محاضرة الحبيب عمر بن حفيظ في مجلس حولية الشيخ أبي بكر بن سالم في جاكرتا ضحى الأحد 3 صفر الخير 1437 هـ بعنوان: العبودية للحق والأمانة الكبرى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جمعنا بفضله متعرضين لرحماته، وطالبين كريم مغفرته، نرتجي القُرب من حضرته، ملبِّين دعوة حبيبه وصفوته، سيدنا المجتبى المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذي دعانا إلى كل هذه الأعمال، ودلَّنا على هذه الخلال.
وساقنا توفيقُ الله تبارك وتعالى حتى حضرنا مِن بلادٍ شتى وقبائل شتى، والمقصود هو الله، والمطلوب رضاه، وذلكم هو السمو الذي يكون في هذه الحياة، فإنَّ قصدَ غيرِ الله تبارك وتعالى نقصٌ وقصورٌ عند العبد لله، ولقد صار أهل الإسلام في عامة مجالسهم وأسفارهم وحطِّهم ورحلاتهم واحتفالاتهم يقصدون غير الله، تسيِّرُهُم المطامع والأهواء، وأغراض الدنيا الفانية، والعصبيات للنفوس والتحزبات، مُصغين فيها للسان التحريش التي تجعل المسلمين يضرب بعضُهم بعضا.
ولو لم يبقَ على ظهر الأرض قلوبٌ صادقة مخلصة لله، ومجامع تحت مظلات الصادقين المخلصين أهل حضرة الله، لولم يبقى ذلك في الأمة لتضاعفت عليهم المصائب والبلايا والرزايا، فإن أهل القلوب المخلصة مع الله هم الذين يترجمون سر معنى ( إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )
فهو خلاصة ما عَرَض نبينا بأمر الله على أهل الأهواء والإرادات الدنيوية ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ)
وكل مَن رضي قرارَ أحدٍ مخالفاً للشريعة فقد اتخذه رباًّ مع الله، ولما قرأ نبينا ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ...) قال سيدنا كعب ابن عدي: إنهم لم يعبدوا الأحبار يا رسول الله، قال: ألم يحرِّموا عليهم ما أحلَّ الله فقبلوا، وأحلوا لهم ما حرم الله فقبلوا؟ قال: نعم، قال: فتلك عبادتهم إياهم.
وهذه عظمةُ الإسلام ( وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ)
فالأنبياء والمرسلون وورثتُهم الأكابر في خضوعٍ لهذا الإله وتذلُّل له وعملٍ بما أوحاه، وإنما وجبت طاعتهم لكونهم أعلى مَن يعِي عن الله، ويُحَسِن تطبيقَ شرعِ الله، وكذلك أُمِرنا باتباع الصحابة الكرام وأهل البيت الطاهرين لكونهم خيرَ مَن يترجم الوعي لوحي الله والعمل به، كما أُمِرنا أن نرجع إلى العلماء المخلصين الصادقين لأخذِ الفتوى عنهم لكونهم خيرَ مَن يكشف لنا ما اختبئ في الكتاب والسنة من الدلالة.
وجميع مَن ذكرنا من النبيين والصحابة وآل البيت والعلماء العاملين ليس فيهم مَن يُملي علينا بهواه ولا بنفسه ولا برأيه ولا بفكره، ولكن بعبوديته لله وخضوعه لجلال الله وأخذه عن الله، فقد بَيَّنَ اللهُ هذه الحقيقة قال (وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ) دَوِّر لنا شيء مناسب، راعِنا في بعض أحوالنا، هات غير هذا، فحسمَ اللهُ الموقفَ فقال (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ) وقال له في الآية الأخرى (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )
ولِوعيِ هذا السمو قالت ملكة بلقيس لما أسلمت ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ) ما قالت لسليمان، بل قالت مع سليمان لإله واحد أسلمنا، وآمنا أنه نبي به نقتدي، لكن لكونه من عند الله.
