خطبة جمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الروضة بعيديد، تريم، 27 شعبان 1442هـ بعنوان:
المشاعر والأحاسيس وارتباطها بالإيمان والسلوك وخطر بيعها لغير الحق جل جلاله - رمضان أنموذجا -
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ مُكوِّنِ السماواتِ والأرض، وأشهدُ أن لَّا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ له جامعُ الأوَّلين والآخِرين ليومِ العَرض، فَيقضِي ولا مُعَقِّبَ لِحُكمه للمؤمنينَ والمُتّقينَ بالجِنانِ والنّعيم، ويحكمُ على الكافرين والفاسقين بالنِّيران والجَحيم.
وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا وقرَّةَ أعيُننا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدُهُ ورسولُه أكرمِ هادٍ في البريَّةِ إلى الصِّراط المستقيم، وأعظمِ قدوةٍ يُنالُ باتِّباعِها محبَّةُ العَليِّ العظيم، مَن جعلهُ اللهُ تبارك وتعالى رحمةً للعالمينَ ووصفهُ بأنه بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدِك المصطفى سيِّدنا محمد الذي كان يجتهدُ في رمضانَ ما لا يجتهدُ في غيرِهِ مِن أيّاَم السَّنَة، ويجتهدُ في العشرِ الأواخرِ منهُ ما لا يجتهدُ في غيرِها مِن رمضان، وعلى آلِه وأهلِ بيتهِ المُطهَّرينَ عن الأدران، وعلى آلهِ الصَّادقين الناصحين لدينِ الله أربابِ العِرفان، وعلى مَن والاهم فيكَ واتَّبعَهم بإحسان، وعلى آبائهِ وإخوانهِ مِن الأنبياءِ والمرسلين الذينَ رفعتَ لهم القدرَ والشأن، وعلى آلهم وصحبِهم وتابعيهم وملائكتِكَ المُقرَّبين، وجميعِ عبادِك الصالحين وعلينا معهم وفيهم برحمتكَ يا رحمن.
أما بعد عباد الله.. فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله.
فاتَّقوا اللهَ يا عبادَ الله، وأحسِنوا يرحمْكُم الله، ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ).
واعلموا أنَّ حقائقَ الإيمانِ والتَّقوى قويَّةُ الارتباطِ بالمشاعرِ والأحاسيسِ لدى قلبِ الإنسانِ وعقلِه، وكلَّما آمنَ بشيءٍ وانتهجَ طريقاً ومَسلكاً ارتبطَت مشاعرهُ وأحاسيسُهُ بمعنى إيمانهِ ومسلَكِه، كذلك الإيمانُ باللهِ وانتهاجُ سبيلِ طاعتِه وتقواه مرتبطٌ بمشاعرِ وأحاسيسِ مَن آمنَ بالله وسلكَ سبيلَ رِضاه، فتغلبُ عليهِ على قَدرِ قوَّةِ الإيمان المشاعرُ بمعاني ما أوحى الرحمن، ومِن ذلكم ما جعل اللهُ لنا في الأيامِ والأسابيعِ والأشهرِ والأعوام، مِن مواسمَ للخيرِ بعدَ مواقيتَ للصلوات واجتماعاتٍ في الجُمُعاتِ ومعرفةٍ بأشهرٍ حُرُم مِن بين الأشهُرِ المباركات، اللاتي هنَّ اثنا عشرَ شهراً بكتابِ الله يومَ خلقَ الأرضَ والسماوات، وفيهنَّ ذكرى وذكرى وذكرى لأولِي الإنابةِ والإخبات، وكلَّما قوِيَ الإيمانُ أحسَّتِ المشاعرُ بتلك المَعان، وانتهضَت الجوارحُ لملاحظةِ المَسلكِ في السِّرِّ والإعلان، انتهضت الجوارحُ للطاعةِ والكفِّ عن المعصيةِ والتزيُّنِ بالسُّننِ والتخلِّي عن المكروهات والشُّبهات، بانتهاضِ القلوب للاتِّصاف بما يحبُّه علَّامُ الغيوب والتنزُّه عما يكرهُه مِن الصِّفاتِ والعيوب، استعداداً ليومٍ تُقَلَّبُ فيه القلوب، ورُجعَى إلى الربِّ العالِمِ بما في الظواهرِ والغيوبِ جل جلاله وتعالى في علاه.
