اعلم أن العرض الجميل للأدلة ولحقائق الإسلام بمختلف الوسائل مهمةُ المسلم دائماً وأبداً، إن رأى أثر استجابة أو لم يرَ، وحسبُنا ما عمل سيدنا نوح مع قومه، وقصَّه الله علينا في القرآن، وقال على لسانه: ( وإني كلما دعوتُهم لتغفرَ لهم جعلوا أصابعَهم في آذانِهم واستغشَوا ثيابَهم وأصرُّوا واستكبرُوا استكباراً )، وذكر تنويع الوسائل والأساليب فقال: ( ثم إني دعوتُهم جِهاراً. ثم إني أعلنتُ لهم وأسررت لهم إسراراً )، ولكن يجب التنبه أنه لا يكفي مجرد عرض الأدلة والبراهين، بل لا بد من رحمةٍ قلبيَّة، ووجهةٍ صادقة، وإحسانٍ ومعاملةٍ صالحة، وعرضٍ للإسلام من خلال المعاملة، وذِكرِ قصص رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم والصحابة والأنبياء.
فمُهمَّتُنا أن نداوم على حُسن دعوة الخلق إلى الخالق، ولكن علينا أن نراعي الأسلوب واختيار الوسيلة، ونراعي أحوال النفسيَّات، فلا تكون الدعوة بمظهرٍ ينفر من الإلحاح والتكرير ما يُسأمُ منه، ولا تكون بالكلام وحده، ولا تكون في الأوقات أو الأماكن التي لا تتهيأ فيها النفوس للاستماع، ومع الصدق في رحمة الخلق فإن الله يُلهِم الأسلوب الحسن وينزل الهداية بفضله متى شاء.
والواجب الذي كُلِّفنا به هو حُسن العرض بِبذلِ المُستطاع في تبيين الحق والدعوة إلى الخالق جل جلاله لا نفس هداية الناس، قال الله تعالى لنبيه: ( إنْ عليكَ إلا البلاغ )، وقال تعالى: ( فذكِّر إنما أنت مذكِّر لست عليهم بمسيطر).