وهذه الحرية الواسعة للبشر لا يأتي بها غير دين الإسلام ولا أي نظام في العالم، فأنظمة العالم التي تدّعي الحرية والديمقراطية تقّسم الناس ما بين مُقَنِّن وَمُقَنَّنْ له، وما بين واضع للأمر وما بين مَرغومٍ عليه يستسلم له.
ثم بعد ذلك يوزعون ما يسمى بالصلاحيات لكل صاحب رتبة، والصلاحيات وواضعها والمتصرف فيها صنعُ بشر يحكم بشرا، فبعضهم اتخذ بعضا أرباباً من دون الله، فحقٌّ لمن وعى الإسلام أن يخاطب العالم أن ينقذ نفسه من استعباد بعضهم لبعض إلى حريةٍ يعبدون فيها الحي القيوم، فإن أبوا ذلك فعندنا العزة بهذا الخضوع لله، ونأبى أن نتحول إلى عبدةٍ لهم أو خاضعين لما يأتي منهم، فلا نُحَكِّم إلا منهج الله (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ( فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ) ( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) أمَّا أن نُحَوَّلَ إلى أتباعٍ وأذنابٍ تُفرَضُ علينا الأمور ونخون الأمانة في شريعة الله، فلا ( اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )
أَتُقَنِّنونَ الحرية لمختلف الأديان والآراء؟ فإذا جاء الاستسلام لأمر الله تبارك وتعالى قلتم عندنا فوقه قانون لا شيء فوق الحي القيوم.
ألا وفي منهج هذه العبودية لله التي بها سمو الخلائق نرى صاحبَ الحولية عليه رضوان الله من صغره ينشأ على ذلك التواضع والخشوع والأدب مع الله ومع الخلق من أجل الله جل جلاله وتعالى في علاه، فلما أظهره الله وكان من سؤاله أن يُخفيَ الله خصائصَه ومزاياه عن الناس، فقال: كنت أسأل من الله الخمول، فأظهرنا كُرْهاً منا، ولكن كل ما ظهرنا فيه بالنسبة لما أعطانا هو عين الخمول.
ولما ازدحم الناس عليه وعلى التبرُّك به في آخر عمره في زيارة النبي هود بكى وتلا قوله ( إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ ) فالمجالات كلها مجالات خضوع للرب سبحانه.
وجلس خمس عشرة سنة في آخر عمره لا يُرى إلا متورك كجلوسه في الصلاة، فقيل: ألا تتعب؟ قال: هذه جلسة العبد بين يدي سيده وأنا عبدٌ بين سيده.
كان يستقبل في اليوم الضيوف وحدهم ما بين الخمسمائة إلى السبعمائة إلى الألف فيُطبَخ في مطبخه كل يوم خمسمائة قرص أو سبعمائة أو ألف قرص من الخبز.
عمل لا تقوم به بعض الدول وبعض المؤسسات وبعض الهيئات وبعض الأحزاب. ويقوم به فردٌ متواضعٌ لله يدخل إلى الطباخين ويقول: لطفوا الأقرصة فلست بملك ولا بصاحب مكانة، إنما أنا ولد سالم بن عبد الله أي واحد من فقراء المسلمين ومن ضعفاء أهل الدين.
لكن لو عمل بعض هذا في بعض الأيام شيءٌ من الهيئات أو شيء من الأحزاب لنشروا ذلك ورفعوا اللافتات وأحسنّا كذا وأعدوها فيما ينشرونه في المواقع وفي النت وفي التلفزيون وفي المجلات، يقولون عملنا وعملنا، ونحن نقوم ونحن في الخدمة إلى غير ذلك، دليل فساد القصد.
وقد كان مائتي بيت في المدينة تجيئهم النفقة كاملة في كل شهر، لا ينتهي الطعام إلا وجاءهم غيره نفقة كاملة، وما عرفوا مِن مَن، حتى مات علي زين العابدين، فعرفوا أنه هو الذي يأتي في الليل لهم بالطعام، فإذا قال له خادمه: أحمل عنك، فيقول: أتحمل أنت عني ذنوبي يوم القيامة!! حمّل على ظهري فكان يحمِّله على ظهره عليه رضوان الله .
أيها الجمع الكريم: يوقِفُنا كل هذا على حقيقة الأمانة، الأمانة التي ائتمننا عليها الخلاقُ وإليه مرجعُنا ومآبنا، إن جميعَ مَن يقوم بالمحاسبات في هذه الدنيا على مختلف الأنظمة غاية ما يصلون إليه أن يمسكوا الذي أرادوا أن يحاسبوه أو يشهروا به أو يعذبوه فترة مؤقتة أو يحكموا عليه بالإعدام ثم يتخلص منهم ويبعد منهم وينتهي كل شيء، لكن الذي إليه المرجع سيرجع الكل إليه ولا مفلت ولا مفر لأحد ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ )، وعندها ( يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) ( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ ) أي يُمسخون حتى يكونوا كالأرض سواء لا وجود لهم.
وإذا تذكرنا الأمانة فأنتم حاملون لها، أعْيُنُكم أمانات عندكم وسوف ترجعون إلى واهبِها لكم فيسألكُم ما صنعتم بها؟ في ماذا استعملتموها؟ فإذا رجعتَ إليه بالبصر الذي أعطاك وقد لطَّختَه بالنظر إلى العورات والصور المحرمات، والنظر إلى الدنيا بعين الاستعظام، والنظر بالاحتقار إلى المؤمنين فقد خنتَ الأمانة فويل لك، أعطاك بصراً نظيفاً طيباً طاهراً فسلِّمه إليه طيباً، فإن جئت به إليه طيباً مكَّن بصرَك من رؤية الطيبين ورؤية أطيب الطيبين عبده المصطفى الأمين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ورؤية الجنة ثم النظر إلى وجهه الكريم.
وقد أعطاكم الأسماع وهي أمانة عندكم، لا تستمعوا بها إلى حديث قومٍ يكرهون استماع حديثهم، فمن فعل ذلك صُبَّ في أذنيه الآنُك، وهو الرصاص المُذاب بالنار يوم القيامة، فلا تستعملوا استماعها للغيبة والنميمة، ولا لأصوات الآلات المحرمة، واستمعوا بها كلام الله وكلام رسوله، وأنصتوا للناس لمساعدتِهم ونصحِهم والانتفاع بهم، فقد أعطاكم أسماعاً طيبةً فردوها إليه أسماعاً طيبة، فإن رجعتم بها إليه طيبة أسمعكم نداءه وهو راض عنكم، وأسمعكم كلامَ الملائكة، وأسمعكم كلامَ النبيين والصديقين، ولكن من لطَّخَ هذه الأسماع ووسخها وجاء بها إلى الله وسخة فماذا تسمع؟ ما يُصمّها في أطباق جهنم أجارنا الله منها.
وأعطاكم الألسن وهي عندكم أمانة، وأعطاكم سبحانه وتعالى البطون وهي عندكم أمانة، والفروج والأيدي والأرجل وكلها عندكم أمانة، أعطاكم إياها طيبة طاهرة ويحب أن تلقوه وتعودوا إليه بها طيبة طاهرة .
ولقد كان يتمثل سيدنا علي زين العابدين حال هذه الأمانات الكبيرة والمصير فيها، فيقول : يا كريم أتراك تغل إلى الأعناق أكفاً تضرعت إليك ؟! قال أمانة اليد إذا سلمناها إليك بالدعاء طول عمرنا نتضرع فهل تتعرض للغل إلى الرقبة يوم القيامة ؟
واعتمدت في صلاتها راكعة وساجدة بين يديك، فكيف يعمل من ترك الصلوات ؟! ( إذا أخر العبد الفريضة عن وقتها كتب اسمه على باب النار فلان بن فلانة لابد له من دخول النار ) وإنما يُمحى بالتوبة الصادقة، ( ومن حافظ على الجماعة في الصلوات الخمس فقد ملأ البرَّ والبحر عبادة )
ثم يقول لربه في خطابه : أَوَ تقيّد بأنكال الجحيم أقداماً سعت إليك، اللهم إن هذه الأقدام سعت في هذا المجمع إليك تطلب رضاك وعفوك فلا تقيّد منها قدماً.
وخرجت من منازلها لا حاجة لها إلا الطمع والرغبة فيما لديك، والفضل منه لا منا، منّاً منك عليها يا سيدي لا منّاً منها عليك .
يقول في فكره ونظره واستشعاره لأمر الأمانة : بل ليت شعري أتُراك تُصمُّ بين أطباقها أسماعاً تصم بين أطباق النار - تصيب بالصمم بين أطباق النار وشدة عذابها - أسماعاً تلذذت بحلاوة كتابك الذي أنزلته،
لكن الويل ذاك اليوم للأسماع التي كانت تنفر من القرآن وتستحلي الأغاني الماجنة والغيبة والنميمة.
يقول في تفكيره في المصير : أو تطمس بالعمى في ظلم مهاويها - مهاوي النار- أبصاراً بكت إليك، خوفاً من العقاب وفزعاً من الحساب
-ويحلف- أما وعزتك وجلالك ما أصغت الأسماع حتى صدَّقَت، ولا أسبلت العيون واكف العبرات حتى أشفقت، ولا عجّت الأصوات إليك بالدعاء حتى خشعت، ولا تحركت الألسن ناطقة باستغفارها حتى ندمت على ما كان مِن زلَلِها وعثارِها، فيقول : فيا من أكرمنا بالتصديق -بالإيمان واليقين- على بُعد أعمالنا من شواهد التحقيق - أعمالنا ليست شواهد تحقيق ما تحققنا بهذا التصديق بأعمالنا- على بُعد أعمالنا من شواهد التحقيق أكرمنا منك يا الله بالعصمة والتوفيق .
ونحن ندعو الله بما دعا به هؤلاء الأصفياء، فيا من أكرمنا بالتصديق على بُعد أعمالنا من شواهد التحقيق، أيدنا اللهم منك يا رب، في هذه الساعة الشريفة المباركة المعظمة، في حولية الشيخ أبي بكر بن سالم بالعصمة والتوفيق، أيّدنا اللهم منك يا رب، في هذه الساعة وفي هذه الساحة، بحفظ الأمائن التي ائتمنتنا عليها، وما أصاب قلوبنا وجوارحنا مِن وسخ فيما مضى فصفِّه ونقِّها منه، فلا يموت الواحد منا إلا وهو طيّب يلقاك يا من يقبل الطيّب، ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) اللهم اجعلنا منهم يا أكرم الأكرمين.
وإذا رأى في قلوبنا صدقاً في رعاية الأمانة في باقي الأعمار فتح لنا باب التوفيق.
إن اجتماعنا على هذا الحال تجديد للعهد بيننا وبين الكبير المتعال، فارعوَا حقَّ الأمانة، ولا تتحولوا إلى عناصر يلعب بكم شياطين الإنس أو الجن فيما يخالف شرعَ ربكم، وتعاونوا على البر والتقوى، واحذروا أن تُحبَّ قلوبُكم مَن لا يحب الله فيحشركم معه.
اللهم حقق قلوب الحاضرين والسامعين بمحبتك ومحبة رسولك، فإن مجمعَنا إعلانٌ للولاء لك ورسولك والمؤمنين، فاحشرنا مع زمرة الموفقين .
رب احيِنا شاكرين *** وتوفنا مسلمين
نُبعث من الآمنين *** في زمرة السابقين
بجاه طه الرسول *** جد ربنا بالقبول
وهب لنا كل سؤول *** رب استجب لي آمين
عطاك رب جزيل *** وكل فعلك جميل
وفيك أملنا طويل *** فجد على الطامعين
يا رب ضاق الخناق *** من فعل ما لا يطاق
فامنن بفك الغلاق *** لمن بذنبه رهين
واغفر لكل الذنوب واغفر لكل الذنوب واغفر لكل الذنوب
صغيرها وكبيرها قليلها وكثيرها أولها وآخرها ظاهرها وباطنها، لا تَبقى في صحيفة أحدٍ منا سيئة ولا خطيئة، يا الله يا الله يا الله .
