محاضرة مكتوبة للحبيب عمر بن حفيظ في مجلس رسول الله في مسجد الاستقلال، ليلة الثلاثاء 5 صفر 1437هـ بعنوان: عظمة الحق ومرجعية الرسول.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ساقكم إلى المجلس توفيقُه، وأحضركم فضلُه، وجمعكم رحمتُه، وقد أنعم عليكم بأن جعلكم في خيرِ أمة، وأعطاكم الإسلام والإيمان، وكتب اجتماعنا في مسجد من المساجد..
والمسجد مُذكِّرٌ بسرِّ السجود.. أي سجود؟
سجود القلب والجسد للواحد الأحد.
وحقائق هذا السجود هي العزة التي يُعزُّ الله بها العزيزُ مَن شاء من عباده، ولا يُخرج عنها إلا الوجهة والإرادة عند صنفين من الخلق الإنس والجن، فكافروهم وجاحدوهم ومعاندوهم وفاسقوهم لا تسجد إرادتهم الاختيارية لهذا الرب، أما جميع الكائنات فساجدة لله، ( وللهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ)
فما سببُ العذاب إلا انقطاع عن السجود لربِّ الأرباب، وهؤلاء الذين لم يسجدوا بالاختيار والطوعية في وجهتهم لله تبارك وتعالى هم في ضمنِ الكونِ ساجدون كرهاً، لا يستطيع أحدٌ منهم أن يتحكم في عمره، ولا يستطيع أحدٌ منهم أن يتحكم في صحته، ويجري في ذاته وفي أولاده وفي أسرته ما لا يريده، فيجري رغماً عنه، ويريد أشياء في نفسه وأسرته أو وظيفته فلا يتمكن منها ولا يقدر عليها، لا يتحكم أحد منهم في الهواء ولا مقداره ولا إحاطته بالأرض، ولو اجتمعوا بقواتهم وكلياتهم وما عندهم على أن يشقُّوا القمر ما استطاع أحد منهم أن يشق القمر، هم يتفاخرون بوصول بعض أهل تلك السفن الفضائية إلى سطح القمر، ويتحدثون عن محاولة الوصول أيضا إلى المريخ، ووصولهم إليها لا يكون على كيفهم ولا على ما يريدون ولكن حسب سنة المكوِّن فيما يُسخِّر من الأسباب، فمساكين هم ساجدون بكل قواهم في ضمن الكون إلا الإرادة الاختيارية أبَوا أن يسجدوا لله فحقَّ عليهم العذاب..
وعندنا من عظمة الصلة بهذا الإله الخالق من سيد الساجدين له أن انشق القمر له نصفين، فهل من دولة صغرى أو كبرى يمكن أن تشق القمر ؟
ولكن رب القمر لأجل محمد الأنور شقَّ القمر، وأنزل في القرآن ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ )
فأنتم أتباع من انشق له القمر، لكم بذلك الشرف الأفخر، فقولوا لهم في جميع ما يتمكنون الوصول إليه من قوى، تستطيعون أن تأخذوا الماء مِن حيث خلقه الله، وأن تصفُّوه بالمواد التي خلقها الله، فهل يستطيع واحد منكم أن يُنْبِعَ الماء من بين أصابعه؟ نحن لا نريد مصنعاً متطوراً للمياه تخزنون فيه المياه وتأخذونها من المعادن بالمواد التي خلقها الله، لكن نريد نصف كأسٍ من الماء يخرج مِن بين أصابعكم، لكن خالق الماء أجرى الماء من بين أصابع سيد أهل الأرض والسماء، في عدة وقائع في حياته الكريمة، ومرةً قدموا له ماءاً قليلاً لا يوجد في الجيش غيره، في إناءٍ صغير لم يسع أن يمُد أصابعَه فيه، وكان الجيش ألف وخمسمائة، فوضع يده فيه، فأخذ الماء يَنبُع من بين أصابعه فأمرهم أن يستقوا، فشربوا وتوضئوا وملئوا الأواني التي عندهم، ولما حكى القصةَ سيدنا أنس قال له بعضهم كم كنتم؟ فاستنكر منه السؤال، فقال كم كنتم !؟ لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا ألفاً وخمسمائة.. لكن معنى كلامه أنتم أمام قدرة وعظمة من الله جل جلاله في إجراء الماء من بين لحم ودم وعروق وعصب وعظم، أتريد أن تقيسه بعد ذلك بالعدد كم هم يزيدون أو ينقصون، الأمر أكبر فهو أمام قدرة قادر.
فبِمَ يفتخر أحدٌ في العالم إن كان من أتباع أي فكر كان وأي مبدأٍ كان، وجميع أهل تلك الأفكار لم يُجرِ الخالق على يدٍ أحد منهم ماءاً ينبُع من بين الأصابع، فالفخرُ لكم بتبعيةِ الذي جرى الماء مِن بين أصابعه.
قال العلماء: أفضل الماء على الإطلاق: الماء الذي نبع من بين أصابعه، فهو أفضل من ماء زمزم ومن ماء الكوثر ومن ماء أنهار الجنة، وحضر في بعض الوقائع سيدنا عبد الله بن مسعود فقال فجعلت لا آلو ما أجعل في بطني يعني أشرب كثيراً لبركة هذا الماء.
أنتم أتباع صاحب هذه المعجزات، وحضورنا الليلة في تبعيته، واجتماعنا في تبعيته وما جرى في المجمع من ذكر ودعاء في تبعيته، ووقوفنا للخطبة في تبعيته، واستماعكم وإنصاتكم في تبعيته
فإن كان على ظهر الأرض مجامع يمكن أن تحوزَ الشرفَ فهي التي في تبعية الأشرف، وإذا تحققنا بتبعيته فإن فاتنا الشربُ من ذلك الماء النابع من بين أصابعه فأمامَنا ماءُ الكوثر يصبُّ في الحوض، فيكون عِوضاً لنا يكرمنا الله به إن شاء. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأهل حضرة اقترابه من أحبابه.
وهذه التبعية الموجبة للرفعة توجِبُ هذا الشرف، ففاقدُ الشرف مِن جميع بني آدم والجن من حُرِمَ الورود على الحوض المورود، لا شرف لهم، لا فخر لهم، لا عزَّ لهم، وإن كانوا ملوكاً على ظهر الأرض؟ نعم، وإن كانوا أصحاب عمائر كبيرة على ظهر الأرض ثم يحرمون الورود على الحوض؟ نعم لا شرف لهم
ولو كانوا يملكون الطائرات تسير من دون طيار بأجهزتهم ثم لا يردون على الحوض؟ نعم والله لا شرف لهم ولا عزَّ لهم ولا فخر لهم والذُل عليهم.
لا قيمة لمن لا يَرِدُ على الحوض المورود يوم القيامة، وأي قيمة لمن تُمنَع عيناه رؤية وجه رسول الله!؟
وأي قيمة لمن يكون نهايته نار موقدة تطلع على الأفئدة!؟
واللهِ ليس عند حكومات الأرض ولا أحزابها ولا هيئاتها ما يعوضنا عن صدق التبعية لمحمد قط، ما عند نبينا أعز، ما عند نبينا أكرم، ما عند نبينا أشرف، ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
( يَوْمَئِذٍ )، أي يوم الحكم الكبير في المصير الأعظم والمستقبل الأكبر ( يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ )
ثبتَ اللهُ قلوبَنا وقلوبَكم على طاعته، وملأها بمحبته، وثبت أقدامنا على متابعته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، هذه أغلى البضائع تعرض علينا في العالم الخَلقي كله فنسأل مكرمنا سبحانه وتعالى بالحضور والارتباط بهذا الصراط أن يثبتنا حتى نرد على الحوض المورود.
ويُمنعُ من الورود على الحوض المورود من كان مُبغضاً للمصطفى أو لأهل بيته أو لصحابته، بل من قصَّرَ في حقوق المسلمين بعدم قبول عذر المعتذر إليه من شيءٍ بلغه عنه مُنِعَ من الورود على الحوض، فقد قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( من جاءه أخوه معتذراً إليه متنصلاً مما قال فلم يقبل عذرَه لم يرد عليَّ الحوض يوم القيامة ).
فإذا كان هذا جزاء من لم يحترم مسلماً عادياً معتذراً إليه فكيف يكون حال مَن يسب الصحابة؟ فكيف حال من يسبُّ أهل البيت الطاهر؟ فكيف حال من يسب أولياء الله والصالحين من عباده ؟ والله يقول لنا في حديثه القدسي كما رواه البخاري عن نبينا عن الله ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) ومن حاربه الله من أين يأتي بحسن الخاتمة ؟ من حاربه الله مَن يوصله إلى الحوض المورود ؟ مَن حاربه الله مَن يمكِّنه من النظر إلى وجه رسول الله؟
الويل لمن حاربه الله، وقد أعلن الله في الكتاب وفي السنة حرب صنفين من الناس، ففي القرآن يقول عمن لم ينتهِ عن الربا واستخفَّ به ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )
وفي السنة يقول في الحديث القدسي: ( مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )
وتأملوا واقعنا وتاريخ أمة نبينا القريب، هل انتشرت بينهم المشاكل والشدائد والمصائب والمصاعب والبلايا في مختلف الأقطار إلا بعد ما أُعلِن الربا وانتشر وأُعلِنَ سب الأولياء وانتشر
وكم قامت جهود كثيرة ومؤتمرات كثيرة وأحزاب كثيرة ومؤتمرات كثيرة كلها تدَّعي إقامة الحل والعلاج للمشاكل، فما رأينا حلاً ولا علاجا، بل الكثير منها بعد أن تبنوا العلاج زاد الاعوجاج.
وبعد أن ادَّعوا الحل كثُرت المشاكل، وكلهم تحت سنة للمكوِّن لا تتخلف، ( إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )
فمِن مثلِ هذه المجالس إذا صفت فيها القلوب في خطاب ربِّها والإنابة إليه نرجو حلَّ المشاكل وعلاج الآفات، فأحضروا قلوبكم وتوجهوا إلى ربكم واستشعروا لمن جئتم وبين يدي مَن أنتم؟ ومن الذي رجوتم؟ وإلى مَن توجهتم؟ وهل كان كل هذا إلا بفضله عليكم..
ألوف وملايين مثلكم هم الآن متوجهون إلى الدنايا والسفاسف والتَّوافه، وأنتم متوجهون إلى رب العرش العظيم، من أين جئتم بهذه الخصوصية ؟ كيف حصلتم هذه المزية؟ إنه المتفضِّل جل جلاله، فتوجهوا إلى المتفضل ليُتِمَّ علينا فضلَه، فهو يؤتي فضلَه مَن يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ومن تمام الفضل أن يصفِّيَ قلبَك قبل أن تقومَ مِن مجلسِك، ومِن تمام فضله عليك أن يمحوَ ما كان في الصحائف من ذنوب قبل أن تقوم مِن مجلسِك..
ومِن تمام فضلِه عليك أن ينزعَ مِن قلبِك كلَّ قصدٍ لغيره وتوجُّهٍ لسواه ويخرجك من المجلس قاصداً وجهَه متوجهاً إليه وحده..
ومِن تمام فضلِه عليك أن يذكر بك نبيه في برزخه فيدعو لك..
ومن تمام فضله عليك أن يحفظك وأسرتك وأولادك من فتن الزمان المتنوعة حتى لا يموت أحد منهم إلا على الإيمان.
توجهوا إلى المتفضل، واسألوا الله من فضله، فهو يؤتي فضله من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
يا من يؤتي فضلَه مَن يشاء آتِنا فضلَنا في مجمعِنا هذا في مقامنا هذا، في حالنا هذا، في ساعتنا هذه، واجعل من فضلك صلاحاً لأحوال المسلمين في إندونيسيا، وجمعاً لقلوبهم وحفظاً لهم من الآفات ونظرةً منك للمسلمين في آسيا كلها وفي بقية قارات الأرض، يا ملك الأرض، يا مَن يتصرف في دوران الأرض ولا يتحكم فيها غيره ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ )
فيا مَن بسط لنا الأرض ومهدها ارزقنا عمارتها بوحيك ومنهجك الذي ارتضيت لنكون خلفاءك على ظهر هذه الأرض، ومن كان خليفة لله على ظهر الأرض كان في رحمة الله وهو في بطن الأرض، وجاءته الكرامة في يوم العرض.
بين يدي من أنتم ؟ متوجهون إلى من أنتم ؟ تقصدون من في هذه الساعة ؟ تريدون من ؟ تطلبون من ؟ ترتجون من ؟ تستغفرون من ؟ ومن يغفر الذنوب إلا الله..
