03-2009
09

ما يمتاز به أهل الشوق والمحبة للحق ورسوله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب المحبوب، أكرمنا الله جل جلاله بإشراقة أنوار عبده المصطفى محمد، فكان لأهل عالم الشهادة، وأهل عالم الحس، وأهل عالم الدنيا تاريخٌ جديد، وعطاءٌ ومزيد من حضرة الواحد المجيد.

دخل العَمر الذي أقسم الله به في القرآن ( لعمرُك ) من ليلة ميلاده صلى الله عليه وآله وسلم. وابتدأت الأمة تتميز عمن قبلها من ميلاده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فلم يكن قبل ذلك الميلاد فضلٌ لأمةٍ كفضلِ هذه الأمة وإلى متى ..؟ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها آثار الميلاد قائمة بالوجود، آثار ميلاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم ساري سرُّها في تفضيل هذه الأمة، وفي جريان الخيرات لها من حضرة الرحمن الرحيم جل جلاله, وفي بقاءِ أسرارِ الاتصال بوحي الله، وتشريع الله، وفضل الله، ورحمة الله ونور الله سبحانه وتعالى.

ومعاني القربِ منه ومعاني الفهمِ عنه قائمةٌ في هذه الأمة بأسرار ذلك المولود صلى الله عليه وبارك عليه وعلى آله وكل من مضى في هذه السلسة .. سلسلة المعرفة ، سلسلة المحبة، سلسلة الصدق، سلسلة الآداب، سلسلة الاطلاع على أسرار الوجود، سلسة الاطلاع على معاني أسماء الحق المعبود وصفاته جل جلاله، وحيازة السر من المعرفة به، وهي ألذُّ ما يُعطى الناس، وأعلى وأرفع ما يُعطى الناس كلهم، من أثر ذرات ذلك المولود صلوات ربي وسلامه عليه.

ذرات من أثر نور ذلك المولود صلوات ربي وسلامه عليه إلى مجمعنا وصاحب مجمعنا في شرق الأرض ومغاربها من ذكر أو هدى أو نور أو صلاة أو قراءة أو عبادة ممن عرفت عمن أخذت من رأسها، رأسها محمد، رأس الذكر لكل ذاكر، رأس الشكر لكل شاكر، رأس الصلاة لكل مصلي، رأس العبادة لكل عابد، رأس الهدى لكل مهتدي، رأس الحضور لكل حاضر، رأس النور لكل منّور، رأس التقوى لكل متَّقي.. يا ربي صلِّ عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً توفر به حظَّنا من السعادة بهذا النور، ومن السعادة من الاتصال ببدر البدور، والارتباط به في طول الأعمار، وعند خروج الروح من الأجساد، وفي البرازخ وفي يوم المعاد..

يا الله: إذا حمل لواء الحمد فاجعلنا من أسعد الناس بالقرب منه، ومن أسعد الناس بالدخول في دائرته، وفي دار الكرامة يا رب، وفي مستقر الرحمة شرِّف هذه العيون بالنظر إلى طلعته الغرَّاء، وإلى وجهه الأزهر يا الله، وعجل لهم بنصيب من ذلك في خلال الأعمار القصيرة في هذه الدنيا، وأكرمنا وإياهم بنصيب وافر من ذلك في برازخ الأنوار .. والويل لمن لا يراه يوم القيامة.

أيها المجتمعون على هذه الخيرات:
حركوا هممَكم وابعثوها لتلقِّي الفيوضات من حضرة الذي يعطي ولا يبالي
من هو..؟ الله ..
الذي عرَفنا اسمَه وعرَفنا وصفَه بــ ( محمد ) ودعوته، وبيانه ودلالته، وصبره ومجاهدته، وجوعه وتبتُّله، وبكائه وخضوعه، وحضوره وخشوعه، وهجرته وإسرائه، وغزواته صلى الله عليه وآله وسلم، ومكابدته وحسن بلاغِه عن الله، اللهم اجزِه عنا أفضل ما جزيت نبيًّا عن أمته، أفضل ما جزيتَ به رسولاً عن قومه.

أيها المجتمعون: حركوا هممَكم لترتقوا.. لتتَّصِلوا.. لتدخلوا في دوائر الفضل الرباني، التي كم عُقدت المجالس ليدخل الداخل فيها، ليحصل المحصِّل نصيبَه من سرِّ اتصاله الخاص بباريه جل جلاله وتعالى في علاه.

الحبيب عمر أثناء محاضرته في مسجد المحضارلاشك أنك بحكم إسلامك وإيمانك وتصديقك بما جاء امتدَّ لك نصيبٌ من نور الصلة بالله، ولكن تريد أحلف لك أن وراء هذا النصيب أجل وأكبر وأعظم. حالَت بينك وبينه اتجاهاتٌ عندك، ووجهاتٌ قلبية، وحالَ بينك وبينه رضا بالحجب، وحصلت عليك رضا بأوصاف دنيئة، رضا بكلمات ما كان ينبغي أن تصدُر من لسانك أخذتَ تُصدرها، رضا بنظرات ما كان ينبغي أن تصدر من عينيك خلت تنظر بها.. أخذتَ تنظر يمنةً ويسرةً، نسيت ما حُذِّرت به وأُنذِرت ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )..

واسمعها بأرفع وأوسع وأجمع: يقول لك الرب على لسان المصطفى المشفع صاحب الجاه الأوسع الذي أكرمنا بوصلة البلاغ عن الله به صلى الله عليه وآله وسلم، يقول ربي وربك:

( أم يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ )

إقامةً لهذه الشؤون هذه المظاهر والأعذار والحجج والحقيقة هو السامع انه المطلع أنه الذي يرى جل جلاله وتعالى في علاه،
وها نحن وإياكم في حضرته العلية جل جلاله بين يديه سبحانه وتعالى في توجُّهِنا إليه، في تعرُّضنا لرحماته..يا ربي مستوى الصلة التي كانت وسِّعها لنا، وارفعنا فوقها يارب هيء كل واحد منا أن يرتقي في ليلته هذه لصلة جديدة ومزيد، يحظى به من حضرتك يا علي يا حميد.

وأهل المزيد في هذا العطاء يحيون حياة الهناء، وعند الغرغرة واللقاء تُبسط لهم بساط البشارات، وإذا وُضعوا في الألحاد أشرقَ عليهم نورُ خير هاد، وإذا وُضعوا في الألحاد نازلَتهم عناياتٌ وملاطفات رب العباد.

كم مِن ميت صادق مع الله في وجهته تستحي الملائكة من مقابلته إذا رأت نور وجهه مشرقاً بسر العبودية للحق تباك وتعالى، من أسرار تلك الصلة القوية خجلت منه لمكانه من مليكها، لمكانه من إلهها، لمنزلته من خالقها سبحانه وتعالى.

فيا ما أعجب الصلات بالله! عُقدت المجالس لتتصل، فاتصل يا أخي، لا تنقطع بشيءٍ من شهواتك أو بشيء من دنيء الصفات ..
إن كنتَ تحب أن تتخلَّى عن ذميم الصفات فمنها ما تعلم ومنها ما لا تعلم. في المجمع معك أربابُ قلوب وأرواح طاهرة وملائكة يعلمون منك ما لا تعلم من نفسك، إذا صدقتَ في وجهتك دخلتَ في وجهاتهم فتوجَّهت أنت بما تعرف، وتوجهوا لك بما لا تعرف.. ثم قابلَ الكلَّ قبولَ الذي إذا قبل أعطى على قدرِ علمه وعلى قدر كرمه، الذي يفوق علومَ الملائكة والمقربين والصديقين وعلمه المحيط بكل شيء وكرمه الذي لا يقف عند حد..

أنت بين يديه يا أخي، ها نحن واياك, المجمع مجمعٌ عقد بعقدِ المشفع، جاء من هناك خبر سر الاتصال هذا، وسر الولاء هذا, وسر المحبة هذه, وسر الوجهات هذه, وسر بروز العلماء أو الصلحاء فينا ممن أسس هذه المجالس وذكر فيها وحضرها، وقاد أزمَّتها الباطنة من أهل الظاهر وأهل الباطن إلى مجمعنا هذا، كل تلك عطايا من المعطي وَقفتُم بها على باب كرمه..

لم أزَل بالباب واقف                فارحمَن ربي وقوفي

وإذا رحم وقوفَك أذهبَ حُجبك كلَّها ومزَّقها ..إذا رحم وقوفك أذن لك بالدنو في حضرات القدس فعِشتَ عيشةَ الكرام عيشة لا يمكن أن توجد بحضاراتٍ أرضية ولا باكتشاف أجهزة سلكية ولاسلكية. إنها الأجهزة السلوكية، أجهزة السلوك إلى ملك الملوك جل جلاله، تلك التي يعظُم شأنها ويعظُم أمرها.

عجبا لمن يتعجب في صاروخ أو في طائرة أو في مركبة فضائية، يحاولون الوصول بها إلى شيء من الكواكب بين السماء والأرض!! ثم لم يمتد نظره إلى عند المستجيبين بصدق لهذه الدعوة صارت لهم أرواح متصلة بالسموات العلى وبالعرش..
لأقوالهم شأن مع عرش الرحمن، لمجالسهم شأن مع عرش الرحمن، لوجهاتهم شأن مع العرش والكرسي وسدرة المنتهى والبيت المعمور ومن فيه, هذا هو العجب.

أتدري أن نبيَّك محمداً صلى الله عليه وآله وسلم سمى ذاك المحب الصادق سيدنا جعفر سمي ( الطيار ) على لسان المصطفى، لما تلقوا عنه أن يطير بجناحيه في الجنة .. الطيار قبل أن تعرف الحضارات طيار, قبل أن تعرف العوالم طيار.

وهؤلاء الآن طيارين وشركات الطيران بأصنافها إلى أين يصلون أيجاوزون الكرة الارضية وغلافها الجوي؟ أيجاوزون شيئاً من هذه الكواكب بين السماء والأرض؟

لكن طيارنا الأول جاوز السموات, طيارنا الأول جعفر بن أبي طالب عليه رحمة الله تبارك وتعالى يطير في جنة ربنا، من منطقة إلى منطقة، في دارٍ أصغر مُلكٍ لأقل واحد فيها - وما فيهم قليل - مثل الدنيا عشر مرات.

فأين هذا الطيران من هذا الطيران يا من بُهتوا بأشياء تزول وعما قريب تخرب!؟
ألا هل لكم عقول تتعشَّق ما لا يزول؟ ألا هل لكم عقول تدرك حقيقة ما يبقى بغير أُفول؟
ألا إن عندنا شمساً لا تزول, دعُوا الكهرباء متى أرادت أن تنطفئ فلتنطفئ, ودعوا الشمس متى أرادت أن تكسف فلتُكسف ..
ودعوا القمر متى أراد أن يُخسف فليُخسَف ..

معنا سراج لا خسف له، معنى سراج لا كسف له، معنى سراج لا انطفاء له

هو شمسنا الشارقة اللي ما لها غروب
صلى الله عليه وآله وسلم وبارك عليه وعلى آله
معنى قمر ما بدا غابت ولا با تغيب

لو أشرق اليوم نورُه في قلبك لعرفتَ سرَّ الأنس بهذا النور، وما باليت بالظلمة الظاهرية في هذا العالم، ولا بساعة الوضع في اللحد، ولأدركتَ من سر هذا النور مؤانسةً من حضرة المصطفِي المجتبِي لهذا المجتبَى.. إنه الله جل جلاله.

( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا )
( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين )

يا حي يا قيوم: شرِّف هذه القلوبَ بإشراقةِ ضياء هذا النور، واجعله يزداد على مدى الدهور، حتى نجتمع في دائرته يوم البعث والنشور، وفي دار الكرامة يا أكرم الأكرمين، مع السابقين من غير سابقةِ عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب.

أيها الحاضرون في المحضر:
جانب من الحضور في مسجد المحضارميزانٌ في هذا العالم نحياه، الفوارق بين من يتعشَّق رؤيةَ محمد ولُقياه وبين من لم يحظَ من هذا بنصيب من مولاه.
الفوارق بينهم: وجهاتهم.. آدابهم.. أخلاقهم.. اهتماماتهم، فلا يغرنَّكم شيءٌ مما يُنشر لكم من شرق الأرض أو غربها، خذوا منشوراتٍ من عند رب المشارق والمغارب، حملَها إلينا سيدُ أهلِ المشارق والمغارب، حملَها إلينا النورُ الذي إذا خَسف القمر وجُمع الشمس والقمر، أشرق فعمَّ كلَّ الخلائق فيما بطن وفيما ظهر.