واغفر لكل الذنوب *** واستر لكل العيوب
فلا نُفضح بعيب في الدنيا ولا في الآخرة
واكشف لكل الكروب .. واكفِ أذى المؤذيين
فإن الناس توجهوا إلى غيرك لكشفِ كروبهم فازدادوا كروباً فإنا نتوجه إليك فاكشف الكروب.
واجعلنا في الحصن الحصين، واشفِ مرضانا وعافِ مبتلانا، وأصلح ظواهرنا وخفايانا، أصلح لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرنا، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، أصلح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةً زيادةً لنا في كل خير، واجعل الموتَ راحةً لنا مِن كل شر.
واختم بأحسن ختام *** إذا دنا الانصرام
وحان حين الحمام *** وزاد رشحُ الجبين
اجعلها ساعة القبول، واحضر لنا روح سيدنا الرسول، ولقنا لا إله إلا الله، يا أرحم الراحمين، ومن فقدناهم في عامنا ومن مضوا اغفر لهم واجمعنا بهم في دار الكرامة، وضاعف البركة للسيد محسن ومعاونيه والقائمين بالخيرات في هذه البلاد، وارزقهم الإخلاص والصدق والتوفيق، واجمع قلوبهم وقلوب المسلمين، على ما تحب وترضى يا أرحم الراحمين.
وبارك لنا في حضور منصب الشيخ أبي بكر بن سالم الحبيب حسن، واجعل في حضوره بيننا مفتاحاً للمواهب والمنّن، وسبباً لواسع الفضل والمن، وطوّل عمرَه في عافية وتوفيق، وبلِّغه فوق ما يؤمِّل مِن كل خير، في نفسه وأهله وأولاده وأهل زمنِه والمسلمين، يا أرحم الراحمين، ولا تجعل واحداً منا إلا قبلتَه يا الله، نسأل الله القبول.
فنادُوا البر الوَصول، واسألوه لكم وللأمة، وقولوا جميعاً يا الله، بقلوبكم قولوا يا الله، بأرواحكم قولوا يا الله بسرائركم قولوا يا الله، بألسنكم قولوا يا الله، وبكلياتكم قولوا يا الله، اليوم تنادونه وغداً تلاقونه، فإذا أحسنتم نداءه طيّب لقاءه، فإن أهل الجنة يقولون فيها ( فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ) يا بر يا رحيم مُنَّ علينا وقِنا عذاب السموم.
تعرّض المسلمون في إندونيسيا لأصنافٍ من الفتن والمشاكل والمضادات والمخالفات، فأصلِح شأنَهم وردَّهم سواء السبيل، أعزَّهم بدينك وأعزَّ بهم دينَك، وانظر إلى بقية المسلمين في الشرق والغرب، الذين توزَّعتهُم أيادي الكفار ليضربوا بعضهم ببعض، وليدمِّروا أخوَّتهم، وليدمروا قواتهم وليمزقوا ثرواتهم، وليمزقوا تراثهم وإرثهم، ولكن لك عادة إذا استفحل الشرُّ أن يأتي منك الخير، وإذا عظُم البلاء أن يعظُم منك الإنقاذ والغياث، فبدِّل العسر يسراً، وأعلِ راياتِ حبيبك في الأرض طُراً، وأنجِز لنا ما وعدته، وما وعدتنا على لسانه، ( إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ).
ومع كل الحاصل في واقع المسلمين فمَن طال عمرُه منكم سيرى عِزةَ الإسلام في شرق الأرض وغربها، وعدُ مَن لا يخلف الميعاد، فكونوا من أنصار الحق ورسوله، مع عباده الصالحين، ( اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) .
قبِلنا الله أجمعين، لا صرف منا أحداً إلا منظوراً بعين عنايته، وسنجدد عهدنا مع الله، في حولية سادة الموفين بالعهود، حول سيدنا الشيخ أبي بكر بن سالم على يد منصبه الحبيب حسن ونعلن ميثاق العهد بيننا وبين الله وشعاره وهو لا إله إلا الله، فنسمعه يلقننا ونقول بعده، تجديداً لعهد الله، سائلين كمال حسن الوفاء به فيما بقي من أعمارنا.
والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة