محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 6 شعبان 1437هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: عظمة شأن التكبير والصدق مع الله الكبير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربِّ العوالم، واهبِ المكارم، مُشرِّفنا والأمةِ والعالم بحبيبِه المصطفى المختار مِن بني هاشم، اللهم صلِّ وسلِّم على هذا السراج المنير، كما سميتُه السراج المنير، بسرِّ سراجيَّته ونورِه حتى تنبسطَ أنوارُ ذلك السراج منا ولنا في كلِّ وعيٍ، وكلِّ فهمٍ، وكلِّ أخذٍ، وكلِّ علم، وكلِّ قول، وكل فعل، وكل وصف، وكل نعت، حتى نستقيمَ في كلِّ حركةٍ وسكونٍ على منهاجِه، مستضيئين بنورِ سراجه، فيسلم كلٌّ منا مِن اعوجاجه، اللهم بسرِّ ذلك المستقيم قوِّم لنا كلَّ اعوجاج، وثبِّتنا على ما له مِن منهاج، واجعلنا اللهم مِن خواصِّ أهلِ اتباعه في الأقوال والأفعال والمقاصد والنيات، ولا تعرِّضنا يا مولانا لأن يأخذ بأزمّةِ وجهاتِنا وأقوالِنا أو أفعالِنا عدوٌّ لك مِن الإنس أو من الجن، أو الأنفس الأمارة أو شيءٌ مِن تلك القواطع عنك، فإنك تحرس مَن شئتَهم، ومن أردتَهم لك، ومن اصطنعتَهم لنفسك، ومن صُنعوا على عينك، ومَن جعلتَهم أهلك، وهيأتَهم لقُربك، تحرسهم مِن أن تسلِّم أزمّة أقوالهم أو أفعالهم أو مقاصدهم لأنفس أو لأهواء أو لشياطين إنس أو لشياطين جن، أو لأي الحركات، أو لأي الاتجاهات على ظهر الأرض، فهم بك وبالأدب معك في أمنٍ من الضلال، والزيغِ والاعوجاجِ في الأقوال والأفعال، اللهم ثبِّتنا على الحق فيما نفعل، وثبِّتنا على الحقِّ فيما نقول، وثبِّتنا على الحقِّ فيما نعتقد، وقوِّ تبعيتَنا لحبيبِك الذي بعثتَه بالحق، فكان حقيقةَ الحقِّ بين الحقائق، وصلِّ عليه وعلى آله وأصحابه وعلى النبي هود والأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، وعبادك الصالحين وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
وقد جاء في الأثر، إذا قال العبد: يا أرحم الراحمين ثلاثا، ناداه ملك: إنَّ أرحمَ الراحمين قد أقبل عليك فسَل، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، خُذ بأيدينا ونواصينا إليك، ولا تسلِّط على قلوبنا قاطعًا يقطعنا عنك، يا مقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبَنا على دينك، وما وهبتَ مِن أنوار الصدق للصادقين والصديقين فتكرَّم علينا بذلك النور، حتى نرافقَ أصدق الصادقين مِن خلقك يومَ البعث والنشور، (يوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) يا عزيز يا غفور.. يا الله.
يا مَن يسمعُ مِن معاشر المكلفين مِن الإنس والجن: لو طلبتم حقائقَ الصدقِ مِن الوهاب لوَهَب، وإذا وَهَبَ فوَهْبُه يعلُو عن كلِّ تصوُّر في عجم أو عرب، هو أكبَر، وعطاؤه أغمَر، وجودُه أوفر، فكبِّروه وقولوا: الله أكبر. اللهم إنها شعارُ نبيك في أعياده، وسواقي معاني إمداده، اللهم فحقِّق هذه القلوبَ بتكبيرِك يا مَن هو أكبر، الله أكبر، اللهم حقِّقنا بحقائقها، وأخرِج مِن قلوبنا تكبيرَ كلِّ مَن ليس بكبير، تكبير كل مَن عداك، حتى نعلم أنك الكبير لا كبيرَ غيرك يا الله، يا الله، يا الله.
