الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ

خطبة الجمعة للحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ، في جامع الإيمان، عيديد – تريم

 10 ذي الحجة 1441هـ

بعنوان: مجال تقوى الرحمن في الأفراح، ونموذج دروس عيد الأضحى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله له المنَّةُ والفضلُ، والله أكبر.. وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له العَلِيُّ العليمُ القادرُ الأجلُّ الأكبر، استوى علمُه بما بَطَنَ وبما ظهَر، فهو الذي {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} {وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدً}. وأشهدُ أن لَّا إلهَ إلا هو وأنَّ سيدَنا محمداً عبده ورسوله، أَحْسَنَ البيانَ عن اللهِ وتركَنا على محجَّةٍ بيضاءَ فالسَّعِيدُ مَن اهتدى بِهُدَاه.

اللهم صَلِّ وسلِّم وبارِك وكَرِّم على مؤتمنِك لتبليغِ الرسالةِ، مَن دَلَّنا عليك فأحسنَ الدلالة، ختمتَ به النبوَّةَ وجعلتَه سيِّدَ المرسلين وسيدَ أهلِ الصدقِ والفُتُوَّة، فأدمِ اللهمَّ منك الصلواتِ على النبيِّ المصطفى سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار وأصحابهِ الأخيارِ ومَن سار في منهجِهم الأرشَد، وعلى آبائه وإخوانِه من الأنبياءِ والمرسلين أهلِ المراتب العُلَا والمقامِ الأسعَد، وعلى آلهِم وصحبِهم وتابعيهم وملائكتِكَ المقرَّبين وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.

أما بعد، عبادَ الله: فإني أوصيكُم وإيايَ بتقوى الله، تقوى اللهِ التي لا يقبلُ غيرَها، ولا يرحمُ إلا أهلَها، ولا يثيبُ إلا عليها.

وهي السَّبِيلُ الأقوَمُ الأرشَدُ الأتَمُّ الأصلَحُ الأنجَحُ الأفلَحُ الأقوَمُ، سبيلُ الحذرِ مِمَّا يُغضِبُ الجَبَّارَ في السُّرورِ والفَرح، وفي الغَمِّ والتَّرَحِ، وفي الأقوالِ والأفعالِ، وفي المقاصِدِ والنِّيَّاتِ، وفي صُنُوفِ المعاملات؛ تقوم تقوى الله لِتُسَلِّمَ العبدَ في سِرِّه ونجواه من القُرْبِ مِن سخطِ الله تعالى في علاه.

إنَّ هذه التقوى التي هي الخصلةُ الكبرى التي يَهَبُهَا اللهُ المحبوبين تتَّصلُ بكُلِّ شؤونِ المؤمنين بهذا الإله، في أفراحِهم وأحزانِهم، وإسرارِهم وإعلانِهم، وأخذِهم وعطائهم، ومحبَّتهم وبُغضِهم. فلتكونوا على قَدَمِ التقوى وأنتم في يومٍ كان الأتقَى فيه صَلَّى الله عليه وسلم يُعَظِّمُ شأنَ التقوى في الشؤونِ والأحوال، ويُذَكِّرُ الأمةَ بالواجباتِ العَوَال، والمُهِمَّاتِ في التَّعامُلات والأقوالِ والأفعال. وسمَّاه "يومَ الحجِّ الأكبر" في حَجَّةِ وداعِه؛ إذ جاء إلى عند الجمرةِ والتفتَ يقول لِمَن حوله: أيُّ يوم هذا؟ قالوا: يومُ النَّحر. قال: (إنه يومُ الحجِّ الأكبر).

