محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك بدار المصطفى، ليلة الجمعة 7 شعبان 1440هـ، بعنوان: تجلِّي الرحمن بخصائص الإحسان بالنبوة وامتداد أسرارها في أهل الإرث والتبيان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ المُتَجَلِّي، المُعطِي المُسْدِي، المُعِيد المُبدِىء، مالك المُلك، بيدِه أمرُ النجاةِ والهُلْك، ليس مِن ذَرَّاتِ الدنيا ولا الآخرة بيدِ غيرِهِ شيء، وهو ربُّ كلِّ شيء، ومليكُ كلِّ شيء وإليه مرجعُ كلِّ شيء، اصطفى مِن بين جميعِ الأشياءِ خاتمَ الأنبياء بعدَ أن اصطفى الأنبياءَ والمرسلين ممَّن سواهم (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) .. وإذا قلنا (اللَّهُ يَصْطَفِي) فهو الشأنُ الأبديُّ وهو الشأن السَّرمَدِيُّ، وهو الشأن الإلهي. والعوالم كلها شؤونٌ للإلهِ، يُبديها بحكمتِهِ وقدرتِهِ وما يشاء "الله المُقَدِّر والعالم شؤون" ، الله الفعَّال والعالَمُ المفعول، الله المُقَدِّم، الله المُؤخِّر، الله الرَّافِع، الله الخَافِض، الله البَاسِط، الله القَابِض، الله الضَّار، الله النَّافِع، الله الأوَّل، الله الآخر، الله الظَّاهِر، الله البَاطِن ؛ واضمَحَلَّت الأكوانُ إذا ذُكِرَ المُكَوِّن.
ها أنتم تسمعون عنايات المُكَوِّن تدعوكم إليه وتدلُّكم عليه وتكشفُ لكم زَيْفَ القاطعين المُنقطعين عنه مِن إبليس وجندِه، عارضِي الزَّخارف وهم اللَّفالف التَّوالِف، عارضِي أفكارِ الظُّلُمات الذين يخضعون بها كثيرا مِن المسلمين والمسلمات -فضلا عمن سواهم من الكافرين-، هؤلاء كلهم (كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) جل جلاله .
تسمعون الرحمن مرسل سيد الأكوان يُرسل إليكم هذا الصوتَ الشريفَ الكريمَ المُنيف ليدلَّكم على المسلكِ القويمِ والصراطِ المستقيم لتَسلَموا مِن الحسرةِ والوَيل والندامةِ عندما يَحْسَر أكثرُ المكلَّفين مِن الذين بلَغتهم الدعوةُ فلم يستجيبُوا عند مرورِ هؤلاء على الصراطِ يومَ القيامة عند نصبِ معنى الصراطِ الذي دُعينا إليه ؛ نصبِ معناه في صورةٍ مشهودةٍ : {أدقُّ مِن الشعرة وأحدُّ مِن السيف} -ومع ذلك على يمينه وعلى يساره كلاليب- وهذا هو الصراط الذي دُعينا إليه على أيدي الأنبياء وأُمِرنَا أن نطلبَ الرَّبَّ الذي أرسلَهم إلينا أن يهديَنا إليه ويُثَبَّتنا عليه ونقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).
وإذا أردنا المِيزَة وحقيقةَ التفريقِ بينه وبينَ سواه فبرجالِهِ (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بأقطابه ، بحُمَّالِهِ ، بأهل خصائصِهِ ، (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ): نبيين وصديقين وشهداء وصالحين ؛ هذه ميزةُ صراطِنا ، هذه ميزةُ طريقَتِنا . لا نُعَظِّم إلا مَن عظَّمهم العظيم، ومَن عظَّمهم العظيم عظمتُهم باقية سرمدا . وكلُّ مَن عُظِّم مِن دون تعظيمِ العظيم ففي وهمٍ يعيش، وغداً ستُعرَف ذِلَّته .. ستُعرَف ذِلَّته غدًا عندما يُقال لجميع الذين كفروا بكل ما عندهم مِن مصانع وصناعات أسلحة فتَّاكة وأفكار وأساليب وسياسات وتدبيرات ولعب على ظهر الأرض .. بكلِّ ما عندهم (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ ..) نتائج ما كانوا عليه : (.. أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ) والحق ما هو؟ ما بُعِث به محمد ، الحقُّ ما جاء به حبيبُ الواحد الأحد، الحقُّ كتابُ الله، سنَّةُ مصطفاه، عترةُ المصطفى العدولُ في كلِّ زمنٍ الذين يحملون هذا العِلم وهذا الدين وينفون عنه تحريفَ الغَالين وانتحالَ المُبطلين وتأويلَ الجاهلين؛ هذا هو الحق. وفي هذا المعنى كان يبين لنا صلى الله عليه وسلم ذوقَ الحق وحقيقتَه في كلِّ قيامٍ يقوم به في لياليه ويخاطب المولى: "أنت الحقُّ، ووعدُك حقٌّ، ولقاؤك حق، والجنةُ حق، والنارُ حق، والملائكةُ حق، والنبيُّون حق .." ثم يقول: " ومحمد صلى الله عليه وسلم حق" وهو رأس الحقِّ في الخليقة، حقيقةُ الحق مِن بين الحقائق، صلوات ربي وسلامه عليه.
تُدعَون لأن تستمسكوا بهذا النور المبين الذي يقول "أنا لها " صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والذي يتمنى كلُّ ظلمةِ الأرض وفُسَّاقُها والمجرمون فيها أن يقربُوا منه أو يَسْتَظِلُّوا بظلِّه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا).
سمعتم مِن لسان الحبيب أبي بكر؛ الحِبال الممدودة والعطايا الموهوبة مِن قِبَل الحقِّ جل جلاله بواسطة الأنبياء والمرسلين خُتِمُوا بمحمد، ومِن محمد إلى صحابتِه إلى آل بيته إلى ورثتِه في الأمة، ولن ينقطعوا ما دامَ القرآن وحتى ينزلَ ابنُ مريم . وإذا نزل – وإن كان على ظهرِ الأرض دجَّالٌ عمَّ بكُفرِه وخِدَاعِهِ وكذبِه كثيراً مِن أقطار الأرض- ومع ذلك فابنُ مريمَ سيجدُ بينَنا مِن هؤلاء العُدول مَن لهم شأنٌ يعرضُ ويطُول ، سيجد مِن هؤلاء العُدول مَن استكملَ النيابةَ عن المصطفى صلى الله عليه وسلم . ويقول كما في صحيح البخاري : { ينزل فيكم ابنُ مريم حكماً مُقسطاً وإمامُكم منكم} ، بل لا يقفُ الأمر عند هذا الحد ليعرفَ الناسُ أسرارَ منحةِ الواحدِ الأحد لمكانِ عظمةِ الحقِّ عنده: أن يقفَ ابنُ مريم في أولِ صلاة فرضٍ يُصليها على ظهرِ الأرض .. أي فرض؟ : مِن الفروض الخمسة التي جاء بها محمد ليلةَ الإسراء ؛ سيدنا عيسى مفروض عليه ولازمة عليه، جاءت مِن الله على يدِ محمد .. أول فريضة يُصلِّيها يصلّيها مأموماً، إكراماً لأسرارِ الإمامةِ للمقامِ المُحَمَّدِي. هو نبيُّ الله وروحُ الله.. يتأخر الإمامُ المهدي ويقدِّم سيدنا عيسى.. يقول أُقيمت باسمِك فصلِّ بنا أنت، ويتقدَّم الإمامُ المهدي وابنُ مريم وراءَه يتذكَّر ليلة كأن مأموماً وراء جَدِّه صلى الله عليه وسلم. وهو يحفظُ سرَّ الخصوصية المحمدية، ولا شكَّ هو الإمام في بقيَّةِ الصلوات لكن هذه فريضة! كان يقولُ عنها بعض أهل العلم :" يكفي الأمةَ فخراً أن يقتديَ بأحدِ أفرادها رسولٌ من أولو العزم مِن الرُّسُل" . وما هو إلا شأن الخلافة وشأن الإرث النبوي الذي ما فيه مِن لَيّ ولا فيه مِن غَيّ ولا فيه مِن تبعيَّة أهواء بل صفاء "حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به " في تسليم القيادة والزِّمام إلى خير الأنام. هذا ما دُعيتم إليه.
