بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على سيدنا المصطفى محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإلى إخواننا وأحبتنا في الله من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله
نوجه كلمةَ الشهر في أواخر الشهر - لانشغالنا بعددٍ من الرحلات - وفقنا الله وإياهم لما يحبه ويرضاه.
ونقول: إن مما يجب أن تلتفت إليه أنظارنا ويأخذ مجالاً من تراتيبنا تفقيهُ وتثقيفُ نسائنا في شأن علاقتهن بالله وبرسوله وبشريعة الله تبارك وتعالى؛ وذلك لتُعلم الحقيقة فيما جعل الله تبارك وتعالى من وحدةٍ متكاملةٍ وارتباطاتٍ وثيقةٍ في القيام بخلافةِ الله تعالى في الأرض بين الرجل والمرأة، في وقت يكثُر فيه الكلام من قِبَل أعدادٍ من البشر لم يخلقوا ولم يتولَّوا إيجادَ الذكور ولا الإناث، يتحدثون بما يُغري أحدَ الصنفين على الولوع بالآخر في نظراتٍ شاطحةٍ عن مقصدِ الخلق والتكوين والإيجاد، في التكامل الذي يعين على القيام بالخلافة عن الله تعالى على ظهر الأرض. فيجب أن تُفقه حقيقةُ الحكمة والمقصد من الخلق والإيجاد لكلٍّ من الرجال والنساء، وأن تفقهَ النساء على وجه الخصوص حكمةَ التشريعات الإلهية المقتضية لما هو الأصلح للكل مِن رب الكل وإله الكل العليم بكل شيء جل جلاله، وأن يفقهن أن الدور في مثل القيام بهذه الفتن العظيمة لهن ومنهن أقوى وأكبر، وكما أنه لا يوجد في أنواع الفتن فتنةٌ أشد على الرجال من النساء فلا يوجد في درء الفتن قوةٌ أقوى على دفعِ الفتن عن الرجال والنساء من النساء أيضا. فلهن الباع الطويل في المحافظة على حقائق الشرف والكرامة والعفة والطهارة واختيار ما اختار الله تعالى لهن من العفة والاحتشام والحياء والحجاب ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ..) [الأحزاب: 59].
فتحتاج النساءُ المسلمات في شرق الأرض وغربها إلى درايةٍ حسنةٍ وفقهٍ بأحكام الشريعة الغراء وحِكَمها ومقاصدها مربوطٌ كل ذلك بالمقصد الأسمى في خلقِ هذا الوجود وخلقِ هذا الإنسان، فإن القرآن بيَّن سرَّ الخلق والإيجاد للنوعين وقال: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء..) [النساء: 1] وقال سبحانه وتعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) [الروم: 21] وهذا الحكم العظمى إنما يوصِل إلى تحقيقها في الواقع الأدوارُ الصالحة للنساء الفاقهات الواعيات المطلعات على مقاصدِ الحياة والمدركات لما يستكنُّ وراء دعوات الشرور الملبَّسة بلباس ما يسمى بالحرية أو حفظ الحقوق مما لا يؤدي إلا إلى إسقاطٍ للمكانة لهذه المرأة المُصانة التي شرعَ الله تعالى لها ما يكفل حقائقَ سعادتها في الدارين .
وفي مثل هذا الشهر تمَّ زواج سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء بسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله ووجهه ورضي عنهم أجمعين على يدِ سيدنا المصطفى محمد، ألا فلنعدَّ عدَّتنا ليفقه نساؤنا المهمةَ العظمى في الحياة وأدوارَهن في درءِ الفتن، ليؤدين واجبَهن في كشفِ الحقيقة والدعوة إلى الاستمساك بالعروة الوثيقة.
بارك الله في نساء المسلمين، وجعلهن أنواراً تضيء يهدي بهن اللهُ مَن عداهُنَّ من المكتويات بنيران الشعارات الفارغات مما أدت إليهن الأوضاع القائمة في عامة تلك البلاد غير المسلمة، مما جعل المرأةَ بضاعةً بأيدي أرباب الشهوات وهي ذات المكانة العلية والمنزلة السنية..
وفَّق الله ورعى ورزقنا إدراكَ حكمة التشريعات في كل الجوانب على ما يحب كما يحب.. وبالله التوفيق، والحمد لله رب العالمين.