شرح الموطأ -286- كتاب النكاح، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، من حديث الإمام مالك رضي الله تعالى عنه

شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب النكاح: باب نِكَاحِ الْمُشْرِكِ إِذَا أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ قَبْلَهُ، من حديث مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ : أَنَّ نِسَاءً كُنَّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) يُسْلِمْنَ بِأَرْضِهِنَّ، وَهُنَّ غَيْرُ مُهَاجِرَاتٍ، وَأَزْوَاجُهُنَّ حِينَ أَسْلَمْنَ كُفَّارٌ، مِنْهُنَّ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَهَرَبَ زَوْجُهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنَ الإِسْلاَمِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) ابْنَ عَمِّهِ وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ، بِرِدَاءِ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) ، أَمَاناً لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَضِىَ أَمْراً قَبِلَهُ، وَإِلاَّ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صَفْوَانُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) بِرِدَائِهِ، نَادَاهُ عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ هَذَا وَهْبَ بْنَ عُمَيْرٍ جَاءَنِى بِرِدَائِكَ، وَزَعَمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى الْقُدُومِ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيتُ أَمْراً قَبِلْتُهُ، وَإِلاَّ سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) : «انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ ». فَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ حَتَّى تُبَيِّنَ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ)  : « بَلْ لَكَ تَسِيرُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ». فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ يَسْتَعِيرُهُ أَدَاةً وَسِلاَحاً عِنْدَهُ، فَقَالَ صَفْوَانُ : أَطَوْعاً أَمْ كَرْهاً ؟ فَقَالَ : « بَلْ طَوْعاً ». فَأَعَارَهُ الأَدَاةَ وَالسِّلاَحَ الَّتِي عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ صَفْوَانُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ﷺ) وَهُوَ كَافِرٌ، فَشَهِدَ حُنَيْناً وَالطَّائِفَ، وَهُوَ كَافِرٌ وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ رَسُولُ اللَّهِ (ﷺ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، حَتَّى أَسْلَمَ صَفْوَانُ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