إنه يومُ الحجِّ الأكبرِ فيه يَقضِي الحجيجُ تفثَهم، وفيه يَطَّوَّفون بالبيتِ العتيق، وفيه يذبَحون دماءَهم ونُسكَهم وهداياهم، كما يذبحُ المؤمنون الأضاحي في مشارقِ الأرض ومغاربِها لكُلِّ مَن استجابَ لدعوة الله؛ فامتدَّ حبلُ التقوى إلى أحوالِه وشؤونِه في ظهورِه وبطونِه.. فهم في أيِّ بقعةٍ مِن بقاعِ الأرض يُعَظِّمونَ شعائرَ الله ويُصَلُّون عيدَهم وينحرُون أضاحيهم؛ تَقَرُّبَاً إلى الله في يومٍ ما مِن عملٍ أحب إلى الله فيه مِن إراقة الدِّمَاء، تقرُّبَاً إلى الحقِّ، وتعظيماً للشعائر، وتطهيراً للنفسِ مِن الشُّحِّ والبخل، وتقويماً للتوحيدِ في الذبحِ بــ "اسم الله"، ومواساةً للفقراءِ والمساكين، وصِلَةً للأرحام، وإحساناً إلى الأهل والجيران؛ لذلك قامت هذه الشعائرُ العظيمة. فإنَّ ما يُضَحَّى به لوجهِ الله وما يُهدَى لحرمِ الله عَدَّها الرحمنُ مِن شعائرِه في كتابِه {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}.

ولقد نحرَ صلى الله عليه وسلم في يومِ النَّحرِ بيدِه الكريمةِ ثلاثا وستين بَدَنَةً مِن الجِمال، ثم ناول الـمُديَةَ سيدَنا علي ليُكمِلَ باقي المائة عنه، كما جاء أنه نحرَ أيضا في ذلك اليوم بعضَ الشِّيَاهِ والأغنامِ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، ووزَّعَ وقَسَّم. وكان يعتَني بالأضحيةِ في حجَّتِه وفي عيدِه في المدينةِ المنوَّرةِ صلوات الله وسلامه عليه.

تقول السيدةُ عائشةُ رضي الله عنها: إنه دخل صلى الله عليه وسلم عليَّ في يوم النَّحر وقال: ناوليني الشَّفرة. فقامَت فقال: فسنَّتها بالحجر، فتناولها منها، ثم عَمِدَ إلى كبشٍ له يطأُ في سواد ويمشي في سواد -إمَّا سَوَادٌ في آثار جوانبه وفي رجله وهو أبيض، وإمَّا أنَّ ذلك كنايةً عن كِبَرِه وسِمَنِهِ وضخامةِ جَسدِه يُظَلِّلُ ما حوالَيه ويمشي في السَّواد- قالت: فأضجعَه ووضع قدمَه على صفحتِه ثم ذبحه بيدِه الشريفة صلى الله عليه وسلم وقال: (اللهم تقبَّل مني ومن أهل بيتي، اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي).

وبذلك قالوا يسقطُ الطلب عن كلِّ أهل بيتٍ إذا ضَحَّى أحدُهم وسط ذلك البيت، ولكن يبقى عظيمُ الثواب لِكُلِّ مَن جعل الأضحيةَ لنفسهـ وكفى بها مهمَّةَ الطلبِ أهلَ بيته، فإن تَعَدَّدت فذلك الأفضل. وهو الذي أوجبه الإمام أبو حنيفة عليه رحمة الله على المُقِيمِ المُوسِر؛ كُلُّ حُرٍّ مُسلِمٍ بَالِغٍ مقيمٍ مُوسِرٍ -أي يقدر ويستطيع وعنده الإمكانية- أوجَبَ عليه الأضحية، وجعلها ساقطةَ الوجوبِ في حقِّ المسافرِ والفقيرِ الذي لا يجدُ ما يضحِّي به.

فإنها قربةٌ إلى الرحمنِ جَلَّ جلاله وتعالى في علاه، يدخل وقتُها من بعد صلاةِ العيد، ويستمرُّ إلى آخرِ يومٍ مِن أيام التشريق. وهي في يومِ النَّحرِ أفضل، ثم في اليوم الثاني والثالث الَّلذين هما اليومان الأولان من أيام التشريق؛ اليوم الأول والثاني من أيام التشريق. واليوم الثالث أقَلُّها ثواباً وهو صحيحٌ فيه الأضحيةُ في مذهبِ الإمامِ الشافعي عليه رحمةُ الله تبارك وتعالى إلى غروبِ الشمسِ في اليومِ الثالث. وقال غيرُه مِن أئمةِ الإسلام: «ينتهي وقتُ الأضحية بغروبِ الشمسِ في اليوم الثاني مِن أيام التشريق، لا اليوم الثالث». وهو مِن الأيام المعدوداتِ التي أشار الرحمنُ إليها في كتابِه وآياتِه وأمَرَ بالذِّكرِ فيها.

