بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى اللهُ وسلَّم على عبدِه المجتبى المصطفى الأمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى جميع آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وأصحابهم وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد، فإلى إخواننا وأحبابِنا نرفع كلمةَ شهر رجب الأصب للعام الرابع والثلاثين بعد الأربعمائة والألف من هجرة نبينا المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فنقول: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
وإن مما يجب أن نهتمَّ به ونحرصَ عليه ونخرجَ في شهر رجب بحصيلة فيه وتقويةٍ له توسيعُ إدراكِ عظمةِ الله وعظمةِ رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وتقويةُ محبةِ الحق تعالى ومحبة رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ليأخذ كلٌّ من التعظيم والمحبة مكاناً لائقاً في المدارك والشعور والذوق والوجدان، وليتترجم ذوقاً وسلوكاً وعملاً وتطبيقاً ، وليكون رائداً وقائداً لأهل هذه الملة بجملة الأقوال والأفعال، ومقيماً لميزان الفكرِ والنظرِ إلى الأمور والأشياء..
فإنَّ ما يعتري العقولَ والمداركَ من الانبهار بشيءٍ من المصنوعات والصنائع وحدوثِ الأجهزة والتطوُّر فيها، وما يتعلق بذلك من الشئون الأُخر قد يقيم حاجباً وحاجزاً عن نفوذ إدراكِ تلك العظمة والتحقُّق بتلك المحبة إلى الذوق والوجدان وواقع التعامل مع الأحداث والأكوان وما تُقابَل به في مختلف الأحوال، لذا وجب أن نتفقَّد ونحن أمام ذكرى المعجزة الكبيرة معجزة الإسراء والمعراج، وذكرى حملِ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم في شهر رجب، وحملِ الله للنبي نوح، وحملِنا معه في السفينة قال تعالى { إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ }الحاقة11.
أمام هذه الذكريات والمعجزات يجب أن نتخلَّصَ من الانحصار في تعظيم الفانيات والمحدَثاتِ المتفرِّعة عن هذا الكائن وهو الإنسان المخلوق للحق تبارك وتعالى، وما يتفرَّع عن المخلوق مخلوقٌ بأمرِ الخالق الأول وقدرتِه على يدِ ذلك المخلوق، قال الله على لسان الخليل إبراهيم { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }الصافات96.
فما من شيء يَحسُن ولا يُبهِر ولا يَعظُم لا في الكائن الإنساني نفسِه ولا فيما يتفرَّع عنه ويُجريه اللهُ تعالى على يده إلا وهو في الحقيقة مؤكِّدٌ لعظمةِ الخالق نفسه، ومقوٍّ عند المؤمن لقوة التعلُّق به ومحبته جل جلاله، وحينئذ يبدو لنا مكانةُ الدال على الحق جل جلاله والمصطفى من قِبل هذا الخالق وهو صاحب الذكرى محمد صلوات ربي وسلامه عليه، فلنعمَل على ذلك التوسيعِ للإدراك، والتقوية لمعاني المحبة فيما نستعمله مع أنفسنا ومع أسرنا وأهلينا وفيما نتعامل به مع القريب والبعيد، لتتركَّز وتثبتَ في أذهاننا وأذهان ناشِئتنا وأبنائنا أن القدوةَ الأشرفَ الأعظمَ لنا في كل شئون حياتِنا فكراً وعملاً ومقصداً ونيةً هو رسول الله محمد عبده المجتبى صلوات ربي وسلامه عليه.
ولنستفِد إطَّلاعةً حسنةً على أن مُجرَيات الأحداث في الكون وهي تحمل دلالاتِ عظمةِ المكوِّن هي في نفس الوقت تحمل لنا عظمةَ رسولِه، تؤكد معاني صدقِه صلوات ربي وسلامه عليه فيما بلَّغ عن الله مِن وجوهٍ متعددة: منها إخبارُه بتلك الحادثات، ومنها ميزانُه الذي وضعه للتعامل معها صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ومنها التأكد عند بُعدِ النظر أن الأصلحَ للبشر بل المخرَج لهم من الشدائد هو تحكيمُ ما جاء به عن الله تعالى.
فلنعمل على تقويةِ هذه الأسس، ولنستقبل بذلك شهرَ شبعان استعداداً لشهرِ نزول القرآن رمضان، بلَّغَنا الله إياه في عافية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته