11-2009
03

شهر ذي القعدة لعام 1430هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على المبعوث رحمةً للعالمين، سيدنا محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغرِّ الميامين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

إلى إخواننا أهل الإسلام والإيمان:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفي كلمة شهر ذي القعدة من عام ثلاثين وأربعمائة بعد الألف من هجرة المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، نقول لإخواننا:

إنه موسمٌ تتوافد فيه الوفود على بيت الله سبحانه وتعالى، وعلى رحابِ نبيِّه المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فينبغي أن يحيا التفاعلُ مع هذه الشعيرة الكبيرة، شعيرة الحج وزيارة المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام، بحُسن المشاركة المعنوية لمن لم يذهب إلى تلك الأماكن المقدسة، ولم يَرِد إلى تلك الرحاب، بواسطة نصيبٍ من الإنفاق في سبيل الله تبارك وتعالى كما ينفق المنفقون في سبيل الحج فكذلك ينبغي أن يكون تفقُّدٌ لأقاربَ محتاجين أو لجيران محتاجين أو لأحد ممن يُعرف هنا وهناك، فيكون متابعةُ نصيبٍ من هذا الإنفاق بأي شكل من الأشكال وخصوصاً ما كان على حاجٍّ أو كان على طالب علم الشريعة الغراء أو على عاملٍ بمنفعة الخلق خصوصاً في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، فالإنفاقات تزكُو في هذه الجوانب، فهذا الإنفاق الذي يتم به مشاركةٌ ومشابهة للإنفاق في سبيل الحج والعمرة وزيارة رسول الله صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

إلى جانب المحافظة على عمارة ما بعد صلاة الصبح جماعةً حتى تطلع الشمس بذكر الله تبارك وتعالى من تلاوة وتسبيح وتحميد وتهليل وتمجيد وخصوصاً ما ورد من أذكار الصباح والمساء إلى أن تطلع الشمس، ثم صلاة ركعتين بعدها أو أربع، فقد صح في الحديث عند الإمام الترمذي وغيره أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال (( من صلى الصبحَ في جماعة ثم قعد في مصلاه يذكر اللهَ حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين أو أربعاً انقلب بحَجةٍ وعمرة تامة تامة تامة )).

كذلك المشاركة بالتضرع والابتهال، وأن يرتب المؤمن على نفسه في كل ليلة دعاءً وتوجُّهاً إلى الله تبارك وتعالى، وينبغي أن ينتبه من مثل وقت السحر وأيِّ ساعة في جوف الليل، وقبل غروب الشمس وقبل طلوعها كذلك بعد غروبها، فهذه أوقاتٌ مباركةٌ أشار إليها القرآن ينبغي اغتنامها، وأن يكون للمؤمن فيها نصيب من التضرع والابتهال والدعاء، ولا يكون قاصراً في ذلك على نفسه بل يدعو ما يحتاجه من أمر دينه ودنياه وآخرته له ولأهله وأولاده وجيرانه ولعموم هذه الأمة فإن ذلك يقرِّبه إلى الله تبارك وتعالى زُلفَى.

 ثم تكون المسارعة بالزيادة على ما كان يعتاد لأداء الفرائض وترك المحرمات، وهو معنىً من التلبية أو من حقيقة التلبية التي هي شعار الحجيج، فينبغي أن تكون لنا هذه التلبية بالمبادرة والمسارعة إلى امتثال أمرِِ الله تبارك وتعالى واجتناب نهيِه، بالنظر فيما يُعرَض في بيوتنا وفي ما يدور فيها من كلام ومن مرئيات ومن مسموعات ومن منظورات ومن مقروءات ومن معاملات ومن أجهزة ومن أشرطة فنراعي ذلك كلَّه تلبيةً لنداء الجبار، فنختار ما هو أولى وأليق وأوفق بالمنهج الرباني والوحي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فبمثل هذه الأعمال تكون المشاركة الفعَّالة لأهل موسم الحج في حجِّهم وزيارتهم للمصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

شرحَ الله الصدورَ والقلوب، وسار بنا في خير الدروب، وكفانا والأمة جميعَ البلايا والآفات، وحوَّل الأحوال إلى أحسنها في عافية.. والحمد لله رب العالمين.