قال الله تعالى لأعرف الخلق به: ( وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ). ولقد سمع وهو يصلي مَن يقول خلفَه من الأعراب "الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرةً وأصيلا"، فلما سلَّم مِن الصلاة قال: مَن القائل في صلاته عندما أحرمتُ هذا القول؟ قالوا: هذا الأعرابي، فقال: ما أردتُ إلا الخيرَ يا رسول الله، قال لقد عجبتُ لها، لقد فُتحت لها أبواب السماء. قال ابن عمر فما تركتها في صلاة منذ سمعت رسول الله يقول ذلك.
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. يا رب.. إن كان مِن بلائك شغلُ قلوب كثيرة بغيرك وسواك، فأشغِل قلوبنا بتوحيدِك وتكبيرِك والثناءِ عليك وحمدِك وشُكرِك، فنِعم الشغل أنت لمن اشتغل بك يا الله، وما حُجِب عنا في ماضي حياتنا من أسرار التكبير، فافتح لنا منه بابا، وهب لنا من ذاك نصيبا. يا الله، يا الله، وفي الأمة أقوام سيقفون على بعضِ حصون المقاتلين المحاربين من الكفار، فينطقون بهذه الكلمة فتتزعزع حصونُهم، الله أكبر، ولن تتزعزع الحصون بالنطق من كل لسان، ولكن ألسنٌ اتصلت بقلوب كبَّرت الله.
وأيام ما مضى من جهاد بعض إخواننا، مع الملحدين من الشيوعيين الذين جاؤوا من روسيا فقاتلوهم في أفغانستان سألوا بعض الأسرى وقد جاء بدبَّابته وكثير مِن عتاده، فأُسر على أيدي أقوام ما معهم سلاح، وتفجَّر بعضُ معدَّاته بحجرٍ رماها بعضهم وهو يكبّر، فقالوا له: كيف هُزمتم أمام هؤلاء!؟ قال ما ندري! ولكن كانوا يقولون كلمات تهزُّ قلوبَنا، قال: ويقولها أحدهم وأنا معي دبابة فلا أعرف أضرب على الدبابة، ما هي؟ قال خاصة كلمة واحدة يقولونها أكثر، يقولون بر بر بر، يعني الله أكبر.
الله أكبر، بها نُصر مَن نصر، وبها يُنصَر من يُنصَر، وهي قلوبٌ خرجت منها تكبيرُ الماديات، تكبيرُ الفانيات، تكبير الزائلات، تكبيرُ الحقيرات، تكبيرُ المظاهر، تكبيرُ السمعة، تكبيرُ الرئاسة، تكبيرُ كلِّ شيء في الوجود إلا الموجود، موجد كل شيء جل جلاله، فإذا كبَّروا كبَّروا بحق، ولا كبيرَ سواه، لا إله إلا هو تعالى في علاه. اللهم زِدنا إيمانا ويقينا، وارزقنا كمال التوحيد الأعظم، يا حي يا أكرم يا الله.
ولسقيِ أسرارِ هذا التكبير والتحميد والتهليل، ومعاني السجود للملك المعبود جل جلاله عُقدت مجامعُ زيارة النبي هود، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، ونحضرها مع الجمع المشهود، فعسى ينفتح لنا باب شهود، في موطن تحدث عنه أخيارُ أهل الأرض، وصلحاء الأمة، وقالوا:
كم سُقوا من رحيق في كؤوس الشهودِ** تحت ستر الدياجي والورى في رقودِ
كم رقَوا مِن مراقٍ عالياتِ الصعودِ** في معاني صفاء وردٍ وصافي ورودِ
في مثاني قيام أو مثنى سجودِ ** كالفقيه المقدم شيخنا والعمودي
وكم وكم مِن أولئك الذين سقاهم البرُّ الودود، فليكن الحضورُ في طلب الشهود للمعبود، إرادةَ تصفيةٍ وتصحيح، وتبيين وتوضيح، وتنقية للقلب عن كل التفات إلى غير الحق تبارك وتعالى، اللهم هيئ القلوب لتُسقى مِن هذا الراح، فتتروح به الأرواح، ويأتي منك الفتحُ يا فتاح. فتغرُب نجوم هذه الفتن الشديدات، والبلايا المهيلات، وتجتمع قلوبُ المسلمين بعد الشتات، على كلمة سواء أن لا نعبد إلا إياك لا نشرك بك شيئًا. ومَن تولى مِن خلقك بأي معنى من معاني التولِّي فإنا نقول لهم ولكونِك ولأهل كونك اشهدوا بأنا مسلمون. لك أسلمنا، وبك آمنا، فأحيِني لك مسلما وتوفَّني بك مؤمنا، واجعل الكلَّ منا يوم نشوره مِن كل خوفٍ آمنا.
ويطيب الأمن هناك لمن خافه هناك فخافُوه، وارتجُوه، وتوجهُوا إليه، فإنَّ صاحب الإسراء والمعراج علمكم الارتباط بالأنبياء، والمرور على قبورهم، والوقوف عند آثارهم. والصلاة حيث كانوا ولو ولدوا في المكان الذي كانوا فيه، لم يصلوا ولم يعملوا شيئا من الصلاة لكن وُلدوا في المكان، فمكانٌ يُتبرَّك به ويُصلَّى فيه، قال جبريل للمصطفى صلّ هنا، صلى، أتدري أين صليت؟ في بيت لحم حيث ولد عيسى، محل ميلاد عيسى، وعيسى من أتباع حبيبنا، ويوم خروجه تهتز القلوب، عندما يذكر الحبيب، إذا ذكرَ الحقَّ وذكرَ حبيبَه تهتزُّ القلوب، والذين يحضرون عصر سيدنا عيسى، يروون حديث المعراج عن نبي عن نبي، وهذا ما حصل، إلا للصحابة، والصحابة رووا عنه صلى الله عليه وسلم مباشرة، ومن بعدهم ما عاد حصل، إلا عن طريق صحابي. لكن هؤلاء عادهم في الأمة يروون الحديث عن نبي عن النبي مباشرة عن عيسى عن محمد، صلاته معه في بيت المقدس، مروره عليه في السماء الثالثة، يروُونها مباشرة، وهو يحدِّثهم، هو الذي مرَّ عليه، وهو الذي صلى خلفه في تلك الليلة، يقومون بخدمة شريعته واتباع سنته وإحياء ملَّته وخدمة أخباره وأخلاقه في الأمة، عليه السلام والرضوان، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وما عرفناهم إلا به، فبعث الله إلينا يعرفنا، كان عيسى كذا كان آدم كذا كان هود كذا، والا ما بنعرف هود ولا نذهب إلى شعب هود، لكن زين الوجود، قال لنا هود كذا وهود كذا، وهود كذا، وذكره ربي أول مرة، ثاني مرة ثالث مرة رابع مرة خامس مرة سادس مرة سابع مرة وسط القرآن الكريم ، وجاء باسمه سمى سورة من السور التي نزلت على محمد باسمه، سورة هود، في السورة سبحانه وتعالى ذكر نوح وذكر صالح وذكر إبراهيم وذكر لوط وذكر شعيب، لكن سماها سورة هود، كلهم مذكورون في السورة سماها سورة هود.
وجاء إلى أرض الأحقاف التي بعث فيها، وسمى سورة سورة الأحقاف، (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ). وقد سمعت رواية ابن عساكر، عن ابن نباتة يقول أسلم رجل على يد علي بن أبي طالب، ثم قال له علي وكان من حضرموت قال له علي أجئت الأحقاف؟ قال كأنك تسأل عن قبر النبي هود؟ قال نعم، قال جئت في أيام كنت في عنفوان شبيبتي، ذهبت مع جماعة من الغلمان، لِما كثُر من ذكره بيننا، وكان له شان مذكور بين الناس يُذكر، قال فذهبتُ حتى جئتُ وادي الأحقاف ومشيت في الوادي أياما حتى وصلوا إلى جبل فيه كهوف، عنده كثيب أحمر، قال ودخلنا في أحد الكهوف، حتى جئنا إلى حجرتين قد التمت إحداهما على الأخرى وكان فيها شق صغير، يدخله النحيف وكنت أنحف القوم فدخلت، حتى انتهيت إلى موضع جسد شديد الأدمة، وهيئته كذا، وعنده لوح مكتوب هذا هود أرسله الله إلى قوم عاد فأسف عليهم، فنفذ أمرُ الله فيهم. قال سيدنا علي هكذا سمعته من أبي القاسم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
كما جاء في روايتين كانت في عهد سيدنا أبي بكر، وجاء الجائي إلى هناك، من حضرموت ويسأل عن ابن عمه محمد، عن علي بن أبي طالب ودلوه عليه وسأله، جاء في رواية الحاكم في المستدرك على الصحيحين.
سمَّى الله بوادِيه سورة، وباسمه سورة، وقصَّ علينا خبره، فبذلك عرفناه، وتعلقت به القلوب إيماناً بالله، توحيدًا لله، وتبعيةً لمحمد بن عبدالله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. وبذلك دُعينا لأن نتنقّى وأن نتصفّى وأن نتطهّر، وأن نجدد عهودَنا مع الرب، ونجدد توبتَنا إليه، في ذلكم الشعب المبارك، والله يقبلنا والوافدين بقبولٍ حسنٍ مِن عنده يظهر أثرُه في صلاح أحوال الأمة، في شرقِ الأرض وغربها، في يمنِنا في شامنا في شرقِنا في غربنا، آمين يا الله.
فُتحت أبواب السماء لكلمات الأعرابي، نحن آمنَّا بالذي أخبر بهذا الخبر، عبدك المصطفى وقلناها اليوم، ومقتضى كرمك أن لا تُفتح البارحة ولا تفتح اليوم، فُتحت له فتفتح لنا مِن بعده، ألست أنت ربُّنا وربه؟ ما للأعرابي رب غيرك، أنت ربنا وأنت ربه، وأنت الرحيم به، ألست الرحيم بنا من بعده؟ ومَن يرحمنا سواك؟ فكما فتحتَ أبواب السماء لذاك، يا ملك الأملاك، يا مدير الأفلاك، بحبيبك المصطفى افتح لنا أبواب القبول، افتح لنا أبواب الرضى، افتح لنا أبواب السماء، أنت أكبر وكل ما سواك صغير.
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، وارزقنا الصدق فيها، يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين، إذا ذُكِّرتم بالصدق، ذاك الرجل الذي حصلت له التوبة وأظهر الله الرائحة الطيبة، في ما سمعتم في الكلام في أستراليا، صدق مع الله وآخر أيامه فانفتح له الباب.
وهذا السيد منذر بن فؤاد المساوى- رحمه الله-، صدق مع الله تعالى ففتح له الأبواب، تُوفي في أربعين سنة ، وكان من بعده خمسين وستين وسبعين وثمانين ما حصل به من الأثر والنفع عشر ما حصل بهذا الإنسان. الصدق مع الله، إذا كبَّروا كبروه بصدق، وإذا حمدوه حمدوه بصدق، وهكذا كانت آثار ذاك الصدق، وتلك الروابط الكريمة الشريفة المباركة التي أبى اللهُ إلا أن يعليَها، ويخفض كلَّ الروابط الأخرى، يقول الحق للخلق يوم القيامة (فاليوم أضع أنسابكم وأرفع نسبي)، نسبه أن الأكرم هو الأتقى، وإذا جئنا لآل التقى وجدنا أتقى واحد اسمه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، ولا أتقى منه، لا في الأرض ولا في السماء، قال صلى الله عليه وسلم: (أرجو أن أكون أتقاكم)، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وهو الأتقى، عليه الصلاة والسلام.
فحُقَّ أن يقول بعد ذلك: ألا وأنا أكرم الأولين والآخرين على الله يوم القيامة ولا فخر. يا أكرم بحبيبك الأكرم افتح لنا باب الكرم، اقسم لنا وللحاضرين ومن يسمعُنا ولزائري النبي هود حظًا من الصدق معك فيما يبقى مِن حياتنا، يزداد ولا ينقص حتى نلقاك يا الله، ولا يسودُّ منا وجه (يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ )، ولا يُكشف لأحد منا عيبٌ (يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، استُر عوراتنا، استُر عيوبنا، يا الله، ولا يُخذل أحدٌ منا بإعطائه الكتاب بشماله، (يَوْم يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، ولا يتخلف منا أحد عن الورود على الحوض المورود، (يَوْم يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، وأكفُّنا كلها تصافح كفَّ حبيبك، وأعينُنا كلنا تنظر وجهَ حبيبك، يا الله، يا الله، وأفواهنا كلها تُسقى من حوض حبيبك، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، وإذا عظُم الطلب ما له إلا الله، وإن لم نستحق ما طلبنا فما لنا إلا الله، لا باستحقاقٍ نسألك، ولا بأهليةٍ منا، ولكن بحقِّك عليك، وحقِّ حبيبك وأسمائك وصفاتك ومحبوبيك أجمعين، هب لنا ذلك المطلوب.
الحمد لله الذي شرَّفكم، تتوجه قلوبٌ معكم من الأرواح الطاهرات والملائكة يقولون: يا الله، وجهتهم قوية، تدخل وجهاتنا الضعيفة في قوة وجهاتهم، إلى واحد، كلنا وإياهم متوجهين إلى واحد، بل إلى أحد، (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، ولله الحمد، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وهو حسبنا ونعم الوكيل (وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)، اقبلنا يا مولانا على ما فينا، وأصلِح ظاهرَنا وأصلح خافينا، وتولَّنا بما أنت أهله، حيثما كنا وأينما كنا، في أنفسنا وأهلينا وأولادنا وأصحابنا وطلابنا وأحبابنا، وذوينا وما اتصل بنا أبداً سرمداً برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا الله.
كلنا نقول لك يا الله، موقنينَ أنَّ الأمرَ بيدك وحدك يا الله، فكما أسعدتَنا باللَّهج بيا الله، أسعِدنا برضوانك، يا الله، أسعِدنا بقُربك يا الله، أسعدنا بمعرفتِك يا الله، أسعِدنا بمحبتِك يا الله، أسعِدنا بسماعِ نداء (أحلُّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) يا الله.
بحق هذا الاسم، وبحق خير لسانٍ نطق به، أسعِدنا يا الله، قرِّبنا يا الله، اقبلنا يا الله، انظر إلينا يا الله. واسقِ بفضلك هذا قلوبًا في المشارق والمغارب، وقلوبًا بعيدة فتقرب، وقلوبًا مظلمة فتُنوَّر وقلوبا قاسية فتلين، وقلوبا كافرة فتسلم، يا خير ساقي، يا كريم يا باقي، يا حي يا قيوم يا الله، وأقرَّ العيون بجنايةِ ثمرةِ ندائك يا الله، في الحياة، وعند الوفاة، في البرازخ، ساعة الوضع في القبور، وعند السؤال ويوم النفخ في الصور، وساعةَ العرض عليك، والوقوف بين يديك، وعند مخاطبتك إيانا، يا ربي، يا ربي، لا نسمع منك خطابًا إلا برضوانِك وإلا برأفتِك وإلا برحمتِك وإلا بحنانِك وإلا بجودِك وإلا بامتنانِك، وإلا مَن نساوي وعلى ماذا نقدر؟ مِن هيبتِك وجلالك يا الله، يا الله.
ولخطابِك المقبل علينا يوم العَرض عليك قدَّمنا لك يا الله، وما معنا للقاء الله إلا يا الله، ومن ينجو عند لقاء الله إن لقيه بغير الله؟ فما ينجو عند اللقاء إلا مَن لقي اللهَ بالله، فباللهِ نلقى الله، يا الله نلقى الله، يا الله، يا الله، يا الله..
وقد رؤي بعض الصالحين والعارفين وقيل له: ما فعل الله بك؟ قال أوقفَني بين يديه، موقفَ العظمة والجلال، فقال لي: يا عبدي بِم جئتَ إلي؟ فقلت: يارب جئتُ إليك بك، قال فعفا عني وأكرمني، وأسعدني، يا الله، ما لنا غيرك يا الله.
قال الإمام الحداد: قد عزمنا أنا نوصي بأن يكتبوا قصيدة يا رب يا عالم الحال، ويضعوها في كفني، ثم تذكرت أن مذهبنا أن نلقى اللهَ بالافتقار المحض، فلا شيءَ معنا، لا شِعر ولا نَثر، ما معنا إلا الله، وما لنا إلا الله، فأنعِم بالله.
يا ربي يا الله، نناديك ونرفعه إليك لكل أحوالنا، ولكل حالاتنا ولكل حاجاتنا فأجِب يا خيرَ مجيب، وقرِّبنا مع أهل التقريب، واجمعنا بسيدنا الحبيب، يا قريب يا مجيب يا الله.. والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة
لمشاهدة المحاضرة