10-2015
21

محاضرة مكتوبة بعنوان: سر التكبير والإعتماد على العلي القدير والصلة بالسراج المنير

محاضرة ليلة الجمعة في دار المصطفى ليلة الجمعة 25 ذي الحجة 1436هـ بعنوان:
سر التكبير والإعتماد على العلي القدير والصلة بالسراج المنير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله مُكرِمنا بنورِ ختمِ الرسالة مَن أحسنَ الدلالة، وثبَّتنا الله على قدمِه واتباعه في الفعل والمقالة، وفي كل قصد وإرادة  وحالٍ وحالة إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبين يديه تبارك وتعالى تتواردون متذلِّلين رافعين أكُفَّ الضراعة أن ينظر إليكم وأن يُسعدكم وأن يربطكم بحبيبه ربطاً لا انفكاك له ولا انحلال، حتى تحِلُّوا معه في أشرف المحال خير حِلال.. اللهم ثبِّتنا على متابعته في القصد والنية والأقوال والأفعال، حتى تندرجَ أفعالُنا في أفعاله، ومقاصدُنا في مقاصده، وأقوالُنا في أقواله.. برحمتك يا أرحم الراحمين.
وهنا غاية الغايات في القدوات وتبعية هذا الإنسان الذي يُدعى من السفليات، ليرمي بتبعيته على هذه الأفكار، وتلك الأفكار، وعلى هذا الحزب، وهذا التوجه، وعلى هذا المبدأ، وعلى هذه الحكومة.. وكلها متقلِّبات متغيِّرات سريعة الزوال، سريعة الانتقال، فمن يرضى أن يرميَ نفسَه في تبعية شيء منها فقد رضي الهوان، رضي الذل، رَضِيَ البؤس، رَضِيَ الشر، رَضِيَ الفساد، رضيَ أن يخسرَ الدنيا والآخرة والعياذ بالله تبارك وتعالى.
 ولكن رب الدنيا والآخرة شرَّفَك بلا إله إلا الله محمد رسول الله، اعلم حقَّ هذا الشرف، وقُم مقام مَن صدق واعترف، وبالإخلاص لله اتَّصف، واقتدى بالحبيب الأشرف، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، لتمُرَّ به الحياةُ في خيرِ ما تمُرُّ بالناس على ظهر هذه الأرض.
 وخير حياة تمُرُّ بالناس على ظهر هذه الأرض أن يكون فيها عبداً صالحاً ممتثلاً أمرَ ربه، ما شيء من شؤونه على ظهر الأرض ينحط فيها إلى تبعية النفس الأمارة، ولا إلى تبعية الشيطان، ولا جند الشيطان من الإنس والجن، وهم جند كثير، يسخَّرون للإضلال .. وهم ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم مِن السبل المتفرقة ( وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ  وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) اللهم ثبِّتنا على سبيل حبيبك المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
 وكل من مَرَّ به جزءٌ من أجزاء حياته في مخالفة أمر الله، في ارتكاب ما حَرَّمَ الله عليه، قول أو فعل أو معاملة، في ترك لفرائض الله جل جلاله،  فقد تعرض لشرِّ الدنيا وشرِّ الآخرة، وقد تعرَّض لضُر الدنيا وَضُر الآخرة ..
كم كذبوا على الناس وأرادوهم إلى مجرد الماديات !!
والماديات إذا أُحكِمت بزمام الصدق وزمام الإخلاص وقصد وجه الحق، فهي خَدَمةٌ.. مسخرَّةٌ.. مذلَّلَةٌ، وأدوات تحت يد المؤمن يتصرف فيها تصرف الحكيم العاقل.
ولكن شرها أنه من أجل الماديات آذوا بعضهم، من أجل الماديات انتهكوا الحرمات! من أجل الماديات ضيعوا الإنسانية،  من أجل الماديات نسوا الله، من أجل الماديات خسروا الدنيا والآخرة!.. فأي مادة هذه؟! أي مادةٍ هذه نُدعى إليها؟! أي مادة هذه تُعظَّم في العقول والصدور، وليست بعظيمة من قريب ولا من بعيد..
ولكن من صدق مع الله تبارك وتعالى وظفر بحقائق الإيمان فما دخَل في حوزته خرج  من الشر إلى الخير، من الظلمة إلى النور، من الفساد إلى الصلاح، من الضُّر إلى النفع دنيا وآخرة.
 ( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا )
فهٰؤلاء هم وأموالهم وأولادهم وأوقاتهم وأفعالهم وأقوالهم نور في نور، هدى في هدى، صلاح في صلاح، تقوى في تقوى، خير في خير، ما حولهم من الشر
ومن سواهم لا أقوالهم أفضَت بهم إلى رشد، ولا أفعالهم أدَّت بهم إلى نعيم، وارتكبوا الجرائم والعياذ بالله وارتضوا أن يعيشوا في هذه الدنيا على مثل هذا الحال الذي يرعاه اليوم من يُنسَب في الأرض إلى التطور، من يُنسَب إلى التقدم، من يُنسَب إلى الحضارة .. يرعون فتيل النزاع والصراع والأذايا والهدم والسفك والفساد وإغراء الصدور على بعضها البعض ..
أهذه الحياة الطيبة؟؟ لا والله، لكن أين لهم الطريق والسبيل إلى الحياة الطيبة وهي مخصوصه مِن قِبل المُحيي المميت بمن آمن وعمل الصالحات( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )
لا آمنوا ولا عملوا الصالحات، ذكورهم وإناثهم، فمن أين لهم الطريق إلى الحياة الطيبة؟
اعملوا ما شئتم من قصور في الأرض ولن تطيب حياتكم
اعملوا ما شئتم من سفلته في الأرض ولن تطيب حياتكم
اعملوا ما شئتم في التكنولوجيا في الأرض ولن تطيب حياتكم.. إلا بالإيمان والعمل الصالح ..
من حكم بهذا؟
ليست دولة، فالدول هي محكومة، وحاكم الدول ربُّ السمٰوات والأرض، خالق السمٰوات والأرض ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) أمام هذه البيانات الواضحة تتسلل إلى عقولنا وقلوبنا بياناتُ من؟! كلامُ من ؟! تحليلُ من؟! خبرُ من؟! قولوا لي ياعباد الله، قولوا لي يا مؤمنين؟! من هذا الذي يدخل علينا ويهجمُ إلى قلوبِنا وعقولِنا ويلعب بأبنائنا وبناتنا يغيِّر عاداتنا الطيبة إلى سيئة، وأخلاقنا الفاضلة إلى قبيحة، ويُنزل عظمةَ الله مِن قلوبنا وصدورنا، ويركز عظمةَ الدينار والدرهم ومتاعَهم الحقير الزائل الهابط الفاسد.. من هذا؟
لكن غياب حقائق لا إله إلا الله من القلوب، غياب حقائق الله أكبر، شعارنا لكل صلاة، شعارنا في كل عيد، الله أكبر، فكَبِّر هذا الحق بقلبك وعقلك حتى لا يكونَ أكبر عليك منه ولا أكبر عندك منه، حينئذٍ لا أخوف عليك منه ولا أرجى لك منه، تستحي منه أن يكون غيره أخوف منه، وغيره ما يملك شيء، أو يكون غيره أرجى لك منه سبحانه وتعالى، وغيره لا يملك شيء..
 ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) وهذه المملكة كلها مسيرة بك وهم إلا  وسطها عباد، تُولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل، ومن منهم يتحكم في الليل ومن يتحكم في النهار ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُون * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ..)
فيا مَن لا يقدر يتصرف في الليل أو النهار أنت مملوك، أنت مقهور، لا تنسَ الملك، لا تنسَ القاهر، فتخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين والعياذ بالله تبارك وتعالى..
