08-2016
28

محاضرة مكتوبة بعنوان: غرائب وعواقب مسار البشرية أمام منهج الله وما خالفه من اتجاهات

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 2 ذو القعدة 1437هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: غرائب وعواقب مسار البشرية أمام منهج الله وما خالفه من اتجاهات.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين جامعنا بفضله، المتكرِّم علينا بطوله، الذي شرَّفنا بخاتمِ رسلِه، اللهم أدم الصلوات على مفتاح باب الرحمة خيرِ البريات، عبدِك الهادي إليك والدالِّ عليك سيدنا محمدِ بن عبدالله خاتمِ الرسالات، وعلى آله وصحبِه القادات، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الميقات، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين ومَن لبَّى نداءهم مِن آلهم وصحابتهم وتابعيهم أجمعين، وعلى ملائكتك المقربين وجميع عبادك الصالحين..

 وهم الذين اصطفاهم الله تعالى مِن بينِ بقيةِ البرية، وجعل سبحانه وتعالى المآلَ بالخِزي للمكلفين من الإنس والجن الذين شذُّوا، وهم مع أعدادهم الكثيرة بالنسبة للإنس والجن هم قليلون بالنسبة لبقية الخلق والكائنات. شذُّوا في ما اعتقدوا، شذُّوا في ما فكَّروا، شذُّوا في ما اختطُّوا مِن خِطط في الحياة، خرجوا عن منهجِ الله. وحالُهم هؤلاء المكلفين الذي عبَّر اللهُ عنه في القرآن بقوله ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ)، فمن ذا يخطر على بالِه أن عندَهم حقائق، الحقائق عند الخالق حملَها إلى الخلق خيرُ الخلائق، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فإن كان حقيقة في ما يتعلق بجسد أو روح بظاهر أو باطن أو دنيا أو آخرة، ففيما بلَّغ رسول الله عن الله، صلوات الله وسلامه عليه. وكل ما تناقض مع ذلك، فهو الضلال والجهل والباطل، (إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)، يتَّبعون الظن، قرناً منهم بعد قرن، وحضارة بعد حضارة، وأمة بعد أمة، وطائفة بعد طائفة..

والعجيب خيط الظن رأسه يشمل الكلَّ منهم، الكل يظنون بالله الظنون، ويظنون أن لا يرجعوا إليه، ويظنون أن بيدِهم مفاتيح إسعاد غيرهم، ويظنون ويظنون ويظنون.. وهذه الظنون هي الفعَّالة لهم في مسارهم إلى اليوم والليلة، مِن أيام فكر قابيل أن يسعد نفسه ويجلب الخير لنفسِه، وأن يبلُغ مرادَه، وهواه ومقصودُه، وحملَه الانسياق وراءَ هذا الظن ووراء شهوة هذه النفس إلى أن يقتل أخاه، فقتله بظنِّ أنه يرتاح بعده، وأنه ينعم بعده ويستفيد، وأنه يحصل مرادًا له في نفسه، وكل ذلك ما حصل له منه شيء. وبعد أن فعل الفعلة وصار لا يقدر على مقابلة أبيه ولا على الجلوس معه، يفرُّ بنفسه مِن بلد إلى بلد، بدأت الكربة والغربة والآفات في باقي الحياة، (ثم لا تُقتل نفس ظلما إلى أن تقوم الساعة إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ منها)، فماذا جلب لنفسه هذا!؟ فأين أهلك نفسه وفين غرَّ نفسه، قال تعالى في مدار الأمر كيف انطلق، انطلق بحكم الظن مِن هوى النفس، من شهوة النفس، يقول جل جلاله (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ)، واليوم كل ما هم فيه مما يخالف شرعَ الله أو يؤدِّي إلى ظُلم العباد، أو أخذ حقِّ الغير أو الاعتداء على الغير أو نشر الفساد بأنواعه، تطوِّع لهم أنفسُهم ذلك، تطوع لهم أنفسهم ذلك، فتتجنَّد لعدوِّهم إبليس، فيدخل منها إليهم فيقودهم ويلعب بهم والعياذ بالله تبارك وتعالى. وهكذا حركات الناس في الحياة، انطلاقاتهم، اتجاهاتهم، ترجع كلها إلى قيادة ، والراجع في ظنِّه وباله إلى نفسه، وهوى نفسه وشهوات نفسه هو في الواقع راجع في نفسه تلك إلى قيادة عدوِّه إبليس فهو يقوده، وهو الذي يتَّفق مع النفس في إيراد الخواطر إليها والوسوسة ليقودوا بها هذا الإنسان إلى ما يوجب شقاوتَه، ويوجب خزيَه، ويوجب فقدَه للخير الكبير ولسعادةِ الأبد والعياذ بالله تبارك وتعالى (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).

 ثم في واقع الحياة تظهر كثير من هذه القيادات، إذا سلِم هذا مِن قيادةِ أصدقاء الشر، وقيادة آلِ السوء ممن حواليه في ظاهر الأمر، ومباشرة كانت القيادة لخلفاءِ إبليس على نفسه مِن قبلِ نفسِه وهو يظن أنه مستقلٌّ مع نفسه، وما مِن نفسٍ في الوجود مستقلة بذاتها مِن دون أن تتلقى الخواطر، بل وقد جعل الله له بابا آخر وسببا وهم الملائكة يلقون إليه الخواطر، فقفل هذا الباب، وفتح باب خواطر الشياطين في ظنِّ أنه مع نفسه وليس بنفسه، وهو مع أولئك الطغاة والعياذ بالله، لكن في الغالب الحركات التي تقوم ترجع لها قيادات، تقود الناسَ مِن أصدقاء السوء، في طوائف بعض الشباب وغيرهم، ترجع بعضها إلى حزبية معينة، ترجع بعضها إلى دوائر، إما في مظاهر شركات أو مؤسسات، أو في مظاهر وزارات إلى غير ذلك. راجعة إلى قيادات، وكل القيادات بعد ذلك المنقطعة عن وحي السماء، المنقطعة عن متابعة الأرفع الأسمى، عن متابعة محمد صلى الله عليه وسلم تتداخل بينها البين، وكلُّ ركنٍ قوي منها يأخذ من قادهم في الدنيا في القيامة، لكن إلى المصير، وأي مصير هذا؟ كان مِن جملتهم فرعون، ففرعون سيدنا موسى كان من جملة العقليات والشخصيات، التي قادت الناس في مسار فكر ومسار سلوك في الحياة، قادتهم وتبعوه (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ)، وكان يبني لهم في ظنونهم أسس قيادته بمظاهر (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي)، ثم يريد أن يقارن بينه وبين الكليم عليه السلام، يقول (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ)، كل هذه الظنون هو وقومه، فالمآل والنتيجة سنرد كلنا القيامة نحن ومَن قبلهم ومَن بعدهم، وعزة ربي لا نرى مآلاً ولا مصيراً لهم إلا ما ذكر الجبار خالقُ الكل، (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ*وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ)، يقول سبحانه وتعالى، ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ* إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)، لا أمر فرعون موسى برشيد، ولا أمر الفراعنة الخارجين عن أمر الله في هذه الأمة برشيد، ولا في جميع الأمم، (وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)، وأين مجلى عدمِ الرشد في هذه المسالك؟ قال (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) يعني المصير الأكبر وكل مسلك يؤديك في المصير الأكبر إلى ورود النار فهو غير رشيد، (فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ* يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) ولكن العجب والغرابة أن غير الرشيد هذا يتطاول كما سمعت تطاول فرعون (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ)، ويقال لهم إن عندَنا أنظمة وعندنا مناهج تنقذُ الناس وتحميهم من الظلم، ويوجِّهون الاتهامَ إلى منهج الله وإلى رسل الله وإلى سيدِهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وكأنهم ليس عندهم شيء، ولا يستطيعون أن يقودوا الناس القيادة الصحيحة، كذبوا، ثم كذبوا، لكن العجب.. في من يصدقهم من أهل الملة، يقول بلسانه لا إله إلا الله، ويتناقض معها بتصديق هؤلاء! في مساره في حياتِه في فكرِه في منهاجِه والعياذ بالله تبارك وتعالى.

 وفرعون وحده هو يقدم قومه!؟ كل مقدَّم على قومه تبعَه قومُه يقدم قومَه، كلٌّ يقدُم قومه، ومحمد يقدُم قومه، لكن أين يوردهم محمد، هذاك فرعون يوردهم النار، ولكن أين يوردهم محمد؟ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. ثم فرعون والنمرود والذين قبلهم والذين بعدهم قياداتهم جزئية إلى رأسهم إبليس.. والأنبياء والمرسلون والأولياء والصالحون والمقربون قياداتهم جزئية إلى محمد، رأسها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وينقسم الناس في الموقفِ في موقفِ المحكمة الكبرى التي تحكمُ على الكل إلى الفريقين..

 ما الفريقان؟ (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)، (يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)، مهما طالَ منهم الفكر والحديث، عن شؤونٍ يجرونَها هم في مستقبلاتهم هذه القصيرة، فكلهم داخلون إلى أمرِ هذا المصير وراجعون إليه، وإما مع السعداء أو الأشقياء، وإما في النار وإما في الجنة، اللهم اجعلنا من أهل جنتك، واجعل هوانا تبعًا لما جاء به حبيبُك سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 وهو معنى من جملة معاني الآية الكريمة (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ)، فمن معاني الكتب التي كُتبت فيها أعمالنا، من معانيها كل من اتُبع في الدنيا وكان إماماً يرجعون إليه يدعون به ويتبعونه، وهكذا حتى أن كلَّ ما عُبد من دون الله تبارك وتعالى من هذه الكائنات، ومن هذه الجمادات والحيوانات وأمثالها، تُعرض لأصحابها، ويقال اتبعوها فتقودهم إلى النار وتوردهم إلى النار، والعياذ بالله تبارك وتعالى. (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ* لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ)، لكن لا إله إلا الله، ولا إله غيره جل جلاله وتعالى في علاه.

 فيا أهل هذه المجالات الراقية تجتمعون في طلب الدرجات العالية، وتتوجهون إلى عالم الظاهرة والخافية: ما هذه النعمة التي أسديت إليكم وسِيقت إليكم وحلَّت في ناديكم وقلوبكم ووجهاتكم، فتجتمعون مثل هذا الاجتماع، وتستمعون مثل هذا الاستماع، وتتوجهون إلى حقٍّ حي قيوم قادر قوي بيده الأمر كلُّه (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ)، لتفوزوا يوم المحكمة الكبرى، ولتسلموا من النار ومن الشقاوة، اللهم أسعِدنا بسعاداتِك الكبرى يا مُسعدَ السعداء، بجاه أسعد خلقك، بجاه أسعد مخلوقاتك، صلِّ أفضل صلواتك على أسعدِ مخلوقاتك، سيدنا محمد وأسعِدنا مِن تلك السعادة ما نرقى به الذرى، وننال الحسنى وزيادة، ويصفو لنا به الحال يارب في الغيب والشهادة، يا الله، ثم ما مثل الجميع ما يأخذ بعقولهم وألبابهم ويجلبهم ويجذبهم، من الشهوات ومن الاهواء ومن المظاهر التي هم عليها إلا محض لعب وألعاب مثل ما يُعطى الصبيان من الألعاب، يلعبون بها ليُغوَوا أو يُتركوا أو يتركوا ضرر أهاليهم أو يقضوا معها وقتهم بلا فائدة، كل ما هم فيه ولو كان مِن مظاهرِ سلطات ورئاسات، أشهد بالله أن مهما انقطعت عن الله هي جملة من جملة الألعاب، ما تساوي لأصحابها شيء ولا تفعل بهم شيء ولا ترفعهم، كيف وكلُّ ما انقطع منها عن الله، يحشر في الجبابرة وفي من حكم بغير الحق، أذلة، صغار، عليهم الذل والمهانة مِن كل جانب، والمتكبرون منهم على صور الذر يطؤهم أهل الموقف بأقدامهم.. يا ليتها مثل لعب الأطفال، لعب الأطفال لا تؤدي إلى سوء المصير هذا، لكن هذه أدَّت بهم إلى مصيرٍ مُزري، والعياذ بالله تبارك وتعالى، يعضُّون على أيديهم ما ينفعهم، يبكون ما ينفعهم، ولا ينقذ بعضُهم بعضا، ويقول المتبوعون منهم مِن القيادات حقهم (لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ)، إذا خاطبهم هؤلاء، يقول اسكتوا (لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ)، إلى أن يأتوا إلى عند رأسهم الكبير، ويجمع طوائفهم والقيادات الصغيرة حقهم بما فيها فرعون، يقول هذا السبب إبليس وأعوانه، يقول لولا هذا لأطعناك يارب واتبعنا رسلك، فيجلس إبليس على كرسي من نار بين الجنة والنار، ويتكلم بناره ويتكلم بالنار وآل النار الذين اتبعوه (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ)، حكم الله، (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ)، هل يقدر يقول غير هذا؟ (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ)، هذه المواعيد حقه التي يلعبُ بها على الأجيال جيل بعد جيل، (وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا)، (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ)، وهكذا، مواعيد لعبت على أفكار وعقول كثير من الناس، ثم يبدو كذبُها وزيغُها في الحياة الدنيا، ولكن مع ذلك كله، يهوي بها مَن يهوي، ويسقط من يسقط والعياذ بالله إلى الندامة في العقبى، (يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)، اللهم اجعلنا معه، (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، يارب نتذكر ذاك المقام ونقول ما قال أولئك الأقوام (رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، فيوم تقضي الأمر اجعلنا مع أولئك برحمتك يا أرحم الراحمين. مع حبيبك، (يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ) والخزيُ على كلِّ مَن خالفَ هذا النبي، لن يغنيَ على ظهر الأرض لا بين الناس يسمون أنفسهم علميين أو علمانيين أو غير ذلك، بأي منهج يخالفون به منهجَ الله سبحانه وتعالى، وتتعجب أن يكون ذلك في ديار المسلمين وبين المسلمين ولا في غير ديار المسلمين لن يغني الناسَ منهاجٌ لحكومات ولا لدول صغُرت أو كبُرت، مخالف لمنهج محمد وما جاء به، فمالهم إلا النتيجة الحتميَّة (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

 وربما بعض الطوائف وبعض الجماعات وبعض الأفراد أو بعض الهيئات في زمننا وقبل زمننا، رتَّبوا إضراراً للغير كثير وهذا وخططوا ما تمر الأيام إلا وبنفس ذلك الضرر أو نظيره، واقع فيهم، وفي ديارهم وما حواليهم، لِمَ؟ لأن المملكة ملكُها حيٌّ قيومٌ قادرٌ، يُمضي الأمورَ بحِكمة جل جلاله وتعالى في علاه، وهكذا، تجدُ المظاهرَ أمام عينك، وما كان يورده هذا على هذا وقع عليه وإذا أخذتَ مثالاً من الأمثلة، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في فرعون وقومه، يقول جل جلاله (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ)، يقول جل جلاله وتعالى في علاه (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ*فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، كم قتَّل من أول؟ الآن تعال انت وصفوة قومك كلهم اللي كانوا معك في تقتيل بني إسرائيل ادخلوا البحر واغرقوا.. ما هذا؟ جزاء من الله، سبحان الله، شوف هذا وراءه ما هو أشد، (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، مع أن اللهَ فتح لهم البابَ قال هذا عبدي موسى، أرسله إليكم وأخاه هارون آمنوا بهم أكفِّر عنكم ما كان، كم قتلتم، فأبَوا وأصرُّوا واستكبروا، فكان هذا المصير والعياذ بالله تبارك وتعالى، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ) (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ).

 فسبب الهلكات الكبرى والمصائب العظمى التكذيب بالآيات والغفلة عن الآيات الربانية، (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ * وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا)، قال الذين كانوا يُستضعفون شوف الجزاء في الدنيا جزاء، حصل لهم هذا العز والشرف وهم في الدنيا، لكن جزاؤهم عندما يلقونه، وجزاؤهم لما يُحشرون في زمرة موسى، ويردُون على حوض موسى جزاء عظيم، ما يساويه هذا الشرف الذي حصل لهم في الدنيا، أنهم بعدما كانوا يستَضعفون ويؤذَون إذا بالمشارق والمغارب في الأرض التي كان يحكمها فرعون تحت أمرهم وتحت حكمهم الذي كانوا يحكمون، كما قال سبحانه وتعالى (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ )، فكان ذلك وبعثة النبي موسى قل لي من كان من بني إسرائيل خطَّط خطط ورتب ترتيبات للانقلاب على فرعون وصلح ثورة ضده لينتقموا لأنفسهم، ويرجعوا حقوقهم، ما صلحوا كذا ولو صلحوا كذا ما بيصلون إلى غاية، لكن جاءتهم رسالة الله، وجاءهم رسولُ الله، سجدوا لله، (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ* رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ)، وهؤلاء قال ارجعوا عن هذه الطريق اتركوا هذه هي الطريق، فما وصلوا إلى هذا التمكين لهم في الأرض بثورات ولا بخطط وضعوها في انقلابات على فرعون، لكن باتباع الآيات، بالإيمان بالحق ورسله، بالصدق مع الله، بالصبر، صبروا حتى كانت العاقبة (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) لأنه قد مرت عليهم شدائد بعدين، حتى يكلموا موسى يقولوا موسى من قبل ما تأتينا يعملون فينا كذا، الحين بعد ما جيتنا يؤذوننا ويكبدوننا عمل شاق (قَالَ عَسَى رَبّكُمْ أَنْ يُهْلِك عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفكُمْ فِي الْأَرْض فَيَنْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ) فإذا بلغتم القمة في الصبر والتحمل الآن يجيكم الفرج، وهذا عدوكم يصلح المشاكل هذه من قبل ما جيت ومن بعد ما جيت سيهلك، وأنتم ستُستخلفون من بعدهم (فَيَنْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ) لتقيموا منهجه، لتؤدوا واجبكم بينكم وبينه، ليس انتصرنا على فلان ولا دحقنا فلان هذا الكلام الفارغ الذي تقوده إليهم الأهواء والأنفس في أديان الله، دين الله أرفع وأرقى وأشرف من هذه التفاهات التي يلعب بها الناس على بعضهم البعض في هذه الحياة الدنيا والعياذ بالله تبارك وتعالى. وبعد ما بلغوا القمة في الصبر لأنهم قالوا له إن فرعون نادى، لما قالت له جماعته من هؤلاء المعاونين له على هذا المسلك الذي كان عليه (أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) هذه مسالك الأنبياء، نظرات الأنبياء (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) كافر أو مؤمن، صالح أو طالح، لكن (َالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وحدهم، لكن الحال الذي نحن فيه هذا مشاكل كبيرة، أوذينا من قبل أن تأتيا ومن بعد ما جئتنا العاقبة هي (عَسَى رَبّكُمْ أَنْ يُهْلِك عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفكُمْ فِي الْأَرْض فَيَنْظُر كَيْفَ تَعْمَلُونَ) وأهلك عدوهم واستخلفهم في الأرض (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) هل ذهب سيدنا موسى بنفسه يقطع أحدا منهم أو يذبح أحدا منهم؟ هو في مكانه تولى الله إغراقهم (مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) وقع عليهم بتدبير المهيمن الجبار جل جلاله وتعالى في علاه.

وإذا دبر هذا التدبير في بني إسرائيل فيقوم موسى ترى الأجيال في قوم محمد أمة محمد مهملين من عنايته ورعايته ونصرته؟ لا، الأمة أكثر عناية من الله وأكبر رعاية من الرحمن، وقوم عيسى جاءوا من بعده، قام سيدنا عيسى، وقال: (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) منهج الله تبارك وتعالى (قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي مع ربي جل جلاله ينصرنا (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) وجاءت الإنقسامات (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) هذا التأييد في بني إسرائيل قوم سيدنا عيسى وخلَت منه قوم محمد؟ لا، ما خلوا منه ولا أمة محمد وإذا انقسموا هكذا ( فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ) (يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّوْنَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِيْنَ يُجَاهِدُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُوْنَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ) مركز هذا الفضل وسببه الأكبر الولاية أن يتولى الله ورسوله (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ).

فحرِّكوا وجهاتِكم إلى الرحمن، الحمد لله الذي جمعكم على هذه الوجهة، يا رب لكلٍّ وجهةٌ أنت مولِّيها، فاجعل وجهاتنا فيما تحب وترضاه، في تبع حبيبك خاتم الأنبياء، لا تبدل بنا إماماً غيره ولا قدوة سواه ولا متَّبع إلا هو في جميع أحوالنا وشؤوننا وأقوالنا وأفعالنا، اللهم ارزقنا حقيقةَ محبتك مترجمةً بحسن متابعته فننال منك المحبة يا كريم بشاهد قولك (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اللهم ارزقنا حقيقةَ المحبة، وأدخِلنا في الأحبة، وارفع لنا فيها الدرجة والرتبة، واكشف عنا وعن الأمة كلَّ كربة.. يا الله يا الله.

ولقد أريتَنا عجائب من جودك ودفعَك عنا وعن المؤمنين ولطفَك بنا وبهم مع كل الشدائد التي حصلت، وإننا فيك طامعون ولما عندك راجون، وأيدي الفقر لها مادين، إليك معولين، عليك متوكلين، عليك مستندين، إليك متوجهين إليك بأحبابك أن تجعلنا ممن سبقَت لهم منك الحسنى وختمت لهم يا الله يا الله يا الله، أسألك رحمة من عندك تجعل فيها هوى كل من في مجمعنا ومن يسمعنا تبعاً لما جاء به نبيك.. آمين. مطلبٌ عظيم ولولا ما علَّمتنا من عظمتك التي ما لا نعلم منها لا يساوي شيء منه ما علمنا لولا ذلك ما قدرنا أن نسألك، فيا مَن فتح باب السؤال ووفَّق أجِب ما سألنا وبلِّغنا ما أملنا وزدنا ما أنت أهله يا رجاءنا يا غوثنا يا إلهنا يا الله. باقي أعمارهم لا تسلِّط عليهم فيها الهوى ولا النفس ولا شياطين الإنس والجن، وكن أنت المتولي لنا، الآخذ بأيدينا إليك يا ربنا يا الله، حتى ترى أعينُ الحاضرين والسامعين وجهَ حبيبك يوم القيامة آمين، ليس فينا من يشقى بالحيلولة بينه وبين رؤية ذلك الجناب الأشرف برحمتك يا أرحم الراحمين يا الله، أورِدنا على حوضِه المورود وأظلَّنا بظلِّ لوائه المعقود، وأدخِلنا معه إلى جناتِ الخلود يا برُّ يا ودود يا حي يا قيوم يا الله، بحقِّك عليك لا تخلِّف أحداً منا ومنهم وأهلينا وذوي الحقوق علينا عن الدخول في دائرة ذلك الحبيب، والمشي في ركبه إلى دار الكرامة يا الله ، فإلى أين يخلف مَن تخلف عن ذاك الركب يا حي يا قيوم يا قادر يا عزيز، يا من بيده الأمرُ كلُّه لا تعرِّضنا عن الإنقطاع عن حبيبك محمد،

فيا رب واجمعنا وأحباب لنا ** في دارك الفردوس أطيب موضع

فضلاً وإحساناً ومنَّاً منك يا ** ذا الجود والمن الأتم الأوسع

لعبت بنا الأهواءُ في أحوال كثيرة فيما مضى من أعمارنا وأيدي الفقراء تسألك أن تجعلَ لهم من عنايتك ما يغلبون به الأهواء حتى تكون تبعاً لما جاء به داعينا إلى منهج الهدى والسواء صلى الله عليه وسلم، فحقِّق سؤالنا يا حي يا قيوم فينا أجمعين واجعل ما بقي مِن أعمارنا وأهواءنا تبعاً لما جاء به حبيبك محمد يا الله ، هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان، ما أحلاها من كلمة تنطق بها بإذن ربك، وهي اسمه العظيم جل جلاله، وأنت تقول لصاحب العظمة يا الله فيُفيض عليك من الرحمة ما يقيك به شرورَ الزمن وما فيه وفتنَ الدنيا والبرزخ والآخرة، فهو ملكُ الكل جل جلاله فأنعِم بالتجائك إليه بفضلِه عليك تقول له يا الله، سبحان مَن أذن لنا أن ننطقَ باسمه، وأن ندعوه ونسأله ونتوجه إليه ونلوذ به جل جلاله، لك الحمدُ يا ربنا لا  نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فلحاجات الدنيا والآخرة من حيث أحاط بها علمك ولأسرار المرافقة لحبيبك لنا ولأهلينا وأولادنا وذرياتنا وطلابنا وأصحابنا وأحبابنا فيك نقول يا الله، شرَّفتَهم بنُطقها واللَّهَج بها فشرِّفهم بسرِّها، شرِّفنا وإياهم بنورها، شرِّفنا وإياهم بحقيقتها، شرِّفنا وإياهم بالشرب مِن كاسِها، شرِّفنا وإياهم بالدخول في خيرِ أُناسِها يا الله يا الله..

 كلمة يُصب عليك خيرُها عند الغرغرة فقل يا الله يا الله، كلمة تُغاث بها عند اللحد في القبر وعندما يُهال عليك التراب وعندما تُسأل إذا سئلت من قبل الملكين فقل يا الله، كلمة بها تُؤنس من وحشة القبور إلى يوم النشور بأُنس القرب من العزيز الغفور فقلها يا الله يا الله.

 كلمة إذا قُبلت منك ابيضَّ بها وجهك يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه فقلها بصدق وإخلاص وجمعية وناده واسأله وقل يا الله يا الله يا الله.

 كلمة إذا تطايرت الصحفُ فأدرك خيرها أخذت كتباك بيمينك فقلتها (فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ *) فتكون في (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ) يقال لك (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّام الْخَالِيَة) فقلها عسى أن يدركَك سرُّها قل يا الله يا الله.

 كلمة إذا أدركَك خيرُّها سُترت وقت ظهور الفضائح وبروز القبائح وظهور العورات وبدُّوها في المجمع الأكبر فقل للستار يا الله يا الله، استرنا بسترك الجميل، أدخلنا في حزبك الجليل مع خير هادٍ ودليل يا الله يا الله.

 كلمة إذا أدركَك نورُها عند المرور على الصراط أُبعدت عنك كلاليبُه وآفاته وجُزتَ أسرع مِن لمحِ البصر فما أعظمها فقلها بصدق قل يا الله قل يا الله..

 ثبتنا على الصراط، يوم تنسكب العبرات، وأدخِلنا الجنات مع خير البريات يا الله، ولها خيراتٌ لا تحصى وبركاتٌ لا تُستقصى إذا قبلها منك مرة واحدة فتح لك بها خزائنُ لا يوصف ما فيها ولا يستقصى ما تحويه، فالله يقبلنا وإياكم ونتوجه إلى هذا الرحمن ونقول يا ربنا يا كريم يا الله برحمتك نستغيث، فأغِثنا بالغياث الحثيث، في كل شان يا رحمن، ومِن عذابك نستجير، فأجِرنا يا خيرَ مجير، في الدنيا والبرزخ والآخرة مِن عذابك نستجير يا الله ، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، ومن عذابك نستجير أصلِح لنا شأننا كلَّه، بما أصلحتَ به شأنَ الصالحين يا أرحمَ الراحمين ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين يا الله.

للاستماع إلى المحاضرة

لمشاهدة المحاضرة