بسم الله الرحمن الرحيم
ضمن اهتماماته المتواصلة بخدمة الدعوة إلى الله والتذكير بهدي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وربط الأمة بتعاليمه وأخلاقه ومنهاجه الشريف قام الداعية الإسلامي العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ بجولة دعوية شملت مدينة سيحوت في ساحل محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن، ومدينة الشحر في ساحل محافظة حضرموت، صباح يوم الثلاثاء 14 ربيع ثاني 1431هـ الموافق 20 مارس 2010م.
بدأ الحبيب عمر حفظه الله رحلته الدعوية بالتوجه إلى مدينة سيحوت في محافظة المهرة، واستقبله عدد من أعيان البلدة ومشائخها وطلبة العلم وفي مقدمتهم السيد محمد بن مهدي الحامد القائم بخدمة العلم والدعوة إلى الله في سيحوت.
وبعد صلاة الظهر توجه حفظه الله لزيارة مدرسة الحبيب علي بن محمد الحامد التي بنيت قبل حوالي خمسين عاما، وتقام فيها العديد من الدروس والمجالس العلمية، ويشرف عليها دار المصطفى، وتابع حفظه الله سيرَ العمل في توسعة المدرسة وبناء الصفوف الدراسية الجديدة وملحقاتها.
وبعد صلاة العصر ألقى حفظه الله محاضرة قيمة للنساء بعنوان: ( أمانة الاستعداد ليوم المعاد ) في مدرسة الحبيب علي بن محمد الحامد حضرها الجم الغفير من النساء، ابتدأها بالتذكير باستشعار المسؤولية والوقوف بين يدي الله عز وجل وسؤاله عن الصغير والكبير، فلذلك وجب علينا الاهتمام بهذا الخطاب الرباني، وعما استرعانا الله من عقل وسمع وبصر وفؤاد، وعن الوالدين والإخوان والأقارب والجيران والأزواج والأولاد، وحث على استشعار النِّعم التي تكرَّم الله بها علينا والذي يثمر التشمير للعمل الصالح، وأكد أنه لا وصول إلى السعادة عند الله إلا بواسطة الأقوال الطيبة والأعمال الصالحة. وحث على تقوى الله في كل كلمة نتلفظ بها وحذر من معاصي اللسان من كذب وغيبة ونميمة.
الاحتفال بالذكرى الثامنة لتأسيس رباط الهدى بسيحوت سيحوت:
ثم توجه حفظه الله إلى رباط الهدى بسيحوت وهو أحد فروع دار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية المنتشرة في عدد من المحافظات اليمنية، واستقبله أهالي سيحوت بالترحيب وهم يرددون زواملهم الشعبية معبرين في فرحتهم بقدومهم وتقديرهم لاهتمامه بزيارة منطقتهم.
وبعد صلاة المغرب قرئت السيرة العطرة والشمائل النبوية الطاهرة، ثم ابتدئ الحفل بختم كتاب الله عز وجل من قبل ثلاثة طلاب من الرباط أكرمهم الله بحفظ كتابه العزيز كاملا، وختموه في المجلس المبارك، ثم قدم الطلاب نماذج لما حفظوه وتعلموه في الرباط من الحديث الشريف وفقه الشريعة الإسلامية والعقيدة والأخلاق والآداب، ثم ألقيت العديد من الكلمات تحدث فيها الشيخ محمد بن سيدين مشرف الرباط عن نشاطات الرباط وسير التعليم وأحوال الطلاب وما يتلقونه من علوم نافعة ويحظون به من رعاية من قبل المدرسين، ثم ألقى الشيخ عبيد باحميش إمام وخطيب جامع سيحوت وأحد أعضاء هيئة التدريس كلمة عن المدرسين شكر فيها أولياء الأمور على اهتمامهم بتعليم أبنائهم أداء للواجب الذي افترضه الله عليهم، واستعرض ما يبذله المدرسون من جهود طيبة لتعليم الطلاب وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة وحسن المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم شارك بعض الدعاة إخوانهم أهل سيحوت فرحتهم بهذه المناسبة، وذكروهم بنعمة وجود هذا الصرح العلمي في بلدهم، ثم كانت الكلمة لفضيلة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ بعنوان: ( علو المنزلة لرسول الله وإرثه الشريف ) افتتحها بالحديث عن منزلة رسول الله ورفعة قدره عند الله عز وجل، وحث على محبته وتعلق القلوب به، وحذر من التعلق بشيء من مظاهر الدنيا الخداعة وإيثارها على ما عظم الله عز وجل، وأوضح أن من التعلق برسول الله تعظيم ما ورَّثه في الأمة من علوم نافعة، وأخذها وتلقيها وتعلمها ونشرها بين المسلمين، واستبشر بوجود هذا الرباط في هذه البلدة، وما شهده في هذه الليلة من إكمال بعض الطلاب حفظ القرآن الكريم، وتقديمهم لنماذج لما درسوه في الرباط من العلوم التي يجب على كل مسلم معرفتها، وشجعهم على تعليم أبنائهم، وما ينالون بذلك من خيرات وبركات.
ونبه على مكابدة النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده ومعاناته لتبليغ الرسالة، وحث على اتخاذ سبيل مع الرسول بتقوية الصلة به واتباعه وتعلم علوم شريعته، وحذر من الميل نحو المعاصي والمخالفات وانتشار المحرمات في المعاملات مثل الربا وأكل أموال الناس بالباطل، واختتم حديثه بالحث على التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
ثم التقى حفظه الله بعدد من المهتمين بالدعوة من مديريات محافظة المهرة ( الغيظة وسيحوت وقشن والمسيلة ) وناقش معهم أحوال الدعوة في مناطقهم والاهتمام بتعليم الناس وتذكيرهم، خصوصا. وأن الحاجة ماسة لمن يعلم الناس أمور دينهم، ويذكرهم بمنهج ربهم عز وجل، ويوصل الخير إليهم.
وفي اليوم التالي يوم الأربعاء 15 ربيع ثاني، أدى الحبيب عمر ومرافقوه صلاة الفجر في مسجد الحبيب عمر بن أحمد، ثم عمَر وقت بعد الفجر إلى الإشراق بقراءة أذكار الصباح الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وحضر معه جمع من أهل البلد، الذين اغتنموا فرصة وجوده معهم ليقدموا له العديد من الأسئلة ويستفتونه في مسائل كثيرة وأجاب عنها كلها حتى وقت الإشراق.
محاضرة في ثانوية عثمان بن عفان للبنين:
ثم توجه إلى ثانوية عثمان بن عفان بسيحوت حيث رتب مكتب التربية والتعليم بسيحوت بالتنسيق مع رباط الهدى محاضرة للحبيب عمر لطلاب الثانوية، بعنوان: الشاب المسلم بين العلم وتحديات العصر، وقد ابتدأها متأملاً دلالاتِ قول الله عز وجل ( الله الذي خلقَ سبعَ سمواتٍ ومن الأرض مثلهنَّ يتنزَّل الأمرُ بينهن لتعلموا أن اللهَ على كل شيء قدير وأن اللهَ قد أحاط بكلِّ شيء عِلما ) فندرك علما يفقه به الإنسان الحكمة من خلق هذا الكون، فيثبت في مواجهة الأحداث على قدم الإيمان بالله، ويدرك أن الأمور بيد الله ولا يشاركه في الحكمة والقدرة أحد، فلا يغتر بدعوات شرق أو غرب، ولا يستطيع الشيطان أن يصرفه إلى ما يضره أو يوجب له الخزي في الدنيا والآخرة.
وذكر أن الإنسان يصل إلى هذا العلم بالتزكية والمجاهدة، ومادام يوجد في باطنه وباء الاشمئزاز والتحامل وضيق الأفق وما يتبعه من كبر وغرور، فهذه موانع تمنع من الوصول إلى حقيقة العلم، وأكد أن كل مادة يدرسونها في المدرسة يستفيدون منها فائدة متعلقة بالحكمة التي خلقنا الله من أجلها، ثم ذكر نموذج الشاب الذي يحضر للمدرسة وقد أخذ نصيبه من الذكر عند الاستيقاظ وعند الطعام وعند الخروج من البيت وصلى الفجر في الجماعة، وقارن بينه وبين من حضر للمدرسة بدون صلاةٍ للفجر في جماعة، ولم يستيقظ على ذكر الله ولم يذكر الله عند طعامه أو خروجه من المنزل.. فصار الشيطان قرينا له. (استمع إلى الكلمة كاملة)
وفي الختام ألقى الأستاذ سالم عمر جمعان با سلم مدير مكتب التربية والتعليم بمديرية سيحوت كلمة شكر فيها الحبيب عمر على إلقائه المحاضرة وحث الطلاب على الاستفادة من التوجيهات التي استمعوا إليها.
ثم توجه حفظه الله إلى ثانوية سيحوت للبنات وألقى محاضرة قيمة للطالبات تحدث فيها عن ( واقع المسلمة وتعاملها مع مستجدات العصر والأحوال ) وقف فيها أمام نقاط مهمة تتعلق بمسؤوليتنا وإدراكنا لمعنى الدراسة ولما يحملنه من رسالة إلى المنازل والمجتمع الذي يعشن فيه، وأوضح أنه تعرض على الناس أفكار بشرية تصرفهم عن منهج الله، فيجب أن نفرق بين ما يتعلق بالتعامل مع الماديات محكومة بحكم الشرع وبين تدخل في الأفكار والقيم والأخلاق والتشريع، فالمؤمن يمكنه أن يتعامل في شئون الماديات بحكم الشرع مع أي أحد ويأخذ الاستفادة من كل قادر عليها بضوابطها الشرعية، لكن عندما يتعلق الأمر بالقيم والأخلاق فلا حق لجهة ولا فكر بشر أن يتدخل في ذلك بعد أن يأتينا منهاج من خالقنا عز وجل. وحذر من التبعية لأفكار البشر التي تتناقض مع توجيهات الله عز وجل.
ثم تحدث عن منزلة المرأة وأشاد بمكانتها في ديننا حيث أننا نسعى لإقامة الخلافة عن الله في الأرض، فابتدأت الخلافة عن الله برجل وامرأة، وهو أبونا آدم وأمنا حواء، وهذه إشارة إلى أنه لا يمكن إقامة الخلافة كاملة إلا بمجموع النوعين الذكر والأنثى، فيقومان بمهمتهما في الحياة متعاونَين عليها وهذه هي النظرة الصحيحة للعلاقة بين بني آدم من رجال ونساء. وحثهن على بذل الجهد في الدراسة والاستفادة من دروسهن والقيام بدورهن في البيت مع الوالد والإخوة. والانطلاق في الحياة بضوابط الشرع الشريف.
وأشاد بفصل البنات في مدرسة خاصة بهن بعيدا عن الاختلاط مع الطلاب، وأن هذا هو المنهج الأقوم في التربية، وكم عانى الكفار اليوم من مشاكل الاختلاط بين الجنسين في المدارس اضطرتهم في كثير من المدارس للفصل بين الطلاب والطالبات.. حتى صاروا ينتقدون كثيرا من أساليبهم التي تخالف الشريعة من خلال النتائج السيئة التي ترتبت عليها، لنعلم أنه لا أحسن هديا للبشرية من هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كل ذلك يدعونا لأن نعتز بربنا وبنبيه صلى الله عليه وسلم، ونحسن الصلة به ونحكِّمه في أمورنا كلها ونحذر من مخالفته وتبعية غيره مهما أظهروا من شعارات باسم التحرر أو التطور وغيره. فلا نأخذ القيم والأخلاق والدين إلا من الحق عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم قدمت الطالبات العديد من الأسئلة والاستفسارات التي قام الحبيب عمر بالإجابة عنها كلها.
واختتم حفظه الله زيارته لمديرية سيحوت بزيارة منطقة درفات القريبة من مدينة سيحوت، وزار مدرسة الصلاح التي تقام فيها العديد من الدروس والمجالس العلمية للرجال وللنساء طيلة أيام الأسبوع، واحتشد الكثير من أبناء البلدة للاستماع إلى توجيهات الحبيب عمر والاستفادة منه.
التوجه إلى مدينة الشحر:
ثم توجه حفظه الله إلى مدينة الشحر وفي طريقه توقف في مدينة الحامي حيث زار مصنع الصفا للفيبرجلاس، والتقى بالإدارة والعاملين وألقى كلمة طيبة ذكر فيها العاملين بأهمية العمل في الإسلام ، والكسب الحلال، وذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من بات كالا من عمل يده بات مغفورا له، وحثهم على النية الصالحة وإتقان العمل فهذا هو شعار المؤمن دائما.
وفور وصوله مدينة الشحر في ساحل حضرموت قصد رباط المصطفى للدراسات الإسلامية بمدينة الشحر وهو أحد فروع دار المصطفى، حيث ينظم الرباط الزواج الجماعي الخيري العاشر لاثنين وخمسين عريسا، والتقى باللجنة المنظمة واستمع إلى برنامج الاحتفالات وترتيب الأعمال. ثم زار مع منصب آل الشيخ أبي بكر الحبيب حسن بن أحمد بن الشيخ أبي بكر معرض الصور للزواجات الجماعية السابقة التي نظمها الرباط.
وبعد العصر انطلق موكب الزواج الجماعي من ساحة الرباط يتقدمهم الحبيب حسن بن أحمد بن الشيخ أبي بكر منصب آل الشيخ أبي بن سالم، واتجهوا إلى جامع الشحر حيث تقام مراسيم عقد النكاح، بحضور الجمع الغفير يتقدمهم العلماء والأعيان وممثلين عن السلطة المحلية بمحافظة حضرموت.
وألقى الحبيب عمر كلمة في المجمع المبارك شكر الله فيها على تيسير إقامة هذا الزواج الذي يعبر عن مظهر في العفاف والحشمة والحياء وقيم الإنسانية التي بفقدِها ينحل الإنسان عن منزلته الجليلة ويهوي في الرذيلة، ليرفرف علم يذكِّرنا أننا معاشر المسلمين أرباب قيم نقول لأرباب السوء أننا نحتمي بتعاليم نبينا مما تدعونا إليه من الانحطاط وما تقاسونه أنتم في مجتمعاتكم اليوم من رذائل تخفونها وتحاولون العلاج فما تقدرون، ولا علاج لها إلا برجوع الإنسانية إلى الفضائل ونبذ الرذائل.
وأوضح أن هذا الاحتفال يأتي تذكرة بوجوب التماسك والتعاون والتآخي وإدراك للأخوة الإيمانية التي هي من أغلى العطايا على الناس، وامتنَّ الله بها على رعيلنا الأول، وحث على المحافظة على هذه الأخوة التي يتداعى شياطين الإنس والجن على أن ينشروا التباغض والتحاسد بيننا، وعلى قدر استجابتنا للنبي نترك كل دواعي الفرقة لتجتمع القلوب على ما يرضي الله.
ثم دعا الكل للاهتمام بالأسرة وواجب كل فرد ليقيم شرع الله في أسرته، فيتعاونون معا على فعل الخير، وترك الشر بأنواعه، وتعلم أحكام الشرع الشريف وتعظيم الله وتعظيم رسوله، لتكون أُسَر صلاح وتقوى، حتى يطيب لهم كلهم الورود على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ألقى الأستاذ أحمد جنيد الجنيد وكيل محافظ محافظة حضرموت كلمة بارك الله فيها للعرسان، وشكر الجهود التي يبذلها رباط المصطفى في تزويج الشباب إعفافاً لهم ومساعدة لهم على تكوين أسر صالحة.
ختام مجالس السيرة النبوية:
وبعد صلاة المغرب شهد جامع الشيخ فضل با فضل اختتام المجامع المباركة لقراءة السيرة النبوية والشمائل المرضية، والتي تواصلت على مدى خمسة وأربعين يوما وشملت مساجد مدينة الشحر، ألقيت خلالها العديد من المحاضرات والدروس الفقهية شارك فيها الكثير من العلماء والدعاة، وكان مسك ختامها في جامع الشيخ فضل الذي ازدحم فيه الحاضرون، وتحدث عدد من الدعاة، ثم ألقى العلامة الحبيب عمر بن حفيظ محاضرة قيمة بعنوان: من ثمرات شهود {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}. ( رابط الكلمة )
بعدها زار الحبيب عمر زاوية جامع الفلاح لتحفيظ القرآن الكريم، واستمع إلى نماذج من تلاوة الطلاب وتعرف على نشاط الزاوية، وبارك للطلاب اغتنامهم لأوقاتهم وحرصهم على حفظ كتاب الله وتلقي علوم الشريعة وشكر للمدرسين والمشرفين على حسن اهتمامهم بتربية الأولاد على المكارم والفضائل.
ثم توجه الحبيب إلى ساحة الاحتفالات بجوار رباط المصطفى وحضر الأمسية الإنشادية التي أحيتها فرقة المسرة احتفالا بمناسبة الزواج وجدد تهنئته للعرسان.
بعدها عاد إلى مدينة تريم بحمد الله عز وجل وسلامته.