وهكذا يعيشُ المؤمنُ في ساعاتِ يومِه مِن ليلِه ونهارِه وفي أسبوعِه وفي شَهرِه وفي سَنَتهِ مع معانِي الإيمان وتقوى الرحمن مُتذكِّراً مُتنوِّراً مُنتَبهاً مُلاحِظاً، فرحُهُ بفضلِ اللهِ ورحمتِه في أداءِ صلاةِ جماعةٍ أو جُمعة أو توفيقٍ لقيامٍ أو صدقةٍ أو برِّ والدين أو صِلَةِ أرحام، يفرحُ بذلك وشعورُه مأخوذٌ بأنَّ ما آمنَ به حق، وأنَّ هذه الشؤونَ فيها حسنُ الجزاءِ وحسنُ المصير ورضا العَليِّ الكبير، يفرحُ بالقرآنِ وتلاوتِه عموماً وخصوصاً في مثلِ رمضان، يفرحُ بالأشهرِ الحُرُمِ لمكانِها، يفرحُ بأشهُرِ الحجِّ لمكانتِها، ويفرحُ برمضانَ سيِّدِ الشهور ويقتدِي بالقدوةِ العظمَى بدرِ البدور، فيجتهدُ في رمضانَ تلبيةً لما في قلبهِ مِن الشعور أنه شهرٌ ليس كمثلِ الشهور، تُضاعَفُ فيه الحسناتُ والمثوبةُ والأجور، مَن تقرَّبَ فيه بخصلةٍ مِن الخيرِ كان كَمَن تقرَّبَ بفريضةٍ فيما سواه، ومَن تقرَّبَ فيه بفريضةٍ كان كمَن تقرَّب بسبعينَ فريضةً فيما سِواه.
ينظرُ الحقُّ فيهِ إلى إقبالِ عبادِه وتنافُسِهم، وفيه ما يحملُ المشاعر على النَّظرِ إلى الشهرِ بميزاتِه وخصوصيَّاته ما قال مُبلِّغُ الرسالةِ سيِّد الأوائلِ والأواخر فيما روى الإمامُ البخاري ومسلم والنسائي وأحمدُ بن حنبل وغيرهم، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا جاءَ رمضانُ فُتِّحت أبوابُ الجنَّة وفُتِّحت أبوابُ الرحمة وغُلِّقت أبوابُ جهنم، غُلِّقت أبواب النيران وصُفِّدتِ الشياطين، وسُلسِلت الشياطين" وجاء في رواية الطبراني: "ونادى المنادي يا باغي الخيرِ أقبِل هَلُمَّ، ويا باغي الشرِّ أقصِر، كلُّ ليلةٍ من ليالي رمضان".
إنَّها مشاعرُ يشعرُ بها أهلُ الإيمان فيعيشون في أجواءِ الصِّدقِ مع عالمِ السِّرِّ والإعلان، هذه مشاعرُهم وهذه أعيادُهم لا أعياد ثورات ولا شجرات ولا أرض ولا مرور ولا شيء مما يُحدِثُه أهلُ الغفلة والغرور، يَستَلِبون المشاعرَ عن واجبِها وواجبِ الخلق نحو الإلهِ الخالِق إلى ما يُضاهُونَ بهِ شرائعَ الله، وإلى ما يسرقون بهِ مهمَّاتِ المؤمنين نحو وحيِ الله، ولكن مَن قَوِيَ إيمانُهُ لم تأخذْ مشاعِرَهُ ما يضعُ الشعوبُ والدولُ وما يُفكِّرُ به ذا وذاك ثم ينتظمُ إما أشهر وإما سنوات ثم ينتقضُ ويأتي غيرُه.. وهكذا على مدارِ الحياةِ في البشر، لكن الثابت والباقي الذي يدومُ ولا يزول ما وضعَ الذي مُلكهُ لا يزول الحيُّ القيُّوم ذو الطول والحول والقوة فيما شرعَ على لسانِ ويدِ خاتمِ النبوَّة صلى الله عليه وآله وصحبِه وسلم.
وانظر إلى الأفكارِ وانظر إلى المسالكِ مِن غيرِ منهجِ اللهِ على ظهرِ الأرض، كم تتغيَّر في القرنِ الواحد وفي نصفِ القرنِ الواحد وفي ربعِ القرنِ الواحد وفي العشرِ السنوات وفي السَّنة الواحدة كثيراً، تتغيَّرُ مِن دولةٍ إلى دولة وبلدةٍ إلى بلدة وما يسمُّونه بالدولي والعالمي كم يتغير أمامَ عينك ويتقلَّب ويتحوَّل، لكنَّ شرائعَ الأولِ الآخرِ الظاهرِ الباطن هي هي كما بلَّغها سيدُنا النبي، لا تتبدَّل قوة مِن قوي، ومنهجٌ مِن عالمِ الظاهرِ والخَفِي ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ).
