بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على المصطفى المجتبى سيدِنا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد، فإلى إخوانِنا من المستمعين والمشاهدين والمتابعين والقارئين في كل مكان:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
وفي هذا الشهر الكريم شهر جمادى الآخرة الذي نستقبل بعدَه شهرَ رجب الأصب نوجِّه كلمتَنا عن نقطةٍ مهمةٍ فيما يتعلق بفقهِ المؤمنِ في معاني احتكامِه وتحكُّمه بالاحتكامِ المشروعِ له من الله تبارك وتعالى، احتكامُه إلى ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، به يَتحكَّم في شأن ما يتعامل معه ويدخل تحت يدِه، قال تبارك وتعالى: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم ) وإذا حكَّمنا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وهو القائل: ( لا يؤمن أحدُكم حتى يكونَ هواه تبعاً لما جئتُ به ) قام عندنا فقهُ التحكُّم فيما يدور بيننا، وفي استعمالِ الأجهزةِ على وجه الخصوص، في الديار خاصة، ثم في أماكن الإنسان المختلفة، ما أحدث اللهُ تبارك وتعالى لنا في زماننا من أجهزةٍ نستطيع أن نستعملَها بأوجهٍ من الاستعمالاتِ مختلفة، لا يجوز أن تتحكَّم فينا، أو أن نحتكَم إليها بما فيها من خير وشر، ولكن يجب أن نتحكَّم فيها باحتكامِنا نحن إلى ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( حتى يحكموك فيما شجر بينهم)، (حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) فيكون لدى أهل الإسلام قراراتٌ حازمة في كيفية الاستخدام للوسائل، فإنَّ أدنى إهمالٍ فيها يؤدي إلى مُصابٍ في الأسرة، وفي الناشئة، في العقليات، في الأذواق، في الأخلاق.. مُصابٍ جَلَل، يؤدي إلى خَلل، يؤدي إلى كثيرٍ من الزيغِ والزلَّل.
إذن فلابدَّ لأهل هذه الملةِ مِن حُسنِ التحكُّم، كما هو مظهرُ تقوى الله فيهم، تحكُّمهم في أعضائهم، كذلك تحكُّمهم فيما يستعملونه من الأجهزة بهذه الأعضاء، وتحكُّمهم في كل ما يُعرَض، وخصوصاً على أطفالهم وعلى أسرِهم وأهل ديارِهم، فيجب على رجالنا ونسائنا أن يكونوا بتحكُّمِهم لله ولرسوله حاكمين على ما يشاهدون، ويشاهد أبناؤهم، على ما يسمعون ويسمع أبناؤهم وعلى كيفية الاستخدام لهذه الأجهزة والوسائل التي يُمكن أن تُستعمل أدواتٍ في خيرٍ محض، وقد تكون في شرٍّ محضٍ، وقد يغلب خيرُها شرَّها، وقد يغلب وهو الأكثر شرُّها خيرَها، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
فإننا أمام أمانة وأمام مسؤولية يجب أن نستشعرها ولا يجوز التغافل عنها، وإنه بالتقصير قد حصل في واقعنا كثيرٌ من المشكلات، كثيرٌ من الانحرافات، وكثيرٌ من الإعوجاجات، وكثيرٌ من القطيعة، وكثيرٌ من المشكلات الأسرية والاجتماعية، وكثيرٌ من المشاكل الفكرية والخُلُقية؛ حصل فسادٌ كثيرٌ في كل هذه الجوانب، رأسُه عدمُ التحكُّم في استعمالِ الأجهزة، وسواءً كانت جوالاً أو انترنت أو راديو أو تلفاز أو أشرطة من السي دي والكاسيت وغيرها من أنواع الوسائل التي أتاحها اللهُ لنا.
فنحتاج إلى محافظةٍ في هذا الجانب على الأمانةِ في كيفيةِ استخدام واستعمال هذه الوسائل لتكون معينةً لنا على الخيرِ نسلمُ من شرها وأن تؤديَنا إلى سوءٍ ظاهرٍ أو باطن، في الدنيا والآخرة.
وفَّقنا الله لإدراك مسؤوليتِنا هذه والقيام بواجبها، وخصوصاً نحو ناشئتِنا من أبنائنا وبناتنا، ثبَّتهم اللهُ ووقاهم شرورَ الزمان وفِتَنهِ، وكلَّ آفةٍ وبليَّة، ظاهرة وخفيَّة.. والحمد لله رب العالمين.