كلمة شهر شعبان 1439هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى اللهُ وسلَّمَ على عبدِه المجتبى المنيبِ الأوَّاه، سيدِنا محمدِ بن عبدِالله سيدِ رُسلِ الله وخاتِمِ أنبياه .. اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم عليه في كلِّ لمحةٍ ونفسٍ وعلى آله وصحبه، ومَن سارَ في دربِهِ واتَّبعَ هُداه، وعلى آبائه وإخوانِه مِن أنبيائك والمرسلين، وآلهِم وصحبِهم وتابعيهم بإحسان، وعلى الملائكة المقربين وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد ...
فإلى أحبابنا وإخواننا في الله تبارك وتعالى نرفعُ كلمةَ شهرِ شعبانَ، مِن العام التاسع والثلاثين بعد الأربعمائة والألف مِن هجرةِ نبيِّنا الأمينِ صلى الله عليه وسلم، ونقول لكافةِ الأحباب:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد ...
فإنَّ مِن الواجب المهمِّ المتأكِّد علينا مراعاةَ ثلاثةِ أشياءَ، والاعتناءَ بها، وإعطاءَها نصيباً مِن الانتباهِ والاهتمامِ، وهي: القلبُ، والدارُ، والقبرُ .
أما القلبُ: فمَحلُّ نظرِ إلهِنا الرحمنِ جل جلاله، واعتناؤنا بهِ يتركَّزُ على استخراجِ كلِّ خوفٍ وخشيةٍ وهيبةٍ مِن غيرِ اللهِ جل جلاله كائناً ذلك ما كان ، وإحلالِ وتوطينِ وتوثيقِ وتعميقِ وترسيخِ حقائقِ الخوفِ منه والخشية منه جل جلاله والهيبة له، تحت حُسن امتثالِ أمرِه ( فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
وقولِه جل جلاله ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا الله)
في بعثِ ثِقَةٍ وطمأنينةٍ بوعدِه جل جلاله، وحُسنِ تَوكُّلٍ عليه، على قيامِ أساسينِ، قال تعالى عنهما: ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا )
ثم مراعاةُ جانبِ انكسارِه مِن أجلِ اللهِ، وتواضُعِه وتذلُّـلِهِ للحقِّ تعالى في عُلاه، القائل في حديثِه القدسي ( أنا عندَ المنكسرةِ قلوبُهم مِن أجلي )
ثم توسيعُ نطاقِ الحُضورِ مع اللهِ تباركَ وتعالى باستشعارِ اطَّلاعِه وإحاطَتِه بِنا، وأنَّنَا بينَ يدَيه، وأنَّ مَرجِعَنا ومآلَنا إليه ، نحرصُ على ذلك في مختلفِ عباداتِنا وأذكارِنا، بل في مختلفِ أوقاتِنا، فنُوسِّعُ نطاقَ حُضورِ قُلوبِنا مع هذا الإلهِ جل جلاله استشعاراً لعَظمتِه وكبريائه وإحاطَتِه بنا واطِّلاعِه على ضمائرنِا.
وأما ما يتعلَّقُ بشأنِ الديار: فإنَّه يجبُ استِعداداً للوفاءِ بعهدِ اللهِ تعالى ولاستقبالِ رمضان أن نُنقَّيَ ونطهِّرَ بيوتَنا عن كلِّ المنظوراتِ التي لا تليقُ، والمسمُوعات التي لا تليقُ، وأن نحافظَ مع أسرِنا صغيرِهم وكبيرِهم على ذكرِ اسمِ اللهِ عندَ كلِّ دخولٍ للمنزلِ، وقراءةِ آيةِ الكرسي، وثلاثاً مِن الإخلاصِ والمعوِّذتَين ، فيواظبُ صغيرُنا وكبيرُنا، ونعلِّمُ جميعَ مَن يدخلُ إلى منازلِنا أن يحافظوا على ذكرِ اسمِ اللهِ، والصلاةِ على نبيِّه، وقراءةِ آية الكرسي وثلاثًا من الإخلاص والمعوذتين عند كلِّ دخولٍ إلى المنزلِ والبيت.
وأن يأخذَ البيتُ والدارُ نصيبَه مِن العمارةِ بالقرآنِ وذكرِ الرحمن جل جلاله.
وأن تظهرَ فيه آدابُ المصطفى صلى الله عليه وسلم وسُنَنهِ، مقالاً وفعالاً ولباساً وأكلاً وشرباً ونوماً ووُضوءاً ودخولاً للخلاء وخروجاً منه، فيصطبغُ الكلُّ بسُنَّةِ هذا النبيِّ المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبِه وسلم.. هذا مما نلاحظُه في الديار والمنازل.
ثم ما يتعلق بالقُبورِ التي هي مأوَانا، وأولُ منزلٍ مِن منازلِ الآخرةِ، وآخرِ منزلٍ مِن منازلِ الدنيا، يجبُ أن نحافظَ على الاستعاذةِ باللهِ تعالى مِن عذابِ القبر، في كلِّ صلاةٍ، فريضة أو نافلة نصلِّيها، في التشهد الأخير..
ثم لا ننسى أهلَ القبور مِن زيارتِهم، مَن كان في أماكنِ سَكنِنَا مِن مقابرِ المسلمين، فلا نطيلُ العهدَ بهم، ولا نتأخرُ طويلاً عن زيارتِهم، فإن كان مِن بينِهم والدَين أو أقارِب تضاعفَ الحقُّ وتأكَّدَ في زيارتِهم والتردُّد إليهم.
كما أننا نحافظُ على قراءةِ سورةِ تبارك في كلِّ ليلة، لأنها المانعةُ مِن عذابِ القبر، ولأنها السببُ في سعةِ القبرِ، والأنسِ في القبر.
انتباهُنا لقُلوبِنا وديارِنا وقُبورِنا زادٌ واستعدادٌ لاستقبالِ رمضان، ولِلقاءِ الحقِّ الرحمن، وللتهيُّؤ للوفاءِ بالعهد، بل وسبب لكَشفِ الغُمَمِ والظُّلَم والنِّقَمِ عن أمةِ هذا الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
فنُوصي إخوانَنا وأنفُسَنا بما ذكرنا وأشَرنا إليه، ومِن الأذكارِ المتعلقة أيضاً بصلاحِ القلوبِ وحملِها النصيب مِن الهمِّ بأمرِ المسلمين، مع الصلاةِ على المصطفى الذي نزلَت آيةُ الصلاةِ عليه في مثلِ شهرِ شعبان، نشَرنا وأحبَبنا قراءةَ هذه الصيغة، في هذا الشهر الكريم، وهي:
اللهمَّ يا قويُّ يا قادرُ يا مُجيب، صلِّ وسلِّم في كلِّ لحظةٍ ونفَسٍ على عبدِك ونبيِّك الطاهرِ الحبيب، سيدِنا محمدٍ، وآلِهِ وصحبِهِ، والأنبياء والمرسلين، وعبادِك الصالحين، وادفعِ البلاءَ وفرِّجْ على المسلمين.. يا أرحمَ الراحمين.
حتى يبلغَ الذاكرُ بها عشرةَ آلاف، أو تزيد
أخذ اللهُ بأيدينا، وتولَّانا في ظاهرِنا وخافِينا، وجعل الشهرَ مِن أشهُر الفرجِ للمُسلمين، والصلاحِ لأحوالِ المسلمينِ، ودفعِ البلاءِ عن المسلمين، وأحسنَ تهيِئَتَنا لاستقبالِ رمضان بما فيه مِن خيرِ الله العظيم، ومَنِّه الفَخِيم، وعَطائه الجَسِيم..
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.