03-2011
06

شهر ربيع الثاني 1432 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

          الحمد لله وليِّ التوفيق، الآخذ بيدِ مَن يشاء إلى أقومِ طريق؛ وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن سار في دربه.

أما بعد، فإلى أحبابنا في الله تعالى، وإخواننا في الله مِن مختلف الجنسيات والأقطار، وقد ودَّعنا شهرَ ذكرى ميلادِ نبيِّنا المختار صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإننا في هذا الشهر شهرَ ربيع الثاني نزفُّ إليهم كلمةَ الشهر فيما يجب أن يشِيعَ بيننا، وأن ينتشر بيننا مِن صِلةٍ بصاحبِ هذه الشريعةِ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في صفاته الجميلة الكاملة البديعة، وذلك ما يتعلق بشأن إحسانِه وتفقُّده للمحتاجين والمُنكسرِين والضعفاء وأخذِه خواطر أولئك ومواساتِهم كما كان في سنَّته وسيرتِه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.

            فما أحوجَ الأمة إلى أن تقوِّم أساسَ هذه الصفات الصالحات في إرثِها لخيرِ البريات صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بِنَشرِ معاني هذا التفقُّدِ الحسنِ، وعَود بعضِهم على بعضٍ بما فَضَلَ عنده مِن مال ومِن زادٍ ومن ظَهر ومِن نفقَة، إلى غير ذلك مِن كلِّ ما يتَنافعُون به، فإن التقصيرَ في ذلك والضُّعفَ فيه يؤدي إلى استغلالاتِ عدوِّ الله تبارك وتعالى إبليس وجندِه لنفسيَّات المسلمين وغيرهم، ولِبَثِّ أنواعٍ من الشرور بينهم، ولإغراءِ بعضِهم ببعض، ولبثِّ الحسد على بعضهم البعض إلى غير ذلك مما يجلِبُه هذا التقصير في هذا الوصف الكبير النوير.

       فنحتاج إلى أن نجدِّد فيما بيننا على مختلف المستويات في الأفراد والأُسر والجماعات والمجتمعات، ونجدِّد بيننا معشر الأمة هذه التفقُّدات الحسَنة فنخرج من شهرِ ربيع الأول بصلةٍ وثيقةٍ بصاحبِ الذكرى في هذا التفقُّد الحسَن التام للأقارب والأرحام وللجيران، ولمَن نعرف في مجتمعاتنا وخارج مجتمعاتنا ممَّن نقدر على أن نواسيَهم بالدعاء وبالعطاء وبالمراعاة وبأخذِ الخاطر أو بالزيارة أو بالهدية أو بالمساعدة معنوياً أو مادياً بكلِّ ما نقدر عليه.

          فإننا بذلك نسدُّ ثغراتٍ كبيرةٍ على إبليس وأعوانه فيما يبثُّون مِن ضرٍّ وشرٍّ بين الأمة مستغلِّين نفسيَّاتها وطريقةِ تفكيرِها وبعض عواطفِها عندما تشتد الحاجةُ عند بعضهم، ويظهر مظهرُ التَّرف والبذخ عند البعض الآخر، مِن غير تحنُّن ولا رحمةٍ ولا تعطُّف، فيجب أن نحيِيَ صفةَ العطف والحنان والرأفة والرحمة والشفقة ممثَّلة بالتفقُّد الحسَن والمواساة والهدية والعطيَّة والمساعدة والمساندة بما نقدر عليه في ذلك.

           فهذا أساسٌ من أُسسِ ما دعانا إليه صاحبُ الذكرى ومَن جاءنا بالبشرى وبخيرِ الدنيا والأخرى، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

           وفَّقنا اللهُ وأخذَ بأيدينا ورزقَنا نشرَ ذلك على خير الوجوه، وبه التوفيق وهو المستعان وعليه التُّكلان.. والحمد للهِ ربِّ العالمين.