اللهم اربطنا بذلك النور ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وأيمانهم ) كأني بالمقبول منا في المجمع مذكورٌ وسط الآية، مرادٌ مِن قبل منزل الآية وسط الآية، فيا بُشراه بهذه العطية من رب البرية جل جلاله.

وتوجَّهوا بقلوبكم إلى الله أن لا يترك فينا واحداً غير مُراد، وأن لا يترك فينا واحداً ما أراده بهذا العطايا من حضرته، يا كريم يا جواد: بمحبتك لخير العباد لا تُخلِّف منا صغيرا ولا كبيرا، اجعل الكل مراداً لك بأنه مع محمد، يحشر معه في ذا يوم المصير ( يوم لا يخزي الله النبي والذين معه ) ما أحلاها من كلمة، ( معه ) هل تدرك معناها؟

إذا أدركتَ معناها ما قدر يغويك أحد بوزارة، إنك مع وزارة، ولا بمهارة أنك مع تلك المهارة، ولا بوظيفة أنك مع تلك الوظيفة، ولا بلقب أنك مع ذاك اللقب، ولا بقناة أنك مع تلك القناة، ولا بلعبة أنك مع تلك اللعبة.. بعد أن تذوق معيةَ الصفوة، ما ترضى بهذا، ما يغرك هذا..

لكنه يأخذ القلوب التي ما ذاقت حلاوةَ معية خير البرية..
كانوا يتذوقونها في كل صلاة، لما جاءت مشروعيةُ صلاة الخوف في الجهاد في سبيل الله، وقسَّم المجاهدين إلى فرقتين، ما قال: فرقةٌ يصلون معك، وفرقةٌ مع غيرك، لأنهم كلهم يذوقون حلاوة المعية ولا يستبدلون بها غيرها، يريدون أن يصلوا معه، يريدون أن يسجدوا معه، يريدون أن يدخلوا الحضرةَ معه صلى الله عليه وآله وسلم.

فنصَّ الله على ذلك في القرآن، وجاء الشرع قال: أنت وبعد من يخلفك ليكون رابطة بك في أمتك، قل للمجاهدين أن يرتبوا هذا الترتيب ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأتِ طائفةٌ أخرى ) الأولى معه والثانية كيف خبرها؟ قال ( ولتأتِ طائفةٌ أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) أدخلهم بالمعية ( فليصلوا معك وليأخذوا حذرَهم وأسلحتَهم )

ولتذوُّقهم أسرارَ هذه المعية ومعناها مرَّ يوماً وجماعة يرمون بالنبل، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ارموا بني أرفدة فإن أباكم إسماعيل كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان، فأمسك الكل وتوقفوا، مالكم ارموا، قال: كيف نرمي وأنت قلت مع بني فلان!؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم. دار الكاس ذاق الحلا ..

ما رموا لما قال: وأنا مع بني فلان، ولما قال لهم: معكم كلكم اطمأنت نفوسهم.
والليلة هل ستكون معه أو ما أنت معه!؟ وإذا لم تكن معه وما ذقت حلاوةَ معه.. ساعتها نذهب بك إلى أي مستشفى!؟ نعرضك على أي طبيب!؟ من لعلَّتِك يداويك؟ حُجِبت الناس عن ذي الأذواق، لا والله لا تصنعها مصانع شرق ولا غرب، والله ما توجد في خزائن ملوك ولا مَن سواهم، خلَّفَها لنا صاحب التركة العظيمة، معروضة علينا، الله لا يحرم أحداً منها، الله يدخلنا كلَّنا في هذه الدائرة معه.

معه نحيا يا رب، معه نموت، معه يا رب نحشر، يا رب معه تحت لواء الحمد، يا رب تحت ظل العرش، يا رب معه عند المرور على الصراط، يا رب معه في دار الكرامة وجناتك العلا يا رب، يا رب معه صغارنا معه وكبارنا، معه رجالنا، معه نساؤنا..
ومن حضر المحضر أذِقهم يا ربي حلاوةَ المعية، ولذةَ المعية، حتى لا يرضوا لأنفسهم بالدنية، والهُوِي مع الأغراض السفلية.
يا الله حرِّر هذه القلوب، يا الله حرِّر هذه النفوس، يا الله حرِّر هذه الوجهات، اجعل وجهتَنا إليك، واعتمادنا عليك ..

لم أزل بالباب واقف                   فارحمن ربي وقوفي

وإذا رحم وقوفَك أدخلك إلى دائرة الفضل، وفي هناك ما عاد تريد أن تنصرف لا يمنة ولا يسرة

وبواد الفضل عاكف                   فادم ربي عكوفي

ولحسن الظن ألازم ..
حسن الظن بالله، حسن الظن بالأنبياء، حسن الظن برسله، حسن الظن بالصحابة، حسن الظن بأهل البيت، حسن الظن بالعلماء، حسن الظن بالأحياء، حسن الظن بالأموات..

ولحسن الظن ألازم                 فهو خلي وحليفي
وأنيسي وجليسـي                    طول ليلي ونهاري

ومن جاء بحسن الظن انقضت حاجته، وتحققت مسألته..

حاجة في النفس يا رب                      فاقضها يا خير قاضي

يا الله ومن حاجتنا نظرتُك إلى هذه القلوب كلها
حرك همتك وقل يا الله، لا بلسانك وحده، قل بكلِّيتك يا الله .. بقلبك قل يا الله، في دمك قل يا الله، بشعرك قل يا الله، بعظامك قل يا الله، في عصبك قل: يا الله بعصبك قل يا الله، بخلاياك قل يا الله، لأنه ليست فيك خلية من صنعِ غيره، خلاياك كلها من صنعِه فناده بها، هو أحق أن يُتوجَّه بها إليه، توجه بكلِّيتك، قل لهذا القريب المجيب الذي جعلك من أمة هذا الحبيب وأسرى إليك الخير والنصيب في هذه الساعة قل له بكليتك يا الله ..

فهو وعزته يسمعك، نعم يسمعك، قل له: يا الله، ومع أنه يسمعك ينظرك ويبصرك ويراك، إنه الله.. فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
إنه الأكرم يا فرداً من أمة محمد، انوِ النيةَ الصالحة في باقي عمرك، اغتنم ساعةَ العطاء، اغتنم ساعة القبول، ما تحصلها كل ساعة..

يا حي يا قيوم اجعلها من ليالي الأنس، لا تحرمنا يا الله، لا تخيبنا يا الله، لا تقطعنا يا الله، لا تصرف الخيرَ عنا.. نسألك من فجأة الخير ونعوذ بك من فجأة الشر.

نوِّر القلوب، ونوِّر القبور، وهيئنا لمرافقةِ بدرِ البدور، ونور النور محمد المصطفى المحمود، سببُ السعادة لكل مسعود، أكرمِ كلِّ مولود.. كلكم صلوا عليه، هو القائل: من صلى عليه واحدة صلى الله به عليه عشرا، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه تسليما، واكتب لنا القبول فنبيت وأنت تصلي علينا،

ومن بات وأن تصلي عليه بُدِّلت سيئاته إلى حسنات، ومن بات وقد صليت عليه أشرقت له الأنوار الباهيات.

يا الله الباقي من ربيع الأول اجعله في ارتقاء عظيم، ومددٍ جسيم، وخيرٍ ونعيم، وثباتٍ على الصراط المستقيم..
وفي الأمة جروح .. وفي الأمة بلايا .. وفي الأمة شدائد.. وفي الأمة رزايا .. وفي الأمة يا مولانا آلام، وفيها أمراض ظاهرة وباطنة.. داوِ الأمة يا رب، والطف بها وارحمها وعافها وخلِّصها وفرج عليها .. يا رب..

إن من يريدون بظنِّهم إصلاحَ شيءٍ من الأحوال يتصلون بذا وذاك ويعملون ما عندهم, ونحن نتصل بك يا قوي يا قادر يا من بيده الأمر الظاهر والباطن.. نقول لك: بمحمد فرِّج على أمته يا رب، تدارَك أمتَه يا رب، أغِث أمته يا رب، واجعلنا في خيار أمته يا رب.. يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.. يا أرحم الراحمين فرِّج على المسلمين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.