فاعتزَّ بالله، واعتزَّ بدينِ الله، ولا تكن مُستعبَداً لأفكارِ حُثالةٍ مِن هنا ومِن هناك، يتغيَّرون ويُبدِّلون ويدَّعون العلمَ ثم يناقضُ بعضُهم بعضاً ويُناقِضون أنفسَهم بأنفسهِم، هذا ما يجري لهم أمام عينَيك.. ألا تعِي؟ ألا تُبصِر؟ ألا تُدرِك؟ ما هناك مِن ركيزةٍ ولا وثيقةٍ تستندُ عليها أقوى ولا أثبتَ مِن كلامِ الله وكلامِ رسولِه، خُذ منها منهجَكَ ودينَكَ وقوِّم بها مشاعرَك ولا تَبِعها لِلَّاعبين والفاسقين والمُفسدِين، كم مِن رجلٍ مسلمٍ وامرأةٍ مسلمةٍ باعوا مشاعرَهم، باعوا أحاسيسَهم لمَن لا يفيدُهم، ومَن لا ينفعُهم، ومَن لا يُجزيهم بخير في دنيا ولا في آخرة، فإن شاءَ ما شاءَ حتى اللعب بالحقائق والكذب على الخلائق وتهديد مَن يُدركُ حقيقةً في مجالِ طبٍّ أو في مجالِ هندسةٍ أو في مجالِ زراعةٍ إذا خالفَت خِططاً لأغراضٍ، فيُهدَّدُ مَن يعرفُ الحقيقةُ أن يتكلمَ بها أو أن ينشرَها في زمانِ حقوقِ الإنسانِ والحريَّة والديمقراطية، هذه حياتُكم التي تحيَونَها.. أفلا تُبصرون؟ أفلا تعقلون؟ إنَّ الرَّفيعَ الشَّريفَ العليَّ مَن أخذَ منهجَ الحيِّ القيُّومِ القويِّ وانتهجَ في المنهجِ النبوي، أولئك الذين لهم العِزَّةُ والكرامةُ في الدنيا والبرزخِ ويومَ القيامة.
ألا.. لا تبيعُوا مشاعرَكم لكلِّ غَوِي، ولا لكلِّ ذي غرضٍ مستعبَدٌ لغرضِه ويريد أن يستعبدَكم أنتم لأجل عبوديَّته لأغراضِه الفانية الدنيئة الساقطة الهابطة، ( يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) ، ( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ).
اللهم أهِلَّ علينا رمضانَ بإحياءِ مشاعرِ الإيمانِ في القلوب حتى نصومَ إيماناً واحتساباً ونقومَ إيماناً واحتساباً وندركَ شرفاً وعِزّاً واقتراباً وأجراً وثواباً، ونتنقّى ونتنزّهَ ونتحرَّرَ ونتطهَّرَ ونصدقَ إذ نتوجَّه إليكَ يا مَن إليه وِجهتُنا وإليهِ مرجِعُنا وهو مالكُ نواصينا وبيدِه دُنيانا وآخرتُنا، لا إلهَ إلا أنت، اجعل رمضانَ فتحاً للقلوب وكشفاً للكروب ودفعاً للأوبئةِ والبلايا والخُطوب، يا حيُّ يا قيّوم يا مُقلّبَ القلوب والأبصار.
والله يقولُ وقولُه الحقُّ المبين: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )
وقال تباركَ وتعالى: ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم )
أعوذ بالله مِن الشَّيطان الرَّجيم: ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ * إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ ۚ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ )
باركَ الله لي ولكم في القُرآنِ العظيم، ونفعَنا بما فيه مِنَ الآياتِ والذكرِ الحكيم، وثبَّتَنا على الصراطِ المستقيم، وأجارَنا من خِزيهِ وعذابِه الأليم.
أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولوالدينا ولجميعِ المسلمين فاستَغفِروه، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدلله حمداً يُحيِي اللهُ به القلوبَ فتنتظمُ مشاعرُها على هُداهُ وما أوحى إلى أنبيائه ورُسلِه الذين ختمَهم بِمُحمَّدٍ أنورها وأطهرها، وأشهدُ أن لَّا إله إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له هو الأعلمُ بخَليقتهِ أوَّلِها وآخرِها وباطِنِها وظاهرِها، وأشهدُ أنَّ سيَّدنا ونبيَّنا وقُرَّةَ أعيُننا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدهُ ورسولُهُ، مُنقِذُ القلوبِ والعقولِ ومُحرِّرُها مِن ظُلماتِها وآفاتِها وشركِها وكُفرِها والقائم بتنويرها وطُهرِها.
اللهمَّ أدِم صلواتِك على المُنقِذ الأعظمِ للبشريَّةِ خيرِ البريَّة، الهادي إلى سبيلِك السويَّة سيِّدِنا محمدٍ أطهرِ خلقِكَ وأنورِهم وأعظمِهم وأصفاهُم وأنوَرِهم، وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه وسارَ في دربِه، وعلى آبائه وإخوانِه مِن أنبيائك والمرسلين وآلِهم وصحبِهم والتابعين وملائكتِكَ المُقرَّبين وعبادِك الصالحين أجمعين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
أما بعد عبادَ الله.. فإنّي أوصيكم ونفسيَ بِتقوى الله، فاتَّقوا اللهَ ولا تَرضَوا ولا تُخدَعوا ببيعِ مشاعرِكم لمَن ليس بيدِهِ أمرُكم ولا مرجعُكم إليه، واحفظوها مُنوّرةً بنورِ الله بالإيمانِ وباليقينِ وبالتَّقوى تتحرَّكُ منكم المشاعرُ والأحاسيس، ومَن صحَّت مشاعرُه فهو في هذه الأيام مشغولٌ بتَطهيرِ الجَنان لأجلِ رمضان وطلبِ رِضوانِ الرَّحمن، مَن استقامَت مشاعرهُ بِنورِ الإيمان وحقيقةِ التقوى لعالمِ السِّرِّ والإعلان لا يخطرُ على بالِهِ أن يُتابِعَ في رمضانَ مسلسلاتِ الغَفلةِ والغافلين، ولا اللعب واللاعبين ولا الهزوء والمستهزئين ولا الفَساد والمُفسدين، لا يخطرُ على بالِهِ أن يُضيِّعَ غُررَ ليالي الشهرِ في الضحكِ واللعب.. مَن استقامَت مشاعرُه، لكن مَنِ اختلَّت عنده المشاعر، هو الذي يفكِّر أن يلعبَ حتى في الشهرِ المنيرِ الزاهر، هو الذي يفكّر أن يعصي، هو الذي يفكّر أن يُجالسَ الغافلين حتى في رمضان، وإن ما كفاه أصحابُه مِن أهلِ بلدِه فيجالسُ المفسدين في كلِّ مكانٍ عبرَ الشاشات، يا ما أخبثَ ما وصلتَ إليه مِن موتِ المشاعر بل مِن بَيعِها للفاجرِ والفاسقِ والمُنافقِ والكافر، إعطاؤك مشاعرَك لربِّك خيرٌ لك وأظفرُ وأنورُ وأبهجُ وأحقُّ وأرفعُ وأنفَع وأمجد إن كنتَ تُدرِك وتعرف.
احفظ سرَّ المشاعر، كُنا نعهد في بلدانِنا وبلدان المسلمين المُحافظةَ الملتزمة سموَّ المشاعر حتى عند أطفالِهم من قبل رمضان وفي أيام وليالي رمضان، مَن لم يبلغْ وقتَ الصوم منهم تجده حول المساجد في عصريَّاتهم ويتأمَّل ما يقولونَ وما يرتجزون به، وعند الإفطار يُقسَّمُ عليهم التَّمرُ ليرجعوا إلى الدِّيار، مرتبطين بالصَّوم وإن لم يكونوا صائمين، عارفينَ أنَّ الشهرَ شهرُ عبادة وتقوى ليس عندهم خوضٌ في الباطل ولا خروجٌ في ألعابِهم ونحوها عن الشَّرعِ ولا عن التقوى، ويُشاهدون أحوالَ الآباء في المساجد والأمَّهات في البيوت، ويشاهدون القرآنَ يُقرأ بكَثرة ويُشاهدون في البيوت ما تصير به مشاعرُ وأحاسيسُ الأطفال في رُتَبٍ عَوال.