أيها المؤمنون بالمولى جَلَّ جلاله وتعالى في علاه: اعلم وأنتَ في عيدِك عيدِ أهلِ الإسلام والإيمان أن تتعلَّمَ الفرحَ بالله وبرحمةِ الله، وإقامةَ الميزان في فرحِك بشريعةِ الله جل جلاله؛ فَرَحٌ لا يجوز أن يَتَعَدَّى إلى إيذاءِ مسلم بإطلاقِ الأصوات المُزعجة بأي نوعٍ مِن أنواعِ الأسلحة أو الألعاب التي يُعطَاها الأطفال. فما أزعجَ وما آذى الجيرانَ أو الناسَ في بيوتِهم حرامٌ استعماله، فلا يمكنُ أن يكونَ الفرحُ بفعلِ حرام، وما فعلُ الحرام إلا ترحٌ وإلا حزنٌ لا خيرَ فيه ولا سرورَ ولا أنسَ ولا حبورَ ولا عيد..

إنما العيدُ لمَن اتَّقَى المولَى جل جلاله وتعالى في علاه ولم ينحَر إلا باسمِ الله سبحانه. وهو شأنُ المؤمنين لا يتقرَّبون بذبحِ ما أحلَّ اللهُ لهم ذبحَه من الأنعامِ والحيوانات الحلالِ الأكلِ إلا لله وإلا إلى الله وإلا باسمِ الله جَلَّ جلاله. سواءٌ أرادوا به أضحيةً أو هَدْيَاً، أو أرادوا به إطعامَ أهلٍ، أو أرادوا به إكرامَ ضيفٍ، أو أرادوا إهداءَ ثوابِ ذلك إلى أحدٍ من أمواتِهم؛ يذبحون لله، ويذبحون باسم الله، ويذكرون اسمَ الله عليه {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}.

ويذبح الكافر تَقَرُّبَاً لأصنامِه، يذبح المشركُ تقرُّباً لِمَن يشركُ به مع اللهِ تبارك وتعالى، ويذبحُ باسمِه، فذلكم هو النحرُ المحرَّمُ الذي قال عنه الحقُّ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}.

أيها المؤمنون بالله: مع هذا التعليمِ نُكَبِّرُ اللهَ على ضحايانا وعلى هذه الأنعامِ لتَستنيرَ القلوبُ بإكبارِ الله، بإجلالِ الله، بتعظيمِ الله تعالى في علاه، ولتتطهَّر النفوسُ من الشُّحِّ والبُخل، ونتعلَّم بالأضحيةِ الإنفاقَ في سبيلِ الله، وإنفاقَ النفائسِ من أجل وجهِ الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه، وإطعامَ الطعامِ مُقتدِين بمَن أثنى عليهم الرحمنُ في كتابه {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}. في هذه الأشياء..

وحذَرُنا مما خالفَ الشرعَ المصونَ، ونهتمُّ بإتقان الذبحِ على منهاج المصطفى (ولِيُحِدَّ أحدكم شفرتَه ولِيُرِح ذبيحتَه) وذلك إذا نحرَها لم ينخَعها ويُكمِلُ الذبحَ جميعا إلى الرأس؛ ولكن يقطعُ الحلقومَ والمريء ويقطعُ معهما الودجين –وهما العرقان في الجانبين- ثم يدع الذبيحةَ ترتاح فتتحركُ حتى تموت، ثم بعد ذلك يبدأ في سَلْخِ جلدِها وتَعليقِها أو إخراجِ رأسِها كاملاً وما إلى ذلك. وليحذَر مِن الغلطِ في الذبحِ فيترك المريءَ الذي هو أصعبُ من قطعِ الحلقوم إذ قد يلتَوي عليه هنا وهناك، كما ينبغي ألا يُهمِلَ الودجين –  وهما العرقان في جانبَي عُنقِ الحيوان- فيقطعُهما قَطعةً واحدةً عند النَّحرِ باسم الله جَلَّ جلاله وتعالى في علاه.

