07-2011
17

شهر شعبان 1432هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى اللهُ وسلَّم على عبده المجتبى المصطفى الأمين، وعلى آله وأهل بيته الطاهرين، وصحابتِه الغُرِّ الميامين، ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 أما بعد، فإلى إخواننا مِن أهل المودَّة في الله، والمحبة في الله، ومَن ربطَتنا بهم رابطةُ الإسلام والإيمان ..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

وإننا إذ تتوالى علينا الأشهر وتمرُّ علينا في سرعةٍ تشير إلى ما أخبر به رسولُ الله مِن تقارُب الزمان نقدِّم إليكم الكلمةََ في شهر شعبان، ونحن في مواجهةِ ليلةِ النِّصف منه أن نكون على قوة الصلة بالإله الحق، وأن نأخذ من حبالِ هذه على الصلة الاعتناءَ بالأذكارِ الواردةِ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الأحوال المختلفة، وفي الصباح وفي المساء، وعند الدخول وعند الخروج، فليكن لنا اعتناءٌ ويكون لنا حرصُ على قراءةِ تلك الأذكار مع حضورِ القلب فيها، وتأمُّل معانيها ليبتني لنا بها حصنٌ من معرفة الله تعالى، ومن توقِّي الآفات والشرور بذكرِ الله جل جلاله وتعالى في علاه. قال سيدنا جعفر الصادق عليه رضوان الله: إن الصواعقَ تصيبُ المؤمنَ وغيرَه، ولا تصيبُ الذاكرَ لله سبحانه وتعالى.

وإنه جارٍ كثيرٌ من التقصير عند أكثر المسلمين في الانتباه من الأذكار والمحافظة عليها، والمداومة عليها، والحرص على حضور القلب فيها، فينبغي أن نسدَّ هذه الثغرة، خاصة ونحن في حاجةٍ إلى ما يُثبِّت علينا إيمانَنا، وإلى ما نُوقَى به أنواع الفتن الظاهرة والباطنة، التي تنزل بساحات الأمة، فلنجعل لنا حصناً حصيناً منيعاً من ذِكر الرحمن سبحانه والاعتماد القلبي عليه، والتأمل في معاني ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا، ثم ما أُثِر عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وليكن لكلٍّ منا مواظبةٌ والتزامٌ بنصيبٍ من الأذكار، ولنرتِّب على أسرِنا وأهلِ بيوتنا وعلى أولادِنا نصيباً من الأذكار يواظبون عليه في صباحِهم وعند مسائهم، ونصيباً من الذكر عند القيام وعند الخروج من البيت خاصة، فتلك أعمالُ بالشرع الشريف، واتباعٌ للمصطفى ذي القدر المنيف، وتطبيقٌ للسنة، وانتهاجٌ في نهجِ الاتباع والاقتداء، وحفظٌ من الأسواء، ودفعٌ للبلوى، وارتقاءٌ في الدرجات وزيادة من الإيمان والمعرفة بالله تبارك وتعالى، وبذلك كلِّه نتهيأ لأن نوفَّق لما هو الأولى والأجمل بنا في أحوالنا المختلفة ونُمَد بالتوفيق لاستقبال شهر رمضان الكريم المبارك، الذي نرجو اللهَ أن يجعل فيه في هذا العام مظاهرَ صلاحٍ للمسلمين، وتقويمٍ لما اعوج، وتعديلٍ لما مال، ونصرةٍ للحق والهدى، ودفع للزيغ والردى. بارك الله لنا ولكم في هذه الأشهر الكريمة

وليكن لنا حرصٌ خاص على تنزيه البيوت من هذه الليلة، وفي رمضان عن وجود شيءٍ من الأصناف المحرومة من المغفرة في الليالي المباركة، وخصوصاً ما حذَّر منه النبيُّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وتكرَّر منه في أحاديث، من مثل عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، والمشاحنة بين المسلمين، واستعمال المزيلات للعقل، من الخمر والمسكرات والمخدرات، فهذه الأربع التي يجب أن يُصان منها كل بيتٍ فينا.

 ثم لننتَبه مما ذكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من مِثل إسبال الإزار بالنسبة للرجال، فذلك مُحرَّم، على أن المرأة إذا بدَت للرجال الأجانب فذيلُها شِبر، كما جاء في الحديث، لكن الرجل يحرم عليه أن ينزل شيئاً من ثيابه عن مستوى الكعبين إلى أسفل، ( فما أسفل من الكعبين فهو في النار )، كذلك المَنُّ بشيء من الصدقات، فإن صاحبَها معاندٌ كأنه المتفضِّل دون الحق تبارك وتعالى، الله هو الذي رزقه ووفَّقه، فالمنَّان بالصدقة محرومٌ من الخير في هذه الأيام والليالي المباركة.

فلتتطهَّر ولتتحرَّر ديارُنا ومنازلُنا مِن وجود صنفٍ من هذه الأصناف التي بسبِبها يكون حرمانُ المغفرة، والعياذ بالله تبارك وتعالى.

 أخذَ الله بأيدينا وأرانا وأسمعَنا في أمةِ نبيِّه ما تقرُّ به عينُ نبيِّه، ويُسرُّ به قلبُه وفؤادُه، وما تُسرُّ به أفئدةُ الصالحين .. والحمدُ لله ربِّ العالمين.