اختص الله تبارك وتعالى الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال لعلاقةٍ وطيدةٍ بين الصوم والسريرة التي هي محل نظر الرب، وارتكاز تلك العلاقة على سرِّ المراقبة للحي القيوم جل جلاله والإجلال والإكبار لأمره، والتعامل على استشعار عظمته في الغيب والشهادة، ومرجع الصوم إلى تركٍ، فهو يقوِّم أساس تَركِ الشهوات المحبوبات إلى النفوس من أجل الله ، وبذلك تكون القوة على ترك أنواع الذنوب والمعاصي والمخالفات مهما مال إليها الطبع أو النفس واشتهتها ، لأجل هذه الأسرار، ولأن الكف عن الشهوات يضيِّق مجاري الشيطان أي يحدُّ من سلطته على هذا الإنسان ، والشيطان أعدى الأعداء للإنسان بعد نفسه، فاعتُبر الصوم مُشرَّفًا بالإضافة إلى الحق تعالى واصطفاه الله تعالى لنفسه فهو مظهر في الحياة لترك الشهوات من أجل الحق وإعلان محبته وحسن مراقبته وإقامة هذه المعاني في السريرة التي هي محل نظره وبالله التوفيق .