أيها المؤمنون بالله: وبهذه المعاني وتطهيرِ النفوس عن البُخلِ وإقامةِ البَذْلِ من أجلِ الله تبارك وتعالى ما كان مِن سنَّة الأضاحي وجبَ التصدُّقُ بأي شيءٍ منها، والأَولى أن يأخذ نصيباً وافراً مِن لحمِها للفقراء والمساكين ويجعلُ نصيباً للأرحامِ والأقاربِ ويَصِلُهم، ويجعل نصيباً له ولأهلِ بيته. فإن كانت مفروضةً أوجبَها على نفسِه بالنَّذرِ، فلا يجوز أن يَطْعَمَ شيئاً منها، ويجب أن يتصدَّق بجميعِها حتى بجلدِها لا ينتفعُ بشيءٍ منه. كما لا يجوزُ بيعُ شيءٍ من الأضحيةِ سواءً كانت واجبةً أو مسنونةً حتى جلدها، لا يجوز بيعُ شيءٍ من أظلافِها ولا جلدِها ولا شيءٍ يتعلقُ بها.

ومَن أخذَ الحيوانَ بغيرِ رفقٍ وساقَه إلى المَذبَحِ فانكسرت رجلُه بطَلَت الأضحيةُ به ولا يَصِحُّ أن يضحِّيَ بمكسورة، ولو كان ذلك عند سَوْقِها إلى مكانِ الذَّبح؛ لذلك وجبَ الرِّفقُ في تعليمِ المصطفى محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

وما كان لنا أن نذبحَ هذه الأنعامَ لولا تَكرُّمُ الحقِّ بإباحتِها لنا لِنَطْعَمَ منها، وإلا فكيف نجرؤ على قَتلِها وعلى سفكِ دمائها إلا أنَّ الله أَحلَّ ذلك؛ فهو للآدميِّ إكراماً منه جَلَّ جلاله وجعل ذلك قُربَةً إليه سبحانه وتعالى. ثم لا يجوزُ إيذاءُ شيءٍ من الحيوانات فضلاً عن الإنسانِ، فضلاً عن المسلمِ بأيِّ شيء. وكُلُّ مَن ضربَ أو قادَ بعُنفٍ حيواناً بغيرِ حقٍّ اقتُصَّ منه له يومَ القيامة.

أيها المؤمنون: ما أعظم القِصَاصَ وكيف يكون الخلاص! فَيَا ويل مَن لم يَتَّقِ الله في أفراحِه وأحزانِه وتصرُّفاتِه في سِرِّه وإعلانِه.

اللهم ارزقنا حقيقةَ تقواك، واسلُك بنا سبيلَ أهلِ رضاك يا ربَّ العالمين يا ملكَ الأملاك.

واللهُ يقولُ وقولهُ الحقُّ المبين: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}

 وقال تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}

أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ الرَّجيم:

 {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ۗ فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}

{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

باركَ اللهُ لي ولَكُم في الآياتِ والذِّكرِ الحكيم، ونَفعَنا بالقرآنِ العظيم.

أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولوالدينا ولجميعِ المسلمينَ فاستَغفِروهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ إليه مرجعُ العِباد، وأشهدُ أن لَّا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له الحاكمَ بينَ خلقِه يومَ التَّنَاد، وأشهدُ أنَّ سيدنا ونبيَّنا وقرةَ أعيُننا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدُه ورسولُه، وحبيبُه الهادي إلى منهجِ الرَّشَاد.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكَرِّم على أكرمِ خلقِكَ عليكَ سيدِنا محمد وعلى آلِه وصحبهِ الأجواد، وعلى مَن تبِعَهم بإحسانٍ في كُلِّ خافٍ وبادٍ، وعلى آبائه وإخوانه مِن أنبيائك ورُسلِك سَادَةِ السَّادَاتِ الأمجاد، وعلى آلِهِم وصحبِهم وتابعيهم، وعلى ملائكتِك المقرَّبين وجميعِ عبادِك الصالحين يا رَبُّ يا بَرُّ يا مَلِكُ يا جواد.

