وصل الحبيب عمر بن حفيظ إلى لندن يوم الإثنين 8 جماد أول 1432 هـ الموافق 11 إبريل 2011م في رحلة تستغرق عدة أيام حافلة بالكثير من اللقاءات والمجالس والتزاورات والدروس، يواصل بذلك جهوده الطيبة في خدمة علوم الشريعة المطهرة والدعوة الغراء، وتبصير المسلمين بحقائق هامة عن دينهم، ليحسنوا التمسك به على وجهه الصحيح والأمثل, وتبدو صورة الإسلام في الغرب مضيئةً مشرقةً بعيدةً عن كل أشكال العصبية والتطرف، قائمة على الاستقامة وتقوى الله والأخلاق الفاضلة وحسن التعايش مع الغير.
|
وليلة وصوله ألقى حفظه الله محاضرة في مركز برافا تحدث فيها عن أهمية معرفة الإنسان لحكمة خلقه في هذا الكون، وأن الله خلقه ليكرمه بالخلافة عنه في الأرض بامتثال أمره واجتناب نهيه، ويعرف أن مصيره ونهايته إلى الله عز وجل، وهناك تُعرف قيمة الاتجاهات والإرادات في الدنيا. وأوضح أن من لم يدرك هذه الحكمة ويعمل بمقتضاها فهو آيلٌ للخُسر، وقرأ قول الله تعالى: ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) فمن لم يأخذ هذه الأربع الصفات فهو خاسر، وإن قيل عنه في الدنيا ما قيل من أوصاف المدح والثناء. فهو خاسر معذَّب معاقب مبعود عن الله، فما أفاده شيء من الألقاب والصور وما يقول الناس في هذه الحياة.
وأضاف حفظه الله: إن الذين فقهُوا هذه المهمة لا يرضون بانقضاء أعمارِهم في غفلة، ولا يهملون أولادهم في إيمانهم وصلاتهم ومحبتهم للرسول وأصحابه وصلحاء الأمة وعامتها.
ودعا للاستعداد للدار الآخرة، بتصفيةِ القلوب وتنقيتِها عما لا يرضي الله عز و جل، وحذر من النفس الأمارة وخطرها، وذكر أنها أقوى جنود إيليس، فإذا صلحت نفسك هزمته هو وجنوده.
كما حذر من ترك الصلوات وتضييع الواجبات والميل إلى الحرام. واختتم حديثه بالدعوة إلى اجتماع القلوب على الله عز وجل والثقة فيه ورجاؤه والخوف منه سبحانه وتعالى والاستعداد للقائه والوقوف بين يديه.
لقاء بالأئمة والدعاة في المركز الثقافي الإسلامي:
وظهر الأربعاء 9 جماد الأولى الموافق 13 إبريل زار حفظه الله المركز الثقافي الإسلامي في لندن، والتقى بمديره الأستاذ أحمد الديباني الذي استقبله بحفاوة بالغة، وابتهج كثيرا بزيارته، و شرح له سير العمل في المركز وما يقوم به من خدمة للمسلمين في لندن.
ثم التقى الحبيب عمر في قاعة المركز بأئمة المساجد وعدد من الخطباء والدعاة في بريطانيا، وألقى فيهم محاضرة قيمة بحضور الدكتور عبد الحكيم مراد، والدكتور فؤاد النهدي.
وأوضح الحبيب عمر كلمته أن مهمة الإمام ليست محصورة في إمامة الناس في الصلوات، بل تتعداها إلى أن يكون الإمام قدوةً في كل الوجهة إلى الله، بجميع الأعمال والأقوال الناتجة عن الأحوال، القائمة على ما يؤمن به الإنسان.
وحث على معرفة أهمية المنبر الذي هم فيه، ووجوب معالجة الأخطاء بما يوافق الكتاب والسنة، وهو الدواء الناجع المؤثر الذي قامت إرادة الخالق أن يكون هذا الدواء المعالج لخلقه، وبذلك أرسل النبيين، ولا يكون منقادا لما تنشره وسائل الإعلام، فإذا كنا من خلال المنابر نتأثر من الإعلام فقد أبطلنا مهمتنا، وإن كان كل من أثار مسألة ثُرنا حولها واندفعنا إليها بغير بصيرة فقد أصبحنا جزءً من تبعية الإعلام، وانتزعنا من إعلام المنابر المحمدية سرَّها واستقلاليتها.
وقال حفظه الله: إن الوعي لمهمة هذا المنبر ما قال سيدنا ربعي ابن عامر: الله ابتعثنا لنُخرِج العبادَ مِن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد..
فتكون هذه المنابر محلا للعلاج الصحيح للجرح من عُمقه، فهي الفرصة المتاحة التي يسرها في مثل هذه الدولة تستطيعون استعمالها فيما يوصيكم به دينكم، فالتطهُّر عن الخيانة عن هذه الأمانة بحسن استعمال هذا المنبر، إن تحول إلى إثارات وبعث العداوات فقد خينت أمانة هذا المنبر، إن تحول إلى توسيع الفجوة بين الجيل الأول والجيل الثاني لم يؤد المنبر حق الأمانة.
أهمية التزكية في الدعوة إلى الله:
ومساء الأربعاء 10 جماد الأولى الموافق 13 إبريل ألقى الحبيب عمر بن حفيظ حفظه الله محاضرة قيِّمة بعنوان: أهمية التزكية في الدعوة إلى الله. وضح فيها ارتباط التزكية بالدعوة، وقال: إن صاحب التزكية يدعو إلى الله، لا إلى نفسه، ولا إلى عِلمه، ولا إلى عقله، ولا إلى رأيه، ولا إلى خصوص مذهبه، فهو بنور العلم والإخلاص يدعو ليرضى الله عنه، مستشعراً النيابة عن صاحب الدعوة، القائل: بلِّغوا عني ولو آية، الذي قال الله عنه: ( وداعياً إلى الله بإذنه ). فهو يدعو إلى الله بالإذن الأعظم من الله ونحن ندعو عنه.
وذكر حفظه الله أن صاحب التزكية إذا قام بالدعوة فلن يردَّها إلى جدالٍ عقيم، ولن يتخاصم بها مع غيره، ولن يعنِّف إذا وَعظ، ولن يأنف إذا وُعِظ، وقد لخَّص النبي حقيقة الكبر في قوله: الكبر بَطرُ الحق وغَمطُ الناس.
ومِن أدل الأدلة على إخلاص الداعية وصِدقه وتزكيتِه أن يفرح بمن يظهر من الدعاة فينتفع الناس به. ومن ظهر له شيء من دسائس النفس صدق في الالتجاء إلى الله فخلصه من شرها،
واختتم كلمته حفظه الله بذكر ثلاثة أشياء إذا اجتمعت للإنسان في أي أمرٍ يقوم به تمَّ له النجاح:
الأول: إخلاص القصد والنية لوجه الله.
الثاني: إعطاء ما يستحقه من الهمة والإحسان والوقت.
الثالث: أن يفوض الأمر فيه إلى الله.
ولا يعتمد على إخلاصه ولا على اجتهاده بل على الله وحده.
ويواصل الحبيب عمر رحلته الدعوية إلى عدة مدن رئيسية في بريطانيا، ويتواصل برنامجه حتى يوم الأحد المقبل إن شاء الله تعالى.