توجه الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ مساء يوم الثلاثاء 24 شوال 1425هـ الموافق 7 ديسمبر 2004م إلى جمهورية الهند وقصد ولاية كيرالا الواقعة جنوب الهند ( وهي من أشهر الولايات المشتهرة بانتشار الإسلام ) تلبية لدعوة كريمة من مركز معدن الثقافة الإسلامية الذي يعتبر من أهم المؤسسات الإسلامية بكيرالا - الهند ، ويقوم بالخدمات الدينية والنشاطات التعليمية بين المسلمين ويدرس في مختلف معاهده زهاء 2500 طالب وطالبة، والإدارة تزودهم بجميع متطلباتهم من التغذية والسكن والملابس والعلاج وغيرها بصورة مجانية وذلك بمساعدة أهل الخير والإحسان، ويضم أكثر من اثني عشر معهدا فرعيا في مجالات متعددة تصب في خدمة الشريعة. وقد حرص الحبيب عمر على تلبية الدعوة إقامةً لسنة التزاور في الله وتقوية للروابط بين أهل الإسلام والإيمان، وسعيا لنشر الدعوة إلى الله عز وجل وتفقدًا لأحوال المسلمين وإحياءً للسير والأخلاق الفاضلة وربطا لطلاب العلم والعلماء وتعاونهم على نصرة الشرع الشريف ، ووصل بحفظ الله ورعايته إلى مطار الولاية ضحى يوم الأربعاء 25 شوال 1425هـ - 8 ديسمبر 2004م ويرافقه السيد زين بن عمر العيدروس ، وكان في استقبالهما في المطار عدد من العلماء وطلبة العلم ومحبي العلم وهم يرددون الأناشيد الترحيبية المتضمنة الذكر والدعاء والصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وفور وصوله مقر إقامته في المدينة اجتمع معه أعداد من المشايخ والطلاب الذين وفدوا للترحيب بقدومه، وضمه معهم مجلس مبارك افتتحه بدعوات وتوجهات إلى الحق عز وجل، ثم حدَّثهم بالحديث المسلسل بالأولية ( الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) على طريقة أهل العلم وذلك لتتصل الأسانيد .. واستمعوا بعد ذلك منه إلى توجيهات مباركة. وعصر هذا اليوم توجه حفظه الله لزيارة بعض المآثر الإسلامية في الولاية وزار قبر الحبيب علوي بن محمد بن سهل مولى الدويلة أحد أعلام العلماء والدعاة الذي خرج من حضرموت إلى الهند ، وكان له دور كبير في القيام بالتعليم ونشر الدعوة إلى الله في أجزاء متعددة من الهند . وكان أول لقاءاته العامة بعد أن صلى المغرب في مسجد السني بمدينة جماد حيث ألقى محاضرة عن العلم وفضائله وآدابه مستهلا حديثه بذكر تلقي الصحابة للعلم عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم تفرُّقهم في الأمصار ليبلغوا عن رسول الله، ومنهجهم المتمثل في ربط العلم بالعمل والدعوة إلى الله مع المحبة والمودة للمسلمين، وأخذهم له بالتعظيم مع الأدب والانكسار لله عز وجل ومضى التابعون فمَن بعدهم على هذا الحال، وبحمد الله فقد حُفظ هذا المنهج وانتشر في الأمة بأسانيد متصلة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبهذه الأسانيد وصل الإسلام إلى مناطق الهند، وبقي محفوظا إلى يومنا هذا ، وجاءت هذه الزيارة لتذاكر الواجب نحو هذا المنهج، ولرؤية ما يسر القلوب من الالتفات نحو العلم وتلقيه بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال لهم: يجب أن تأخذ منكم هذه الدروس قلوبكم وعقولكم وأفكاركم وتعظيمكم فإن انتفاع كل واحد منكم على قدر تعظيم قلبه، ويعلم أنه في جهاد في سبيل الله، وليكن العلم داعيه لتطهير قلبه وحسن تقواه لربه في الغيب والشهادة، وليحرص على العمل به. ( الاستماع إلى المحاضرة ) اليوم الثاني : الخميس 26شوال – 9ديسمبر في صباح هذا اليوم زار الحبيب عمر بيت السيد إبراهيم الخليل البخاري مدير معهد معدن الثقافة الإسلامية، ثم توجه لزيارة بعض المراكز التابعة لمعهد معدن الثقافة الإسلامية بكيرالا ومضى يومه متنقلا من معهد إلى معهد يتفقد أوضاع المتعلمين والمناهج الدراسية وسير الدراسة فيها، مبتهجا بما يراه من اهتمام بالغ بالعلوم الشرعية وحرص طيب على تعليمها وتلقِّيها، وافتتح زياراته بزيارة مدرسة تعليم اللغة الإنجليزية التابعة لمعهد معدن الثقافة الإسلامية، ثم قصد مسجد المعهد، وهناك افتتح مجلسا أسبوعيا للقراءة في كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي.. وقد تحدث في افتتاحيته عن كتاب الإحياء واهتمام العلماء والأخيار بقراءته وتدبر ما فيه وثناءهم البالغ عليه ، وذكر ترجمة مختصرة للإمام الغزالي ثم افتتح القراءة في الفصل الأول من فصول كتاب الإحياء، وبين لهم ما تضمنه من علوم غزيرة وتوجيهات سديدة . ثم واصل برنامج زياراته بزيارة طلاب القسم الداخلي لمعهد معدن الثقافة الإسلامية القادمين من عدة مناطق من ولايات الهند ليتزودوا منه بالعلوم النافعة والتربية الصالحة. ثم قام بزيارة طلاب المدرسة الثانوية التابعة لمعدن الثقافة. وبعدها زار كلية الشريعة التابعة للمركز أيضا. وزار مدرسة دار الأيتام التابعة للمركز التي تعتني بتربية الأيتام وتعليمهم أمور دينهم ومساعدتهم في أمور معيشتهم. ثم توجه إلى المركز الخاص بتعليم العميان القراءة والعلوم الشرعية، وتعرف على طرق تدريسهم، وتابع حفظهم للقرآن الكريم ، واستمع إلى نماذج من حفظهم لبعض سور القرآن الكريم ، وابتهج بما شاهده من جهود مباركة من الإخوان القائمين على المدرسة، والتقى بالطلاب، وحمد اللهَ الذي يسر لهم تعلم كتابه وأحكام دينه، وبدوره شكر الإخوة القائمين على المدرسة ، وحثهم على بذل المزيد من هذه الجهود الطيبة التي تثمر ثمارا طيبة مباركة بإذن الله تعالى . وانتقل الحبيب بعد ذلك لزيارة مركز آخر يؤدي نفس الدور، وبمثل تلك الجهود الطيبة المباركة ويعتني بتعليم الصم للقراءة في كتاب الله تعالى وحفظ ما تيسر منه ومن الحديث الشريف، وتلقي العلوم النافعة ، وبالمثل فقد تابع باهتمام بالغ سير تلقيهم للدروس وحفظهم لآيات القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم.. وتفقد أيضا المركز الخاص برعاية المتخلفين عقليا الذي يهتم بتربيتهم وتأهيلهم وتعليمهم ما تيسر من أحكام دينهم ، ويبذل القائمون عليه جهودا طيبة في هذا السبيل والمساعي الحسنة . وأول الظهر افتتح حفظه الله مركز المعدن لتحفيظ القرآن الكريم، ويديره السيد/ إسماعيل البخاري وهو من طلاب معدن الثقافة الذين درسوا في دار المصطفى بتريم، وقد اجتمع فيه الكثير من الطلاب الحريصين على حفظ كتاب الله عز وجل واستمعوا إلى كلمة طيبة من الحبيب عمر هنَّأهم فيها بافتتاح هذا المركز، وذكر فضيلة حفظ كتاب الله عز وجل ، وحث على الاهتمام بمدارسة القرآن ومراجعة ما حفظوه، ونبه على آداب متعددة ينبغي للمهتم بحفظ القرآن أن يلتزم بها . ثم استمع إلى نماذج متعددة من تلاوتهم للقرآن الكريم . وفي عصر هذا اليوم التقى الحبيب عمر بأعداد كبيرة من العلماء والمهتمين بالتدريس والدعوة إلى الله وكبار طلبة العلم في ملتقى لعلماء كيرالا في قاعة كبرى تضم حوالي 7آلاف شخص، تذاكر معهم واجبات العلماء في أمانة التبصير والتذكير وربط العلوم بالتربية والتزكية والأعمال التي من شأنها إنهاض الأمة وإرجاعها إلى معدنها في الأخذ والفهم لتنصبغ بصبغة الصلة بالله التي هي أساس حماية الأمة من كل من يعاديها . وقد افتتح اللقاء الشيخ/ محمد مسليار كومبم بكلمة رحب فيها بالحبيب عمر ، وتعرض للحديث عن تاريخ وصول الإسلام إلى الهند، وما تميزت به هذه الولاية من كثرة وجود المساجد التي تزيد على 40000مسجد، وذكر أن أكثر من 4000مسجد منها تنتشر فيها مجالس العلم وحلقات التعليم، كما توجد بالولاية ما يقارب 10000مدرسة دينية منتشرة في كثير من المدن والقرى، ومنها ما يعادل الثانوية العامة ومنها ما يعادل شهادة البكالوريوس. وذكر اشتهار كثير من علماء الهند وإقبال الطلاب على الاستفادة منهم ومن مؤلفاتهم وحمد الله على هذه النعمة، وحث العلماء على الاستفادة من توجيهات ضيفهم الكريم. ثم ألقى السيد إبراهيم خليل البخاري كلمة حمدَ الله الذي يسر لهم فرصة لقاء الحبيب عمر للانتفاع من علومه والاستماع إلى توجيهاته التي من دون شك سيكون لها تأثير طيب في حسن القيام بخدمة للعلم والدعوة إلى الله . ثم تحدث الحبيب عمر عن عظيم منة الله على المسلمين وخصوصية مَن شاء الله منهم ليكونوا دعاةً إليه ومبلغين عن رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال بأن العلم إذا اقترن بالخشية يكون وسيلة لتحقيق الغايات العظمى من القرب من الحق ورسوله، واعتبر ساعة لقائه بالعلماء من أهم ساعات رحلته إلى الهند ووصفها بأنها ساعة أمانة ومسئولية تجاه مواريث النبوة .
وحمد الله على وجود الاتصال بالعلم على مذهب أهل السنة والجماعة، وذكر مجموعة من علماء حضرموت الذين هاجروا إلى الهند واستوطنوا بها لنشر العلوم النافعة ودورهم في نشر الإسلام في شرق آسيا والفلبين وأجزاء من الصين . وحثهم على بذل جهودهم للحفاظ على هذا المنهج الذي خلَّفه لهم الصالحون، وكيف يتعاملون مع واقع الأمة وما يشهده المسلمون من غفلات وتسلطات لأهل الباطل عليهم ، وبين أن هذا الواقع المؤلم يقتضي منا أن نحسن الفكرة في كيفية إحياء حقائق الدين في القلوب فتظهر حياة الدين في البيوت والمساجد والمجتمعات والأرض ومن عليها ، ولا يكون ذلك إلا بقلوب تتصل بالله وتدرك حقيقة الأدب مع الله، وتظهر عليها حقيقة الخشية لله تبارك وتعالى، لذلك جاءت عادة السلف بقراءة كتب الفقه ومعها كتب التصوف لتتهذب النفس فيزداد علما ويزداد تواضعا وخشوعا وأدبا ومعرفة بالله تبارك تعالى. وحث على حسن صلة الخلق بخالقهم ودلالتهم عليه ونشر التربية النبوية بين أوساط الطلاب والموظفين والمهندسين والتجار وكافة أفراد المجتمع حتى نقضي على جميع مظاهر الفساد في الأرض ، وأعرب عن استبشاره بما شاهد في بلدتهم من مساجد ومدارس وإقبال طيب على مجالس العلم، وأشاد بالرعاية الكريمة التي يحظى بها العُمي والمعاقون والأيتام وتعليمهم أمور دينهم ، ليغلقوا بذلك الباب على الجمعيات التنصيرية، التي تستغل مثل هذه الأعمال في تنصير الكثيرين وتفسد أخلاقهم وتصدهم عن سواء السبيل. وعن تأثير العلماء في مجتمعاتهم قال حفظه الله: نريد ثمرة تحدث في قلوبكم، ووراءكم مئات الآلاف بل الملايين بوجهتكم يتوجهون وبصدقكم يصدقون فقووا هممكم ونواياكم واشكروا الذي أقامكم مقام العلم ، وما شكره إلا بحسن القيام بهذه المهمة من خلال نياتكم وما يخالط مشاعركم من رحمة وشفقة وحرقة على ما وصلت إليه الأمة وبالتوجه الصادق تنفتح أبواب الفرج وترتفع التسلطات. وفي ختام كلمته نبه الحاضرين على مسألة مهمة سببت مشاكل كثيرة بسبب سوء الفهم لها، فقال: أختم كلمتي بتنبيه حول فقه تعدد المذاهب في الشريعة والطرق في المسلك والتربية، فالأمة تحتاج إلى علم ومسلك تزكَّى به النفس، وفي العلم اشتهرت المذاهب الأربعة، وفي التزكية ظهرت الطرق، فمهمة المذاهب والطرق حسن الترجمة عن سعة الشريعة وعظمتها، فلا يجوز ضرب بعضها ببعض، فعلى اختلاف نظر الناظرين من المؤهلين للاجتهاد في أدلة الأحكام جاء الاختلاف في فروع الأحكام، وعلى اختلاف نظر الناظرين في كيفية تزكية النفس وتهذيبها جاءت الطرق في تزكية الأنفس، وخير كل واحد أن يشهد الخير والمحبة والتعظيم للآخر، وإلا فما هو بصادق مهما كان عالما أو متعلما لا عبرة بما يظهر من مخالفة وانحراف فنقوم كلنا ضد المخالفة بما هو أقرب وأقرب، فأصول هذه الطرق والمذاهب هو حق وهدى فيجب أن تكون سببا للإتحاد والتقارب .. فهم ترجموا سعة الشريعة لمختلف أصناف الناس باجتهاداتهم الصحيحة.. لا باجتهادات المدعين .. فعلى ذلك الحال مضوا، وفي آدابهم نقرأ سير الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين.. ( الاستماع إلى الكلمة كاملة ) وبعد هذا اللقاء القيم والهادف توجه الحبيب عمر مع السادة العلماء لوضع حجر الأساس للمبنى الجديد للمركز الرئيسي لمعهد معدن الثقافة الإسلامية، ( وهو عبارة عن عمارة كبيرة بثلاثة أدوار مع كامل التجهيزات وبجميع الإمكانيات والمواصفات الحديثة) ليستوعب أكبر عدد من طلاب العلم الشريف . وقد شارك في الحفل جمع كبير من المهتمين بالعلم ونشر الدعوة الغراء ولهم أمل كبير في سرعة إنجاز العمل فيه ليساهم في تعزيز العمل في المركز ، واستيعاب أكبر عدد من الطلاب ، وتوفير الظروف الملائمة والمساعدة لهم للتحصيل العلمي الجاد . وليلة الجمعة كان الجمع الكبير المبارك الذي يحتشد فيه عشرات الآلاف من مناطق مختلفة من الولاية وخارجها، في مجلس استمر لمدة ست ساعات للصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، والاستماع إلى المواعظ والمذاكرات من أهل العلم ، وابتدأت الكلمات بكلمة ترحيبية ألقاها الشيخ إبراهيم الخليل رحب فيها بالحبيب عمر وهنأ الجميع بحضوره معهم وأشاد بدور أهل حضرموت في نشر الإسلام في مناطقهم وبلدان شتى في العالم . وأنشدت قصيدة ترحيبية بالحبيب عمر وقدمت له العديد من الهدايا التذكارية والرمزية تقديرًا وتشريفا لضيفهم الكريم. ثم كانت الكلمة للشيخ / أبي بكر بن أحمد الأمين العام لجمعية علماء الهند مدير مركز الثقافة السنية أحد كبار المؤسسات التعليمية بالهند، الذي رحب بالحبيب عمر، وأعرب عن ابتهاج أهل الهند بقدوم علماء اليمن وذكر حديث ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ) ولذلك انتشر الإسلام في مناطق كثيرة ومن بينها الهند بواسطة أهل اليمن. وقدم له الشكر على اهتمامه بزيارة بلادهم ومعاهدهم الدينية . ثم ألقى الحبيب عمر الكلمة الرئيسية في المجلس بعنوان ( روابط الإيمان وفوائد الاجتماعات ) افتتحها بالتوجه إلى الله في صلاح أحوال الأمة وكشف ما نزل بهم من الهموم والغموم، وعظمة الاجتماع على كلمة التوحيد، وحث على التحقق بمعناها والصدق فيها، وذكر أن للصادقين في التحقق بمعناها عناية ورعاية من الحق جل وعلا، وأوضح أن من مقاصد هذا الاجتماع الكريم أن نرقى إلى سلم الصدق في التحقق بمعنى لا إله إلا الله، لتثمر صدقا في الوجهة إلى الحق، وحرصا على أداء الصلوات وامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وبيَّن أن لأهل الإيمان روابط خاصة من المودة المحبة تبقى معهم حتى يوم القيامة في حين تفنى وتضمحل كافة الصلات الأخرى المبنية على أساس غير الإيمان بالله. ( مشاهدة الكلمة ) وتواصلت فقرات المجلس حتى منتصف الليل، واختتم بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبدعوات مباركة من الحبيب عمر. اليوم الثالث : الجمعة 27 شوال – 10 ديسمبر قام حفظه الله صباح الجمعة حوالي التاسعة بزيارة لمستشفى الهلال الأحمر بالولاية وكان في استقباله مدير المستشفى وطاقم العمل بها تفقد أقسام المستشفى وبعض الأجنحة وألقى كلمة في مسجد المستشفى وكتب انطباعاته عن زيارته وأشاد بما يحظى به المرضى من عناية واهتمام .. ثم توجه حفظه الله إلى مدينة كلكتا عاصمة الولاية لزيارة مركز الثقافة السنية الذي يضم أكثر من ثمانية آلاف طالب من مناطق متعددة، وقد قام بوضع حجر الأساس لبنائه السيد العلامة محمد بن علوي المالكي قبل سبعة وعشرين عاما وقد زاره رحمه في شهر ربيع الأول من هذا العام أي قبل وفاته بحوالي خمسة أشهر، وقد كان في استقبال الحبيب عمر مدير العهد والمدرسين والطلاب الذي ابتهجوا بمقدمه، ثم استمعوا باهتمام بالغ إلى كلمته المباركة التي تضمنت توجيهات طيبة تنير لهم السبيل في طريقهم ليتحلوا به علما وعملا ويقومون بدورهم في خدمة الشريعة والدعوة إلى الله عز وجل. ثم تفقد الحبيب عمر أقسام المركز، وتجول في مكتبته التي تضم الكثير من أمهات الكتب والمراجع الإسلامية إضافة على مجموعات أخرى من الكتب المنهجية وكتب الثقافة الإسلامية واللغة العربية.. ثم ألقى خطبة الجمعة في مسجد المركز الذي ازدحم فيه آلاف المصلين في هذا اليوم، وقد وضح الحبيب في خطبته الأساس والطريق الذي يحقق به المؤمن تقواه لربه عز وجل بحسن التلقي للعلوم النافعة عن رجالها بأسانيد متصلة إلى النبي محمد مع غاية في الأدب والخضوع لله وكمال الرحمة والشفقة للمسلمين، وبين أثرها في تقوية باعث الطاعة والعبادة، وتخليص النفس من صفاتها الذميمة بحسن التزكية لها ليدرك الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة ، وأشاد بما رآه من سعي المؤسسات العلمية في الولاية لتحقيق هذه التزكية، ودعا إلى إحياء سير الرعيل الأول من الصحب الكرام في طلبهم العزة بخضوعهم لله وأدبهم مع الله، وحسن قيامهم بالخدمة لإخوانهم المسلمين مع كمال المودة والمحبة لهم وحرصهم الشديد على محاسبة أنفسهم والبكاء في جوف الليل. وذكر أن وجود الاهتمام بالمؤسسات التعليمية التي تهتم بالتزكية وإحياء الأخلاق الفاضلة يبشر بخير كبير مقبل على الأمة بإذن الله تعالى. ( استمع إلى الخطبة ) وبعد الجمعة قام حفظه الله بعدد من الزيارات لمشائخ من أهل العلم والفضل المشتغلين بالتدريس والدعوة إلى الله تقديرا لهم ولدورهم البارز في خدمة الشرع المصون ونشره في هذه الأقطار .. وفي المساء حضر الحفل السنوي في معهد الحسنية في منطقة بلكات التي تبعد حوالي 90كيلو عن معدن الثقافة الإسلامية والذي احتفلوا فيه بتخرج دفعة جديدة من طلاب المعهد، وألقى الحبيب عمر فيهم كلمة مختصرة بيَّن فيها السلوك المثالي لطالب العلم، وما ينبغي أن يكون عليه ، وآثارهم الطيبة في صلاح المجتمعات وتقويمها . اليوم الرابع : السبت 28شوال – 11ديسمبر ضحى هذا اليوم قام الحبيب عمر بعدة زيارات لعدد من المساجد ، كما التقى بعدد من المشايخ المهتمين بالدعوة إلى الله، وكان من أهمها: زيارة السيد عبدالله خليل البخاري في مدرسته ( بمدينة جرامانقلم قريب من بربنغادي الساحل).. وألقى كلمة طيبة في مسجد المدينة ذكر فيها فضيلة الحب في الله ومنزلة المتحابين في الله وما لهم من الكرامة في القيامة ، وحمد الله على وجود آثار هذه المحبة في هذه الولاية بسبب وجود المشايخ المرشدين. ( الاستماع إلى الكلمة ) ومنه توجه إلى معهد الإحسان الذي يضم أكثر من ( 700 طالب ) وافتتح فيه درسا أسبوعيا في كتاب رياض الصالحين للإمام يحيى بن شرف النووي . ثم زار مدرسة دينية أخرى بمنطقة وينغرا بكورالور، ويشرف عليها السيد شهاب الدين البخاري وتفقد أحوال الطلبة وافتتح درسا أسبوعيا آخر في كتاب الدعوة التامة والتذكرة العامة للإمام الحداد رحمه الله . وضحى الأحد 29شوال – 12ديسمبر غادر الحبيب عمر ولاية كيرالا إلى بومباي ومنها إلى صنعاء ، ليختتم بذلك زيارة طيبة ابتهج بها أبناء هذه الولاية غاية الابتهاج، وقد أحيت فيهم قيمة الاتصال بأهل العلم والتلقي عن رجاله بأسانيدهم إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقدموا فيها أروع الأمثلة في حسن الاستقبال والحرص على الاستفادة وحضور المجالس وتقديم ما يستطيعونه من خدمات متعددة إكراما للعلم وأهله، نسأل الحق عز وجل أن يجزيهم جميعا بالجزاء الحسن من عنده، لاسيما مشايخ وأعيان الولاية ، ومدير معهد معدن الثقافة السيد إبراهيم البخاري، والأخ الكريم الذي فرغ بيته وعاش مع عائلته في منزل آخر إكراما لوفادة أهل العلم إليهم ، إضافة إلى الأخ حسين بن أبي بكر الباقوي المنسق العام لهذه الرحلة الذي بذل جهدا طيبا في تجديد العلاقة ما بين الهند واليمن . هذا وقد تصدرت أخبار رحلة الحبيب عمر إلى الهند كثيرا من الصحف المحلية اليومية الصادرة في الهند باللغتين الهندية والإنجليزية، وكانت محور اهتمامها، فقد أبرزت أهم المجالس والمحاضرات، مع الحرص على انتقاء كلمات مختارة من دروسه وكلماته، مبينةً اهتمام المسلمين في الهند بحضور مجالسه وابتهاجهم بقدومه وتأثرهم البالغ بمواعظه وتذكيراته، ورجاءهم الكبير أن تتكرر مثل هذه الزيارة في مرات قادمة بمشيئة الله تعالى .
الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
الحبيب علي زين العابدين الجفري
دار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية
الدكتور محمد عبدالغفار الشريف
نسيم الشام
الشيخ عبد الله بن بيه
المفتي الشيخ علي جمعة