بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المُمِدِّ بالتوفيق والنور مَن صدق في التوجُّه إليه والإقبال عليه، وصلى الله وسلَّم وبارك على عبده الداعي إليه حبيبِه المصطفى سيدنا محمدٍ وآله وصحبه ومن سار في دربه ..
أما بعد: فإلى إخواننا مِن أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله ، إخوة الإيمان والدين، والملة السمحاء الحنيفية البيضاء النقية ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نقدم إليكم كلمةَ هذا الشهر في أن البيان والردَّ يكون كلٌّ منهما بالقول والفعل وبالحال، ونقول إن من مهمات أهلِ هذه الملة أن يبيِّنوا ما نزَّل الله وأرسل به رسولَه محمدًا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، مِن كلِّ ما بلَّغنا رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وذلكم حقائق هذا الدين . فنحتاج في هذا البيان الذي يواجهنا عند القيام به حاجة الرد على من ينسب إلى هذا الدين ما ليس منه، ويصوِّره بغير حقيقته، ونقول: إن هذه المهمة الكبيرة والأمانة العظيمة المُلقاة على أعناق وعواتق أهل هذه الملة، لهم في القيام بأداء البيان وفي الردود على الطاعنين والمفترين والكاذبين الذين ينسبون إلى الإسلام وأهلِه ما ليس منه ، لهم في ذاك البيان، وذاك الرد وسيلة القول، ووسيلة الفعل، ووسيلة الحال..
فأما وسيلة القول فبالخطاب القائم على الأسس والقواعد المُستقاة من كتاب الحق وهديِ رسوله الصادق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ومسلك الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وذلك كلما كان مختصراً بعيداً عن الجدال والثَّلب والسب بكل معانيه، كان أولى وأوفقَ وأحسنَ ثمرة وأكبر نتيجة، وحسبنا فيما حكى اللهُ تعالى عن بيان الرسل من إبلاغ قومهم أن الله أرسلهم إليهم وأنهم يدعونهم إلى منهجه كذا وكذا.. بكلمات مختصرات هي مبدأ التوجه الصادق إلى الخلاق تبارك وتعالى، ثم ردُّهم على من ينسبهم إلى الكذب أو إلى السفاهة أو إلى الضلالة بقول أحدهم ( يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) [الأعراف: 67، 68].
ولكن يكون الأوسع منه، البيان والرد بالأفعال المنطوية على أنواع العبادات وكيفية المعاملات، فبيانُهم لمناهج الله بعملهِم وبتطبيقهم وبإبرازهم صورته الحقيقية في واقعِهم بيانٌ أوسع، وأعلى وأرفع من مجرد البيان بالقول..
ولكن البيان بالحال الذي كانت تنطوي عليه قلوبُهم وبواطنُهم كان ألزمَ لهم ودائماً معهم في مختلف أحوالهم ، وهو السبب الأقوى لاستمطار الهداية من الله تبارك وتعالى، ونشرِ النور والهدى بين العباد والبرايا.
فجديرٌ وحريٌّ بنا ونحن نواجه حقيقةَ حاجة البشرية أمامنا إلى استيضاح حقائق الدين الحق، وإلى استبيان معاني الإسلام، وإلى كثرة ما يُقال من افتراءٍ على هذا الدين، وكذبٍ عليه ونسبةِ ما ليس منه إليه، نحتاج أن لا نُغَرَّ ونُخدع إلى الوقوف عند حدود البيان أو الرد بالأقوال، فتفوت الفرص وتتكاثر الغُصص، ويتسع المجال للمتقوِّلين المتطاولين، وتنهدر طاقات كثيرات صالحة للبناء والنفع وحقيقة التبيين والرد على المتقوِّلين.
فلنَعتَنِ بإسراع الخُطى نحو البيان العملي الفعلي من خلال التزاماتنا واتِّزاناتِنا وحُسنِ عملِنا بأمر ربنا ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وجودة تطبيقنا لذلك في بهجةٍ منا واعتزازٍ بربنا وثقةٍ وطأنينةٍ ويقينٍ تام وفرح بالحق وبفضله علينا تنطوي به أحشاؤنا على كل ذلك مقترناً بحمل الرحمة للعالمين التي هي المعبِّر عن خلاصة رسالة رسول الله الأمين، المخاطَب بقول الحق ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء: 107] مع صدق لجاءٍ إلى الله وتضرُّع واعتماد عليه.
فلنفتح أبوابَ الردود والبيان بالأعمال والأفعال وبالأحوال والأذواق وحقائق الصلة بالخلاق، ولنبذل في ذلك الوسع، ولننتظر فرجاً قريباً من العلي القريب جل جلاله.
اللهم وفقنا وأتباعَ هذا النبي المصطفى لحُسن التطبيق وكمال التحقيق، وكمال الاقتداء به في كل يُسرٍ وضيق، حتى تقوم منا علائمُ الصدق، ونظفرَ منك ما لا تصل إليه أطماع الخلق، من واسع عطائك المطلق في الدنيا والآخرة.. يا مالك الدنيا والآخرة ويا رب الدنيا والآخرة.. لا تسلط علينا فاجراً ولا كافراً في هذه الدنيا ، ولا تعرِّضنا لعذابٍ ولا لفضيحةٍ في تلك الآخرة.. يا مالكهما يا قوي يا متين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. ( استمع إلى الكلمة )