بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ إلى دولة الكويت مساء يوم الأحد 5 صفر تلبيةً لدعوة رسمية من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
بدولة الكويت للمشاركة في مؤتمر ( نحن والآخر ) الذي عُقد في الفترة من يوم الاثنين 6- 8 صفر الخير 1427هـ الموافق 6- 8 مارس 2006م. بحضور أكثر من ثلاثمائة عالم وداعية ومفكر إسلامي من 23دولة عربية وأجنبية، ومشاركة من بعض القساوسة والمفكرين المعاصرين.
وكان في استقبال الحبيب عمر لدى وصوله في صالة التشريفات لكبار الضيوف الدكتور الشيخ محمد بن عبد الغفار الشريف أمين الأمانة العامة للوقف ورئيس لجنة تعزيز الوسطية في دولة الكويت، والأستاذ عبدالله شهاب الوكيل المساعد لشئون المساجد في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والأستاذ عبدالوهاب الحوطي المستشار المتقاعد للأمانة العامة للأوقاف، والأستاذ عبد الرحمن راشد الحقان عضو لجنة تعزيز الوسطية، وضمَّه معهم مجلس طيب رحبوا في مستهلِّه بقدومه وشكروه على تلبية الدعوة، وتجاذبوا معه أطراف الحديث حول محاور المؤتمر وجدول أعماله وأهميته في هذه الفترة الزمنية، والذي يهدف إلى الوصول إلى عدد من المشاريع الحضارية التي تعزز الوسطية وتُشيع منهج الاعتدال بين أبناء الأمة وتضع البرامج التي تكفل مخاطبة الأخر باللغة التي يفهمها لإيصال رسالة الإسلام السامية إلى كل شعوب الأرض.
ثم توجه حفظه الله إلى مقر إقامته الذي رتبته وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية حيث يقيم كافة العلماء والمشاركون في المؤتمر.
وبعد الفجر وكعادته في كل يوم يحرص على عمارته بقراءة أذكار الصباح والمساء الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ثم يلقي حفظه الله درسا قيِّما في كتاب ( تاج العروس في معرفة آداب النفوس ) للإمام ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى.
وفي تمام التاسعة من صباح يوم الاثنين 6صفر 1427هـ الموافق 6مارس 2006م حضر حفظه الله حفل افتتاح المؤتمر الذي عقد تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر الأحمد الصباح، واشتمل الحفل على كلمة راعي الحفل ألقاها الأستاذ الدكتور عبد الله المعتوق وزير الأوقاف والشئون الإسلامية، وكلمة لمُمثِّل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ثم كلمة عن المشاركين وضيوف المؤتمر ألقاها الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف، ثم عرِض فيلم وثائقي حول صورة الإسلام عند الغرب.
وساهمت في تغطية هذه الجلسة عدد من القنوات الفضائية، وعدد من الصحف الكويتية وغيرها.
ثم بدأت جلسات المؤتمر التي تقام منها جلستان في الفترة الصباحية وجلستان أخرى في الفترة المسائية قدم فيها العلماء والباحثون أبحاثهم وفق محاور المؤتمر.
محاور المؤتمر الرئيسية
المحور الأول: معالم التعايش مع الآخر:
يبحث هذا المحور مفهوم المعايشة مع الآخر، وتأصيله ونشره بين مختلف المجتمعات الإسلامية والأجنبية.
المحور الثاني: آفاق التواصل مع الآخر:
يبحث هذا المحور كيفية التواصل بين المجتمعات الإسلامية والأجنبية من خلال التحاور لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تسبب التباعد في فهم الآخر.
كما يعرض
المشروعات والبرامج التي تكفل مخاطبة الآخر باللغة التي يفهمها، مع مراعاة أسلوب التفكير الذي يأخذ به في تقويمه للأمور، ويحقق الوسطية والاعتدال والعدل في التعامل مع الآخر.
المحور الثالث: ماذا يريد كل منا من الآخر:
يبحث هذا المحور في المتطلبات التي يريدها كل طرف من الآخر على وجه يحقق التعايش بين المجتمعات الإسلامية والأجنبية من دون إخلال بالثوابت والخصوصيات.
وتواصلت جلسات المؤتمر لمدة ثلاثة أيام، ليختتم أعماله صباح يوم الأربعاء 8 صفر، حيث عقدت الجلسة الختامية التي تليت فيها توصيات المؤتمر.. التي جاءت على النحو التالي:
1- يعتبر المؤتمر أن الاختلاف في الأديان واللغات والقوميات سنة كونية وظاهرة طبيعية بشرية، ولا يصح أن تكون سبباً للتعادي والتخاصم، وإنما ينبغي أن تستثمر لصالح تكامل المعرفة وإثراء الساحة الإنسانية.
2- يدعو المؤتمر إلى ضرورة اعتماد منهج الوسطية ونبذ ما يصدر من تصرفات تحمل روح التعصب أو الازدراء للآخر.
3- يؤكد المؤتمر أن الإسلام يدعو إلى مدِّ جسور التعاون مع الآخر على أساس من الاحترام المتبادل، والكرامة الإنسانية المصونة.
4- يؤكد المؤتمر أن الإسلام يحمل للإنسانية جميعها رسالة سامية تدعو إلى التسامح مع الآخر، وأن رسالته تنسجم مع نسق الحياة الإنسانية.
5- يدعو المؤتمر إلى احترام الاستشراق المنصف الذي يهدف إلى فهم ثقافة المسلمين معتمداً على منهجية علمية موثوقة، ونبذ الاستشراق المغرض.
6- يؤكد المؤتمر أن التحاور مع الآخر لا يعني التدخل في قضاياه الإيمانية أو معتقداته الشخصية، وإنما يهدف إلى توثيق أواصر الأخوة الإنسانية بهدف تحقيق الاستقرار والأمن لشعوب العالم.
7- يؤكد المؤتمر على أهمية التعاون مع الآخر من خلال برنامج عملي يحقق التواصل بين الشعوب مشدداً على دور التربية والإعلام في توسيع آفاق التعاون والحوار مع الآخر.
8- يؤكد المؤتمر أن مِن حق كل أمة التمسك بهويتها وأن التعايش مع الآخر حقيقة تاريخية وضرورة واقعية وأن التواصل مع الآخر تتعدد وسائله بتعدد مجالاته.
9- يؤكد المؤتمر أن حقوق الإنسان وحرياته لا ينبغي أن تتخذ ذريعة للنيل من مقدسات الآخر وثوابته وخصوصياته.
وكانت مشاركة
الحبيب عمر حفظه الله ضمن المحور الثاني في بيان مفهوم التعايش وتأصيله، حيث تحدث عن موضوع التعايش حقيقة تاريخية وضرورة واقعية. ( استمع للمشاركة )
وقد قدم ورقة عمله للمؤتمر التي تضمنت ضوابط تعايش المسلمين مع غيرهم، حيث لخَّصها في عدة نقاط أساسية. ( قراءة البحث كاملا )
وعلى هامش المؤتمر ضمته حفظه الله عدة مجالس ولقاءات
مع مجموعة من العلماء الأجلاء المشاركين في المؤتمر، تبادل معهم فيها الرأي ووجهات النظر حول كثير من قضايا المسلمين اليوم، ودور العلماء في جمع الكلمة ولمِّ الشمل وتوعية المجتمعات وإحياء الهدي النبوي فيها.
وحرص حفظه الله مدة إقامته في الكويت على حضور بعض المجالس العامة وزيارة مجموعة من العلماء والمشائخ، وإلقاء عدد من الدروس والمحاضرات. كما استضافته بعض وسائل الإعلام في لقاءات متعددة. ففي ظهر يوم الاثنين 6 صفر الموافق 6 مارس استضافته إذاعة القرآن الكريم في حديث مباشر عن ورقة عمله المقدمة للمؤتمر بيَّن فيها ضوابط التعامل مع غير المسلمين، وتقويم الفرق بين الولاء والمودة وبين البر والقسط. ( استمع إلى اللقاء )
ومساء يوم الاثنين حضر مجلسا مباركا لقراءة الشمائل النبوية.. وألقى فيه الحبيب كلمة طيبة عن حقائق الوجهة الصادقة إلى الله، وأثرها في سلوك العبد في الطريق المستقيم وحفظه من الوقوع في المعاصي وما يغضب الله عز وجل.
وظهر يوم الثلاثاء 7 صفر الموافق 7 مارس حضر حفظه الله مع مجموعة العلماء المشاركين في المؤتمر استقبال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي رحب بالعلماء ترحيبا طيبا، وبارك في جهودهم في نشر التوعية الدينية بين الأمة، ودورهم في النهوض بالمجتمعات وتعريف العالم بمحاسن ديننا العظيم، وتمنى لمؤتمرهم التوفيق في تحقيق أهدافه.
ثم قصد
حفظه الله منزل الأستاذ عبد الوهاب الحوطي المستشار في وزارة الأوقاف الكويتية، والتقى هناك بمجموعة من العلماء من الدعاة وتحدث معهم بحديث طيب دار حول معنى قول الله عز وجل: { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } ( استمع للكلمة )
ومساء الثلاثاء حضر الحبيب عمر في مجلس مبارك ضم مجموعة من طلاب العلم والمثقفين، أفتتح بآيات من الذكر الحكيم، ثم ألقيت عدة كلمات كان آخرها للحبيب عمر تحدث فيها عن معنى قوله تعالى: { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } مبيِّنا بعض ما تحمله هذه الآية من معاني جليلة، ودعا إلى تأمل عظمة الخطاب الإلهي الذي يفتح مجالا واسعا في إدراك سر العلاقة بين العبد وربه، الذي يدفعه لحسن الاستجابة لمولاه عز وجل، وحسن قيامه بواجب العبودية للحق عز وجل. ( استمع للكلمة )
ضحى يوم الأربعاء
8 صفر الموافق 8 مارس سجل حفظه الله حلقة تلفزيونية لتلفزيون الكويت عن موضوع المؤتمر وأهدافه وحاجة الأمة إلى فقه المنهج الوسط في كافة صور التعاملات مع المسلمين والكفار.