 فأحسنوا خاتمةَ عامِكم بانتهاض قلوبكم إلى مولاكم في صدقٍ في تكبيره وتهليله وتحميده وتمجيده، فما شُرِع  لنا عقد هذه المجالس إلا لتتصفى القلوب، وتحل فيها حقائقُ التسبيح، حقائق التهليل، حقائق التكبير، عندما تحلُّ حقائق التكبير، يتواجه جيوش أهل المادة المغرورين بها بجيوش أهل الروح وأهل الصدق مع الله تبارك وتعالى، فإذا قال أهلُ الصدق: الله أكبر ارتجفت قصورُ الفجرة وسقطت أسلحتُهم، بمجرد.. الله أكبر .. لكن يقولونها بصدق، يقولونها من قلوب، يقولونها بذوق، يقولونها وقد تحقَّقوا بها ..
 تقول الله أكبر وفي قلبك المادة كبيرة، والدول كبيرة، والأحزاب كبيرة، وأسلحة الدمار كبيرة، ومصائب الدنيا كبيرة، والاتجاهات الموجودة في الأرض كبيرة، أبعِد هذا كله، وقل: الله أكبر!! تتذاوب كلها.. تتذاوب في الشهود.. فتتذاوب في التسخير .. تُسخَّر لك إذا ذابت من شهودك في تسخيرها لك، ودخلت في قوله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
( قل للذين ءامنوا ).. سيصادفون في الدنيا ونحن خلقنا لهم الكائنات وسخرناها لهم سيصادفون كلام طويل ومنازعات وتحديات
( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ ..)
يعني ما تعلق بشؤون النفوس وشؤون الحقيرات والفانيات يغفروا للذين لا يرجون أيام الله.. مساكين..
( لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يكْسِبُونَ) لمَ؟؟ قال الله لأن مملكتي محكومة بزمام حكيم عادل.. كيف؟
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا  ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) ( قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّه لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يكْسِبُونَ)
يعني ،، أنا أتولى الجزاء فامضوا حيث أمرتُكم ولا تلتفتوا، كما قال للمؤمنين مع سيدنا لوط قال له (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ) قال المفسر: ما قال حيث تهوون قال حيث تؤمرون، إذا مضيت حيث تؤمر وما تلتفت فالنجاة لك والثانيين ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) كما قال في قوم لوط الذين تمرَّدوا وبغوا..
عند الثبات والمرور في هذا الطريق تتهاوى قوى العالم، أمام نور رب العالم جل جلاله وتعالى في علاه، يقول عن محاولاتهم ومجموع خططِهم وكيدِهم في الشرق والغرب.. ماذا؟
( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) وما العمل؟ لو قال: قوموا لهم أنتم.. فهذه مشكلة، وأين سنصل !؟ قال سبحانه وتعالى ( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )
قال قوموا لي.. كونوا معي ولي واصدقوا معي، وأنا أكفيكم إياهم ( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )
فكونوا مع هذا الرسول، وراء هذا الرسول، أما شيء قد أبى الله.. فقد كُفيتم شره .. فلا شيء عليكم منه، كفيتم شره ( وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ )  
جعلنا الله وإياكم من أهل هذا النور، وممن يتمِّم لهم نورهم ويتمِّم على أيديهم النور وحتى ينادوا في القيامة في زمرة سيد أهل الكرامة ربنا أتمِم لنا نورنا ..
 ( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ  نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
وكلنا ننادي السميع البصير اللطيف الخبير ..
ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير
ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ..
قُلها الآن والليلة في المجمع بذِلَّة وتواضع وطمع فيما عند الله وخشيه منه .. ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير .. فإنا نرجو أن يقبَلَك، وإن قَبِلَك قلتها غداً في زمرة أولئك، قلتَها غداً في صفّ أولئك، قلتَها غداً مع أولئك ..
 ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير .. وثبت أقدامنا على ما تحب واختم عامنا بخير يارب، واكشف الضرَّ عن المؤمنين يارب، وثبِّتنا على الحق فيما نقول، يا ربنا ثبتنا على الحق فيما نفعل، ياربنا ثبتنا على الحق فيما نعتقد، ياربنا، أعمر ديارنا بأنوار أهل الإيمان واليقين ..
 وعادات الفساق والكفار التي سطت ودخلت علينا في مناسباتنا وديارنا ارفعها وأبعدها وطهِّرنا منها، وطهّر مجتمعاتنا منها، وثبِّت سنن نبيك وسط الديار ووسط الأسواق ووسط الشوارع وفي المساجد وفي حياتنا كلها، ثَبِّت سننَ نبيك يا الله، وأحيي سنن نبيك يا الله، واجعل تبعيَّتنا لما جاء به يا الله، وارزقنا محبَّتك من اتباعه  ( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ  )
الله يجعل العام شاهدا لنا لا شاهد علينا .. ليلة اجتمعنا وما يجي الأسبوع الآتي إلا وليلة الجمعة في عام غير هذا العام، وقد انطوت صفحات العام بما فيه من ليالي وأيام وساعات محدودة ومضبوط فيها الأعمال، ومضبوط فيها النيات، ومضبوط فيها المقاصد، وماذا عملت الشعوب وماذا عملت الدول، وماذا عمل الصغار،  وماذا عمل الكبار، وماذا عملت الأحزاب، وماذا عملت الفئات، وماذا تقوَّلوا، وفيم تفكروا .. محفوظ وحسابه مقبِل على الكل ويؤدونه
 ( وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعى * وأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى)
 وكل شيء بحسابه ( وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ )
فالله يختم عامنا بخير، ويجعل العام شاهدا لنا لا شاهدا علينا، وحجة  لنا عند ربنا  لا حجة علينا،  والعام المقبل اللهم اجعله عام صلاح للمسلمين، عام فرج للمسلمين، عام جمع للمسلمين، عام دفع للكفار والفجار وأعداءك أعداء الدين، لا يبلغون مرادا فينا ولا في أحد من المسلمين يا الله.. رد كيدهم في نحورهم، وادفع عن المسلمين جميع شرورهم، نشروا الفساد بيننا، خالفوا بيننا، اللهم لا تسلطهم على أحد من أهل لا إله إلا الله
والأسباب التي سلطتهم، مِن زيغ المسلمين وتركهم لأمر الدين ومخالفتهم لحبيبك الأمين داوِ حالهم هذا ورُدَّهُم الى خير حال، أنقذهم وأيقظ قلوبهم، وابعث النور فيها، ورُدَّهُم إليك مردّاً جميلاً، يا تواب تب علينا وعلى المسلمين والمسلمات، يا غفار اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات..
يا الله بالنبي المختار آتنا ما وعدتنا على رسلك، ولا تُخزنا في الدنيا ولا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد يا الله.. يا الله، ونفرح لكم كلما قصدتم بابَ الله.. وكلما انطرحتم على كرمِ الله.. وكلما لجأتُم إلى حضرة الله .. وكلما قلتم بقلوبكم وألسنكم يا الله ..
يا رب على ظهر الأرض مَن يلهجُ باسمك وذكرِك، ويتوجه إليك قائلاً: يا الله.. فحقِّقنا وإياهم بحقيقةِ ذلك، إذا نادت القلوب غيرَك من كثير من عبادك، وبتحقيقك بنا بذلك ارحم بقية المسلمين وانشر الهدى بين العالمين، وأصلح شؤوننا وشؤون أهل لا إله إلا الله أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين
ومن سُنَّة ربكم لا يُري عباده شدة في وقت إلا أراهم بعدها رخاء، ولا يريهم عسراً في وقت إلا أراهم بعده يُسرا ( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ  وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) له الحمد وله الشكر ..
ياربّ بعد الشدائد وبعد العسر وبعد الفرقة وبعد الآفات أرِنا اليسر والاجتماع، وأرنا الرخاءَ والإتباع، وادفع عنا جميعَ الشر يا مَن أحاط علمك بكل شيء، نسألك من كل  خير أحاط به علمُك، ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمُك.
وهذه المنَّة علينا فيما وهبت من سكينه من طمأنينة من أمن من حماية  من حراسة  من توفيق..  جاءت من عندك صفحاً عفواً ..لا نستحقها بأفعالنا ولا بأقوالنا ولا بصفاتنا ولا بأحوالنا
أتمَّ نعمتَك علينا، ولا تسلب هذه النعمة عنا، وانشرها في البرية، وانشرها في الأمه المحمدية، وأرنا فيهم ما يسرُّ القلبَ الشريف، وجميع أهل الصدق معك من الثابتين على ذلك القدم المبارك مِن أهل التشريف برحمتك يا أرحم الراحمين.
