بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على عبده المصطفى الأمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإلى إخواننا وأحبتنا من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وصحبه وسلم حيثما كانوا وأينما كانوا..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
ونوصل إليكم كلمةَ شهر شوال من عام سبع وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، بعد خروجنا من شهر الصيام والقيام، والفضل والإنعام والجود والإكرام، شهر رمضان المبارك.. أعاده الله علينا وعلى أمة النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في صلاحٍ وفلاحٍ ونجاحٍ وجمعٍ للشمل وبركة وتوفيقٍ وصدقٍ وإخلاص.
وكلمة هذا الشهر عن اشتغالنا معاشر المسلمين أفراداً وجماعات.
وذلك أنه يؤثر كثيراً علينا في اشتغالاتنا ما يُذاع وما يُشاع وما يحصل من الحوادث، وما تُشغل به الأذهان من القضايا من خلال وسائل الإعلام، وبذلك يتنقَّلون من شغلٍ بأمر إلى شغلٍ بأمرٍ آخر، بلا ترتيبٍ ولا ترَوٍّ ولا استثمارٍ للشغل بالقضية أو المسألة أو المهمة، وذلك ناتج عن خلل إقامةِ الاشتغال القلبيِّ والذهني بما شغلَنا الله تبارك وتعالى به ورسوله، فنحتاج جميعاً إلى أن نحسنَ النظر في إقامة اشتغالِنا في هذه الحياة بما دعانا الله ورسوله إلى الاشتغال به، بحيث يكون نظرُنا في المستجدات والحوادث والطوارئ وما يجري في زمننا وعصرنا منطلِقاً من ذلك الاشتغال الصحيح بمنهج الله تبارك وتعالى، وعلى أسسه وضوئه نعمل جادِّين على أداء الواجبات أمام كلِّ ما يُستجد ويطرأ بميزانٍ صحيحٍ دقيق في عدم الانصراف عن الأساسيات والاهتمام بها وإعطاء ذلك الحادث أو الأمر ما يستحقُّه في ضوء ذلك المنهاج الرباني، فلا نكون أسراء لما نُشغل به من قبل ما يثار من هنا أو هناك على غير بصيرة، بل نشتغل بشئون تقوية الإيمان وزيادته والترقِّي في مراتب الإحسان وحسنِ التربية لأنفسِنا وأسرِنا وأصدقائنا وجيرانِنا ومن حوالينا، والترقِّي في فهمِ مقاصدِ العبادات والعثور على أسرارها وحسن التواصل فيما بيننا، والاستزادة من العلم بالشريعة وبأخبار الحق ورسله وملائكته وكتابه وأخبار البرزخ والآخرة، وعلى ضوء ذلك يكون لنا اهتمامٌ بالغٌ بشئون غرسِ حقائقِ التعظيم لله ولرسوله في القلوب، وإنزال القدوة منزلَها من العقول والقلوب وحسن الارتباط بالقدوة التي ارتضاها الله لنا محبةً وتعظيماً ، وفي ضمن اشتغالنا بذلك بما لا يقطعنا عنه شيءٌ من معالجة المستجدات والحادثات والطوارئ والنظر فيها، لنعطي كل ما يطرأ حظَّه ونصيبَه على ضوء منهج الله تبارك وتعالى وبذلك نخلِّص فئاتٍ منا بالاشتغال بما لا يعني بل بما يضر مما يُعرَض عبر القنوات والشاشات والمقروءات والمسموعات، إلى شغلٍ بما يفيد الفردَ والمجتمعَ، علماً وفكراً وسلوكاً وتعاوناً وتنميةً للنافعات.
فليكُن من حصيلة مدرسة رمضان وخروجِنا منها اتخاذُنا القرار الحازم في ترتيب تقضيةِ أوقاتنا وإقامةِ انشغالاتنا على وجهٍ صحيحٍ، ونظرةٍ فاحصةٍ قويمةٍ، بحيث يكون لنا فيما يجري من مخاطبات ومحادثات في الأسرة وفي مواطن العمل وعند الجلوس مع الأصدقاء وغيرهم خوضٌ مقصودٌ في ما يثمر زيادةَ الإيمان واليقين، وخصوص المنافع المتنوعة مما نُدبنا عليه استجابةً لأمر الله فيما دعانا إليه ودلَّنا عليه.
نسأل الله تعالى أن يأخذ بقلوبنا وأيدينا ونواصينا إليه أخذَ أهل الفضل عليه، وأن يوفقنا لإقامة الأمر على ما يحب.. وبالله التوفيق.
(استمع إلى الكلمة)