إن توقع أن تلين قلوبهم بتكرير سلامه عليهم وأن يتأثروا فليباشر بالسلام عليهم عسى الله أن يلين قلوبهم فيردوا عليه السلام.
إما إن غلب غلبة قوية على ظنِّه أنهم لن يردُّوا السلام عليه قطعاً، فهو بالخيار في إفشاء السلام أو تركه غير مأثوم ويتحمل الإثم من لم يرد السلام.. وإذا غلبته الرحمة حتى لا يوقعهم في الإثم فيمكنه ترك السلام وليستعمل كلمة أخرى لا يلزمهم الجواب عليها، كأن يقول "صبَّحكم الله بالخير" أو "كيف حالكم" أو "أهلا وسهلا".
فمثل هذه الكلمات إن أجابوا عليه أو لم يجيبوا لم يدخل عليهم بذلك إثم ولم يتسبب لهم في الإثم، ويكون بذلك هو في حق نفسه قد ضيَّع السنة، وتضييع السنة سواء سكت فلم يسلم عليهم، أو تكلم بكلام آخر.. لكن تكلمه بكلام آخر يكسب به فائدة أخرى وهي طلب ترقيق قلوبهم، عسى أن يعودوا إلى المصالحة أو إلى المحبة بدل التباغض والتنافر، حتى يعرف أنهم سيردون السلام فيرجع إلى تحية الإسلام وهي السلام.
وإن كان الفقهاء يقولون إن السلام لا يزال حقًّا من حقوق الإسلام وهو سنة، فهذه تحية المسلم التي ينبغي الحرص عليها، بل جعله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم سبباً أيضاً للتحابب بين المسلمين، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) رواه مسلِم.
وينبغي أن يطلب بردِّ السلام رقةَ قلوبهم ولو بعد حين، إن لم يردوا في هذا الأسبوع فعسى في الأسبوع الثاني، وإن لم ينفعهم التسليمات في هذا الشهر فعسى أن يأتي كلام النبي بنتيجته في إفشاء السلام فترجع المحبة في الشهر أو الثالث.