بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً: من المهم معرفة أن عدداً غير قليل من الشباب المسلم الدانماركي والمقيمين في الدانمارك أتوا في فترات سابقة الى الحبيب عمر في دار المصطفى، والغريب أن ذلك تم بعد أحداث الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فرأى الكثير من المسلمين أن التشبث بسنة الرسول والتعلق به وزيادة العلم الشرعي هو الرد الصحيح لأي إساءة لنبي الاسلام، فعلمنا بديننا هو مفتاح لنشره والتعريف بنبينا عليه الصلاة والسلام.
لذلك كان وقع الخبر عليهم بعزم الحبيب عمر زيارتهم عظيماً ولم يصدقهأكثرهم إلا بعد وصوله إليهم.
فوسط شتاء أوربا القارس، وقت تساقط الثلوج، وصل الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ إلى مطار كوبنهاجن مساء يوم الأحد 9 صفر 1431هـ الموافق 24 يناير 2010م، وهو يحمل على عاتقه هم تذكير الناس ودعوتهم إلى منهاج ربهم وخالقهم تبارك وتعالى، وإحياء الهدي النبوي الشريف في الأمة. وكان في استقباله وفي مقدمتهم كان في استقباله الدكتور عصمت مجددي رئيس المجلس الإسلامي في الدانمارك والأستاذ فاتح مدير منظمة (M I D ) وعدد كبير من المهتمين بالدعوة وطلبة العلم الشريف، وهم يحملون الورود ويرددون المدائح النبوية والأناشيد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، في مظهر عجيب وغريب في زمانه ومكانه، وهو بحد ذاته عنوان لحفظ الحق تعالى لدينه وعزة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد أعدت مؤسسة ( Muslimer I Dialog ) برنامجا حافلا للحبيب عمر تغتنم فرصة وجوده في الدانمارك لإقامة العديد من الفعاليات والمحاضرات التي تزيد المسلمين صلةً بدينهم، ومحبة وارتباطا بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ورغبةً في نشر الخير والتعريف بدين الإسلام والدعوة إلى الله وفق أسس وضوابط صحيحة مأخوذة من هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. ولتزويد المسلمين بالمعارف المهمة في الدين، والأسلوب الأمثل للتعامل فيما بينهم ولتعاملهم مع غيرهم سواء المعادي منهم والمسالم.
وقد اهتم الحبيب عمر حفظه الله بالتركيز على زيارة المراكز والمعاهد الإسلامية في الدانمارك، ولقاء العلماء والدعاة والقائمين على عدد من المؤسسات الإسلامية ليكون لهم الدور الأبرز في خدمة الإسلام والمسلمين، ويكونوا قدوة لغيرهم في حسن إظهار الإسلام بصورته المشرقة، وحسن التعامل مع كل ما يسيء إلى الإسلام، كما التقى بشريحة واسعة من المسلمين الذي اهتم بغرس أسس الدين في قلوبهم، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم بالهداية لدين الإسلام، وحثهم على العمل بمقتضاه، وإظهاره بصورة صحيحة ليكونوا خير من يمثل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليأخذوا نصيبهم في همِّ الدعوة إلى الله والنصرة لدين الله عز وجل.
يوم الإثنين 10 صفر
افتتح الحبيب عمر برنامجه في الدانمارك بعقد دورة سلوكية في قراءة كتاب رياضة النفس من كتاب قبس النور المبين من إحياء علوم الدين. وقد تواصلت لمدة ثلاثة أيام في تمام الساعة التاسعة صباحا من ضحى كل يوم، يحضرها الكثير من طلب العلم الشريف والدعاة إلى الله عز وجل، لما لهذا الموضوع من أهمية عظيمة لهم.
وبعد الظهر التقى حفظه الله بعدد من أئمة المساجد والمشرفين على بعض المؤسسات الدعوية في الدانمارك، واستمعوا منه إلى نصائح قيمة، حيث ذكَّرهم بعظمة رسالة المسجد في الإسلام ودور الأئمة في خدمة بيوت الله والمصلين وحثهم ليكونوا قدوة لغيرهم في الأخلاق وحسن التعامل. واهتم ببيان عظمة النيابة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم في خدمة دعوته والاهتمام بشريعته.
وفي العصر ألقى حفظه الله محاضرة خاصة بالنساء بعنوان ( الطريق إلى الجنة ) أوضح فيها حاجتنا في الحياة إلى المنهاج الرباني لنهتدي به، ونقتدي بمن اصطفاهم الله من خيار عباده، وذكر أحوال سيدة نساء أهل الجنة رضي الله عنها، وحث الأخوات على حسن الاقتداء بها، وعدم أخذ القدوة من ممثلات أو مغنيات وغيرهن، مؤكداً على عظيم دور النساء في المجتمع لغرس القيم الفاضلة والتربية الصالحة والدعوة إلى الله عز وجل.
وبعد صلاة العشاء ألقى محاضرة في مسجد المنظمة بعنوان: النور النبوي، جاءت المحاضرة انطلاقا من قول الله عز وجل ( لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين )واستشهادا بقول سيدنا العباس بن عبد المطلب في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وأنت لما ولدت أشرقت الـ أرض وضاءت بنورك الأفق
فأوضح الحبيب عمر أن الأمة تعيش بنور هداية نبيها صلى الله عليه وسلم ودلالته على الله، وشاء الله أن يكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعظم للأمة كلها، فمنه نأخذ التعاليم والإرشادات، ونحرص على متابعته، ونحيا على سنته والتمسك بطاعته، ونحذر من مخالفته، ونجتهد في خدمة دعوته، وحسن التعريف به.
وبعد المحاضرة قام حفظه الله بزيارة معهد منهاج القرآن في الدانمارك الذي تأسس عام 1982م، ويهتم بالتدريس والدعوة إلى الله، والتقى بإدارة المعهد وعدد من المدرسين والطلاب وتحدث معهم عن أهمية التزاور في الله والتواصل بين أهل العلم والاستفادة من بعضهم البعض ليكونوا معا في خدمة العلم الشريف والدعوة الغراء، وبارك جهودهم في طلب العلم الشريف وحث على العمل بمقتضاه وإحياء هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجتمعاتهم.
يوم الثلاثاء 11 صفر
في وقت الضحى واصل الحبيب عمر درسه في كتاب قبس النور المبين من إحياء علوم الدين.
وبعد الظهر التقى الحبيب عمر بالعديد من طلبة العلم الذين كانت لهم عدد من الاسئلة العامة والخاصة وتناول معهم وجبة الغداء في منزل الاستاذ محمد علي وهو ممن خرج إلى تريم عدة مرات، وأشرف على تنسيق مشاركة العديد من الطلاب والطالبات في عدة دورات تعليمية بدار المصطفى بتريم.
وبعد العشاء ألقى محاضرة في مسجد المنظمة بعنوان: كسب العقول والقلوب منهاج المصطفى. موضحاً فيها منهاج رسول الله في مخاطبة العقول وتزكية النفوس، وكيف يخاطب الإسلام عقل الإنسان وقلبه وكيانه كله، ليأخذه بمجامع قلبه إلى ربه تبارك وتعالى، واستشهد بذكر قصة ثمامة بن أثال الحنفي الذي اختار له أن يربط في سارية في مسجده صلى الله عليه وسلم ليرى أحوال الصحابة مع رسول الله، وبالفعل فقد تأثر وتغير حاله، وأسلم وصدق في إيمانه.
التوجه إلى مدينة مالمو السويدية
ومساء الثلاثاء توجه حفظه الله وبواسطة الجسر البحري على بحر الشمال إلى مدينة مالمو السويدية التي تبعد عن كوبنهاجن 16 كم، وقصد زيارة مركز سمرقند الثقافي الذي تأسس قبل عشرين عاما، ويهتم بعقد مجالس العلم والذكر والدعوة إلى الله، ويقصده الكثيرون من أهل البلد لتلقي العلوم النافعة، واستقبله الشيخ آدم جيلاني وعدد كبير من المدرسين والطلاب الذين احتفلوا بقدومه، واستمعوا جميعا إلى كلمة الحبيب عمر التوجيهية التي حمد الله فيها على تيسير الاجتماع على مجالس ومجالس الذكر، وحث على اغتنامها والمواظبة عليها ليزداد بها الإيمان والصلة بالرحمن تبارك وتعالى، وأكد على أن المسلم بحاجة إلى العلم والذكر والعمل الصالح الذي يرفعه عند الله عز وجل.
يوم الأربعاء 12 صفر
واصل الحبيب عمر درسه اليومي وقت الضحى في كتاب قبس النور المبين من إحياء علوم الدين.
وواصل الحبيب نشاطه في زيارة المراكز الإسلامية والمعاهد الشرعية التي تسهم خدمة العلم ونشر التوعية الدينية، فزار ظهر الأربعاء قام مقر الرابطة الإسلامية، واستقبله الشيخ الدكتور محمد فؤاد البرازي رئيس الرابطة الإسلامية، الذي رحب به كثيرا، وشكر على زيارته، وأخذه في جولة تعريفية بأقسام الرابطة، وشرح له سير الأعمال فيها وجهودهم المتواصلة لخدمة الدين، والحفاظ على الهوية المسلمة في تلك البلاد.
وبعد المغرب التقى بمجموعة من المهتمين بالدعوة واطلع من خلالهم على العمل الدعوي في الدانمارك، والمساعي الحثيثة لربط العباد بخالقهم عز وجل، وناقش معهم جملة من الهموم والمعوقات في طريق الدعوة إلى الله، وتعرف على حاجتهم للارتباط بالشيوخ المتصلين بالسند إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قام حفظه الله بزيارة المعهد الثقافي الإسلامي، وفي مسجد المعهد التقى بالعديد من المدرسين والطلاب وجمع كبير من الحاضرين الذي حضروا للاستماع إلى محاضرته، والتي أكد فيها على عزة المسلمين بدينهم، وحثهم على الدعوة إلى الله بالقول والعمل والتخلق بالأخلاق الفاضلة، وذكر فضائل الدعوة والدلالة على الخير، واستشهد بقصة بناء مسجد المعهد هذا الذي كان مجرد غرفة صغيرة قبل ثمانية وعشرين عاما، ثم أصبح بفضل الله مركزا إسلاميا يشع منه النور للكثيرين، وأن الأجر في ذلك يعود لمؤسس المسجد.
ومما تجدر الإشارة إليه بأن منظمة (M I D) قد اهتمت بإرسال عشرات الطلاب والطالبات ولمدة ثلاث سنوات متوالية إلى دار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية لحضور الدورة الصيفية التي يعقدها دار المصطفى في شهر يوليو من كل عام، ويشارك فيها المئات من طلاب العلم الشريف، يتزودون فيها بالكثير من المعارف والعلوم وأسس الدعوة إلى الله.
وصباح الخميس 13 صفر 1431هـ غادر الحبيب عمر بن حفيظ الدانمارك بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام حفلت بالكثير من اللقاءات والمحاضرات، نسأل الله أن يجعل فيها الخير والبركة وأن تعم فائدتها المسلمين أجمعين.