بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على حبيبه الأمين، سيدنا المجتبى محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإلى إخواننا وأحبابنا من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقدم إليكم السلام..
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذه كلمة شهر جمادى الأول من عام 1431هـ من الهجرة المشرفة على صاحبها أفضل الصلاة وأفضل التسليم.
ونقول إنه يجب على كل فردٍ منا أن يفقه أثر القصة وخطرها ونتائجها وعواقبها في الفكر وفي السلوك وفي تقويم التصور عن الحقائق والعواقب، وعن كيفية التعامل وكيفية أداء الواجبات بل عن حقائق الارتباط بالإيمان واليقين والوحي المنزل والنبي المرسَل صلى الله عليه وسلم ، فليس مرورُ القصص المختلفة على الأذهان وسماعها في المجالس لكبيرنا وصغيرنا بأمرٍ هيِّن ولا شأنٍ يمر مرورا ويعبر عبورا، ولكنها ذاتُ مخلَّفات وآثارٍ كبيرات تتعلق بأعلى المقاصد وبشأن الوِجهات.
لذا يجب على كل فرد منا أن يكون معتنيًا باختيار ما يقص على أولاده وعلى أهله وعلى أصدقائه، بل ما يطلع عليه من القصص، فإننا نرى القرآن قد صرح بهذه الحقيقة، وتولَّى الرحمن جل جلاله قصَّ قصصٍ كثيرةٍ على رسوله المصطفى، وقال: ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) ويقول عن فتيةِ أهل الكهف: ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزِدناهم هدى ) ويقول عن الأنبياء والرسل: ( لقد في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) ويقول: ( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ).
لأجل هذا كان حماية قلوبنا وعقولنا، ثم حماية أسرنا وأهلينا، ومجالسنا مع أصدقائنا من الكلام السيء والخبيث والقصص التي تؤدي إلى الاستخفاف بالأمر العظيم أو التجرئ على منهج الله تبارك وتعالى، وعلى وحيِِه ودينه، يجب أن تُحمى منها جميع المجالس، وأن نحسن اختيار ما يُقصُّ وما يُتكلَّم به ويدور الحديث فيه بيننا في مجالسنا وبين أهلنا وأولادنا.
وبهذا الصدد نقول إن مما حصل من الخلل عند الأمة إهمال أخبار أخيارها وصلحائها على مدى العصور، فالكثير من ناشئة المسلمين يجهلون أخبار الصحابة وأخبار التابعين وتابعيهم بإحسان، ولا توجد بقعةٌ من البقاع التي دخلها الإسلام في القرون المتقدمة إلا وفيها وبين أهلها ومن سكَنها نماذج في الرُّقي والسمو والمكارم والشِّيم والقِيم والخلق الكريم والوعي والفهم والعلم وحسن المعاملة بما يصح أن يكون أمثلة لإقامة ما تحتاجه البشرية من أسلوب مخاطَبة وحسن تعايُش وكريم تعامل إلى غير ذلك مما فَقدُه في واقعنا أزمةٌ من أزمات هذه الأمة، بل من أزمات البشرية جميعا، ثم بعد ذلك يُحاوَل الحديث للتوصل لحل تلك الأزمات وكشفِها، مع هذا الإهمال للدواء الناجع المفيد والأسس التي تقوم عليها المعالجة الصحيحة لمثل تلك الأحوال. لذا وجب أن نهتم بأخبار ومناقب ومزايا صلحاء الأمة وأخيارها على مدى العصور، وخصوصا ما تعلق منها بحسن الوعي وحسن التخاطب مع الآخرين، والإفادات الواسعة والإيثارات وما ترتبت عليه مصالحُ الغير والقيام بها لوجه الله تبارك وتعالى.
وفي تراث أهل لا إله إلا الله من ذلك كمٌّ عظيم يجب أن لا يُغفل وأن لا يُهمل وأن تتجدد حياته بيننا، وأن نَحُدَّ من انتشار تلك القصص عبر الوسائل المختلفة بين أبنائنا وبناتنا وأهالينا ومُجالسينا وأصدقائنا .
فلنعلم واجبنا ومهمتنا في هذا الصدد، ولنؤدِّ دورَنا الذي يترتب عليه الخير، ولا بد أن نُسأل عن مستطاعنا في كل ما أشرنا إليه من هذه الشئون.
أحيى الله فينا وفي الأمة ما يوجب الزلفى لديه، ويوسِّع الفهمَ عنه وكيفية التطبيق لما أوحاه له.. والحمد لله رب العالمين.