فانظر كيف صارت أحاسيسُ ومشاعرُ نساء ورجال بيعَت لأهلِ الضلال، وربما ظنَّ أنَّ مِن الخيرِ والعيدِ أن يتهيَّأ للعيدِ بشراءِ الثِّيابِ، وسُنّةٌ أن يشتريَ أحسنَ ما يجدُ ويقدرُ عليه مِن الثِّيابِ وأغلاها، لكنه يصرِف ذلك في صَرفِ ليالي العشر أو ساعاتٍ مِن ليالي العشرِ في الأسواق تطولُ ثم يُخرِجُ نِساءَهُ ويتعرَّضنَ لأن يراهُنَّ الرجالُ وأن يَرينَ الرجال.. بئس ما صنعوا وما أخسَّ ما ماتت مشاعرهم! باعوها لمَن؟ وهبوها لمَن؟ إنه كانت المشاعر تفيضُ في رمضان "فإذا دخلت العشرِ الأواخر شدَّ مئزَرهُ وأحيا ليلَه وأيقظ أهلَه" ، فلا يخرجُ مِن مُعتكَفه إلا لصلاة العيد، هذا مسلكُ المصطفى، هذا مسلكُ القُدوة، فمَسلكُ مَن يُخرِجُ النساءَ إلى الدَّكاكين في الليالي العشر؟ مَسلكٌ مِن أيِّ بيتٍ خرج؟ مِن بيوتِ المسلمين في بلادِ العلم وفي جوارِها مِن القرى، أين ذهبَت مشاعرُهم على مَن باعوها؟ أين ذهبت أحاسيسُهم؟ خُذ لك مِن قبلِ رمضان ومِن أولِه ثياباً تُرضِيك وتُرضي زوجتَك التي لا تعرفُ إلا خِرقتَها، وارفع المشاعرَ لك ولها، لتعرفوا أنَّ بضاعةَ رمضانَ لا خِرَق ولا أسواق، لكن خشوعٌ عند القرآن وحضورُ قلوبٍ مع القرآن وتحقيقٌ لسرِّ الصِّيام والقِيام.
انتهِض بمشاعرِك أيها المؤمن وصُم إيماناً واحتساباً، وقُم إيماناً واحتساباً مُتَّصلاً بنورِ الوحي، مرتبطاً بالقدوةِ النبي صلى الله عليه وآله وصحبِه وسلم، وأعطِ رمضان حقَّه في أسرتِكَ وبيتِك وفي فطورِك، فلا تفطرْ على الشُّبهة ولا على الحرام وخُذ ما تيسَّرَ لك مِن التَّمرِ الحلالِ وفي ملابسِك وملابسِ أهلِك، وربما في ليالي العشر اشترَت ثيابَ الكاسيات العاريات، خرجت إلى الأسواق اختلطَت بالرِّجال وأخذَت المالَ مِن عند زوجِها الذي ماتَت مشاعرُه كمثلِ ما ماتت مشاعرُها، واستعدَّت بثيابٍ تُحذِّر لسانُ النبوَّة منها وتلعنُ أصحابَها ثم يظنُّ نفسَه على خير.. ماتت مشاعرُه، ماتت أحاسيسُه، "صنفانِ مِن أمتي مِن أهل النَّار لم أرَهما بعد: رجالٌ بأيديهم سياطٌ كأذنابِ البقرِ يضربونَ بها الناس" أهل الظُّلم والطُّغيان، " ونِساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مُمِيلاتٌ رؤوسُهنَّ كأسنِمَةِ البُختِ المائلة لا يدخلنَ الجنَّةَ ولا يَجِدنَ ريحَها". تتشبَّه بنتُه بِهنّ وزوجتُه وتأخذ الفلوسُ مِن عنده ورُبَّما أوصلَها بسيارتهِ إلى محلِّ الغفلةِ والشِّراء لهذا السَّاقط الهابِط من الملابس! أين أحاسيسُك؟ أين مشاعرُك؟ في تبعيَّةِ مَن أنت؟ مَن يقودُ منك الذَّوقَ والإحساس؟ شرقيٌّ أو غربي، عربيٌّ أو عجمي، إنسيٌّ أو جنِّي، صغيرٌ أو كبير.. مَن خلقكَ حتى تبيعَ نفسَك لأحدٍ مِن هؤلاء؟ والله لا خلقوك ولا رزقوك ولن ترجِعَ إليهم، انظر إلى خالقِك ورازقِك وما أحبَّ مِنكَ وأرسلَ إليكَ أميناً مأموناً صادقاً حُجَّةً أميناً داعياً مُرشداً قُدوةً حسنةً فاتَّبِعهُ تُرفعْ وتُجلَّ.
أيها المؤمنون بالله: في رمضانَ وفي غيرِ رمضان يرفعُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صوتَه الكريم: "مَن يوقظُ لي صُويحِباتِ الحُجَر؟" أي أمهات المؤمنين لِيَقُمنَ في الليل، يخضعنَ للرَّب ويخشَعن، وكذلك كان النساء والصِّغار والكبار مِن الأخيار قبل مُداهمةِ بَيعِ المشاعر هذا الذي طرأ علينا في الأقطار.
يا ربِّ اجعل رمضانَ هذا رمضانَ خيرٍ تعود فيه المشاعرُ إلى التقوى، وتتنوَّر بنورِ الوحيِ العظيمِ الرَّاقي الذي لا يُعلَى عليه حتى نسعدَ في الدُّنيا والأخرى.
اللهمَ اجعلهُ من أبركِ الرَّمضانات على أهل الإيمان والإسلام في جميعِ الجِهات، وحوِّل الأحوالَ إلى أحسنِها يا دافعَ الوباء والشَّرِّ والضُّر فيما بطنَ وظهَر يا أرحمَ الرّاحمين.
أكثروا الصلاةَ والسلامَ على قُدوتِكم ومُرشدِكم وإمامِكم عبدِ الله المصطفى محمد، فإنَّ ربَّ العرشِ مُنزلَ الكتاب بدأَ بنفسِه وثنَّى بملائكتِه ووجَّه إليكمُ الخطابَ في الصلاةِ والسَّلامِ على سيِّدِ الأحباب، فقال في نصِّ الكتاب تكريماً وتعظيماً وتفخيماً: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهم صلِّ وسلِّم على قُدوتِنا مَن اتِّباعُهُ يُثمِر لنا حبَّك، سيِّدِنا محمدٍ نورِ الأنوار وسرِّ الأسرار، وعلى الخليفةِ مِن بعدهِ المُختار وصاحبهِ وأنيسهِ في الغار، مؤازرِهِ في حالَيِ السَّعةِ والضِّيق، خليفةِ رسولِ الله سيدِنا أبي بكر الصديق، وعلى الناطِقِ بالصواب، ناشر العدلِ مُحاسبِ النَّفسِ الوقَّافِ عند آياتِ الله وكتابهِ حليفِ المحراب، المُنيبِ الأوَّاب، أميرِ المؤمنين سيدِنا عمرِ بن الخطاب، وعلى مُنفقِ الأموالِ ابتغاءَ الرِّضوان، مُحيِي الليالي بتلاوةِ القرآن، مَنِ استحيَت منهُ ملائكةُ الرَّحمن، أمير المؤمنين ذي النُّورَين سيدِنا عُثمانَ بنِ عفَّان، وعلى أخِ النَّبيِّ المصطفى وابنِ عمِّه، ووليِّهِ وبابِ مدينةِ علمِهِ، إمامِ أهلِ المشارقِ والمغارب، ليثِ بني غالِب أسدِ الله الغالب، أمير المؤمنين أبي الحسنين سيِّدِنا علي بن أبي طالب، وعلى الحَسَنِ والحُسينِ سيَّدَي شبابِ أهلِ الجنَّة في الجنة، وريحانتَي نبيِّك بِنَصِّ السُّنة، وعلى أمِّهِما الحَوراءِ فاطمةِ البَتولِ الزَّهراء، وعلى خديجةَ الكُبرى وعائشةَ الرضا، وعلى الحمزةَ والعبَّاس وسائرِ أهل بيتِ نبيِّكَ الذين طهَّرتَهم مِن الدَّنسِ والأرجاس، وعلى أهلِ بدرٍ وأهلِ أُحدٍ وأهلِ بيعةِ الرِّضوان، وسائرِ الصَّحبِ الأكرَمين ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين.