أما بعد عبادَ الله: فإني أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله، فاتقوا اللهَ تربحوا في يومِ المغفرة والنَّظَرِ والعنايةِ مِن العليِّ الأكبر، واذكرُوه في الأيامِ المعدودات، وشارِكُوا بقلوبِكم أهلَ عرفة وأهلَ منى وأهلَ الحجِّ والزِّيارات والطوافِ بالبيتِ العتيقِ بمودَّةٍ وموالاةٍ ومحبَّةٍ وتَمَنٍّ للحضورِ وحَسرةٍ على كلِّ تقصيرٍ وعلى كلِّ تقليلٍ وعلى كُلِّ عائقٍ يعوقُ المُعَظِّمين لشعائرِ الله جَلَّ جلاله وتعالى في علاه.

واغنموا أيامَكم بحُسنِ التَّهنئةِ بينكم إقامةً لحقِّ أخوَّةٍ في دينِ الله، أوجبَها اللهُ على كُلِّ مَن آمنَ به وجعلَ بها المؤمنين إخوة، فاسلكُوا ذلكم المسلكَ واقتدوا بخيرِ قدوة.

واحذروا مِن أن تمتزجَ أعيادُكم بمُخالفةِ أمرِ الله والخروجِ عن التقوى بِمُصافحةِ الرجل أيامَ العيدِ لزوجاتِ إخوانه، أو مصافحةِ المرأةِ لأزواجِ أخواتِها وما إلى ذلك ممَّن ليس بِمَحْرَم، فليس إلى حِلِّ ذلك مِن سبيلٍ، وقد حرَّمهُ الهادي والنبيُّ الرسولُ الدليل صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم. وهو في طهارتِه ونقائه -وهو أطهرُ الخلقِ قلباً وجَيْبَا- لم تمسَّ يدُه يدَ امرأةٍ غير زوجةٍ وذي محرم، حتى كان يبايعُ النساءَ كلاماً ولا يصافِحهُنَّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

واحذروا مِن السلوك وراءَ أفكارِ الكفارِ والفجارِ فما هم لكم بقُدوةٍ ولا أسوةٍ، ولا أرسلَهم إليكم خالقُكم، ولن ينفعوكم ولن يشفعوا لكم عند جبَّارِ السماوات والأرض. فاحذروا على دينِكم، واحذروا على شَرفِكم وكرامَتِكم وأمانَتِكم؛ ما خُلِقتُم أتباعاً لمَن فجر، ولا لمَن كفر، ولكن خُلقتم عبيداً للهِ الواحدِ الذي فطَر؛ أتباعاً لمَنِ اصطفاهم مِن النبيِّين والمرسلين والعِبادِ الصالحين. ولا تمدُّوا أعينَكم إلى برامجِ سوء، ولا تجعلوا مِن أولادِكم انطلاقاً أيامَ العيدِ بالسهرِ وراءَ المنظوراتِ المحرَّمةِ والمرئياتِ الشنيعةِ الفاسدةِ والكلماتِ الخبيثةِ البذيئة، فما هذا بِعِيدٍ ولا بفرحٍ ولا بسرورٍ، ولكنَّه والله وِزْرٌ وإثْمٌ وبُعْدٌ وطَرْدٌ وتَعَرُّضٌ لغَضبِ العزيزِ الجبَّار عالمِ البطونِ والظهور.

أيها المؤمنون بالله جَلَّ جلاله: وإنَّ في مثل هذا اليوم قال صاحب الرِّسَالة كما روى البخاري في صحيحِه ونحوه في صحيح الإمام مسلم لمَن حوله مِن الأمَّة -يخاطبُنا معهم وجميعَ أمَّته-: (ألا أيُّ يومٍ تعلمون أعظمُ حُرْمَة؟) قالوا: ألا يومُنا هذا؟. قال: (ألا أيُّ بلدٍ تعلمون أعظمُ حُرْمَة؟) قالوا: ألا بلدُنا هذا. قال: (ألا أيُّ شهرٍ تعلمون أعظمُ حرمة؟) قالوا: ألا شهرُنا هذا. قال: (ألا فإنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم حرامٌ عليكم كحُرمةِ يومكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا، ألا هل بلَّغتُ؟) قالوا: اللهمَّ نعم. قال: (ألا هل بلَّغتُ؟) قالوا: اللهمَّ نعم. (ألا هل بَلَّغتُ؟) قالوا: اللهم نعم. قال: (ألا فلا ترجعُن بعدي كفاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض). وقال ويحَكُم أو قال ويلَكُم (فلا ترجعُنَّ بعدي كفاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض).

نشهدُ أنَّكَ بَلَّغتَ، ونشهدُ أنَّ المُتساهلينَ بالدماءِ وبالأموالِ وبالأعراضِ قومٌ أعرضوا وتكبَّروا وسُوِّلَ لهم ولُبِّسَ عليهم ورضُوا لأنفسهم ولا عذرَ لهم بعد بلاغِكَ يا صاحبَ الرسالة، نعلم أنَّه غرَّتهُم السلطاتُ وطلَبُها والأغراضُ والأموالُ والمصالح الفانية، فاستحلَّوا دماءَ البعض وأعراضَ البعض واستحلَّوا أموالَ البعض، ونُشهِدُكَ أنَّا بُرآءُ مما فعلوا ونسألكَ لهم الهداية، ونُشهِدُكَ أنَّ نبيَّك بلَّغ وبيَّن وأدَّى الأمانةَ، فاجعلنا مِمَّن قابَلَ البيانَ منه بحُسنِ الاستقبالِ والتصديقِ والخضوعِ والإكبارِ والإجلال. فَيَا كبيرُ يا متعالُ أنت الذي قلت لنا: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} وقلت لنا: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} وقلت لنا: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} وأمرته أن يقول لنا: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.

فليقُم شعارُ التبعية لـ"محمد" في عقلِك وشعورِك وحِسَّك وقلبِ ابنِك وقلبِ بنتِك، ولا تُعرِّضهم للتقليدِ والاقتداءِ والتبعيَّةِ لشرقيٍّ ولا غربيٍّ ولا عربيٍّ ولا عجميٍّ فتلك ذِلَّتُك وخِزيُك في الدنيا والآخرة أن تخرجَ مِن طاعةِ الله والقدوةِ بمحمد للاقتداءِ بقومٍ لم ينظرِ اللهُ إليهم منذ خلقَهم، ولقومٍ جعلَهم حَطَبَاً لجهنم! فمتى صاروا قدوةً لك!؟ ومتى صاروا محلَّ إكبارٍ في شعورِك!؟ إنه الخللُ، إنه الزَّلَّل، إنه الخروجُ عن حقائق "لا إلهَ إلا الله"، وعن حقائقِ "محمد رسول الله" وعن حقائقِ التبعيَّة لمَن نصبَه اللهُ لنا متبوعاً وارتضاه قدوةً مُقتَدىً به في جميع الأحوال {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.

فاستقيموا على منهاجِ اللهِ، ليَتزيَّن عيدُكم بالتكبير الذي جعله الله لكم بعد كل صلاةٍ -فرضاً كانت أو نفلا أو صلاة جنازة- إلى آخرِ يومٍ من أيام التشريق؛ تُكَبِّرون اللهَ وتَستثيرونَ مِن قلوبِكم إجلالَ الله وتعظيمَ الله والحضورَ مع الله؛ فذلكم روحُ العبادة والمقصودُ مِن هذه الشعائر.

جعله اللهُ عيداً مَيْمُونَاً مُبَارَكَاً سَعِيدَاً علينا وعليكم وعلى أهلِ بلدانِنا، وعلى أهل يَمَنِنَا وشَامِنا وشرقِنا وغربِنا، وعلى المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في جميعِ الجهات، إنه أكرمُ الأكرمين وأرحمُ الراحمين.

وثَبَّتنا على ما يُحِب، وجعلنا فيمَن يحب، وأنهضَ مِنَّا العزائمَ لتعظيمِ الشعائر؛ ومنها الجمعة إن كانت اليوم يوم نحر واجتمعت مع العيد فهي تأتيك في كُلِّ أسبوع (خيرُ يومٍ طلعَت عليه الشمس).

فإن كان مِن عادتِك أن تدخلَ الجمعةَ بعد دخولِ الخطيب فاجعل مِن بعد يوم العيد هذا دخولَك قبلَ أن يدخلَ الخطيب، فما الخطيبُ بمُخَاطِبٍ للسَّوارِي والفُرُش والسُّرُج ولكن لك يخاطبُك من أولِ خطبته فلا تكن خَارِجَاً ثم تأتي أثناء الخطبة. قَوِّم سلوكَك، قَوِّم منهجَك في الحياة، قَوِّم مَسيرَك، قَوِّم ترتيبَ أمرِك على ميقاتِ ربِّك وما جعلَ مِن الفرضِ الموقوتِ والكتاب الموقوت، وما جعلَ مِن البركةِ في تعظيمِ الشعائر. أصلح الله لنا الظاهر والباطن.

أكثروا الصلاةَ والسلام على النبيِّ الطَّاهِر سَيِّدِ الأوائل والأواخر فإنَّ ربَّ العرش يصلِّي على مَن صلَّى عليه (مَن صَلَّى عليَّ مرَّة صَلَّى الرحمن عليه عشرا وأعظم له أجرا)، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أولى الناس بي يوم القيامة أكثركم عليَّ صلاة) ولقد قال مولاه مُبتدئا بنفسِه ومثنيَّاً بالملائكةِ وموجِّهَاً بالمؤمنين إكراماً وتعظيماً: {إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.

اللهم صَلِّ وسلِّم وبارك وكَرِّم على نور الأنوار وسِرِّ الأسرار سيِّدِنا محمدٍ، وعلى الخليفةِ مِن بعدِه وصاحبِه وأنيسهِ في الغار، مُؤازرِ رسولِ الله في حالَيِ السِّعَةِ والضِّيق؛ خليفةِ رسولِ اللهِ سيِّدِنا أبي بكرٍ الصِّديق.

وعلى مَن نَشَرَ العدلَ في الآفاقِ فاشتهر، وقامَ بأمرِ الله وبه ائتمَر، ونهى عمَّا نهى الله عنه وانْزَجَر، أميرِ المؤمنين شهيدِ المحراب سيِّدِنا الفارُوقِ عمر.

وعلى مَن استحيَت منه ملائكةُ الرحمن، مُحيِي الليالي بتلاوةِ القرآن؛ أمير المؤمنين ذي النُّورَينِ سيِّدِنا عثمانَ بن عفان.

وعلى أخِي النبيِّ المصطفى وابنِ عمِّه، ووليِّهِ وبابِ مدينةِ علمِه، إمامِ أهلِ المشارقِ والمغارب؛ أميرِ المؤمنين سيدِنا عليِّ بنِ أبي طالب.

