بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فإلى إخواننا وأحبابنا من أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
وعبر هذا الموقع لكلمة الشهر شهر رجب الأصب المحرم المبارك نبث إليكم تحية الإسلام ونقول في استمرار تواصينا بالحق والصبر إننا والأمة في حاجة إلى تقويم هيبةِ الله تبارك وتعالى في الصدور، وبتقويمها تخرج من القلوب هيبةُ أعداء الله تبارك وتعالى والكائنات جميعاً على ميزانٍ معتدلٍ يُستطاع به التعامل مع الكائنات بما ارتضى الله تبارك وتعالى وحملَه إلينا هديُ نَبيِّه وصفِيِّه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإن في واقع الأمة كثيراً من تهيُّبِ وتخوُّفِ أسبابٍ وشئونٍ ومظاهرٍ ومادياتٍ كان يجب أن لا تعدوَ في نظر المؤمن واعتقاده قدرَها وأنها مجرد أسباب، القهار سبحانه وتعالى يصرِّفها كيف يشاء، ونعلم ما كان من نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج وما أظهر الله عليه من قدرته العلية فقال {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} وتحدث عليه الصلاة والسلام بذلك لأبي جهل، وقول أبي جهل له: إن دعوتُ لك قومَك أتحدِّثُهم بهذا الحديث؟ أي أنَّك أُسري بك إلى بيت المقدس البارحة وأصبحتَ عندنا؟ قال: نعم، فحدثهم عليه الصلاة والسلام بعد أن جمعهم أبو جهل، وكان في ذلك الموقف من مستهزئٍ رافع يديه أو مصفقٍ وأنواع ذلك الاستغراب التي قامت ولم يبالِ.
وحينما تحدوه بوصفِ بيت المقدس جلَّى الله له عن بيت المقدس، ونحن أمام هذه الحقيقة نحب أن نشير إلى ميزانٍ في الأخذ بكل مستطاعٍ من الأسباب، وأن لا يقطعَنا عنها نظرُنا إلى ما لا نستطيعه، وإلى ما لا نقدر عليه في عالم المادة والحس؛ وينبغي أن نسخِّر إمكانياتنا وطاقاتنا في نصرة الحق تبارك وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، وأن نعتزَّ بمنهج الله وبدينه وبشريعته الغراء وبهدي نبيه المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام من صميم قلوبنا، نقابل به جميع الطوائف والأمم بحسن عرضٍ وتيقُّظٍ لمدلولات الألفاظ والأساليب والوسائل، وإنما يتم كمالُ ذلك بعد أن اجتُثَّ من القلوب والصدور هيبةُ قوى الضلال والباطل وهيبةُ ما سوى الله تبارك وتعالى، ليقوم للقلوب حقيقة اليقين وتنتج الصدق مع رب العالمين سبحانه وتعالى في غير تهوُّر ولا مجازفة ولا مغامرة، في غير تقهقر ولا تردُّد ولا تشكُّك ولا تخاذل.
إننا في حاجة ماسة ونحن نتصل بصاحب هذه الذكرى، ذكرى الإسراء والمعراج أن نتبين كيفيةَ انتهاجنا في منهاجه خير منهاج وأن نبتعد عن كل الازورار والاعوجاج، وأن نكون على كمال اليقين والثقة برب العالمين سبحانه وتعالى، والاعتماد عليه والاستناد إليه، ولنَتوَصَّل إلى ذلك بحسن التأمل في مثل آية الإسراء والمعراج ومشاهدات رسول الله فيها، ثم ما صرح به وقابل القوم بمكة المكرمة ثم ما كان من الصدِّيق وقوله حين بلَّغوا إليه هذا الخبر المستغرَب أن صاحبك يقول أنه أُسري به في ليلةٍ إلى بيت المقدس قوله عليه رضوان الله " إن كان قال فقد صدق" إنها الثقة المطلقة واليقين المحقَّق بحبيب الله ورسوله وصفوته " إن كان قال فقد صدق" فكذلك يجب أن نرتقي هذا المرتقى ونتوصل إلى ذلك المستوى بذلك التأمل وحسن المحافظة على الطاعات والحرص أن تكون طاعاتنا وعباداتنا مربوطة بحضور القلب واستدامة ذلك حتى نحوز من لذة الذكر وحلاوة العبادة ما نرتقي به في مراتب اليقين ونحوز به التمكين في مقابلة الخلق أجمعين.
وفقنا الله والأمة وكشف الغمة ودفع الآفات عنا والحمد لله رب العالمين.