، وعطف بعضكم على بعض، وثبات على منهج الاتصال بسيد السادات، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وما أنزل عليه من الآيات، والله يكتب لنا ولكم فيها التوفيق والقبول، ويُنيلنا غاياتِ السول، ويقبل الحجاج وزائري نبيه صلى الله عليه وسلم ويفتح بهم أبوابَ الفرج للأمة، في المشرق والمغرب يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين، ما أُبرم في قضائك، فأصحِب الأمةَ فيه اللطفَ الكامل التام يا ذا الجلال والإكرام، قصِّر لهم أيامه وأوقاته يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا كاشف الهموم والغموم، لك نقصد، ووجهَك نؤُمّ، ولِما عندك نروم، فأكرِمنا بما أنت أهله بحبيبك المعصوم.
يارب أصلح أحوالَ المسلمين، فرِّج كروبَ المسلمين، ادفع البلاءَ عن المؤمنين، هذه آثار ذنوبِنا وآثار ما سُلِّط من أعدائك علينا بذنوبنا، فأرِنا آثار رحمتك ومنَّتك، وما كمُنَ في الأمة من خير وما جعلته من عظمة، لوحيك وكتابك، والفطرة التي فطرتَ الناس عليها، ائذن لنا بظهور ذلك وانتشاره، وغلبته وانتصار، على الوجه الأتمّ يا حي يا قيوم يا أكرم، يا أرحم الراحمين، استرحمناك فارحمنا، وسألناك فأجِبنا، ودعوناك فاستجب لنا، كلُّ فرد من الحاضرين ومَن يسمعنا، اجعلهم في المقبولين، في الموصولين، في المبارَك لهم بإدراك ليالي العشر، وأيام العشر، وما تتنزل من الجود والرحمة، على أهل الموقف وأهل الطواف وأهل العكوف وأهل القيام، وأهل العمرة وأهل الزيارة لنبيك محمد بارك لهم فيه، وأشرِكنا في مدده وخيرك الذي تخص به مَن تشاء، يا مَن يختص برحمتِه من يشاء وهو ذو الفضل العظيم، يا الله.
ونودع ليالي شهرنا بالتوبة إليك فتُب علينا، باستغفارنا لجميع ما كان منا فاغفر لنا يا غفور، اغفر لنا يا غفور، مغفرةً لا تُبقي في صحائفنا زلة، ولا خطيئة، ولا سيئة، صغيرة ولا كبيرة، ظاهرة ولا باطنة، يا الله، وبصدقٍ قُلها تذُق وصلَها، يا الله، يا الله، هذه عُدُّتنا، يا الله، هذه قوّتُنا، هذه وسيلتُنا، هذه معسكراتُنا، هذه سيوفُنا، هذه أسلحتُنا، هذه أقوى ما عندنا، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا مجيبَ من دعاه، يا ملبِّي مَن ناداه، اقبلنا والمسلمين، واغفر لنا والمؤمنين، واختم لنا بالحسنى واليقين، واجعلنا من الهداة المُهتدين، يا الله، أرِنا في الأمة ما تقرُّ به عين نبيها، وأعين الصالحين آمين برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.. وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة
لمشاهدة المحاضرة