بشُهودِ منةِ الله مُقَلِّبَ القلوب عليك، وأنه لو شاء لردَّ قلبَكَ كقلبِ أحدهم فكفرتَ، وأنه منَّ عليك بهذا الإيمان. شهودُك لهذه المنة من الرحمن جلَّ جلالُه ثم عملُك بمقتضاها ، ومقتضاها أن ترثى لهؤلاء وتُشفق عليهم من أن يموتوا على هذا الكفر فيُخَلَّدوا في النار، والعياذ بالله تبارك وتعالى. وعملُكَ بالأمانة والمحافظة، وأن تَخْلِطَ عملك بالذكر ولو كنت بين الكفار، فإن ذاكرَ الله تعالى في الغافلين بمنزلة الصابرِ في الفارين ، وكالشجرة الخضراء بين الهشيم اليابس ، " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر مثل الحي والميت . " فبِحَمْلِكَ أمانةَ الشفقةَ عليهم والحرص وتَرَقُّبِ الفرصةِ لبيانٍ لأحد منهم أو إرشادٍ أو محاولةِ نقلٍ إلى الهدى مع ما يلزمُك من الأمانة والمحافظة على القِيم ، وأنت ولو كنت في ذلك المحيط فتعظيمك لأمرِ هذا الدين وشعائره ، ولو كنت في ذلك المحيط ، قيامُك بمثل هذا سببٌ من أسباب أن يبقى في قلبك الصفاء ، ويثبت قدمُكَ على الوفاء ، وأنت تُعامل عامل السر وأخفى جلَّ جلالُه .
ومن مقتضاه عدم رضائك بالاسترسال مع ما يخالف الشرع من أقوالهم أو من عاداتهم أو من أفعالهم، فتكون مُحْتَرِزاً عن أن تعمل شيئاً مخالفاً للشريعة، فلا تسترسل مع مستهزئٍ بالدين، ولا عاملٍ بمخالفة شريعةِ ربك سبحانه وتعالى . مع ما ذكرنا سابقاً من واجب الشفقة عليهم وتَحَيُّنِ الفُرصِ لنُصْحِهِم . وإرادة إنقاذهم بإذن الله تبارك وتعالى .