ثم استضافته قناة الأنوار في حديث عن ظاهرة التهاون بتكفير المسلمين وأسبابها وكيفية علاجها.
ثم توجه حفظه الله لزيارة الشيخ العلامة محمد فوزي فيض الله الذي تلقى علمَه عن جملة من علماء الشام، وتولى التدريس في
الكثير من المعاهد والمدارس الدينية وكليات الشريعة في السعودية والكويت. وقد ضمه معه مجلس مبارك تحدث الشيخ فيه عن جملة من مشائخه الذين تلقى عنهم وانتفع بعلومهم مبيِّنا أهمية الإسناد في أخذ العلم وتلقيه، وضرورة الجمع بين العلم والعمل.
وبعد الظهر بدأ حفظه الله في تسجيل برنامج لإذاعة الكويت بعنوان: العلاقات الإيمانية. ويتكون من ثلاثين حلقة تحدث فيها عن علاقة المؤمن بربه وصلته بنبيه وعلاقته بكافة شرائح المجتمع الذي يعيش وفيه وكيف يقيم معهم العلاقات والصِّلاة وفق منهاج الحق ومنهاج حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي باتباعه تتقوم العلائق والصلات ونكفى شرورا كثيرة وأمراضا تصاب بها مجتمعاتنا.
وقبيل مغرب يوم الأربعاء التقى حفظه الله بالشيخ العلامة نوح حاميم كيلر الذي مر على أراضي دولة الكويت في طريقه لزيارة بعض المعاهد الدينية في آسيا، فحرص الحبيب عمر على لقائه تقديرا لجهوده في خدمة العلم والدعوة الغراء، وناقش معه جملة من أحوال المسلمين اليوم وسبل النهوض بها وتعزيز قيام التعامل وفق الهدي النبوي بين صفوفهم.
وبعد العصر توجه الحبيب عمر حفظه الله لزيارة السيد العلامة يوسف الرفاعي وزير الدولة السابق
صاحب الدور البارز في خدمة الدعوة المحمدية في الكويت وخارجها وله أيادي بيضاء في خدمة الكثير من قضايا المسلمين، ولازال يعقد الدروس فيه بيته وله رحلات متعددة للدعوة إلى الله عز وجل، وجرى في منزله حديث طيب حول واقع المسلمين، وما داهمهم من فتن وخلافات، وانتشار البغضاء فيما بينهم، وتطاول الكثيرين على الفتيا، وأن التخلص منها يكون بالعودة إلى منهج السلف الصالح، وضرورة أخذ العلم بسنده عن أهله ورجاله، وذكروا قيمة وأثر الاتصال بالشيوخ في استقامة الإنسان وتأثيره في مجتمعه.
ثم حضر مجلس البردة ، الذي ألقيت فيه عدة كلمات من عدد من المشائخ، ثم كانت كلمة الحبيب عمر التي ابتدأها بذكر مزية وشرف الأمة المحمدية، وفتح آفاق القلوب لفهم خطابات النبي محمد وتوجيهاته، لندرك منزلتنا ومكانتنا، وأكد أن حقيقة العزة بالقرب من الحق ورسوله، وإنما شرف المؤمن بحسن الإتباع للنبي محمد، وأن هناك ما يدعونا لتضييع الاتباع والتخلف عن النبي محمد من شؤم مظاهر الدنيا وانخداع الناس بكثير من المفاهيم والأفكار التي يروجها الكفار بيننا. ( استمع للكلمة )
وفي اليوم التالي زار أحد المراكز النسائية المهتمة بتربية الطالبات وتعليمهن وصبغهن بالأخلاق الحميدة ، وتطوير مهاراتهن في عدة مجالات من مجالات الحياة. وتحدث فيهن حفظه الله بكلمة وضح فيها وجوب إدراك المنة الإلهية علينا بالمنهج الرباني الذي تسير عليه أمور حياتنا، وواجب الشكر للحق عز وجل، ورفض كل دعوات الميل والانحراف والزيغ التي تريد أسرَنا لأفكار ساقطين ومنحطِّين؛ وذكر دور المرأة العظيم في إحياء الخلافة على وجه الأرض، مستشهداً بما قدَّمته السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها من مواقف في مؤازرة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. ( استمع للكلمة )
ثم توجه حفظه الله إلى المطار ليغادر دولة الكويت وهو في طريقة للعمرة وزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في طيبة الطيبة.