اللهمَ أعِزَّ الإسلامَ وانصُرِ المسلمين، اللهم أذِلَّ الشِركَ والمُشركين، اللهمَ أعلِ كلمةَ المؤمنين، اللهم دمِّر أعداءَ الدِّين، يا مَن كلمتهُ هي العُليا أعلِنا بإعلاءِ كلمتِكَ والصِّدقِ معك يا مولانا في آياتِك والعملِ بشريعتِك، اللهم اجعل رمضانَ المُقبلَ علينا مِن أبرَكِ الرَّمضانات سِرّاً وعلناً، وارفعنا اللهم بهِ مقاماً عليّاً نزدادُ به إيماناً وأمناً، اللهم وارفعِ الأمراضَ والعِللَ والآفاتِ عنَّا وعن أمةِ حبيبِك محمدٍ ولا تجعلها في يَدِ أعدائكَ يلعبون بها كما شاؤوا على تراثِ المسلمين ومشاعرِهم، اللهم رُدَّ كيدَ أعداءِ دينِك في نحورِهم واكفِ المسلمين جميعَ شرورهم، اللهم حوِّل الأحوالَ إلى أحسنِ حال، وعافِنا مِن أحوالِ أهلِ الضَّلال وفِعلِ الجُهَّال، يا قويُّ يا قادرُ يا مَن مُلكهُ لا يزول، ويا مَن حارَت في إدراكِ عظمتهِ العقول، يا كريمُ يا رحمنُ يا رحيمُ يا برُّ يا وَصول، بارِك لنا في خاتمةِ شعبان وأعظِم البركةَ لنا في ليلة النَّظرة في رمضان، وفي جميعِ لياليهِ وأيامه وارزقنا المُسارعةَ إلى رِضوانِك والظَّفَرِ بواسعِ امتنانِك، فإنَّ لك عُتقاءَ في الشَّهر في كُلِّ يومٍ وليلة، ستمائة ألف عتيق، ألف ألف عتيق، فإذا كانَ آخرُ ليلة أعتقتَ مثل ما أعتقتَ مِن أولِ الشهرِ إلى آخرِه.. سبحانَك، ومُناديكَ يُنادي في كلَّ الليالي: هل مِن تائبٍ فأتوبُ عليه، هل مِن مُستغفرٍ فأغفِرَ له، هل مِن طالبِ حاجةٍ فأقضيَ حاجتَه، هل مِن مُبتلى فأعافيَه.. حتى يطلعَ الفجر، فبارِك لنا في هذه الليالي بنُورِها المُتلالي، وارفعنا إلى المقامِ العالي، وارزق قلوبَنا يا مولانا كمالَ الخشوعِ عندَ تلاوة الآياتِ وسماعِها مِن كلِّ تالي في الصَّلوات وفي خارِجِها، اجعلنا مِن أهل القُرآنِ الذين تلينُ جلودُهم وقلوبُهم وتقشَعِرُّ إذا سمعُوا آياتِك يا الله.
اللهم احفظ علينا مشاعرَنا وأحاسيسَنا حتى لا نبيعَها لغيرِك ولا نصرفَها لسِواك فأنتَ مولانا وإليكَ مرجعُنا ومنتهَانا، لا إله إلا أنتَ آمنَّا بك فنسألكَ لنا ولأمةِ محمدٍ كشفَ الشَّدائدِ والبلايا والآفات الظاهرةِ والباطنة، وتحويلِ الأحوالِ إلى أحسنِها، وبركةً في ليالي الشهرِ وأيامِه، وبَسطاً لِبُسُطِ الإكرامِ والإنعامِ مِن فضلِكَ لكلٍّ منَّا، صغيراً وكبيراً ذكراً وأنثى، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، ونسألكَ لنا وللأمَّة مِن خيرِ ما سألكَ مِنه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، ونعوذُ بكَ مما استعاذكَ منه عبدُك ونبيُّك سيدُنا محمد، ونَستغفرُك لنا ولمَن يحضرُ جمعَنا ولمَن كان معنا ولأحيَانا وموتَانا، فاغفِر لنا يا خيرَ الغافرين واختِم لنا أجمعين بأكملِ الحُسنى واليقين، واجعل لنا أعماراً مباركةً مصروفةً في مرضاتِكَ وخيرَ ما يُرضيكَ عنا يا أكرمَ الأكرمينَ يا أرحمَ الراحمين.
عبادَ الله: إنَّ اللهَ أمرَ بثلاث، ونهى عن ثلاث:
( إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
فاذكروا اللهَ العظيمَ يذكُرْكُم، واشكروه على نعمِه يَزِدْكُم، ولذِكرُ الله أكبر.
للاستماع إلى الخطبة