 وعلى الحسَنِ والحُسينِ سيِّدَيْ شبابِ أهلِ الجنةِ في الجنةِ، ورَيحَانَتي نبيِّك بِنصِّ السُّنَّة، وعلى أمِّهِما الحوراءِ فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى خديجةَ الكبرى وعائشةَ الرضى وعلى أمهاتِ المؤمنين وبنات المصطفى الأمين، وعلى الحمزةَ والعَبَّاس وسائرِ أهل بيتِ نبيِّك الذين طهَّرتَهم من الدَّنَسِ والأرجاس، وعلى أهلِ بيعةِ العقبةِ وأهل بدرٍ وأهلِ أحدٍ وأهلِ بيعةِ الرضوان، وعلى سائرِ الصَّحبِ الأكرمين، ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعلينا مَعهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ وانصُرِ المسلمين، اللهم انظر إلى أهل "لا إله إلا الله" أجمعين، اللهم خَلِّصهم مِن ورَطات الانتماءِ إلى أهلِ الكفرِ والزَّيْغِ والضلال، وارزقهم الاستقامةَ في المقاصدِ والنياتِ والأقوالِ والأفعالِ على ما أوحيتَ إلى نبيِّكَ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم وآتيتَه مِن الإنزالِ وختمتَ به الإرسال، اللهم خلِّصهم مِن ورطات التبعيَّة لمَن فجر وكفر وارزقهم العِزَّةَ بك يا مَن خَلَقَ وفطر، وهيئهم للقائكَ وأنت راضٍ عنهم في يومٍ تُحاسِبُ فيه على الصغير والكبير فلا يُبقِي الحسابُ ولا يَذَر، وإن كان مثقال حبةٍ من ذَرَّةٍ أتيتَ بها وكفى بك حَسِيبَاً، فاجعل اللهمَّ لنا في ذلك اليومِ مسامحةً وعفواً وصَفْحَاً مِن حضرتِكَ العَلِيَّة وغَفْرَاً لكُلِّ الذنوبِ والزَّلَلِ والخطيئة، وهيئنا لذلك بتيَقُّظِ قلوبِنا وانتباهِها في حياتِنا مِن صدقِ الإقبالِ عليك وتكبيرِك حتى لا نرتضيَ قدوةً غير مَن ارتضيتَه لنا قدوة، ولا نرتضي ولاءً لغيرِ مَن أمرتَ بولائهم وشرعتَ لنا ذلك "نُحِبُّ بحبِّك الناس ونعادِي بعداوتِك مَن خالفكَ مِن خلقك".

اللهم أنقذِ الأمة، واكشفِ الغمَّة، وأجلِ الظلمة، وادفعِ النقمة. اللهم ابسط بساطَ الرحمة، اللهم اجعله يوماً مِن أبرك الأيامِ علينا وعِيدَاً من أبركِ الأعياد وأشرفِها وأبركِها على أهلِ "لا إلهَ إلا الله". اقبلَ الحجَّ ممَّن حَجَّ واجعل لهم النيابةَ عن بقيَّةِ أمة حبيبك محمد، ولا تُرِنَا في مشاعرنا بعد عامِنا هذا سَبَبَاً للنَّقصِ ولا للقِلَّة ولا للتباعدِ ولا للتَّفَرُّقِ بوباءٍ ولا بلاءٍ ولا غيرِه ظاهراً وباطنا. يا قويُّ يا متينُ يا قادر، أصلح لنا كلَّ باطنٍ وظاهر وادفع مكرَ الماكر وغدرَ الغادر، وخُذِ اللهمَّ على يدِ كلِّ معاندٍ ومُكابِر.

اللهم أصلِح أحوالَ المسلمين في كُلِّ باطنٍ وظاهرٍ وصَفِّ لنا ولهم أجمعين السرائر، ونَوِّر لنا البصائر، واجعلنا ممَّن يعبدُك على بصيرة، ويدعو إليك على بصيرةٍ منيرةٍ، بمتابعةِ عبدِك المصطفى محمدٍ مَن جعلتَ سيرتَه أكرمَ سيرة، اللهم اقطُرْنَا بتلك القَطيرة، واجعلنا اللهم مِن المنتمين إليه بالاقتداءِ والتبعية كما أحببتَ مِنَّا حتى ننالَ حبَّك الذي وعدتَنا به في كتابِك {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}. يا أكرم الأكرمين

اللهم اصرِفنا من جمعتنا بقلوبٍ عليك أقبلَت ولِمَا عندك أمَّلت، ولكَ خشعت وخضعَت وكَبَّرت، فخرجَ تعظيمُ ما ليس بعظيمٍ عندك منها ظاهراً وباطنا، وقامت بحقِّ التعظيم لِمَا هو عندك عظيمٌ مِن شعائرِك وعبادِك الصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين.

يا أرحم الراحمين اغفِر لنا ووالدِينا ومشائخِنا وذوي الحقوقِ علينا والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات يا مجيبَ الدعوات يا ربَّ العالمين.

عبادَ اللهِ: إنَّ الله أمرَ بثلاثٍ ونهى عن ثلاث:

{إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}

فاذكروا اللهَ العظيمَ يذْكُركُم، واشكروهُ على نِعَمهِ يَزِدكُم، ولَذِكْرُ اللهِ أكبر.

للاستماع إلى الخطبة:

لمشاهدة الخطبة: