مشاركة الحبيب عمر في المجالس العلمية الهاشمية في الأردن
توجه العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ فجر يوم الجمعة 23 رمضان 1428هـ الموافق 5 أكتوبر 2007م إلى العاصمة الأردنية عمان تلبية لدعوة رسمية من وزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية الأردنية للمشاركة في المجالس العلمية الهاشمية التي تعقدها لمناقشة مواضيع حيوية مهمة تهتم بواقع المسلمين اليوم. وذلك بواقع مجلس واحد أسبوعيا خلال شهر رمضان المبارك بعد صلاة الجمعة.. بحضور جمهور كبير في قاعة المؤتمرات الكبرى في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك عبد الله بن الحسين. ويتم بثها مباشرة عبر قنوات التلفاز الأردني الفضائية والأرضية.
وقد ألقى الحبيب عمر خطبة الجمعة في مسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين بعنوان: اغتنام العشر بتحقيق الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. واستهل الخطبة بتذكير الحاضرين بنعمة إدارك العشر الأواخر من رمضان التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتني فيها بالاجتهاد في العبادة، وبيَّن أحواله الشريفة صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المباركة، وذكر تضييع كثير من المسلمين للاقتداء به صلى الله عليه وسلم، وقد جعل علامة المحبة الصادقة له في حسن اتباعه صلى الله عليه وسلم وقال: إن استفادتنا من رمضان وأسرار صيامه وأسرار قيامه على حسب مشاعرنا نحو القدوة واقتدائنا به وحسن اتصالنا باتباعه صلى الله عليه وسلم.
(لمشاهدة الخطبة)
وحث على تصفية القلب وسلامته وتنقيته عن أدران الذنوب، واغتنام ما بقي من العشر، وأكد على ضرورة الاستفادة من دروس الصوم التي تنمي التقوى في القلب ليحرص على المؤمن بذلك على أداء الواجبات، وترك المعاصي المحرمات، والاهتمام بطلب العلم الشرعي.
وأشار إلى دروسٍ من فتح مكة وتعامل النبي بالخلق الكريم مع أهلها لنستفيد منها في حياتنا اليوم.
وبعد صلاة الجمعة شارك الحبيب في المجلس العلمي الرابع الذي عُقِد برعاية رئيس الديوان الملكي سالم الترك بعنوان " التربية الإسلامية ميادينها وسماتها " في قاعة المؤتمرات الكبرى في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد الملك المؤسس عبد الله بن الحسين.
واستضاف هذا المجلس العلامة الدكتور محمد سعيد البوطي رئيس قسم العقائد والأديان بجامعة دمشق، والحبيب علي زين العابدين بن عبد الرحمن الجفري مؤسس ومدير عام مؤسسة طابة للدراسات والأبحاث إضافة إلى العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ.
وفي افتتاح المجلس تحدث العلامة الدكتور البوطي حول التربية الروحية والعقلية في الإسلام وعرَّف التربية بأنها اتخاذ الوسائل التي تُخضع العاطفةَ الإنسانيةَ للعقل الإنساني, مبيِّنا أن كل الوسائل التي تُجنَّد لإخضاع العواطف لقرارات العقل هي التربية.
وأكد أن محور التربية على مختلف العصور لم يخرج من هذا التعريف, وبهذا فإن التربية تتحرك في نطاق العقل والوجدان، وأنها شيء مستقل عن العمل العقلي. وأكد على ضرورة اقتران التربية بالتعليم.
وقال: إن التربية الإسلامية هي التي تعرِّف النفس البشرية على الخالق جل وعلا وعلى صفاته وأسمائه والخوف منه سبحانه وتعالى, مشيرا إلى أنه في هذه الحالة تتحرر النفس البشرية من الصراعات التي تسيطر عليها لأن النفس في هذا الحال تعرف أن الأمور كلها بيد الخالق سبحانه وتعالى. لافتاً إلى أن الآثار الروحية للتربية الإسلامية هي تربية نفسية.