وله مغفرة واسعة تعم ما مضى وما يأتي، ما مضى بالمسامحة، وما يأتي بالحفظ منها، وفي وجهتنا هذه إلى الغفار نسأله واسعَ رحمته، وهو القائل في كتابه ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ )
أيها الجمع الكريم: ذنبٌ واحد لا يُغفر مصيبة كبيرة على العبد، قد يكون سبباً لاسوداد الوجه يوم القيامة، قد يكون سبباً لسوء الخاتمة عند الممات، قد يكون سبباً أن يُحرمَ رؤيةَ وجهِ رسول الله، ولكن إذا بدت المغفرة الواسعة تحولت الذنوب إلى حسنات، واسمع قول ربك ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ )
ولا تمرُّ على أمة النبي ليلةٌ إلا وفيهم مَن يبدِّل سيئاتِه حسنات، فهل نكون في هذه الليلة منهم؟ هل ندخل هذه الليلة في عِدادهم؟ هل يتجلى علينا هذه الليلة بهذا الفضل منه؟ نرجو ذلك لمَن صدق منا، لمن ندم منا، لمن استحيا مِن ربِّه منا، لمن عزم ألا يعود لمعصية قلب ولا معصية جارحة، فهل لك أن تكون من هذا النوع ؟ وإذا صدقت في طلب ذلك فالله أصدق في أن يؤتيك الفضل، إنها تجارة، تجارة كبرى، تُنجي من عذاب أليم، ولسنا نرى في تجارات أهل الأرض ما يُنجي من العذاب الأليم، لكن الله دلَّنا على تجارة تنجي من عذاب أليم، أنتم في سوق هذه التجارة، أنتم في دكاكينها، أنتم في ساحتها، والثمن فيها ( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ) ومن قام بذلك وأدى حقه فهو خيرٌ له ،( ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
الذي قال هذا ربنا الله فلا شيء آخر خير من هذا ( يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلك الفوز العظيم وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ )
وهل ندلكم على ما هو أعظم من ذلك؟
( رضوان من الله اكبر )
فبجمعِكم وكلياتكم توجهوا إليه ليرضى
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة
ونعوذ بك من سخطك والنار
ونعوذ بك من سخطك والنار
ونعوذ بك من سخطك والنار
فأكرمنا بالرضا، ومُنَّ علينا بالرضا، وأنعِم علينا بالرضا
فالسعادة لمن باتَ الليلةَ والربُّ راضٍ عنه، ويا ويل مَن بات والجبار ساخط عليه، أقسمنا عليك يا ربنا بعزَّتك وعظمتِك ووجاهةِ نبيِّك عندك، ألا تحرم أحداً مِن أهل جمعِنا ومَن يسمعُنا رضاك، أن لا تحرم أحداً ممَّن حضر مجمعَنا ولا مَن يسمعنا رضاك، يا الله رضا يا الله رضا والعفو عما قد مضى
قال نبينا ( لك العتبى ) أي طلب الرضا حتى ترضا، فيجب أن نطلب الرضا وأن نستنزل الرضا، فقولوا جميعاً
يا الله رضا يا الله رضا والعفو عما قد مضا
يا الله رضا يا الله رضا والعفو عما قد مضا
يا الله رضا يا الله رضا والعفو عما قد مضا
يا الله رضا يا الله رضا يا الله بتوبة والقبول، يا الله بتوبة والقبول، يا الله بتوبة والقبول.
ويذكرنا طلب الرضا هذا بحال رجل اسمه ذو البجادين، تعلَّقَ قلبُه برضا الله، فأيقنَ أنه أغلى مِن كل شيء في الحياة، وطلب الرضا مِن معدنه، فتشوَّق إلى رسول الله، وعشق أن يجلس معه، وأن يهتدي بهديه، وأن يكون بجانبه، وقبيلته كفار، منعوه من الخروج من بلده، وحالوا بينه وبين أن يصل إلى المدينة، فلم يزل يترقب الفرصة حتى خرج ليلة وهم غافلون فصادف دخول بعض كبارهم إلى البلد فأمسكوه، فقال ما تريدون مني وما أنفعكم في البقاء، دعوني أذهب إلى رسول الله وخذوا ما عندي..
والكفار ومن اغتر بهم من المسلمين يغترون بالمال، قالوا تترك لنا مالك كله؟ قال نعم، حتى ما في يدك؟ قال حتى ما في يدي، اتركوا لي ما يستر بدني، فتركوا له ثوبين خلقين، أحدهما إزار والآخر رداء، فذهب بهما إلى المدينة، حتى اشتهر بين الصحابة بذي البجادين، أي الثوبين الخَلِقين، فكان يتنعم برؤية النبي، وسماع كلام النبي والصلاة خلف النبي وحضور مجالس النبي، والأكل مع النبي والمشي مع النبي، وكان يقضي الكثيرَ من وقته في المسجد، ومر يوماً رسول الله في الشارع وصوت ذي البجادين مرتفع في المسجد بذكر الله، وقال بعض الصحابة أخشى أن يكون هذا مرائياً، قال رسول الله : لا.. ولكنه أوّاه.