الحبيب أبوبكر في هذه الكلمة بيَّن لكم هويَّة هذه المعاهد وهذه المنازل وهذه الطريقة وهذا المسلك -لنا خاصَّة ثم للصادقين المخلصين في العالَم عامة- هويَّتُهم تتعالَى أن تدخلَ في قبضةِ إنسي أو جني، ولا دولة ولا شعب، ولا صغار ولا كبار، ولا أحد ممَّن على ظهر الأرض ؛ بل عبوديةٌ للواحدِ الأحد، وقيادة مطلقة لمحمد . هذه هويَّتُهم هذه تبعيَّتُهم، في هذه الهويَّة يرحمون البريَّة ويوضّحون الطريقَ السوية، ويحبون إنقاذَ الناسِ مِن النار وغضبِ الجبار والبُعد والعار وأخذِ الكتب بالشمال يوم القيامة واِسْوِدَاد الوجود والوقوع والسقوط في النار وأن تخفّ الموازين ؛ يخشون على الناس من ذلك، ويبذلون الوسعَ أن يسلموا مَن قَبِل السلامة مِن هذه الآفات يوم القيامة. ويُحسِنون التعامل ؛ ما يعرفون المضادةَ لأحدٍ مِن حيث هو، ولكن : "نحب بحبِّك الناس ونعادي بعداوتك مَن خالفَك مِن خلقِك" في مخالفتِه التي في معاداتُه فيها رحمةٌ له وإنقاذٌ له وإصلاحٌ له ؛ بهذه المعاني ، إلا أنهم لا يسعهُم حزبٌ ولا دولة صغرى ولا كبرى ولا أمم متحدة ولا إنس ولا جن أن يدخلُوا تحت مظلَّتِهم بعد مظلَّة محمد. وكيف يُظِلُّ مَن تحت مَن هو فوق ؟! ظَلِّل مَن تحتَك، كيف تُظَلِّل مَن فوقك ؟ ومَن كانوا تحت مظلة المصطفى كيف يكونوا تحت مظلة .....! مَن ذا وذا مَن هو ؟! ظلِّل مَن تحتَك، اترك اللي فوق ، مظلتهم مِن فوق، وفي الآخرة مظلتهم ظِل العرش . ماشي مظلَّة أرضية تستطيع تظلهم . بل على صلةٍ بربِّ الأرض والسماء، قائلين في أورادِهم "بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمِه شيء في الأرض والسماء وهو السميع العليم" جَلَّ جلاله وتعالى في علاه.
بُسِط لكم هذا البساط، ودُعِيتُم بهذه الدعوة، الحمد لله على قيامِ هذه الخيرات وظهورِ صوتِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم في ألسنةِ الوُعَاة والدُّعَاة والرُّعَاة مِن الذين حَفِظُوا سِرَّ الاتصالِ به.
وما سمعتم عنه مِن سِرِّ السَّنَد وأنَّ الغاية مِن كُلِّ تلك الأحوال والأمور والدعوة إلى الله تعالى : إيصالٌ إلى الرَّبِّ جَلَّ جلاله وتعالى في علاه ، وذلك هو المراد في أعلى معاني نفع العباد والبلاد ؛ في حقيقة (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) فلن يجدَ الناسُ خيراً لهم مِن هذه المسالكِ وأهلِيها وهذه الطرقِ ورجالِها فإنَّهم حاملِي الرحمة حتى لمَن صدَّ، حتى لمَن بَعُد، حتى لمَن آذى.
وهكذا .. قال بعض أصحابِنا تكرَّر عليَّ الأذى مِن بعضِ الناس فعزمتُ بالليل أن أشتكيَ إلى الله .. ما دريت إلا بالتلفون مِن الحبيب الهدار -ما قد اتصل بي- يقول: فلان. قلت: نعم. قال: الصالحين يقولون لك الولي مَن يدخِّل مَن آذاه الجنة معه ما هو من يدخل مَن آذاه النار. يجتهد على من آذاه ليدخل الجنةَ معه. قال: وأنا تبت ما أدعي على أحد أبدا. وهكذا كانت شؤونهم.
وإن كان للحق غَيْرَة عليهم لمَن أصرَّ في العناد وما إلى ذلك .. قالوا للشيخ أبيبكر بن سالم بسرعة الذي يعترض عليكم تصيبُه نقمة مِن الله، تدعون على أحد ؟ قال والله ما دعوتُ على مسلم، ولا قد دعوتُ على أحدٍ منذ خلقني ربي، قال بل إذا عَلِمنا أنَّ أحداً تعرضَ لغضبِ الربِّ بسوءِ أدبِه نتشفَّع فيه بسرعة قبل أن يصيبَه شيء، ولكن قال: لله غيرة ما ندري به يعتدون ويظلمون ويحجب الله ذلك عنا وينتقم منه فما نصنع ما بأيدينا شيء ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) لا إله إلا الله. هكذا كانتِ الطريقةُ ونعمَ العروة الوثيقة .
ولو تدري الأمةُ ما الذي خبَّأ الرجال في هذه المواطنِ وفي هذه المواسمِ وفي هذه الزياراتِ وما الذي تركوا فيها ؛ أسرارَ الوحي والتنزيل بمعانيها الدقيقة تطلُب مجالَها إلى القلوب التي أراد اللهُ تعالى أن تستظلَّ بظلِّ العرش والتي تستظلُّ تحت لواءِ الحمدِ في الصفوف المُقَدَّمَة إذا حمل اللواءَ محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنقاذ وإرشاد وهدايات لمَن سبقت له السعادة . وإلا فالكونُ تحت أمرِ المكون فيه العجائب والغرائب. كما سمعتم عصر أبيكم آدم ما سَلم من القتل .. وكم بينكم وبين عصر أبيكم آدم ؟ .. ولكن يروح فيها قابيل ومن مشى في ذلك السبيل ، وفي كل زمان ينجو هابيل ومَن مشى في هذا السبيل . وهكذا الأزمنة ، إلا أنه قد يُخبىء الله خيراً يبرزُه من وقت إلى وقت وهذه عادتُه، وخصوص تجديد دين الأمة وعدٌ منه لحبيبه محمد، أنبأ عنه في كل زمن {يحمل هذا العلم من كل خَلَفٍ عدولُه ، وإن الله يبعث على رأس كل مائة سنة مَن يجدِّد للأمة دينها} كما يقول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق. الحمد لله على هذه النِّعَم ، الحمد لله مولى الجودِ والكرم.
أيَّدنا الله وإياكم بصدقِ الإقبالِ عليه وصدق الوجهة إليه. يا فاتحَ الأبواب ترتضي مِن أمة حبيبك محمد مَن تربطُهم بعالي الجناب أقوى الربطِ في الدنيا والمآب وهم أهلُ السوابقِ مِن حضرتِك ؛ وأيدينا بالفقر والذلّ امتدت إليك لتدخلَنا فيهم، وتوردنا مواردَهم، وتجعلنا منهم.
يا إلهنا ما تتجلى به في ليلتِنا على بعيدٍ فتقرِّبُه وعلى شقيٍ فتسعدُه وعلى مذنبٍ فتغفرَ له وعلى منقطعٍ فتواصلَه وعلى مقطوعٍ فتوصِلَه، وعلى محجوبٍ فتكشف حجابه، وعلى ذي رانٍ فتكشف رانَه، هذه أيدي الفقراء إليك يا ربَّ العباد فارحم مَن حضَرنا ومَن يسمعُنا رحمةً تُدخلنا في دوائرِ أهلِ السابقة، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات، يا مُنيلَ الرَّغبات، يا دافعَ الآفات، اقبلِ الجمعَ وهذه الوفود، وانظر اللهم إليهم في شعبِ النبي هود، وافتح أبوابَ الفرج للأمة في الغَيب والشهود، ورُدَّ عنا كيدَ أهل الكيد ، واجعلنا في سعادةٍ مستقيمين على منهاجِك مع كُلِّ مَنِ ارتضيتَهم واصطفيتَهم ورفعتَ لهم القدر لدَيك.
اللهم وفرِّج كروبَ الأمة، اللهم واكشِف جميعَ الغمَّة اللهم واجلِ الظلمة والنِّقمة، اللهم حوِّل الأحوالَ إلى أحسنِها. ُطلَّابك، سُؤَّالُك، فُقَرَاؤُك، مساكينُك، عبيدُك، قصدوك ومِن أبواب أنبيائك ورسلِك وأحبابِك مِن حيث أحببتَ أن تؤتَى فأتمِم النعمة، وادفعِ النقمة واشفِ القلوب، ونَقِّها عن كلِّ شوب ، واسقِنا مِن أحلى مشروب، كؤوسَ المعرفة بك كؤوس المحبة منك والمحبة لك، اِسْقِنَاهَا اِسْقِنَاهَا اِسْقِنَاهَا يا خيرَ ساقي، وارحم قلوباً عَطْشَى مِن حيث عَلِم أصحابُها أو لم يعلموا في مَجْمِعنا ومَن يسمعُنا، واسقِها وبُلَّ عطَشَها يا ربِّ ببلَّةٍ مِن ماءِ الفضلِ والإحسانِ وواسعِ الامتنانِ.
يَا الله بِذَرَّةٍ مِن مَحَبَّةِ الله ** نَفْنَى بِهَا عن كُلِّ مَا سِوَى الله
ولا نرى مِن بَعدِهَا سِوَى الله ** الواحد المَعْبُود رَبّ الأربَاب
فَمَا أُرَجِّي اليوم كَشْف كُرْبَة ** إلَّا إن صَفَا لي مَشْرَبُ المَحَبَّة
ونِلْت مِن رَبِّي رِضَاً وَقُرْبَة ** يكون فيها قَطْع كُلّ الأَسْبَاب
على بِسَاط العِلْم والعِبَادَة ** والغيب عندي صار كالشهادة
هذا لَعُمرِي منتهى السَّعادة ** سُبْحَان رَبِّي مَن رَجَاه مَا خَابْ
***
يا طَالِب التَّحقِيق قُمْ وبَادِر ** واَنْهَض على سَاقِ الهِمَمِ وخَاطِر
واَصْبِر على قَمْعِ الهَوَى وصَابِر ** واَصْدُق ولا تَبْرَح ولَازم الباب
واعلَم أن الخيرَ كُلّه أجمَع ** ضمن اتباعك للنَّبِي المُشَفَّع
اجعل نورَ اتباعِه يشعشع في قلوبِنا وديارِنا ومنازلِنا، وقلوب أهلينا وذرارينا. يا رب، اشمل بذلك مَن حضر ومَن يسمع وجميع أهاليهم وجميع قراباتهم وجميع جيرانِهم ؛ نور المتابعةِ للحبيب يشعشعُ في القلوب كلِّها في الديار والمنازل كلِّها .. آمين.. آمين
حتى نَتَشَرَّفَ بمحبتِك ونُكرَمَ بمحبَّتك ونُعْطَى محبَّتك، وأنت القائل (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) سمعت الكلمة ذي جاءت من عند مَن ؟ ( يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) سمعتها ولا ما قد سمعتها ؟ (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ما ألذَّها ما أطيبَها ، ومِن أين جاءت ؟ مِن أين جاءت ؟ مِن حضرة الذَّات جاءت (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) بماذا ؟ باتباع محمد ، يا رب حقِّق اتباعَه فينا، اجعل نورَ اتباعه يشعشع فينا
"ضمن اتباعك للنبي المُشَفَّع " صلَّى عليه الله ما تَشَعْشَعْ
فَجْرٌ وَمَا سَالَت عيون الأشعاب
واَسْطِع نورَ الفجر الصَّادق في كُلِّ قلبٍ مِن قلوبِنا، واسقِهَا مِن شِعَابِ المعرفةِ الخاصةِ والمحبةِ الخالصةِ منكَ ومن رسولك ولك ولرسولك، يا أرحمَ الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، بوجاهةِ الأمين والنبيِّ هود والنبيين والمرسلين وأهلِ التَّمكين مِن المقرَّبين والصدِّيقين والشهداءِ والصالحين، واجعلنا منهم وفيهم ومعهم يا أرحم الراحمين ، والحمد لله رب العالمين.
للاستماع إلى المحاضرة