يقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: كل ابن آدم خطَّاء وخير الخطائين التوابون، وأرباب العصمة هم سادتنا الأنبياء والملائكة فقط، وغاية الولي أن يكون محفوظًا، ولا يعبَّر عن ذلك بالعصمة؛ وأما الكمال المطلوب من سلوك الطريق إلى الله فهو الكمال الإنساني، وهو كمال نسبي، أما الكمال المطلق فليس لأحد من الخلق، ولو أكملهم كلهم وهو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي لا تتناهى كمالاته، فليس له الكمال المطلق من كل وجه، بل ذاك لله تبارك وتعالى وحده، ولكن في جميع خصال الكمال الإنساني والخَلقي، فهو صاحب الكمال الذي لا يتناهى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وإلا فهو بشر صلى الله عليه وسلم وتجري عليه أعراض البشر، إلى غير ذلك من الأمور، وهي في إنسانيَّته وبشريته مجال كمال، لكن الكمال المطلق كمال الألوهية، كمال الربوبية الذي ليست له مشابهة ولا مماثلة ولا حاجة إلى شيء ولا سبق عدم ، ولا غير ذلك ، هذا شؤون الكمال المطلق خاصة برب العالمين.
فمن يتصور أن الكمال ما دام أنه لا يصل إليه إلا الأنبياء، فلا يُطلق الكمال على أحد فكيف نسلك مسلك الكمال، فعلى المؤمن أن يسلك مسلك الكمال اللائق به، أما الكمال المطلق فلا سبيل له إليه إطلاقا، ولكن الكمال اللائق بالإنسان في تكميل صدق وجهته وتتميم حُسن صفاته، وانتزاع سيئاته منه، هذا الكمال الإنساني هو المطلوب وهو الذي يؤدي إليه المسلك الصالح، عند أهل التَّصوف وعند أهل السير إلى الله تبارك وتعالى.