خرج النبي في غزوة خيبر فخرج معه، ومع رجوعهم في الطريق توفي ذو البجادين، حفر الصحابة له القبر، وكان ممن حفره أبو بكر وعمر، كبار الصحابة ولما وصلوا إلى الأرض نزل النبي فسوَّى له تراب الأرض بيده الشريفة، ثم صلى عليه ثم خرج إلى القبر يستلمه، وألحده بيده ودعا بهذه الدعوة قال ( اللهم ارضَ عنه فإني أمسيتُ عنه راض ) يا بشراه، يا فوزه من تلك الليلة وإلى هذه الليلة في أي نعيم هو، فهل ندم على شيء من المال الذي تركه لقومه؟ هم سيندمون أنهم لم يخرجوا معه، وهكذا غلاء البضاعة عندكم غيركم يندم وإذا أمسكتم بذي البضاعة لا تندمون
يا ربنا ارضَ عنا وأرضِ عنا نبيك
يا ربنا ارضَ عنا وأرضِ عنا نبيك
يا ربنا ارضَ عنا وأرضِ عنا نبيك
والتجلِّي الذي تجليت به تلك الليلة على ذي البجادين افتح لنا بابه هذه الليلة
نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، وعمَّ اللهم بالرضا أهلينا وأولادنا وأصحابنا وجيراننا وموتانا، واخصص بعظيمٍ منهُ وكبيرٍ من حقيقته عبدك منذر بن فؤاد المساوى، ازدد عنه رضا وارفع له المرتبةَ عندك، واجمعنا به في دار الكرامة وأنت راضٍ عنا، حقِّق الحاضرين بالتوبة إليك، واجعل باقي أعمارهم في نصرتك ونصرة رسولك صادقين مخلصين لوجهك الكريم، سألناك ذلك يا متفضل فبِه فتفضل، وزدنا مِن فضلك ما أنت أهله، يا الله.
نِعم مَن تدعونه، نعم مَن ترتجونه، نعم مَن تسألونه، أقربُ إلى أحدكم مِن حبلِ الوريد، مُطَّلع على ضمائركم، ناظر إلى سرائركم، يحب مِن أحدكم أن يتوب إليه، ويفرح بتوبته مع غِناه عنا، رحمةً منه بنا، فتحققوا بالتوبة وقولوا جميعا:
نستغفر الله العظيم ، نستغفر الله العظيم، نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم ونتوب إليه من جميع الذنوب والمعاصي والآثام بيننا وبين الله وبيننا وبين عباد الله، ومن جميع ما يعلمه الله.
اللهم اجعلها توبة مقبولة، خالصة، نصوحا لا ننقض عقدها، لا ننكث عهدها، لا نخلف وعدها، حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا، ولنا حاجات أنت أعلم بها في قلوبنا وأجسادنا، في ديننا ودنيانا في أنفسنا وأهلينا وأولادنا، في بلداننا وأهل زماننا، في برزخنا وآخرتنا واقضِ حاجاتنا على خير الوجوه وأكملها وأفضلها، يا قاضي الحاجات، فتوجهوا إليه بالكليات وقولوا يا الله وقولوا يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله....
يا من يرانا، يا من يسمعنا، يا من يطلع على خفياتنا، يا من هو أعلم بنا من أنفسنا، يا الله يا الله ...
حقِّق توبتنا، أحسِن خاتمتنا، ادفع البلاء عنا، اشف مرضانا، عافِ مبتلانا، أرِنا رايةَ نبيك منصورة منشورة في جميع الأرض .. يا الله يا الله، يا الله يا الله ...
أورِدنا على حوضه المورود مع أوائل الواردين واسقنا بكأسه شربةً لا نظمأ بعدها أبداً..
يا من قلت في كتابك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ...) ... نسألك بقربك أن تقضي حاجاتِنا قريبة
يا قريب يا الله وأجزِ الخير كلَّ من سعى في الخير إلى هذا الجمع، ومن حضر بنيةٍ صالحة، وبارِك في أعمارنا وارزقنا صرفَها في خيرِ ما يرضيك عنا، واختم لنا بأكمل حسن الخاتمة، واغفر لوالدينا وذوي الحقوق علينا والمتقدمين في هذه المساجد والمتقدمين في هذه البلدان من أهل لا إله إلا الله، بسر الفاتحة إلى أرواحهم وإلى حضرة النبي محمد.. صلى الله عليه وسلم.. الفاتحة
تقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وزِدنا مِن فضلك ما أنت أهله يا خيرَ قابل يا مُنيل المسائل يا دافع الأهوال يا كاشف الرزايا يا حي يا قيوم يا قريب يا مجيب يا الله، برحمتك برأفتك بمِنتك بعظيم إفضالك بجزيل نوالك بذاتك بأسمائك وصفاتك جُد علينا يا جواد، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا انك أنت التواب الرحيم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة
http://www.alhabibomar.com/Lecture.aspx?SectionID=8&RefID=6763