ثم تحدث الحبيب عمر بن حفيظ في المحور الثاني حول أثر التربية على نفوس البشر، وقال:
إن التربية تقوم على أساس إيماني على محبة الخالق، وإذا تمكَّنت من القلب كانت النظرة إلى الكائنات أنها مصنوع محبوبك، وصنعة المحبوب تأخذها نصيبها من قلبك مهما أحببت الصانع.
وإذا تعلق القلب بالخالق فإن مخلوقات الخالق ستكون محببة لدى الأنفس بين بني البشر.
وقال: لا يمكن لعقل البشر أن مهما تطور أن يصل إلى غاياته بل حقائق بداياته إلا بمفتاح لا إله إلا الله. لكن مع إفراد الحق بالألوهية ومعرفة العبودية لله تتفتح أبواب التعامل مع الكائنات، يقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً}الفرقان63.
وأضاف إذا دخلنا على الكون من هذا الباب فلابد أن العلاقات ستتأثر من العالم الإنساني قبل غيره من الكائنات، فجاءت لتحفظ العلاقة على مستوى الأفراد والمجتمعات والدول. فوصف المسلم هو التحلِّي بأخلاق الإسلام، وحسن التعامل مع الأهل والجيران والمجتمع، حتى مع الكفار وفق الضوابط الشرعية.
وأضاف إن من أسرار رحمة الله للعالمين كان مظهر اللين من رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم الذي لو كان فظًّا غليظَ القلب لانفَضَّ الناس من حوله, مشيرًا إلى أن أثر التربية على نفس الفرد المسلم تجعله يستغفر الله له ولإخوانه المسلمين كما تجعله يصفح ويعفو.
وقال إن الشورى من الآثار الإيجابية التي تتركها التربية على النفس البشرية, مشيرًا إلى أن حسن التربية تمنع الإنسان من أن يتقول ما ليس صحيحا وتمنعه من الدجل والشعوذة وغيرها مما ينكره الشرع, مبيِّنا أن هدف التربية صناعة الإنسان الصالح.
وفي المحور الثالث حول " التربية هداية أم وقاية " تحدث الحبيب علي زين العابدين الجفري، وقال: إن الحياة وسيلة وليست غاية وهي فترة مؤثرة يمر عليها الفرد المسلم ثم تكون الآخرة, مبيِّنا أن الحياة الكبيرة تُبنى على هذه الحياة القصيرة، وأن معنى ارتباط الإنسان بحياته بالآخرة مرتبط بعمارته لهذه الحياة، وإن مهمة الإنسان في الأرض هو عمارتها طاعةً لله سبحانه وتعالى, وأن الله سخر هذه الأرض بما فيها خدمةً للإنسان.
وأضاف إن المنابر هي مراكز للتربية، وعلى الإمام والخطيب التحلِّي بالصدق وأن يمارس الأخلاق الإسلامية على أرض الواقع ليكون قدوةً للآخرين، وأن للمنابر أسس ومنطلقات للتربية في واقع الحياة، وأن من يقوم بمهمة التعليم يجب عليه أن يعرف أنه نائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيصال رسالة العلم والتعليم, مبيِّنا أن العالَم اليوم يعيش منعطفاً تحوَّل فيه إلى سوقٍ للمبادىء والأفكار، وان الذي يروِّج أفكاره بصورة جميلة وعملية فإنه يستطيع نشر رسالته بسهولة ويسر. ودعا العلماء والدعاة إلى نشر الدعوة الإسلامية لتضييق فجوة الفراغ الموجود في العالم اليوم.
هذا وقد حضر أعمال المجلس وزير الأوقاف والمقدسات الشؤون الإسلامية عبد الفتاح صلاح وسماحة قاضي القضاة إمام الحضرة الهاشمية الدكتور أحمد هليل، وسماحة مفتي عام المملكة الشيخ نوح القضاة وعدد من العلماء والوزراء وضباط القوات المسلحة الأردنية والدفاع المدني والأمن العام وسفراء الدول العربية والإسلامية وعدد كبير من المدعوين.
(لمشاهدة المجلس اضغط هنا)