حقِّقنا بالتوبة في عامنا، توبة تمحو بها جميع ما مضى من سيئاتنا ومن أوزارنا ومن ذنوبنا ومن خطيئاتنا، ومِن مخالفاتنا في نظراتنا وفي كلماتنا وفي نياتنا، في أيدينا وفي فروجنا وفي أرجلنا وفي بطوننا وفي ألسنتنا وفي أسماعنا وفي أبصارنا وفي قلوبنا يارب طهِّرنا طهرا، ونقِّنا تنقية، وزدنا نورا، وهَيِّئنا لعامٍ كلُّه نور وعام كله فرج، وعام كله بركه وعام كله خير من خيرك وإحسان من إحسانك، يا الله ..
نرى في الشام واليمن ما حدث جدُّ الحسن، ملجأً ومعصماً لكل المؤمنين من جميع الفتن في كل مكان يا الله، يا قوي يا قادر، إرادتك الغالبة، فرُدَّ إرادةَ مَن كفر وفجر، وأرِنا اللهم جودَك وكرمَك وإنجازك الوعد لحبيبك سيد الكرماء عليك بجاهه عندك ومنزلته لديك يا الله، ارحم الذين وفقتهم لندائك يا الله، وشرفتهم بخطابك يا الله، فهم في بهجة الفضل منك يا الله، وبعد هذا الشرف لا تخذلهم إلى أنفسِهم ولا إلى عدوك وعدوهم يا الله، لا تسلِّط على أحد منا من أهلينا وممن يسمعنا وممن أهاليهم نفساً ولا هوى ولا دنيا ولا شيطاناً من الإنس ولا من الجن ولا من الخلق أجمعين، ياربّ كل شيء، بقدرتك على كل شيء، اغفر لنا كلَّ شيء، أصلح لنا كلَّ شيء، لا تسألنا عن شيء، ولا تعذبنا على شيء، يا مليك كل شيء، يا قاهراً لكل شيء، يامن بيده ملكوت كل شيء ،،
يا الله استغاثه بها نستغيثك يا رب الأرض والسماء فدمِّر عدوَّك عدوَّ الدين، وأعداء سيد المرسلين، يا قويّ يا متين يا الله أنت الذي قلت له ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ) اللهم استجِبْنا، اللهم أجِبنا اللهم أغِثنا
يا سريع الغوث غوثاً منك يدركنا سريعا ** يهزم العسر ويأتي بالذي نرجو جميعا
 يا قريباً يا مجيباً يا عليماً يا سميعاً ** قد تحققت بعجزي وخضوعي وانكساري
قد كفاني علم ربي من سؤالي واختياري
لم أزل بالباب واقف فارحمن ربي وقوفي
إنا وقفنا على بابك ومَن معنا من الأرواح الطاهرة والملائكة الكرام وقفنا ببابك لُذنا بأعتابك
لم أزل بالباب واقف فارحمن ربي وقوفي ** وبوادي الفضل عاكف فأدم ربي عكوفي
ولحسن الظن ألازم فهو خلي وحليفي ** وأنيسي وجليسي طول ليلي ونهاري
قد كفاني علم ربي من سؤالي واختياري
حاجةً في النفس يارب فاقضِها ياخير قاضي ** وأرِح سرِّي وقلبي مِن لظاها والشواظِ
 في سرورٍ وحبور وإذا ما كنتَ راضي ** فالهنا والبسط حالي وشعاري ودثاري
قد كفاني علم ربي من سؤالي واختياري
إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا ولكن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرق عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بنا غضبُك أو يحلَّ علينا سخطُك لك العتبى حتى ترضى ،، اللهم فارض عنا ،،
 رب فاجعل مجتمعنا غايته حسن الختام ** واعطنا ما قد سألنا من عطاياك الجسام
 واكرم الأرواح مند بلقاء خير الأنام ** وابلغ المختار عنا من صلاة وسلام
 برحمتك يا أرحم الراحمين.. والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة
لمشاهدة المحاضرة